أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - مسار عبد المحسن راضي - تحليل الواقع السوري بعيداً عن شارب السويداء و ذقن دمشق















المزيد.....

تحليل الواقع السوري بعيداً عن شارب السويداء و ذقن دمشق


مسار عبد المحسن راضي
(Massar Abdelmohsen Rady)


الحوار المتمدن-العدد: 8407 - 2025 / 7 / 18 - 00:11
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


بعد مُضي أقلُّ من 72 ساعة تقريباً على خِطاب الرئيس التركي رجب أردوغان في الـ 12 من يوليو، اشتعلت محافظة السويداء السورية أمنياً. الإسرائيليون استخدموا الضربات الجوية ضد دمشق كردٍ بليغ. أمّا شيخ العقل الدرزي حكمت الهجري و المليشيات التي تحت إمرته فقد عمِلوا كساعي بريد لتوصيل الرد، على اعتبار أن تل ابيب حذَّرت في وقتٍ سابق و لعدَّة مرَّات بأن تواجد السلاح الرسمي للنظام السوري الجديد يعتبرُ خطاً أحمر لأمنها القومي.
حقيبة التفسيرات الأولية
استخدامُ مقص القومية العربية المصنوع من تفسير خِطاب أنقرة و ضربات تل ابيب، ضروري لتشذيب شارب السويداء و ذقن دمشق. التحليل الأولي لخِطاب أردوغان و بعيداً عن الاحتفاء بإلقاء حزب العمال الكردستاني لسلاحه، يذهب إلى إنَّهُ كان إعلاناً عن العودة إلى زمن الولايات العثمانية. أمّا الضربات الجوية الإسرائيلية فهي إشعار بالصوت و الصورة لأنقرة بأنها باتت تلعبُ بوزنٍ مماثل تقريباً للأخيرة في الجغرافيا السورية.
زميلي السوري باسل المحمد، أضاف أذربيجان إلى حقيبة تفسيري "تتزامن الضربات مع فشل أو تعثر قنوات التواصل غير المباشر بين إسرائيل والحكومة السورية الجديدة، والتي جرت مؤخراً في باكو". النتيجة التي خلص إليها المحمد لما قامت به تل ابيب "فرض وقائع ميدانية قبل أي تفاهم محتمل حول مستقبل الجنوب السوري".
هدفُ إسرائيل الأول الذي تُخفيه في شِباك السويداء هو إبعاد مرتفعات الجولان عن طاولة مفاوضاتها مع دمشق، بالتهديد بابتلاع المزيد من الجغرافيا السورية بواسطة الهجري. قوات قسد بدورها ستجِدُ في تقليص حضور دمشق في السويداء، فُرصة لتخفيف ضغوط التزامها بالاندماج في المؤسسات العسكرية و الأمنية الرسمية لسوريا.
مزايا سورية
الجغرافيا السورية تمتلكُ "القوة التعديلية". تعريفُها و باختصارٍ عملي بأنَّ من يحقِّقُ إنشاً من النفوذ على جغرافيتها سيمتلك أميالاً من النفوذ على جيرانها و بالتالي تغيير توازنات القوى في المنطقة. لهذا كانت دمشق في تاريخها الحديث على أقلِّ تقدير ساحة لـ "حربٍ عربية باردة" على حدِّ تعبير كيرتس رايان. حافظ الأسد الرئيس السوري الأسبق نجح في تجميع هذه القوَّة التعديلية، و توظيفها إقليمياً و دولياً.
الميزة الأخرى في جغرافيا سوريا بأنها وطنٌ لما سأصِفُها بـ "الأقليات المفيدة" ومن أهمها المكوِّنات الدرزية و الكردية الأصيلة. الأقليات المفيدة هي تلك التي تنتشر في المناطق الحدودية، و تكوَّن معرَّضة دائماً للاختبارات الجيواستراتيجية من قبل الدول العظمى، و من الدول الإقليمية الوازنة في فترات الفراغ السياسي للدول التي تنتشر فيها تلك الأقليات.
السوريون الأكراد توجدوا في جغرافيا سورية حساسة – شمال و شمال شرق - لأنقرة بشكلٍ أساس و التي عملت على تقييدهم سياسياً و عسكرياً خلال العقود الماضية بالتعاون مع دمشق. أمّا السوريون الدروز في السويداء فهم يقطنون في منطقة هُدنة إذا صحَّت اللفظة بين دمشق و تل ابيب، حيثُ حرِصت العاصمتين على عدم خسارتهم لبعضهما الآخر. ولا ننسى السوريين العلويين في غرب سوريا الذين كانوا لأكثر من خمسة عقود في أعلى هرم السُلطة، و أهمية مناطقهم في توازنات شرق المتوسط.
