احمد جمعة
روائي
(A.juma)
الحوار المتمدن-العدد: 8406 - 2025 / 7 / 17 - 13:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يستمتع غالبية العرب من حكام وشعوب برؤية كل ما يتعارض مع عقائدهم أو يتنافى ودينهم وتقاليدهم دون الدخول في صلب هذه العقائد، برؤية الآخر يتعذب ويُذل ويهان ويُقتل ويُسحل وذروة ردة فعلهم في هذه الحالات هو اللوذ بالصمت والتفرُّج، أما ما ينسجم ويتوافق مع عقائدهم وتقاليدهم، فحتى لو مستهُ شعره تملأ الكون بيانات الاستنكار وتدفُّق المساعدات والدعوات الدينية وعقد المؤتمرات، شعوب وحكام هذا ناموسهم إلا فيما ندر وعن خجل.
لو استعرضت تاريخ سحيق منذ 1400 سنة حتى اليوم، لم يتغيّر شيء في هذا الناموس إلا في الشكل وهذا أمر يثير الغرابة من جهة ولكن سرعان ما يزول الاستغراب بمجرّد قراءة تاريخ الموروث الذي يتخندق وراء هذه الظاهرة التاريخية التي تعكس لوحة فسيفسائية من العقائد المتعارضة والتقاليد المكرسة لما قبل الانتفاضة التوعوية التي مرت على الأمم العريقة ذات الحضارات الضاربة جذروها في التاريخ الإنساني. أظن أننا حملنا هذه الوزر عن جدارة من سكان الصحاري البداوة والرحل، ثم جاء الدين وبدلاً من ترويضهم وتلميعهم زادهم وحشية ظلّت تتنامى في إطار العقائد والمذاهب ولم يلينها شيء بل زادها كراهية مع الآخر الذي تولد هذا الشعور من رغبة وحشية في رؤية الجميع على نهج واحد وبالتالي غضّ الطرف عن الآخر ممن تتعارض عقائده ومن هنا نشأ وترعرع الانحياز الكلي للطرف الذي ينتمي للعرب ومسلمين مع استثناء بالطبع فلكل قاعدة شواذ.
يمكن رؤية هذه اللوحة اليوم متجليّة بكل وضوح وفجاجة في الموقف مع ما جرى في 7 أكتوبر وفي حرب نظام الأسد على شعبة في مجزرة البراميل النارية، وفي إبادة الأكراد والدروز وغيرهم من القوميات التي تنتمي للعالم العربي ذاتهُ وكيف تم تجاهل هذه المذابح في حق الأقليات من الديانات الأخرى مقابل مجاملة من يوالينا في العقائد والمذاهب حتى لو كان ظالمًا ومجرمًا وهذا ما رأيناه في الموقف الصامت المخزي تجاه نظام الجولاني الارهابي في سوريا الذي تسعى ميلشياته التي لا علاقة لها بنظام الدولة الحديثة لإبادة الأقليات ليستفرد بالسلطة وسط صمت وتفرُّج الكرتين العربية والإسلامية، اللتين لو مسّت شعرة لجهةٍ عقائدية لقامت الدنيا وانقلبت.
تُرى هل بلغ الأمر أخيرًا درجة العمّى حتى لا نرى العالم تغيّر والشرق الأوسط يوشك أن ينفجر عن خرائط جديدة وما زلنا في دائرة العمّى.
#احمد_جمعة (هاشتاغ)
A.juma#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