أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - السويداء مدينة منكوبة! و-حبل الدمار على الجرار- إن لم نتعظ!؟















المزيد.....

السويداء مدينة منكوبة! و-حبل الدمار على الجرار- إن لم نتعظ!؟


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8406 - 2025 / 7 / 17 - 22:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


السويداء مدينة منكوبة
و"حبل الدمار على الجرار" إن لم نتعظ!؟
بعد أن انتهت جولة القتل الأخيرة في السويداء، لم تتوقف آثارها. ثلاثة أيام من الاشتباكات الثقيلة تركت خلفها مدينة تتنفس عبر الثقوب. لم تكن الجبهات عسكرية بالمعنى الكلاسيكي، بل خطوط مواجهة غير متكافئة بين مدنيين مضطرين إلى الدفاع عن بيوتهم، وعناصر مسلحة موجهة بالقرار والذخيرة. إذ إنه منذ اللحظة التي استندت فيها السلطة المؤقتة إلى تشكيلات متشددة، اتضح أن المدن التي تحتفظ بتكوين اجتماعي لا يدخل ضمن المنظومة المفروضة ستكون الهدف. ما جرى في السويداء ليس استثناء، بل استمرار لمنهج بدأ منذ سنوات. إسكات المدن لا يتم عبر الحوار، بل عبر القوة، وفرض نمط ديني ضيق في بيئة لا تتقاطع معه أصلًا.
في السويداء، كل نقطة دم بريئة سالت، سواء من سكانها أو من أي ضحية مدنية أخرى، يجب أن تكون سببًا في أوجاع السوريين، لا مجالًا لصمت أولئك الذين اختاروا التنظير للإرهاب، ثم تفاجأوا بما حصل، وكأن العنف ينتقي ضحاياه وفق قناعة سياسية أو طائفية، ولا هؤلاء الذين صفقوا لإسرائيل حين كانت تقصف مواقع سورية في زمن الأسد، وباتت الآن تستنكر قصفها مواقع حساسة في المرحلة الجديدة، ولسنا مع أي اعتداء سافر ضد بلدنا، إلا أن مقومات الدولة يجب أن تتوافر. دولة لجميع السوريين، وماهو قائم الآن، وما يؤسس له ليس مشروع دولة البتة، بل مشروع تكية وثكنة باسم سوريا، وهوما يدفع إلى تداعي هذا البلد، وتفككه، ما يؤكد ضرورة العود إلى نقطة الصفر، أن تكون هناك سلطة تشاركية حقيقية، يعود فيها أصحاب اللحى إلى الجوامع والكنائس، ويمارسوا شعائرهم بحرية دون المس بهم أو بأحد إلا أن ترك الأسلحة في أيديهم فهي محاولات لتدمير هذا البلد العظيم، ناهيك عن أنه لابد من سماع الداخل لا الرضوخ لإملاءات الخارج: لاسيما تركيا- قطر اللتين أوصلتا البلد إلى هذ الواقع الأليم قبل أن تدخل جهات أخرى- على الخط- ويحاول كل منها تسيير أمورالسوريين على هواه وأيديولوجيته.

