|
دروس من العدوان ومن الخيانات والمقاومة - الجزء الثاني والأخير
الطاهر المعز
الحوار المتمدن-العدد: 8407 - 2025 / 7 / 18 - 11:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نساء "كافرات" خير من أَلْفِ رَجُلِ مُسلم أ فرانشيسكا ألبانيز قدّمت المقررة الخاصة للأمم المتحدة حول حقوق الشعب الفلسطيني، القاضية الإيطالية فرانشيسكا ألبانيز، تقريرًا يوم 15 نيسان/ابريل 2025، وتقريرًا آخر يوم الثالث من تموز/يوليو 2025، بعنوان: " اقتصاد الاحتلال من خلال اقتصاد الإبادة الجماعية "، وورد في التّقرير: " إنه عدوان عسكري وانتهاك لجميع القيم الإنسانية، تَضَمَّنَ جريمة حرمان الصحافيين ومنظمات الإغاثة والمنظمات الإنسانية والطّبّيّة والحقوقية، وحتى ممثلي منظمات الأمم المتحدة من الدخول إلى غزة، مما يُشكّل مأساةً وجريمةً... فالشعب الفلسطيني لا يستطيع حماية نفسه ولا يحصل على أي مُساعدة مادية أو معنوية من الخارج (...) فالقانون الدّولي يضمن كرامة الإنسان الحي والميت، ويُجَرِّمُ من يرتكب المخالفات، ولو كان مَحْميا من القوى الكُبرى، ولكن في غزة، كل شيء مسموح به: القصف والتجويع والقتل واحتجاز جثامين الشهداء وحتى المَنْع من دَفْن الجُثث... " نشرت الأمم المتحدة بيانا صحفيا يوم الثالث من تموز/يوليو 2025 بشأن تقرير فرانشيسكا ألبانيز، ولم يتم التّطرّق إلى نشْر التّقرير ولا إلى مُحتواه من قِبَل وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية، لأنه يُدين الإبادة الجماعية ويُوثّق الجرائم والدّعم للكيان الصّهيوني من قِبَل الحكومات والمصارف والشّركات التي تجْنِي أرباحًا كبيرة بفضل العدوان، ولأن تقرير فرانشيسكا ألبانيز يفْضَحُ "الآليات المختلفة للشركات الخاصة التي تستفيد بشكل مباشر (وتريد الإستمرار في الاستفادة) من الوضع الدرامي في غزة وبشكل عام في الأراضي الفلسطينية المحتلة ... ( ) فلا تقْتصر هذه الشركات على مصنعي الأسلحة والمعدات العسكرية والشركاء الأوروبيين والأمريكيين الشماليين، بل تشمل كذلك شبكات تجارة التّجزئة والمتاجر الكبرى وشركات النقل البحري والبناء وشركات التكنولوجيا والمصارف والجامعات ومراكز البحث العلمي، والعديد من الشركات والصّناديق الإستثمارية التي لا تتميز بالشفافية، والمُتورّطة في دعم هذا العدوان العسكري (...) لأن الشركات المتورطة تستفيد من المشروع الإستعماري الإستيطاني ومن الإنتهاكات والجرائم ( الإسرائيلية)، وتُمثّل استثماراتها أداةً لإدامة الإحتلال وتهجير الشعب الفلسطيني، مع الإفلات من المُسَاءلة والعقاب ومن تنفيذ قرارات المحكمة الجنائية الدّولية ومحكمة العدل الدّولية التي أمرت بتفكيك آليات الإحتلال، ويستفيد الإحتلال من دَعْم الإتحاد الأوروبي السياسي والإقتصادي للكيان الصهيوني، بالأسلحة والإستثمارات، وبعلاقات الشراكة المُمَيّزة..." لأن كيان الإحتلال جزء من النظام الرأسمالي العالمي... يحث تقرير المقررة الخاصة للأمم المتحدة الدّول الأعضاء ( بالأمم المتحدة) على فرض العقوبات وتجميد الأُصُول وتعليق جميع الاتفاقيات الحربية والتجارية والاستثمارية، وفرض