|
الظامئون في العراق اليوم يرفعون صرخات الاحتجاج مطالبين بالماء
تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)
الحوار المتمدن-العدد: 8414 - 2025 / 7 / 25 - 16:56
المحور:
حقوق الانسان
توفير حصة الفرد المائية ضرورة وجودية ملزمة — ألواح سومرية معاصرة انطلقت احتجاجات شعبية في عدة محافظات عراقية تطالب بتوفير الماء الذي بات أشبه بالغاب بخاصة منه الصالح للاستخدام الآدمي.. وفي وقت ندين منهجية التعامل بعنف مفرط مع التظاهرات السلمية وقمعها بالمخالفة مع حرية التعبير فإننا نشدد استنكارنا وإدانتنا لأن القضية تتعلق بتوفير الماء بوصفه حاجة وجودية للأفراد والجماعات.. إن هذه المعالجة التي تقع بين الموقف الاحتجاجي الذي يدين ما يُرتكب من جرائم بحق الشعب العراقي وبين وضع تصورات للحلول والمعالجات المؤملة يظل مفتوحا لحين العمل على الحل النوعي الأشمل والأنجع راجيا وضع تداخلاتكم بما ترورنه من حل ***
بعد أن باتوا يتجرعون انقطاع الكهرباء في عز الصيف اللاهب الحارق وبعد أن أُكرِهوا على تنفس الهواء الملوث بالغازات السامة وبأشكال أسباب إصابتهم بالأمراض ليس بينها استثناء من السرطانات التي تفشت بينهم! باتت شحة المياه تتجاوز الخطوط الحمراء لتنعدم المياه الصالحة للاستخدام الآدمي في الاستعمالات اليومية البشرية العادية وبالأساس منه الماء الصالح للشرب..
لقد حُرِمت البصرة ثم بابل من المياه الصالحة للشرب على أقل تقدير بما يفي لتزويد الأطفال والمرضى بها حتى هددت حيواتهم الطرية بما لا يُحتمل ويُطاق، فماذا يفعل الآباء وأجيال من أبناء عراق اليوم بمختلف المحافظات!؟
لقد خرجوا احتجاجاً على المصير الذي يُرسلون إليه هم والأبناء والعوائل سواء الأطفال أم النساء أم مرضى تلك العوائل الفقيرة المستباحة بكل شيء! وتلك الاحتجاجات السلمية التي باتت تتظاهر لا تطالب بكماليات ولا حتى بضروريات عادية بل بمجرد ما ينقذ الحياة من شربة ماء غير مسمومة بنسب الملوثات المرتفعة حد الخطر والأملاح التي تُقارن نسبتها بما في مياه البحر أو تُقطع عنهم المياه وهو ما لا تقره قوانين أوشرائع أو أسس حياة إنسانية..
الكارثة أن من يطالب بالمياه يواجه اليوم، قمعاً عنيفا بما يرقى لمستويات إرهاب دولة حيث تشترك القوات الأمنية بمنهجية في ذلك القمع المفرط فيما تساهم سلطة موازية من قوى ميليشياوية لتستكمل جرائم قمع الحقوق والحريات بتصفية من يتحرك للمطالبة بها.. إنها من جرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة لأن الماء صنوان مع الهواء أساس من أسس الحياة فكيف بنا وقد بدأ الناس يشربون الماء القراح!!! فيما يتنعم الفاسدون بالماء الزلال ويهملون حصص البلاد والعباد بل يقمعون من يتحرك مطالبا بها..
لقد وفَّر القانون الدولي العديد من الأحكام والمبادئ لقانونية الحقوقية المرتبطة بتوفير المياه، مع الأخذ بعين الانتباه حصراً على الحق في الحصول على مياه آمنة وميسورة التكلفة، وحماية الموارد المائية ومصادرها، والتعاون الدولي في الإطارين الإقليمي والعالمي في إدارة مصادر المياه .. ومن أجل ذلك أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بحق الإنسان في الحصول على كمية (كافية) من المياه للاستخدام الشخصي والمنزلي، مع الحرص على أن تكون مياهاً آمنة وبأسعار تتناسب وإمكانات المواطن أو في متناول قدراته حيث تتاح له بسهولة ويُسر..
وهكذا فإنَّ الدول مُلزمة بضمان حصول كل مواطنة أو مواطن على كمية كافية من المياه المأمونة للاستخدامات الشخصية والمنزلية، بما في ذلك استخدامه للشرب و-أو النظافة الشخصية و-أو لإعداد الطعام أو من أجل النظافة المنزلية. ومن هنا أكدت تلك القوانين الأممية على إلزام الدول بحماية نوعية إمدادات مياه الشرب ومواردها. إلا أننا نشهد مواقف سلبية مغايرة لحكومات محلية وأيضا للحكومة الاتحادية في العراق بتقديم ذرائع وتبريرات للنقص الفادح بل لانعدام المياه الصالحة للاستهلاك الآدمي الأمر الذي تعيده باستمرار إلى ظروف مناخية بينما نُدرك حجم الإهمال والتقصير في الدفاع عن الحصص المائية للعراق في التعامل مع دول الجوار حيث دول المنبع بينما دولة المصب العراق وشعبها يُحرم مما تكفله له القوانين.. إلى جانب ذلك نشهد عبثية التعامل مع المتوافر من الماء فضلا عن إهمال مشروعات تخص المياه الجوفية التي باتت مصدر 80% من العراقيات والعراقيين..