نحنُ هنا لسنا دائرة نفوسٍ مدنية توزِّعُ صكوك الانتماء الوطني على هذه المكوِّنات السورية فمن أصل 132 دولة في العالم لا توجد سوى 12 دولة متجانسة عرقياً، و حتى ذلك التجانس نسبي لا مُطلق. ما ذكرناهُ هنا يُريد استعراض الحيرة الأمنية و الجيوسياسية لدمشق مع أقليّاتها المُفيدة في تاريخها المُعاصر.
السلام الإبراهيمي و النظام الإقليمي
نلتفتُ هنا أيضاً إلى السلام الإبراهيمي الذي يستهدِفُ عموماً الأقليات النشطة سياسياً في المنطقة العربية باسم الأديان، كقلاع نفوذ مُسلَّحة ضد جميع الخصوم الجيواستراتيجيين. هذا السلام لا يعدو كونه سوى وصفٍ جذَّاب للنُسخة الأصلية من خُطط الحكومة الإسرائيليّة المعروفة بـ "رابطة القرى"؛ أي التفتيت و ربط المُجزَّأ بإسرائيل.
لا اتحدَّث هنا عن نُسخة ثانية من اتفاقية سايكس بيكو بخصوص الحدود في المنطقة. توم برّاك المبعوث الأمريكي إلى سوريا كان صادقاً في ذلك من ناحية الجغرافيا. ما لم يقلهُ برّاك بأنَّ هذه الاتفاقية ذات الطابع "الاستيطاني" بحسب وصف الفرنسي تييري دي مونتبريال، ستلجأ إلى إعادة ترسيم الحدود بالأقليات المُفيدة في المنطقة؛ أي لا حدود تتغيَّر و إنَّما تسفير الانتماءات من الوطن إلى تل ابيب.
واشنطن و تل ابيب ليست خارقتان لتتمكنا من فعل ذلك، ولا لأن تلك المكوِّنات الوطنية غافِلة. السبب هو أن العلاقات بين واشنطن و موسكو في عهدها السوفييتي تستند بحسب هانز جي. مورغنثاو إلى "الخط العسكري الفاصل الذي تم الاتفاق عليه في عام 1945، و الذي اعترف الفريقان بوقتيته" ذو العلاقة بالنظام الإقليمي. بعد سقوط الاتحاد السوفييتي أصبح هذا الخط ملكاً لواشنطن و بالتالي مزرعة لـ تل ابيب.
الأمريكيون براغماتيون و الإسرائيليون بائعون شاطرون. حرِصت تل ابيب دائماً على ابتداع نفسها كموظف للولايات المتحدة في المنطقة. بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمنطقة في مايو الماضي، و التي دشَّنت أهمية التحالفات الاقتصادية لواشنطن من بين أمورٍ أُخرى وردت في مقالي السابق "ربيع الرياض العربي جيواستراتيجي بامتياز"، شعرت إسرائيل بالرعب من الهوس الاقتصادي "Economic Mania" الأمريكي في القرن الحادي و العشرين، الشبيه بهوسها في عقد المعاهدات السياسية الـ "Pactomania" في خمسينيات القرن الماضي، على يد جون فوستر دالاس وزير خارجيتها آنذاك. تل ابيب منذ القرن السابق و حتى وقتنا الحالي تجتهد في اغتيال أيَّة فُرص حقيقية للتحالف المثمر بين العرب، واشنطن و بروكسل. السلام الإبراهيمي يعني اطلاق رصاصة سحرية على قلب هذه الفُرص.
الرئيس ترامب و بحسب أدائه السياسي وضع المنطقة العربية على "نظام الطيران الأوتوماتيكي" بحسب وصف الدبلوماسي البريطاني جوناثان كلارك، و الذي استخدمه قبل أكثر من ثلاثة عقود لإجمال سياسة بيل كلينتون الرئيس الأمريكي الأسبق في المنطقة.
الأنظمة العربية مُدركة للتحديات، لكنها و بسبب الصراع البيني بينها على النفوذ لم تُصمِّم لحد الآن نظاماً بديلاً عن السلام الإبراهيمي. أمّا إسرائيل فهي تُريد أيضاً إخفاء فلسطين تحت يافطة هذا السلام و استمرار الشخير الطائفي للعرب قبل أن يصحوا و يجدوا دولهم كيبوتسات إسرائيلية أو قواعد للجهاد الإنجيلي لتحرير مناطق الأقليات المفيدة في دولهم، و هذا قد حصل في العراق و سوريا بحجَّةِ دحر داعش؛ أي ليس خيالاً مفيداً لي لتدبيج الخاتمة.