العقوبات، ودفع التعويضات للشعب الفلسطيني، والتحقيق الجنائي مع المسؤولين التنفيذيين للشركات والكيانات التجارية وملاحقتهم قضائياً بسبب دورهم في ارتكاب الجرائم وغسل عائدات تلك الجرائم، غير إن التقرير يُقرّ بوضوح بصعوبة تنفيذ هذه التوصيات بفعل التحالف الوثيق بين الكيان الصهيوني والإمبريالية الأمريكية والأوروبية... لم يَرْتَقِ أي رئيس أو ملك دولة عربية أو إسلامية ( بما في ذلك إيران) إلى مُستوى هذه المُوظّفة – غير العربية وغير المُسلمة – بالأمم المتحدة التي أصدرت الأُسُس القانونية لدولة الإحتلال الصّهيوني، ولذلك حاولت الولايات المتحدة تعليق ولاية فرانشيسكا ألبانيز، وشنّت أجهزة الإعلام و الأجهزة الحكومية الأمريكية – بقيادة رئيسها دونالد ترامب - والأوروبية حملةً ضدّها وضد منظمات الأمم المتحدة التي تنشر صورة واقعية عن بعض جرائم الإحتلال الصّهيوني، لكن تمت إعادة انتخاب فرانشيسكا ألبانيز بالإجماع بسبب غياب مُنافسين، لأن المُرشّحين المُحتمَلِين على دراية بما يتعرّض له أي ناقد للولايات المتحدة وللكيان الصّهيوني، ولذا فضّلوا الإنسحاب وعدم التّرشّح. سوف يُسجّل التّاريخ خيانة الحُكّام العرب و"المسلمين" وكذلك شجاعة وجرأة فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة، التي رصدت انتهاكات حقوق الإنسان ضد الفلسطينيين والإبلاغ عنها، ولم تَرْدَعْها التهديدات بالقتل وحملات التّشْهير، بل استمرت في انتقاد "الفساد الأخلاقي والسياسي الذي يسمح باستمرار الإبادة الجماعية، كشكل من أشكال المَحْو الإستعماري ( كما اتهمت) مسؤولي الاتحاد الأوروبي بالتواطؤ في دعم جرائم الحرب والإبادة الجماعية"، ودَعَت إلى محاسبتهم كشركاء في هذه الجرائم، كما ذكر تقريرها عينات من الدّعم المباشر الذي تُقدّمه أكثر من ستّين شركة عابرة للقارات في قطاعات التكنولوجيا والتعليم الجامعي والمصارف والمُؤسّسات المالية وشركات التأمين، وشركات عقارية، وجمعيات خيرية، وتجني جميعها مليارات الدولارات من الاحتلال والإبادة الجماعية للفلسطينيين، ولهذه الأسباب اتّهمها وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، يوم الأربعاء التاسع من تموز/يوليو 2025 بـ"نشر معاداة السامية بشكل صريح ودعم الإرهاب والازدراء العلني للولايات المتحدة وإسرائيل والغرب (...) وسيتم إدارجها على قائمة العقوبات الأمريكية..." استنتجت فرانشيسكا ألبانيز أن الفلسطينيين اللاجئين ( حوالي 65% من سُكّان غزة) هم من أبناء وأحفاد الناجين من النكبة ومن التهجير القسري الصهيوني المُخطط له مسبقًا والمُنَظّم بدعم امبريالي أوروبي سنة 1948، ولم تنقطع عمليات الإبادة والتّهجير المُصَمَّم عن سابق إصرار وترصد من أجل إبادة الشعب الفلسطيني والسيطرة على أرضه كلها، كما أدركتْ طبيعة هذا الصراع الاستعماري الإستيطاني الذي لا يمكنه السيطرة على الأرض ومواردها بدون ارتكاب جرائم الحرب والإبادة الجماعية بشكل ينسجم تماماً مع استراتيجية ثابتة ودائمة، ولذا فإن عمليات الإبادة القائمة لم تبدأ السابع من تشرين الاول/اكتوبر 2023، بل منذ نشأة