أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سرود محمود شاكر - عبارة جلال الدين الرومي: -لا تجبروا أحداً على اعتناق أرواحكم، فالحب مثل الدين لا إكراه فيه-














المزيد.....

عبارة جلال الدين الرومي: -لا تجبروا أحداً على اعتناق أرواحكم، فالحب مثل الدين لا إكراه فيه-


سرود محمود شاكر
باحث في مجال حقوق الإنسان ومدرب معتمد دولي

(Surd Mahmooed Shakir)


الحوار المتمدن-العدد: 8414 - 2025 / 7 / 25 - 02:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


1. السياق العام للعبارة
جلال الدين الرومي (1207-1273م) هو شاعر صوفي، عالم دين، ومفكر إسلامي من أصول إيرانية . يُعتبر من أعظم الشعراء الصوفيين في التاريخ، وله تأثير عميق في الأدب والفكر الروحي عبر العالم. أعماله، مثل (المثنوي و ديوان شمس تبريزي )، تركز على الحب الإلهي، الوحدة الروحية، والتسامح. هذه العبارة تعكس جوهر فلسفته الصوفية التي ترى الحب والدين كتجربة داخلية لا تُفرض بالقوة.
العبارة تحمل دلالات إنسانية، التي تؤكد على حرية الاختيار، كما في قوله تعالى: *"لا إكراه في الدين" (سورة البقرة: 256). الرومي يوسّع هذا المفهوم ليشمل الحب، سواء كان حبًا إنسانيًا أو إلهيًا، معتبرًا أن الإكراه يناقض جوهر التجربة الروحية.
2. تفسير العبارة
أ. "لا تجبروا أحداً على اعتناق أرواحكم"
- معنى "اعتناق أرواحكم": في السياق الصوفي، "الروح" ترمز إلى الجوهر الداخلي للإنسان، معتقداته، قيمه، وطريقة حياته. "اعتناق أرواحكم" يعني فرض رؤيتكم الشخصية أو معتقداتكم على الآخرين. الرومي يدعو إلى احترام الفردية والاختلافات، مؤكدًا أن كل شخص له طريقه الخاص إلى الحقيقة.
- معنى "لا تجبروا": الإكراه يناقض الحرية، وهي أساس التجربة الروحية عند الرومي. فرض الإيمان أو الحب يُفقد الجوهر الحقيقي لهذه التجارب، لأنها تحتاج إلى اختيار طوعي.
ب. "فالحب مثل الدين لا إكراه فيه"
- الحب: الرومي يرى الحب جوهر الكون، سواء كان حبًا إلهيًا (حب الله) أو إنسانيًا (حب الآخرين). الحب الحقيقي ينبع من القلب بحرية، ولا يمكن فرضه. إذا أُكره شخص على الحب، فإن ذلك ليس حبًا بل خضوعًا.
- الدين: الرومي يستلهم الآية القرآنية "لا إكراه في الدين"، التي تؤكد أن الإيمان يجب أن يكون نتيجة اقتناع داخلي. الدين، في رؤية الرومي، ليس مجرد طقوس بل تجربة روحية تربط الإنسان بالله.
- الربط بين الحب والدين: الرومي يساوي بين الحب والدين لأن كليهما يتطلب نقاء النية وحرية الاختيار. كما أن الإيمان لا يُفرض، كذلك الحب لا يُفرض، لأن كلاهما ينبع من الروح.
3. تحليل العبارة
أ. السياق الصوفي
في الفلسفة الصوفية، الحب هو الطريق إلى الله. الرومي يرى أن الحب الإلهي يتجلى في الحب الإنساني، والعكس صحيح. لكن هذا الحب يجب أن يكون خاليًا من الأنانية والسيطرة. عندما يقول "لا تجبروا"، فهو ينتقد محاولات فرض السلطة الروحية أو العاطفية على الآخرين، سواء في العلاقات الإنسانية أو في الدعوة الدينية.
في المثنوي، يروي الرومي قصصًا رمزية تؤكد على أهمية الحرية في السعي الروحي. على سبيل المثال، يشبّه الباحث عن الحقيقة بالطائر الذي يطير بحرية نحو النور، لا بالطائر المحبوس في قفص. هذه العبارة تعكس هذا المبدأ: لا يمكن حبس الروح أو إجبارها على السير في طريق لا تختاره.
ب. السياق الإنساني
على المستوى الإنساني، العبارة تدعو إلى احترام الاختلافات. الرومي، الذي عاش في بيئة متعددة الثقافات (في قونية، تركيا الحالية)، كان يتعامل مع مسلمين، مسيحيين، يهود، وزرادشتيين. رؤيته التسامحي تجلت في دعوته إلى قبول الآخر دون محاولة تغييره بالقوة. هذا ينطبق على العلاقات الشخصية: الحب الحقيقي يقبل الآخر كما هو، دون شروط.
ج. السياق القرآني
العبارة مستوحاة من الآية القرآنية *"لا إكراه في الدين". المفسرون، مثل الطبري وابن كثير، يرون أن هذه الآية تؤكد حرية الاختيار في الإيمان، لأن الإكراه ينتج نفاقًا وليس إيمانًا حقيقيًا. الرومي يوسّع هذا المفهوم ليشمل الحب، معتبرًا أن أي علاقة مبنية على الإكراه هي علاقة زائفة.
د. السياق الأدبي
أسلوب الرومي في هذه العبارة يعكس لغته الشعرية البليغة. استخدامه لكلمة "أرواحكم" يحمل عمقًا رمزيًا، بينما مقارنة الحب بالدين تضفي على العبارة طابعًا فلسفيًا. هذا الأسلوب يجعل كلامه عابرًا للثقافات والأزمنة، حيث يمكن تطبيقه على سياقات مختلفة.
4. دلالات العبارة في العصر الحديث
في العالم المعاصر، تحمل هذه العبارة أهمية كبيرة:
- في العلاقات الشخصية: تدعو إلى احترام حرية الشريك في الحب، وعدم فرض التوقعات أو السيطرة.
- في الدين والتسامح: تشجع على قبول التنوع الديني والثقافي، وتؤكد أن الإيمان تجربة شخصية.
- في المجتمع: تنتقد الأيديولوجيات التي تسعى لفرض رؤية واحدة على الجميع، سواء كانت سياسية أو اجتماعية.
الخلاصة
عبارة الرومي *"لا تجبروا أحداً على اعتناق أرواحكم، فالحب مثل الدين لا إكراه فيه"* هي دعوة صوفية وإنسانية لاحترام حرية الآخرين في الحب والإيمان. تعكس فلسفته التي ترى الحب والدين كتجربة روحية لا تتحقق إلا بالاختيار الحر. في سياق افكار الرومي، دعوة إلى التسامح والقبول، بينما تحمل في العصر الحديث دلالات عن أهمية الحرية الفردية والتنوع. العبارة تجمع بين العمق الفلسفي والبساطة الشعرية، مما يجعلها خالدة.
مصادر موثوقة استندت إليها
1. كتاب "المثنوي" لجلال الدين الرومي (ترجمة وتعليق إبراهيم الدسوقي شتا، دار الكتب العلمية، بيروت). يحتوي على شرح لفلسفة الرومي الصوفية.
2. كتاب "Rumi: The Book of Love" للمترجم كولمان باركس (HarperOne, 2003)، وهو ترجمة إنجليزية موثوقة لأشعار الرومي.
3. تفسير القرآن الكريم للطبري وابن كثير، لفهم الآية "لا إكراه في الدين".
4. مقالات أكاديمية عن الرومي، مثل تلك المنشورة في Journal of Sufi Studies (Brill)، لفهم السياق الصوفي.
5. كتاب "جلال الدين الرومي: حياته وفكره" لعبد الرحمن بدوي (دار القلم، بيروت)

