عاهد جمعة الخطيب
باحث علمي في الطب والفلسفة وعلم الاجتماع
(Ahed Jumah Khatib)
الحوار المتمدن-العدد: 8416 - 2025 / 7 / 27 - 13:07
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الواقع المحبط: قراءة فلسفية
لقد أدركتُ، منذ زمن بعيد، أن الأمل في هذه الأمة بات ضئيلاً، إن لم يكن معدوماً. ولا أقول ذلك من باب جلد الذات أو التهويل، بل أطرحه بوصفه تشخيصاً صريحاً للواقع، كما ينبغي أن يُقال، إن كنا نطمح فعلاً إلى التغيير الحقيقي لا إلى تسكين مؤقت.
فبينما نرى الغرب وقد بلغ شأواً بعيداً في استئناس الحيوان وتعليمه الفنون، وتطويع الماء والهواء والفضاء في خدمة الإنسان، لا نزال نحن، في هذا الجانب من العالم، نعجز حتى عن إدارة حوار دون أن ينتهي بالشتائم أو الدماء، ونراوح في ذات الدائرة القديمة من التكفير والتخوين والتفسيق.
هذا الواقع، كما أراه، ليس قدراً محتوماً، بل هو نتيجة حتمية لانفصالنا عن جذور المعرفة الحقيقية: العلم منهجاً، والفلسفة فكراً. لقد ضاعت عنا القدرة على التساؤل، والتأمل، وإعادة النظر، وصرنا نكتفي بحفظ النصوص لا بإعادة قراءتها، بتكرار المقولات لا بتفكيكها، وبالهتاف للرموز لا بمساءلتها.
نحن نعيش اليوم عند مفترق طرق وجودي، حيث لم يعد ممكناً أن نستمر في خداع أنفسنا بالشعارات. فالفارق بيننا وبين من سبقونا ليس في القدرات العقلية أو الإمكانيات المادية، بل في كيفية إدراكهم لمعنى الإنسان، ومعنى التقدم، ومعنى أن تكون الحقيقة نابعة من حرية الفكر لا من طغيان الموروث.
إن التقدم الحقيقي يبدأ من الاعتراف. والاعتراف لا يعني الاستسلام، بل يعني امتلاك شجاعة مواجهة الذات، وسؤالها: لماذا نحن متأخرون؟ لماذا نعيد إنتاج ذات العجز جيلاً بعد جيل؟ ولماذا صرنا نهاب الفكرة أكثر مما نهاب الموت؟
العلم طريق لا يقبل المجاملة، والفلسفة مرآة لا ترحم. فإن أردنا تجاوز هذا الواقع المحبط، وجب علينا أن نعيد بناء عقل هذه الأمة، لا أن نكتفي بترميم مؤسساتها.
هكذا فقط، يمكن للضوء أن يتسلل من جديد إلى هذا الليل الطويل.
#عاهد_جمعة_الخطيب (هاشتاغ)
Ahed_Jumah_Khatib#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