فإذا عبرنا قضية توفير الكمية المناسبة من حصص الأفراد بجانب جودتها وسلامتها الصحية فإننا لا نغادر قضية حماية الموارد المائية على وفق ما تضمنه القوانين والاتفاقات الدولية المخصوصة سواء بشأن الدول التي تمر بها الأنهار الدولية وعلى وفق نسب مساراتها بين دول المنبع والمصب وهنا نذكّر بالاتفاقات الدولية التي تُعنى بحماية الموارد المائية، كما باتفاقية حماية المجاري المائية العابرة للحدود والبحيرات الدولية وأسس أو قواعد استخدام الدول لها، بما يكفل الاستخدام المستدام للموارد المائية بمبدأ عدم التسبب في ضرر جسيم للمياه الدولية، وبضرورة التعاون في إدارة المياه بالطرق السلمية وبلا منازعات أو فروض بالإكراه والإجبار مثلما حدث ويحدث من جانب كل من إيران وتركيا بلا رد أو تفاعل يتناسب والخطر الوجودي المحدث بالعراق وأهله من جانب سلطات لم تتوان عن الصمت عن انتهاكات دول جوار على السيادة وعلى الكرامة وعلى مصير مصادر مائية تضارع مستوى التسبب بتهديد وجودي يساهم بإبادة جماعية لقطاع واسع أو حتى لمجموع الناس!!
إن القانون الدولي بوساطة المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والمنظمات غير الحكومية في توفير المياه في حالات الطوارئ والكوارث كما يُلزم بالتعاون بين الدول في إدارة الموارد المائية المشتركة، وتبادل المعلومات والخبرات، وحل النزاعات المتعلقة بالمياه بطرق سلمية وتلعب المؤسسات المالية الدولية أدواراً مهمة في تقديم كل أشكال المساعدة المالية والفنية في مجال إدارة المياه، وبما يتفق وحماية حقوق الإنسان ورعايتها..
إن توفير المياه الآمنة الصالحة للاستخدام الآدمي يبقى جوهريا في حماية الصحة العامة للإنسان ومنع انتشار الأوبئة والأمراض وتتحدد حالات انقطاع المياه وأسقفها الزمنية بما لا يسمح بأي عذر أو ذريعة بالخصوص…
على أننا بجانب كل الأولويات التي ذكرناها وهي أولويات وجودية تخص حياة الإنسان والمجتمع وأوضاعه الصحية، إلى جانب كل تلك الضرورات الملزمة نؤكد على ما أشارت إليه القوانين الدولية بشأن ارتباط التنمية المستدامة بتوفير المياه الكافية إذ أن الأساس من توفير المياه الأمنة تأسيسي في تحسين الظروف المعيشية للسكان وتطمين أسس الاستقرار الاجتماعي التي تجنب البلدان والمجتمعات المحلية والمتجاورة النزاعات المحتملة حول الموارد المائية. ونذكر هنا ظواهر تتفشى سواء بين العراق شعبا وبين دول الجوار وما يختلقه من حالات عداء ونزاع مثلما نذكر ما يجري في العراق من تجاوز المحافظات على الحصص المائية والنزاعات بينها إلى جانب النزاعات المحلية داخل كل محافظة وما يعنيه ذلك من مخاطر تهز الاستقرار الاجتماعي وتختلق صراعات فوق الاحتمال فضلا عن امتهانها الكرامات وتجاوزها على المصائر..
