أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق جبار حسين - بين دموع راشيل ريفز وضحكة طيف سامي ، القيم الأخلاقية والانحدار الخلقي














المزيد.....

بين دموع راشيل ريفز وضحكة طيف سامي ، القيم الأخلاقية والانحدار الخلقي


صادق جبار حسين

الحوار المتمدن-العدد: 8413 - 2025 / 7 / 24 - 22:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مشهد دائم التكرار في الدول المتقدمة التي يحكمها النظام والقانون ، ظهرت وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز باكية تحت قبة البرلمان، بعد إتهامها بالتقصير في الحد من الإنفاق الحكومي فقط . لم تُتهم الوزيرة بسرقة أو اختلاس، لم توقّع عقودًا وهمية، ولم تُحوّل أموالًا عامة إلى حسابها الشخصي، او تشتري بيوت وفلل في دبي وأوربا ، بل كان مجرد العجز عن إصلاح بعض السياسات المالية سببًا كافيًا لتشعر بالعار، وتذرف دموعها أمام ممثلي الشعب.

هذا المشهد الذي أثار احترامًا واسعًا بين المتابعين في بريطانيا وخارجها، يكشف الفارق الجوهري بين الدول التي ترى في المنصب العام مسؤولية أخلاقية، وتلك التي تحوّله إلى وسيلة للثراء الشخصي والنجاة من العقاب.

في المقابل، وفي ذات الأسبوع تقريبًا، وقفت وزيرة المالية العراقية طيف سامي في البرلمان، لتلقي بتصريح ساخر: “ما بيه حيل أدافع”. أعقبتها بضحكة ، ولم يجرأ أحد من النواب على الرد عليها ، ليتدخل النائب مصطفى سند الذي أكد للوزيرة أنه “موجود للدفاع عنها”. وكأن البرلمان فقد وظيفته الرقابية وأصبح حلبة لتغطية وتبرير أفعال النواب والمسؤولين ، وتحول إلى حاضنة لتبرير الفشل والعجز والسرقات ، أو على الأقل، للتعامل معه بخفة لا تليق بجسامة ما تمر به البلاد.

لكن الأمر يتجاوز اللحظة. فنحن لا نقارن بين وزيرة تبكي ووزيرة تضحك، بل بين ثقافتين سياسيتين متضادتين: واحدة تعتبر المسؤول خادمًا للشعب، وأخرى تراه سيدًا عليه.
فمنذ عام 2003، دخل العراق في نفق مظلم من الفساد المالي والإداري، الذي لم يفرّق بين وزارة ووزارة، ولا بين مؤسسه او دائرة ومشروع وآخر. ويمكن ذكر بعض الأسماء البارزة التي ارتبطت بملفات فساد كبرى:
1. أيهم السامرائي – وزير الكهرباء الأسبق:
اتُهم باختلاس عشرات الملايين من الدولارات في عقود تخص الكهرباء لم تنفذ قط. وفرّ من العراق بطريقة مثيرة للجدل بمساعدة أمريكية، ولا تزال أمواله المنهوبة في خارج العراق دون استرداد.
2.عديلة حمود – وزيرة الصحة السابقة:
تورطت وزارتها في ملف فساد كبير يتعلق بأدوية وأجهزة طبية غير صالحة، فضلاً عن عدم صرف الموازنات في أماكنها الصحيحة، خاصة بعد حوادث مستشفى اليرموك ومستشفى ابن الخطيب حيث مات العشرات حرقًا بسبب الإهمال ولم تحاكم او تستجوب او تعتذر .
3. بهاء الأعرجي – نائب رئيس الوزراء الأسبق:
واجه اتهامات واسعة بامتلاك عقارات ضخمة وأرصدة خارج العراق، وقيل إنه تدخل في صفقات فساد بملايين الدولارات، رغم عدم صدور حكم قضائي بحقه حتى الآن.
4. حسين الشهرستاني – وزير النفط الأسبق:
عُرف بقضية “عقود جولات التراخيص” التي كبّلت العراق ماليًا لعقود، إلى جانب ملف “المدارس الحديدية” التي كلفت أكثر من مليار دولار ولم تر النور.
5.نوري المالكي – رئيس الوزراء الأسبق:
في عهده، صُرفت موازنات انفجارية دون حساب (أكثر من 800 مليار دولار بين 2006–2014)، وارتبط اسمه بسقوط الموصل وسيطرة داعش، وسط اتهامات واسعة بسوء الإدارة والفساد.