المستوطنات الصهيونية بنهاية القرن التاسع عشر... أعلنت فرانشيسكا ألبانيز صراحة في ردّها على أسئلة بعض الصحافيين "إن المساعدات الإنسانية تمثل غطاءً لحَجْب أسباب وواقع وخلفيات الإبادة المُمَنْهَجَة، لأن أية مقاربة جدية للصراع يجب أن تنطلق من حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، ومحاسبة كل من يُمَوِّلُ ويُسَلِّحُ ويُساعد الإحتلال على إبادة الشعب الفلسطيني واستيطان أرضه كلها وسرقتها بالكامل... " ولذا لا يجب فَصْلُ الأحداث الحالية عن نقطة البداية التي تتصل باستعمار فلسطين من قبل قوة استعمارية استيطانية أرادت وما تزال مستمرة في سرقة هذه الأرض والتخلص من سكانها بأي ثمن، على شاكلة ما حدث بالولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، ولذا فمن الضّروري التّركيز على حق الشعب الفلسطيني في ارضه ووطنه وحق "الناجين" من نكبة 48 وأبنائهم وأحفادهم في العودة إلى أراضيهم ( إضافة إلى التعويضات)، وتقويض المشروع الصهيوأمريكي في فلسطين في والمنطقة... ب ألفريدي جيلينيك (Elfriede Jelinek ) – صهيونية "مُعتدلة" هي كاتبة (روائية وشاعرة ومؤلفة مسرحيات) تعتبر نفسها يهودية نمساوية – رغم مسيحية أمها - حصلت على جائزة نوبل سنة 2004، ولا تخشى التصريح بمواقفها علنًا بشأن العديد من القضايا، ومن بينها القضية الفلسطينية وهي من بين الذين اعتبروا العملية الفدائية ( فَجْر يوم السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023) "إرهابًا"، لكنها فيما بعد وصفت ما يحدث في غزة بأنه "تطهير عرقي من أجل أرض الميعاد"، وهي ليست مناهضة للكيان الصهيوني، بل تُدافع عن "حق أسرائيل في العيش، وكذلك حق الفلسطينيين"، وهو موقف العديد من المثقفين ومن السياسيين والنقابيين الأوروبيين، وخصوصًا في ألمانيا والنّمسا وهولندا وفرنسا، حيث الفكر الصهيوني متغلغل ومتجذّر، ولكنها تأسف " للتضامن الفعلي غير المشروط مع إسرائيل التي تقوم بتدمير منازل الفلسطينيين وقَتْل عشرات الآلاف منهم، معظمهم من النساء والأطفال"، وشخصيًّا أنْبُذُ تقديم اليهود "الصهاينة المعتدلين" كنموذج للتضامن مع الشعب الفلسطيني، لكنني أردت تناول التّصريحات التلقائية ل"ألفريدي جيلينيك" التي تنم عن جانب إنساني، بعيدا عن الثّورية أو "الراديكالية"، وتنم عن تطوّر أرائها السياسية بشأن القضية الفلسطينية، منذ الإنتفاضة الأولى - كانون الأول/ديسمبر 1987، ولَئِنْ بقيت مواقفها صهيونية في جوهرها، فهي أقل صهيونية من أئمة العار الذي أشادوا بالكيان الصهيوني ولم يُشيروا إلى التّدمير والإبادة المُمَنْهَجَة في غزة والضفة الغربية، استمرارًا لما حدث خلال نكبة 1948، وهي لم تفتخر بأداء النشيد الرسمي الصهيوني "هاتيكفا"، خلافًا ليوسف مصيبيح، إمام جامع بهولندا... انتمت "إلفريدي جيلينك إلى الحزب الشيوعي النمساوي بين سنتَيْ 1974 و 1991، وعارضت بشدة اليمين المتطرف، لكن موقفها ينبع من موقف الأحزاب الشيوعية التّحريفية التي كانت مُوالية للإتحاد السوفييتي ( وخصوصًا الأحزاب الشيوعية الأوروبية) وأيّدت تأسيس دولة الكيان الصهيوني ولم