#سرود



#سرود_محمود_شاكر (هاشتاغ)       Surd_Mahmooed_Shakir#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحليل مؤشر أسعار المستهلك في فلسطين لشهر حزيران 2025: دراسة ...
- القانون الدولي الإنساني والبروتوكولات الملحقة باتفاقيات جنيف ...
- المحكمة العربية لحقوق الإنسان - التأسيس، الصلاحيات، الأحكام ...
- الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة: القضاء على الجوع وو ...
- اليوم الدولي لنيلسون مانديلا - رؤى وأهداف في ضوء توجهات الأم ...
- اليوم العالمي لمهارات الشباب 2025: تمكين الشباب بالذكاء الاص ...
- اليوم العالمي للسكان - رؤية الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولي ...
- لا خير في علم لا يعمل به: دلالات المقولة وأبعادها الفكرية
- اليوم الدولي للأرامل: الرؤية الأممية، الاتفاقيات الدولية، تح ...
- اليوم الدولي للعمل البرلماني ودور الدبلوماسية البرلمانية في ...
- اليوم الدولي للإعاقة السمعية والبصرية: رؤية الأمم المتحدة وا ...
- اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب: رؤية الأمم المتحدة، الات ...
- اليوم العالمي لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية 26 حزيران 2 ...
- اليوم العالمي للاجئين 2025: رؤية الأمم المتحدة، الاتفاقيات ا ...
- اليوم العالمي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع: رؤية ...
- اليوم الدولي لمكافحة خطاب الكراهية - رؤية الأمم المتحدة، الا ...
- اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف 2025: رؤية الأمم المتحد ...
- عيد الصحافة العراقية: تاريخ، حقوق الصحفيين، وحرية التعبير في ...
- المدافعين عن حقوق الإنسان وحمايتهم وفق اعلان الأمم المتحدة و ...
- المدافعين عن حقوق الإنسان واليات حمايتهم


المزيد.....




- -على إسرائيل إنهاء المهمة-.. هل تصريح ترامب يغلق باب التفاوض ...
- برنامج الأغذية يقول إن ثلث أسر قطاع غزة لا يأكلون لأيام، ومص ...
- وزير فرنسي: مشكلات الأمن بغرب أفريقيا لم تعد تخصنا
- غوتيريش: الكلمات لا تطعم أطفال غزة الجياع
- 1.3 مليون نازح سوداني يعودون إلى ديارهم وسط دمار شامل ونداءا ...
- اشتعال الحدود بين تايلاند وكمبوديا.. أحكام عرفية وقصف متبادل ...
- تصدعات خطيرة في الدولة وإسرائيل أمام سؤال البقاء
- الاعتراف الأوروبي بفلسطين.. شيك بلا رصيد في مواجهة الفيتو ال ...
- عاجل | الحرس الثوري الإيراني: مقتل عنصر وإصابة آخر باستهداف ...
- مصدر لـCNN: مراجعة حكومية أمريكية لم تجد دليلا على سرقة -حما ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سرود محمود شاكر - عبارة جلال الدين الرومي: -لا تجبروا أحداً على اعتناق أرواحكم، فالحب مثل الدين لا إكراه فيه-