وليد خليفة هداوي الخولاني
كاتب ومؤلف
(Waleed Khalefa Hadawe)
الحوار المتمدن-العدد: 8409 - 2025 / 7 / 20 - 00:57
المحور:
الفساد الإداري والمالي
لم يكن يوم الاربعاء 16/7 كباقي الأيام في محافظة واسط، فبينما كان العشرات من أهالي مدينة الكوت يتجولون بين أروقة وقاعات"هايبر ماركت الكوت" للتسوق والاطلاع، والذي افتتح ابوابه قبل ثلاثة أيام، ثقة منهم بالجهات الرقابية والإدارية، بانها فد ألزمت صاحب المشروع بتوفير كافة شروط السلامة والأمان، دون ان يدركوا انهم قد جاؤا مجتمعين على موعد مع القدر لكي يلاقوا حتفهم. وبينما هم بين جدران الماركت فوجئوا بالنيران تلتهم المبنى وتحاصرهم، وعندما بحثوا عن منفذ للنجاة فوجئوا بعدم وجود منافذ للنجاة او الية لإطفاء النار المستعرة التي يزداد اوراها وسعيرها، وكلما توسعت زاد ضرامها، واقترابها منهم رويدا رويدا يسبقها دخانها الذي يقطع الانفاس ويفقد الإحساس، ولما لم يكن هنالك منفذا للنجاة فقد استسلموا للنار كي تحرق أجسادهم واحدا اتلو الاخر وتزهق ارواحهم عنوة وتتركهم جثثا متفحمة. توفى نتيجة ذلك ما يزيد على 60 شخصا بين أطفال ونساء ورجال منهم الطبيب والمحامي وطالب الكلية وربة البيت وغيرهم. ويوضح نداء هاتفي من زوجة حاصرتها النيران داخل البناية المشتعلة الى زوجها عبر الهاتف حجم المأساة التي لحقت بهم عندما تخاطب زوجها قائلة "زوجي ابريني الذمة ابنك مات بين ادية واني وصلتني النار الله وياك وانسد التلفون " وجدت جثتها متفحمة وهي تحتضن طفلها، الا تهز هذه المكالمة ضمائر الفاسدين.
ولم تكن هذه الفاجعة الأولى من نوعها، كما لم تكن الأخيرة. وفيما يلي تذكيرا بحوادث الحرائق خلال السنوات الأخيرة:
1- بتاريخ 26ايلول 2023 حريقا في قاعة الحمدانية في نينوى حول العرس الى مأتم إذ ذهب ضحيتها (122) مواطن واصابة (82) اخرين بسبب اشتعال النيران في سقف القاعة وعدم وجود مخارج للنجاة.
2- في عام 2021، اندلع حريق ضخم في مستشفى "ابن الخطيب" في بغداد، بسبب انفجار خزانات الأكسجين أسفر عن وفاة (82) شخصا وإصابة العشرات، من الراقدين المصابين بفايروس كورونا.
3- في العام نفسه، اندلع حريقا كارثيا آخر في مستشفى الحسينية في الناصرية، في جناح عزل مرضى (كوفيد-19)، أدى لوفاة 60 شخصا وإصابة العشرات، بسبب خلل كهربائي وانفجارا في خزانات الأكسجين.
4- وقبلها بتاريخ 3تموز 2016 فاجعة الكرادة التي ذهب ضحيتها (324) مواطن واصابة (250) اخرين.. والذين تفحمت جثثهم لنفس السبب بعد ان حاصرتهم النيران دون ان يجدوا مخرجا للنجاة. وبذلك فقد (648) مواطن حياتهم في (5) حوادث فقط أحدثوا جروحا نازفة في قلوب اهليهم ومحبيهم لما تندمل على مر الزمن..
تحليل الحوادث:
1- أسباب انتشار النيران وارتفاع حجم الخسائر البشرية:
ان الانفس البريئة التي ذهبت الى بارئها محترقة تشكو الظلم والجور والفساد الذي ترك بصماته على الأبنية التي تواجدوا بها من محلات تسوق وقاعة اعراس. والتي تشترك بأفة الفساد نفسها وهي:
أ- عدم وجود منظومات إطفاء ذاتية تعمل على إطفاء الحرائق حال حدوثها.
ب- طلاء السقوف والجدران بمواد تساعد على الاحتراق وليس تقاوم الاحتراق.
ت- عدم وجود مخارج للنجاة،
ث- عدم وجود سلالم انقاذ جانبية.