تعتبر الصهيونية إيديولوجية استعمارية استيطانية ولا القضية الفلسطينية قضية تحرير وطني من الإحتلال الصهيوني، ومَثّل انضمامها إلى الحزب الشيوعي النمساوي (KPÖ)رد فعل ضد والدتها اليمينية المتطرفة (التي لم تكن يهودية، بخلاف والد جيلينيك الذي كان يهوديا، نجا من محرقة النّازية بفضل الجيش السوفييتي )، وكانت والدتها "تكره حثالة اليسار"، لأنها تأثرت بالمناخ الإيديولوجي السائد في النمسا والذي وصفته إلفريدي جيلينك بأنه "مناخ أيديولوجي وسياسي وثقافي ضار بسبب تفشِّي العنصرية وكراهية الأجانب ومعاداة السامية الجديدة" أثارت كتابات الروائية والكاتبة المسرحية والشاعرة النمساوية ألفريدي جيلينيك (Elfriede Jelinek ) العلاقات بين البشر والثقافة الشعبية، وحصلت على جائزة نوبل للآداب سنة 2004، وبرّرت لجنة إسناد الجائزة اختيارها ب "تدفقها الموسيقى من الأصوات والأصوات المضادة فى رواياتها ومسرحياتها التى تكشف بحماسة لغوية غير عادية عن عبثية الكليشيهات المجتمعية وقوتها الاستعبادية"، كما حصلت على جائزة فرانز كافكا وجوائز عديدة عن مؤلفاتها... بدأت جيلينك الكتابة إثر فترة التّعافي من انهيارها العاطفي في سن السابعة عشرة ( وُلِدت سنة 1946)، ولم تتبع أُسلوب التقنيات الأدبية التقليدية، وجعلت من الكتابة شكلاً من أشكال التعبير عن الذات والتأمل، ونشرت خلال دراستها بجامعة فيينا ( عاصمة النّمسا)، عند بلوغها سن العشرين، مجموعة من القصائد بعنوان "ظل ليزا 1967"، ونشرت سنة 1970 رواية بعنوان "طفلة الخداع " التي أظْهَرَتْ نُضْجها "باستخدام اللغة والتفاعل البُنْيَوِى للوعي الطبقي كوسيلة لاستكشاف المعايير الاجتماعية والثقافية للتبعية والسلطة"، وكتبت عن الاضطهاد الجنسي والجنسانية الأنثوية، وتناولت هذه المواضيع بأسلوب ساخر في كتابها "النساء كعشاق" سنة 1994، حيث وصفت "إيقاع النساء في الفخ واستغلالهن في مجتمع أبَوِي وغير إنساني"، وتم تحويل إحدى رواياتها ( مُعلّمة البيانو" ( 1983) إلى شريط سينمائي، سنة 2001، وتتناول قضايا القمع الجنسي الذي تعاني منه النساء، وكتبت 12 رواية و 28 مسرحية و5 سيناريوهات... أدانت الحائزة على جائزة نوبل للآداب عام 2004، النمساوية "إلفريدي جيلينك" Elfriede Jelinek على موقعها الإلكتروني سياسات "مجرم مثل بنيامين نتنياهو، الذي يجعل عددا لا يحصى من الأبرياء في غزة يدفعون ثمن إنجاز المشروع الصهيوني، معظمهم من النساء والأطفال"، بعد أن نددت بحركة حماس غداة السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، ولكنها كتبت بعد ذلك عن محاولات النمسا وألمانيا "التنصل من مسؤوليتهما عن الإبادة الجماعية لليهود الأوروبيين، من خلال الدّعم المُطلق للإستعمار الإستيطاني الذي يُعدّ تحدِّيًا للقانون الدولي... ولذا وجب التوقف عن التطهير العرقي من أجل الأرض الموعودة"، ولكنها تنشر أوهامًا عن "الدّيمقراطيين في إسرائيل الذين يعارضون بلا هوادة هذه الحكومة اليمينية المتطرفة" ( أي إن القضية متعلقة بحكومة يمينية متطرفة وليس بالمشروع الصهيوني وبالكيان الصهيوني بذاته)، وتوضح ذلك على