امدينة السويداء اليوم جريحة تحت حصار خانق لا يمكن توصيفه إلا بجريمة منظمة. الكهرباء معدومة، المياه ملوّثة أو مسمّمة، الأدوية مفقودة، المستشفيات شبه مشلولة، وإمدادات الغذاءغيرمتوافرة. تم قطع الحوالات المالية، وأُغلقت المنافذ، بينما تُدار المعابر المحيطة بالمدينة بمنطق العقاب الجماعي. درعا لم تعد نافذة، بل سجناً بعد أن أريد لها أن تكون مشروع مقبرة، لاسيما منذ أن فُرض عليها طوق أمني محكم. فقد تسرّبت وثائق تهديد من أسواق دمشق تُخوّن من يتعامل مع تجار السويداء. حتى تحويل الحليب للأطفال صار من عداد قائمة مستلزمات استكمال الحصار العام.
وسط هذه الظروف الأليمة، لم تظهر حتى الآن أية مبادرة رسمية لوقف النزيف. فلا يوجد إعلان طوارئ، لا لجنة أزمة، لا بيان مسؤول، بل صمت يكرّس الجريمة. إنما ما يُمكن، وما يجب، هو فتح ممر إنساني فوري. الأبواب السياسية مغلقة، لكن أبواب الإنقاذ يجب ألا تُغلق. من الضروري أن يُسمح لقوات سوريا الديمقراطية كجهة ثالثة بعيدة عن أدوات الحرب - بما تمتلكه من موارد لوجستية- بتسيير قوافل إغاثة غذائية وطبية إلى قلب المدينة المحاصَرة. ليس وقت الحسابات السياسية الآن، بل وقت حماية المدنيين.
تأسيسًا على ذلك، فإن أي محاولة لإخراج الناس من بيوتهم، تحت ذريعة الحرب أو الخطر، هي تهجير قسري مهما كان مسوغها. فلا يجوز إخراج أهل السويداء من بيوتهم، ولا دفع أبرياء البدو إلى مواجهات جانبية، ولا ترك مئة وخمسين ألفًا من سكان جرمانا وأشرفية صحنايا معلّقين في الفراغ، بلا طريق، ولا أمان. كل بيت يجب أن يبقى آمنًا لصاحبه، مهما تغيّرت خطوط السيطرة أو خرائط النزاع.
أما سلطة دمشق، فبات عليها أن تخرج – على الفور- زبعيداً عن بروتوكولات الاستعلاء والهيبة الخادعة، من دوامة الإنكار. لأن ما جرى في السويداء، وفي غيرها، لا يمكن الرد عليه بالوعيد المعلن أو المخفي أولا عبر بيانات الاستنكار المعتادة. المطلوب ليس خطابًا، بل مراجعة شاملة. ليس من أجل تثبيت الكرسي، بل من أجل تثبيت البلاد. الأولوية الآن ليست فيمن يجلس على المنصة، بل في من بقي واقفًا تحت سقف مهتز، أو أمام مستودع فارغ، أو في طابور رغيف لا ينتهي.
إنما من الحوادث التي اختزلت المشهد كله، ما حدث للفنان ربيع نبيل البعيني. لم يكن مقاتلًا، ولم يكن خصمًا، بل صعد إلى سطح بنايته ليقدّم وجبة طعام لعناصر تمركزت هناك. لم يَطْرد، لم يُهِن، لم يَشْتُم. فقط حمل الطعام، وصعد. بعد دقائق، أُطلق عليه الرصاص، وسقط ميتًا فوق سطحه. لم ينجُ حتى كلبه. ليست القصة عن رجل قتل، بل عن مناخ لا يحمي حتى من يتعامل بحدٍّ أدنى من الإنسانية. السلاح في هذه البلاد لم يعد يفرّق بين خطر ومبادرة، بين خصم وحياد.
من هنا، فإنه لا مجال بعد الآن لأي تسويغ. لا يمكن اعتبار ما جرى "مجرد أحداث" أو "تطورات ميدانية". إنها كارثة بشريّة، لا تنتهي بإعلان وقف إطلاق نار، بل تبدأ بمحاسبة من فجّر، ومَن سلّح، ومَن حرّض، ومَن صمت. فليس هناك طرف محايد حين يُقتل مدني على سطح بيته بعد أن قدّم الطعام لغيره.
وأخيراً فإنه لابد من التذكير أن سوريا لا تحتاج إلى جبهات جديدة، بعد كل هذا النزيف والاستنزاف، بل إلى إعادة تأسيس كاملة. النظام أي نظام كان في أية بقعة من العالم عندما يستعين بالمليشيات ويُطلق يد المتشددين فهو لا يبني دولة، بل يحفر حفرة أوسع تحت أقدام جميع مواطني بلده. بل يؤسس لمستنقع دموي. السلطة التي ترى في التنوع خطرًا، وفي الكرامة الشعبية تمردًا، ليست سلطة وطنية، بل جهاز ضبط مشروط.
البلاد ليست خرائط عسكرية، ولا مشاريع لجان، بل بشر ينتظرون شرط الكرامة ووسائل الحياة: المسكن والملبس والماء والطعام والكهرباء، ويبحثون عن الدواء، ويقفون أمام خزانات مياه قد تكون قاتلة. سوريا لا تُبنى بإعلانات النصر، بل بإغلاق أبواب الحرب، وفتح أبواب التفاهم. إن لم يتم تغيير الآليات، وإعادة ضبط كل الحسابات، فكل ما تبقّى ليس إلا مشهدًا متكررًا، بثمن أعلى، وعدد قتلى أكبر، ومستقبل أقصر. إنها رسالة أوجهها بكل ألم وحب!