2- جهات التقصير والمسؤولية:
ان الجهات المقصرة والمسؤولة عن التفريط بأرواح الأبرياء هي:
أ- مالكي الأبنية الذين بخلوا في تكلفة انشاء مخارج الإنقاذ او منظومات إطفاء ذاتية او سلالم انقاذ خارجية وكان جشعهم منصب على الكسب المادي فقط.
ب- الجهات الرقابية التي اهملت واجباتها في السماح لهذه المحلات بفتح أبوابها لدخول المواطنين دون توفر شروط السلامة والأمان وهنا لا يشفع الإنذار لدفع المسؤولية فالأحرى منع ممارسة العمل.
ت- الجهات الإدارية المشرفة على الجهات الرقابية والتي تعتبر مهملة في متابعة عمل الحهات الادتى.
ان التقصير أعلاه يشير الى وجود فساد من قبل المالكين بفتح أبواب منشأت غير مجهزة بوسائل نجاة امام المواطنين حلافا للقوانين وذلك يدل على الاستهتار بحياة الناس، كما يشير الى فساد الجهات الرقابية والإدارية بالسماح لمنشأت لا تحتوي على مستلزمات النجاة بممارسة العمل اهمالا او عمدا.
3- مقترحات الحد من الحوادث المتوقعة المماثلة والحيلولة دون تجدد هذه الكوارث:
أ- التشديد بمعاقبة الجهات التي يثبت تقصيرها في حريق هايبر ماركت الكوت.
ب- اجراء تفتيش لكافة المولات والمطاعم وقاعات الاعراس في البلاد من قبل مديريات الدفاع المدني والتأكد من وجود مخارج اخلاء وسلالم جانبية وأنظمة إطفاء ذاتية وان طلاء السقوف والجدران بأصباغ غير قابله للاشتعال او مقاومة للحريق واغلاق تلك المحلات لحين التحقق من توفر ما مطلوب.
ت- قيام المولات والمطاعم وقاعات الاعراس جميعا بنشر تقرير عن وسائل الامان التي يمتلكها وتسجيل ذلك لدى الجهات الرقابية ونشر هذا الإعلان على مدخل البناية.
ث- تواجد فريق من عمال وموظفي المولات او المطاعم باسم " فريق السلامة " خاصة في الأبنية متعددة الطوابق واجبه: المراقبة والتحقق من سلامة الأجهزة الكهربائية والتدخل عند حصول الحرائق او الكوارث الأخرى ولحين قدوم فرق الدفاع المدني.
ج- وجود خطوط اتصال ساخنة مباشرة بين المنشأت في الأبنية متعددة الطوابق وقسم الإطفاء في الدفاع المدني للمنطقة.
ح- عدم السماح بافتتاح اية مولات او محلات تسوق جديدة دون توفر شروط السلامة والأمان ومن قبل لجنة مراقبة مختصة وقبل افتتاح المبنى. ويشمل ذلك العمارات السكنية.
خ- تزويد مديريات الدفاع المدني في جميع المحافظات بسيارات إطفاء حديثة وكافية لمنع الحوادث،
د- اجراء الصيانة الدورية لسيارات الإطفاء والتحقق من جاهزيتها من قبل المديرية العامة للدفاع المدني.
ذ- وضع خطة لتوزيع سيارات الإطفاء على الساحات، لتتمكن من الانتقال الفوري لمواقع الحرائق.
ر- وجود فوهات حريق تتوفر فيها المياه عند كل مطعم او مو مول او بناية متعددة الطوابق.
ز- التحقق من وجود سلالم جانبية في الأبنية متعددة الطوابق تساعد على اخلاء المواطنين من الطوابق العليا في الأبنية متعددة الطوابق. ويشمل ذلك العمارات السكنية.
س- توفير طائرات هيلوكوبتر في بغداد والمحافظات تمكن سرعة نقل المصابين وتساعد على الإطفاء مع وجود مهبط لطائرات الهيلوكوبتر على سطح البنايات متعددة الطوابق.
ش- اجراء دراسة تحليله لتفاصيل الحريق الحاصل والخسائر البشرية تتضمن تحديد المقصرين وبيان الأسباب ووضع المقترحات للحيلولة دون تكرار هذه الفاجعة مستقبلا.
ص- تحميل جهة التقصير وخاصة مالكي النشاط التجاري دفع التعويضات لما أصاب المواطنين من اضرار بما في ذلك بيع العقار ودفع ثمنه للمتصررين أضافة للعقوبات الأخرى.
ض- كل ما يطبق على المحلات التجارية والمولات يطبق على العمارات السكنية والمطاعم والابنية متعددة الطوابق كأبنية الوزارات والمنشئات الأخرى.
#وليد_خليفة_هداوي_الخولاني (هاشتاغ)
Waleed_Khalefa_Hadawe#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