موقعها الإلكتروني: "بدلاً من الموقف التاريخي الأعمى وغير المدروس المؤيد لإسرائيل الذي اتخذته الطبقة السياسية والرأي العام في بلداننا، يتعين علينا بدلاً من ذلك أن ننحاز إلى الجهود اليائسة التي تبذلها جماعات حقوق الإنسان الإسرائيلية" ... فنانون "متضامنون مع أهل غزة" بعد تسعة عشر شهرًا من الإبادة والتدمير والتّجويع، اجتمع مائة من محترفي الفن المسرحي في باريس ونشروا بيانًا في مجلة "تيلي راما" ( مُخصصة للنقد الفني، كانت تمتلكها مؤسسة نشر مسيحية واشترتها صحيفة "لوموند" قبل بضعة سنوات) للدعوة إلى "إنهاء المجازر التي تنفذها الدولة الإسرائيلية في فلسطين" ( أي إن فلسطين تقتصر على غزة والضفة الغربية وبعض أحياء مدينة القدس) وتكمن أهم نقطة إيجابية في النّداء في المطالبة ب" تعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوربي وإسرائيل"، واستشهدوا بالقرارات الثلاث التي أصدرتها محكمة العدل الدولية، وهي قرارات ملزمة تُحذّر من "احتمال وقوع إبادة جماعية" مما يشكل انتهاكا لأسس اتفاقية التجارة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل التي تنص على أن "احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية شرط أساسي للشراكة"، والتحق بالنّداء بضعة مئات من المُمثّلين والكُتّاب والمُوسيقيين من فرنسا وأوروبا والعالم، وطالبوا الاتحاد الأوروبي بوقف كل أشكال التعاون مع "حكومة ارتكبت جرائم جماعية في غزة"، وبلغ عدد الموقعين ( يوم التاسع من تموز/يوليو 2025) أكثر من 320 ألف شخص حول العالم على عريضةً أطلقتها منظمة إيكو " ومنظمة "وي موف أوروبا"، مطالبين الاتحاد الأوروبي بتعليق هذه الاتفاقية، وأعلن الموقعون: "نحن نضم أصواتنا إلى أصواتهم - كفنانين، وعاملين في المجال الثقافي، وبشر يرفضون تجاهل الفظائع الجماعية، وندعو جميع المواطنين والبرلمانيين والقادة الأوروبيين إلى رفع أصواتهم، فلا يمكننا الادعاء بأننا لم نكن على علم، ولم يعد بإمكاننا ادعاء الحياد، ولذلك وجب تعليق الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل فَوْرًا، واحترام القانون الدولي، ووضع حدّ لإفلات إسرائيل من العقاب"، وهي لهجة أشدّ من البيان الأصلي المائع سبق أن نشر تسعمائة شخصية من عالم الفن السينمائي، في اليوم الأول من مهرجان كان السينمائي الأخير ( أيار/مايو 2025)، مقالاً نشرته صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية للتنديد "بفظاعة الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في غزة"... خاتمة تُمثل فرانشيسكا ألبانيز الصوت الأكثر راديكالة بين "المشاهير" من ديمقراطيِّي العالم، واستغلت منصبها للبحث عن الحقيقة رغم المخاطر، ونشرت الحُجَج والبراهين على تواطؤ الدّول الإمبريالية والشركات العابرة للقارات في الجرائم الصهيونية، ودعت الدّول الأعضاء بالأمم المتحدة إلى فرض العقوبات وتجميد الأُصُول وتعليق جميع الاتفاقيات الحربية والتجارية والاستثمارية، ودَفْعِ التعويضات للشعب الفلسطيني، والتحقيق الجنائي مع المسؤولين التنفيذيين للشركات أو الكيانات التجارية التي ساهمت في العدوان، وملاحقتهم قضائياً بسبب دورهم في ارتكاب الجرائم وغسل عائدات تلك الجرائم، غير إن التقرير يُقرّ بوضوح بصعوبة تنفيذ هذه التوصيات بفعل التحالف الوثيق بين الكيان الصهيوني والإمبريالية الأمريكية والأوروبية الذي دمَّرَ عددًا من البلدان العربية (العراق، ثم ليبيا وسوريا واليمن ولبنان...)