#مسار_عبد_المحسن_راضي (هاشتاغ)       Massar_Abdelmohsen_Rady#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بايدن 2 الأوكراني و عراق 2025 قابل للاشتعال بحرب أهلية
- لقاء ترامب و بيبي يجلس على الخازوق الفرنسي
- كاميكازي -الدولمة- العراقية العميقة
- المالكي ملكاً: متلازمة الرقم واحد في قوائم بغداد الانتخابية
- الإفطار التنسيقي على مائدة الانتخابات القادمة
- نظام العراق السياسي يختبئ في دولاب القمة 34
- شهيق الحلبوسي زفير الخنجر: رئة عراقية و أوكسجين سوري
- دور الصحافة -المَهْجَريَّة- في رعاية البطريق الاستوائي
- عراق 18 ديسمبر.. ديجا فو مالكية و كونغ فو صدرية
- أكتوبر فلسطين في جولة حول العالم
- أحداث كركوك.. عين حزبية برموش إقليمية و مسكارا أمريكية
- أبو أمل: -الشيعيون- قادمون و العراقيون -الأشقاء- راحلون
- تفكيك الزيارة الألمانية للسوداني.. -المجهول- غربياً و -البسي ...
- فياغرا رينجرز
- مقتل ترول: إعدام ميداني و اغتيال استباقي
- ثورة -تشرين- ليست فرنسية
- إبراهيم رئيسي: قاسم سليماني من متحف 79
- الحرب الإعلامية الخفية في سوريا
- بهاراتيا جاناتا للعالم: لكم غاندي ولنا غودسي
- البيانات الضخمة: داعش رقمي لتأسيس دولة الخلافة الأمنية على ج ...


المزيد.....




- زيلينسكي يكشف عن مباحثات مع ترامب لعقد -صفقة ضخمة- تشمل طائر ...
- دبلوماسيون غربيون كانوا على مقربة من وزارة الدفاع السورية لح ...
- عشائر بدوية تشن هجوما بالسويداء واتهامات لمجموعات محلية بارت ...
- لماذا أصبح النوم عزيزا رغم توفر وسائل الراحة؟
- محللون: ما يجري بالمنطقة تفكير جنوني بطور التنفيذ وهذه خيارا ...
- محافظة السويداء.. معقل الموحدين الدروز في جنوب سوريا
- الرئاسة السورية: قطر والسعودية وتركيا أكدت للشرع دعم وحدة سو ...
- رئيس البرازيل لـCNN: ترامب -لم يُنتخب ليكون إمبراطور العالم- ...
- الولايات المتحدة: عارضنا الضربات الإسرائيلية في سوريا
- تنديد أممي بمقتل عشرات المدنيين في كردفان


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - مسار عبد المحسن راضي - تحليل الواقع السوري بعيداً عن شارب السويداء و ذقن دمشق