إنني أطالب بالتشديد على المعالجة الفورية العاجلة لقضية الماء وحصة الفرد منها بقرارات وطنية ومحلية وعدم التلكؤ بأي ذرية ومبرر.. كما أطالب بوجود ممثلي أحزاب وطنية تنويرية وخبراء متخصصين منهم مع الوفود الرسمية في المفاوضات مع دول الجوار للحل العاجل لقضية الحصص المائية إدخال المنظمات الدولية طرفا في فرض وصول الحصة المائية العراقية طلب المساعدات في الخبرات الفنية التكنولوجية المتقدمة والمالية بما يخص معالجة مشروعات المياه وبإجراءات واتفاقات مستعجلة حاسمة محاسبة كل طرف رسمي وغير رسمي في أدائه بشأن توفير الماء أو بشأن التعامل مع الاحتجاجات الشعبية بالخصوص وإيقاع أشد العقوبات التي تتناسب وحجم الجريمة التي تمس لا الكرامة حسب بل ووجود الإنسان وحياته ومصيره فيها.. وضع أولوية في الموازنات الوطنية لتوفير ما يبني مشروعات تتناسب والحجم الديموغرافي للبلاد وتعالج موضوع شحة الماء وحمايتها. البحث العلمي وتسخير القطاعات الوطنية العاملة في دراسة حجم المخزونات المائية الجوفية والسطحية ووسائل الحلول المتاحة بالخصوص.. إنني أعود لأؤكد على أن القضية ليست من الأمور البرامجية التي تقبل التراخي في التفاوض بشأنها بل هي قضية وجودية عاجلة بطابع يُلزم السلطات كافة بتوفيرها فورا وبسقف زمني غير ممتد أو يخرج على المعايير الدولية ومن هنا فإننا بحاجة لتفعيل كل الإجراءات الرسمية والمجتمعية التي تحل الأزمة الوجودية كليا ونهائيا
لكن حتما على المجتمع أن يبدأ حملات توعوية بجميع مستوياتها وبالبداية في تلك القضية الانتباه على ما يأتي:
لابد من وعي ودعم وتشجيع لإجراءات توفير المياه في المنازل والمباني الخاصة لابد من أوسع حملات صيانة شبكات الأنابيب وتحديث البنى التحتية لها. تدوير استخدام مياه الصرف الصحي المعالَجة بمشروعات مخصوصة الالتفات إلى مشروعات تخزين المياه في المدن الإسفنجية وحماية الأراضي الرطبة تجديد خزانات المياه الطبيعية وحماية مصادر المياه منع التجاوزات بين المحافظات ومحليا مع تقييد مشروعات إنتاج الأسماك في أحواض تؤثر على مجاري الأنهر.. إدامة شبكات الماء وتوفير معامل مناسبة لإنتاج وتعبئة الماء الصالح للشرب ولكم في مهام التنوير من جهة ومهام الدفاع عن حق الحياة بتوفير الماء الصالح للاستخدام الآدمي فرص في التداخل وفي تفعيل حراك مجتمعي يرتقي لمستوى المسؤولية ويتصدى حتما لمناهج التعامل السلبية الخطيرة لأطراف رسمية وغير رسمية..
#تيسير_عبدالجبار_الآلوسي (هاشتاغ)
Tayseer_A._Al_Alousi#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
احتفالية تسعة عقود من مسيرة العطاء الصحافي التنويري تتوج بمن
...
-
ما العمل من أجل وقف جريمة الاتجار بالأشخاص ومنهم الأطفال ومن
...
-
ثورة 14 تموز شعلة تتجدد وإن تنوعت أساليب إعلاء إرادة الشعب و
...
-
النفط بين بغداد وكوردستان وقطع رواتب شعب لابتزاز الموقف وعرق
...
-
هل رُفِع العلم الأحمر على سواري جامعات عراقية!ومن الذي رفعه؟
-
لماذا تتناقض التصريحات بشأن إخفاء الشخصية العامة المحامية زي
...
-
التعذيب بوصفه جريمة من جرائم ضد الإنسانية وما تتطلبه من حملا
...
-
في اليوم الدولي للقضاء على العنف الجنسي: الإهمال وانتفاء وجو
...
-
كل الحروب لها آثارها على الشعب بالفتك والدمار فكيف نقرأ المو
...
-
في اليوم الدولي لمكافحة خطاب الكراهية 18 يونيو حزيران: ما أح
...
-
في اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف17 يونيو حزيران: التص
...
-
في اليوم العالمي للتوعية بشأن إساءة معاملة المسنين 15 حزيران
...
-
أطفال العراق عِمالة وتسول اضطراري قهري واستغلال فاحش منفلت ف
...
-
في اليوم العالمي للبيئة ما حجم المشكلة عراقياً؟ وما أسبابها؟
...
-
ومضة في الموقف من مخرجات الأزمة الحكومية الحالية في هولندا
-
قطع مصادر أرزاق الناس وعيشهم يدخل بإطار الجرائم الجنائية الك
...
-
أوضاع أطفال العراق اليوم تظاهي ما يُرتكب في ظل النزاعات المس
...
-
هل يمكننا الاحتفال في الأول من حزيران يونيو باليوم العالمي ل
...
-
مهام ربط احترام التنوع الثقافي بمسيرة بناء جسور العلاقات الإ
...
-
في اليوم الدولي للاتصالات ومجتمع المعلومات: ما الذي يدفع الح
...
المزيد.....
-
إسرائيل تعلن عن فتح ممرات إنسانية مع تزايد الغضب إزاء المجاع
...
-
الآلاف يتظاهرون بتل أبيب للمطالبة بإعادة الأسرى
-
مراسل الجزيرة يناشد منظمات إنسانية للتدخل لإطلاق ركاب حنظلة
...
-
الداخلية السورية تعلن اعتقال قائد -غرفة عمليات الساحل- وإسرا
...
-
آلاف الإسرائيليين يطالبون بإعادة الأسرى حتى لو توقفت الحرب
-
آلاف الإسرائيليين يطالبون بإعادة الأسرى حتى لو توقفت الحرب
-
-الوضع يائس-.. بريطانيا تدعو إسرائيل لإنهاء المجاعة في غزة
-
تونس.. احتجاجات أمام السفارة الأمريكية تنديدا بحرب التجويع ف
...
-
مراسل الجزيرة يناشد منظمات إنسانية للتدخل لإطلاق ركاب حنظلة
...
-
اعتقال الاحتلال الأطفال خلال محاولتهم الحصول على الطعام وتعذ
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|