، وبفعل دعم الإمبريالية للمليشيات الإرهابية في هذه البلدان، وأهمّها جبهة "النُّصْرَة" ( فرع "القاعدة" في سوريا) التي غيرت اسمها إلى "هيئة تحرير الشّام" بإشراف تركيا (حلف شمال الأطلسي) وتمويل قَطَر ومَشْيَخات الخليج قبل أن تستحوذ على السّلطة، وبينما تُطارد سلطات أوروبا وأمريكا الشمالية المُسلمين الكادحين والفُقراء في بلدانها، دعمت القوى الإمبريالية والكيان الصّهيوني تيارات الإسلام السياسي الإرهابي وحاربت التيارات الإسلامية المُقاوِمة في لبنان وفلسطين واليمن وغيرها، سياسيا وإعلاميا، لأن أول أول إجراء اتّخذَهُ زعماء المليشيات الإرهابية في سوريا كان إغلاق مكاتب المنظمات الفلسطينية واغتيال بعض قادتها والإعتداء عليهم بالسلاح، وفي المقابل لم يُقاوم زعماء المليشيات الإحتلال الصهيوني لأجزاء جديدة من سوريا ( خصوصًا جنوب البلاد) بل يُفاوضون – من موقع ضُعْف - ويُمهّدون للتطبيع المَجاني مُعلنين – في ذروة العدوان الصهيوني - إن إيران هي العدو وليس الصهاينة الذين يحتلون أراضي سوريا، وهذا سِرُّ الدّعم الأمريكي والأوروبي لمليشيات الإسلام السياسي الإرهابي وزعمائه غير الدّيمقراطيين وغير المُنتَخَبِين، الذين يرتكبون المجازر ضدّ العديد من فئات الشعب السوري، فضلا عن أبناء وأحفاد اللاّجئين الفلسطينيين، ويستوردون مجموعات سُكّانية مُؤَيِّدَة لهم من الصين ومن الإتحاد الرّوسي والعديد من البلدان الأخرى، وفرّط هؤلاء الزعماء الإرهابيون بممتلكات الدّولة ( أي ممتلكات الشعب السوري) لصالح وكالات أجنبية وصهيونية وتُركية... أدّت بشاعة المجازر والإبادة والتدمير والتهجير القسري إلى استنكار أو حتى احتجاج بعض الفئات من الصّهاينة، بسبب "المبالغة في استخدام العنف المُفْرِط " (من قبل الجيش الصهيوني)، غير إن بعض الأفراد ( خصوصًا من أصيلي المغرب وتونس) الذين يدّعون تمثيل المسلمين في أوروبا وكندا قاموا بخيانة شُعوبهم والشعب الفلسطيني، بالركوع أمام رئيس وحكومة الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، مما أثار ردود فعل غاضبة من قِبَل بعض القوى الديمقراطية والتقدمية في أوروبا، واستياء العديد من مُسلمي أوروبا والمغرب العربي الذين بلغهم خبر زيارة التطبيع الإستفزازية التي ضمّت بعض المُطبّعين الأنذال مثل عبد الهادي وحسن الشلغومي ويوسف مصيبيح، كجزء من عملية الإختراق الصهيوني ومن التطبيع العلني للعديد من الأنظمة العربية، ومن أهمها النظام المغربي، ومحاولة استخدام الخطاب الديني لتبرئة الاحتلال ولتبرير التطبيع الرّسمي العربي والإسلامي، بذريعة "حوار الأَدْيان"، وخَلْق "توازن" بين الجهاد لتحرير فلسطين باسم الدّين ( حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله وأنصار