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب على الدروز- سباق للتفوق على جرائم الأسد
- الشيخ الدرزي الذي قتل مرتين حلاقة الشاربين تمهيداً لإبادة طا ...
- لا حياد لأصيل أمام الظلم ضد المتجبر حتى لو كنت أنا
- حرب الإبادة على الدروز: السويداء كنطع وعنوان لتكرار فصول الم ...
- محرقة البنادق وروح جبال الكرد: لا ضير أن نتابع الميثاق- طائع ...
- محرقة البنادق وروح جبال الكرد: لاضير أن نتابع الميثاق- طائعي ...
- شاعر جميل على سرير الشفاء حسان عزت كما عرفناه وكما ننتظره
- طبول الحرب على الكرد. قرابين بريئة على مذبح سلام موهوم!
- سقوط مشروع باراك وفضيحة الصمت الدولي المناطق الكردية من التف ...
- -ملأكة- الشيطان وشيطنة الملائكة
- لماذا لم يؤسس صلاح الدين دولة كردستان؟ التاريخ المغيَّب، وفا ...
- لماذا لم يؤسس صلاح الدين دولة كردستان؟ التاريخ المغيَّب، وفا ...
- مكر بعض ال- نخب- من السوريين: حين يصبح الاعتدال ستارًا لطمس ...
- الشيخ سعيد بيران في مئوية ثورته وإعدامه: مقاربة لدحض الرواية ...
- السجن السياسي تاجٌ ودافعٌ للحفاظ على كرامة الذات والآخر لا ج ...
- عشر سنوات على قرار ميركل: إنقاذ حياء وجه العالم وسوريا في ال ...
- عمن لم يبدلوا جلودهم: شهادة على زيف أبوة الثورة لدى بعضهم
- عودة فلول الإرهاب إلى البلد الخراب
- المسيح الذي صلب في الدويلعة!
- -طفل إبسن- في بلاد اللحى: من قال لا؟


المزيد.....




- فيديو متداول لحشود -عشائر سوريا- بطريقها إلى السويداء.. ما ح ...
- هل يُحوّل نظام الطائرات المسيّرة الأوكرانية الحرب إلى -لعبة- ...
- تقرير يكشف: إسرائيل تسعى للحصول على دعم أميركي لنقل فلسطينيي ...
- إحدى -أقسى عقوبات- أوروبا: خفض سقف سعر النفط الروسي
- ما دلالة تحريم شرب القهوة في أعراف العشائر السورية؟
- حماس تتهم إسرائيل بعرقلة جهود التوصل لوقف إطلاق النار في غزة ...
- هل تخدم تحركات العشائر مساعي الحكومة لفرض سيطرتها على السويد ...
- الضحك قد ينقذ حياتك.. لماذا نميل للمزاح في الأوقات الصعبة؟
- لندن توقف مخططا لنقل الأفغان إليها وتترك آلاف المتعاونين لمص ...
- عاجل | الرئاسة السورية: ننطلق في موقفنا من أحداث الجنوب السو ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - السويداء مدينة منكوبة! و-حبل الدمار على الجرار- إن لم نتعظ!؟