في المقابل نرى كل فترة من خلال وسائل الاعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي عن مسؤولين أجانب استقالوا من مناصبهم وحوكموا وعوقبوا واعتذروا عن أفعال وأخطاء ارتكبوها لا تكاد تذكر إمام أفعال وجرائم وسرقات النواب والمسؤولين العراقيين نذكر منهم على سبيل الحصر
1. ديفيد كاميرون – رئيس وزراء بريطانيا الأسبق:
استقال من منصبه فور إعلان نتائج استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، احترامًا لإرادة الشعب، رغم أنه لم يكن متورطًا بفضيحة فساد.
2 . كريستين لاغارد – رئيسة البنك المركزي الأوروبي (حالياً)، وزيرة المالية الفرنسية سابقًا:
حُقّق معها في قضية صرف تعويضات لرجل أعمال فرنسي، ورغم براءتها من التهمة الجنائية، صدر حكم إدانة بالإهمال الإداري فقط، لكنها تحمّلت المسؤولية واعتذرت علنًا.
3 . أولا غونارسدوتير – رئيسة وزراء آيسلندا السابقة:
بعد أزمة 2008 المالية، مثلت أمام البرلمان والمحققين، رغم أنها لم تستفد شخصيًا من الانهيار الاقتصادي، لكن واجهت المسؤولية السياسية بكل شفافية و اعتذرت .
لكن في العراق الوضع يختلف تماما ، حيث يتمتع المسؤول بحصانة قانونية وحزبية وعشائرية، ويتحول البرلمان من سلطة رقابية إلى “نادي مغلق” للدفاع عن أعضائه. الموازنات تُهدر وتسرق علنًا وخير مثال سرقة أموال الضرائب من قبل نور زهير ، مشاريع بمليارات الدولارات تُنهب، ومع ذلك نادراً ما يُحاسب أحد. حتى الإعلام يُتهم بالتشويش حين يحاول كشف المستور.

في المقابل، في الدول التي تحترم شعوبها، يُحاسب الوزير على تراجع اقتصادي أو خلل إداري حتى لو لم يتربح منه. المسؤول هناك يرى المنصب تكليفًا مؤقتًا، لا وسيلة دائمة للنفوذ.
وهكذا، تتحول دموع راشيل ريفز إلى رمز لأمة لا تقبل التهاون في حقوق شعبها، فيما تظل ضحكة طيف سامي عنوانًا صريحًا لوطن أنهكته طبقة سياسية حولت السلطة إلى غنيمة وفرصة من اجل الكسب والثراء السريع ، والمحاسبة إلى نكتة سمجة.



#صادق_جبار_حسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل نست إيران مساعدات إسرائيل وأمريكا لها
- النصر من وجهة نظر إيران
- فصل أخر من مسرحية ، خذ حذرك سوف أضرب
- إيران نمر من ورق
- أنتم أسوأ الخلق
- طفيليات المجتمع 5 : المدراء والموظفين
- طفيليات المجتمع 4 : الأطباء والصيادلة ومختبرات التحليل
- طفيليات المجتمع 3: عصابات الإتاوات والابتزاز
- طفيليات المجتمع 2: شيوخ العشائر ورجال الدين
- طفيليات المجتمع 1: النواب وأعضاء مجالس المحافظات
- شهر رمضان فيه الفقير يهان
- السياسيون العراقيون ما اتركك ولا أترك رحمه الله تنزل
- العمائم السوداء ، غربان الخراب
- العشائر في العراق : بين ترسيخ الفوضى وإجهاض العدالة
- لم تعد الهند بلد العجائب بل العراق
- إيران ودورها في تجهيل عقول الشباب
- بوكا معهد أعداد الإرهابيين
- بلد الحضارات يحكمه القطاء
- فوضى مواقع التواصل الاجتماعي في العراق : فساد وانحدار القيم ...
- الارهابي الذي أصبح بطل


المزيد.....




- -على إسرائيل إنهاء المهمة-.. هل تصريح ترامب يغلق باب التفاوض ...
- برنامج الأغذية يقول إن ثلث أسر قطاع غزة لا يأكلون لأيام، ومص ...
- وزير فرنسي: مشكلات الأمن بغرب أفريقيا لم تعد تخصنا
- غوتيريش: الكلمات لا تطعم أطفال غزة الجياع
- 1.3 مليون نازح سوداني يعودون إلى ديارهم وسط دمار شامل ونداءا ...
- اشتعال الحدود بين تايلاند وكمبوديا.. أحكام عرفية وقصف متبادل ...
- تصدعات خطيرة في الدولة وإسرائيل أمام سؤال البقاء
- الاعتراف الأوروبي بفلسطين.. شيك بلا رصيد في مواجهة الفيتو ال ...
- عاجل | الحرس الثوري الإيراني: مقتل عنصر وإصابة آخر باستهداف ...
- مصدر لـCNN: مراجعة حكومية أمريكية لم تجد دليلا على سرقة -حما ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق جبار حسين - بين دموع راشيل ريفز وضحكة طيف سامي ، القيم الأخلاقية والانحدار الخلقي