الله في اليمن، وربما إيران...) والخطاب التطبيعي باسم الدّين كذلك وباسم التعايش ( بين المُستعمِرِ والمُستَعْمَر) والحوار بين الأديان، وهو تشويه لطبيعة النضال الوطني الذي ما كان أبدًا دينيا بل كان ولا يزال نضالا من أجل تحرير الوطن من الإستعمار الإستيطاني الصهيوني ومن الإمبريالية، والمطلوب – بالحدّ الأدنى - عزل المتورّطين وفضحهم ومحاسبتهم من قِبَل المؤسسات الإسلامية في أوروبا وغيرها... هناك "مسافة وَعْيٍ" شاسعة بين مُسلمي حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله وأنصار الله، وأئمة رأس المال والصّهيونية، كما إن الفنانين والديمقراطيين الذين وقّعوا بيانات "مُعتدلة" تُدين بعض مظاهر الهمجية الصهيونية أَشْرَف من معظم الحكّام العرب الذين صَمَتُوا أو تواطأوا أو دعموا العَدُوّ علنًا ... إن لم تَسْتَحِ فافْعَلْ ما شئتَ.
#الطاهر_المعز (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دروس من العدوان ومن الخيانات والمقاومة - الجزء الأول من جُزْ
...
-
الهند – من إضراب صغار المزارعين سنة 2020 إلى الإضراب العام ل
...
-
إيران – بين العمل الإنساني والأمن القومي
-
مُتابعات - العدد الثاني والثلاثون بعد المائة بتاريخ الثاني ع
...
-
بإيجاز الشراكة بين رأس المال والصّهيونية، بدعم أمريكي
-
تونس – إضراب الأطباء الشّبّان
-
بإيجاز - تأثيرات الرسوم الجمركية على الإقتصاد الأمريكي
-
موقع أوروبا السياسي بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي
-
في جبهة الأعداء - المستفيدون من الإبادة الجماعية
-
مُتابعات - العدد الواحد والثلاثون بعد المائة بتاريخ الخامس م
...
-
بريطانيا – ابتزاز الفنانين بتهمة -مُعاداة السّامية-
-
في ذكرى استقلال الجزائر 05 تموز/يوليو 1962 – 2025
-
مُتابعات - العدد الثلاثون بعد المائة بتاريخ الثامن والعشرين
...
-
الثورات الملونة والحرب -النّاعمة-
-
ألمانيا رأس حِرْبة الإمبريالية الأوروبية – 2 / 2
-
ألمانيا رأس حِرْبة الإمبريالية الأوروبية – 1 / 2
-
وفاة الأمم المتحدة؟
-
جولة من حرب -الشرق الأوسط الكبير-
-
مُتابعات - العدد التّاسع والعشرون بعد المائة بتاريخ الواحد و
...
-
من غزة إلى طهران
المزيد.....
-
السعودية.. وفاة -الأمير النائم- بعد دخوله في غيبوبة دامت 21
...
-
السعودية.. من هو -الأمير النائم- بعد إعلان وفاته إثر تعرضه ل
...
-
مباحثات أردنية سورية أمريكية لدعم تنفيذ اتفاق الهدنة في السو
...
-
بهدف الوصول إلى السويداء.. استمرار توافد مقاتلي العشائر إلى
...
-
الرسوم الجمركية الأمريكية على البرازيل تؤثر سلبًا على المسته
...
-
لماذا فضل فيرتز الانتقال لليفربول وليس إلى بايرن ميونيخ؟
-
فيتنام: مقتل 34 شخصا وفقدان أخرين إثر انقلاب قارب سياحي فى خ
...
-
قراءة في موجة انتحار الجنود الإسرائيليين.. أعراض ما بعد الحر
...
-
واشنطن بوست: تخفيضات تمويل البث العام تترك سكان الريف الأمير
...
-
104 شهداء والاحتلال يتمادى باستهداف طالبي المساعدات في غزة
المزيد.....
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|