أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - «المومياء الخلافية»: حين تتحوّل الذاكرة التاريخية إلى ساحة صراع أيديولوجي














المزيد.....

«المومياء الخلافية»: حين تتحوّل الذاكرة التاريخية إلى ساحة صراع أيديولوجي


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8402 - 2025 / 7 / 13 - 12:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

في 11 يوليو 2025، نشر موقع «مير نوفوستيه» الروسي مقالًا بعنوان «المومياء الخلافية» للصحفية ليديا ميزينا، سلّط الضوء على الجدل المتصاعد حول فيلم وثائقي بثّته قناة «سباس» الدينية، بعنوان «المومياء»، والذي تناول شخصية فلاديمير لينين وقضية تحنيطه وموقع ضريحه في الساحة الحمراء بموسكو.
أثار هذا الفيلم موجة من الإنتقادات والإتهامات بلغت حد الحديث عن تدخل إستخباراتي خارجي.


أولاً: مضمون الفيلم وأسلوب عرضه

بحسب وصف القناة المنتجة، يقدم الفيلم نفسه على أنه «أول عمل وثائقي عن تاريخ الضريح وأصوله الغامضة»، و«يكشف عن تقنية التحنيط ومعناها»، ويعيد طرح السؤال حول الدفن المؤجل لجسد لينين، ويذكّر بالنقاش المجتمعي حول إرثه السياسي وموقع الضريح.

لكنّ ما أثار العاصفة، لم يكن فقط الموضوع، بل التناول نفسه؛ فالعمل إستخدم عنوانًا مستفزًا «المومياء»، مما إعتبره كثيرون مهينًا، وخصوصًا في نظر من يقدّرون الرمزية السوفياتية التاريخية، حتى وإن لم يكونوا شيوعيين. كما ربط الفيلم بين الضريح والممارسات الماسونية والطقوس الدينية القديمة، ما أعتُبر نوعًا من الإفتعال المبالغ فيه والإسقاطات اللاعلمية.

ثانيًا: إنتقادات النخب السياسية والدينية

1. اليسار الروسي يردّ

كان الحزب الشيوعي في منطقة ساراتوف من أوائل من وجهوا إنتقادًا رسميًا إلى رئيس الجمهورية ورئيس الكنيسة، وإعتبروا الفيلم "هجومًا على تاريخ الدولة"، يهدد "أسس الهوية الوطنية الروسية"، ويعمل "ضد مبدأ التماسك المجتمعي".

2. مواقف رجال الدين: موقف غير متوقع

رغم الطابع الديني للقناة المنتجة، فإن شخصيات دينية بارزة وقفت ضد الفيلم. فقد قال القس فلاديمير فاسيليك: «لست من محبي لينين، لكن بينما كنت أشاهد الفيلم، لم تغادر رأسي عبارة من الكتاب المقدس: "سُخْفُ السُخْفِ! الكلّ سُخْف!"… وسؤال التلاميذ ليسوع: من أخطأ، هذا أم والداه، حتى وُلد أعمى؟ أتساءل: ما الذي فعله صنّاع الفيلم أو آباؤهم ليستحقوا هذه العمى الروحي؟».

في هذا التصريح، نلمس ما يشبه إدانة روحية أخلاقية لصنّاع الفيلم، إنطلاقًا من موقع ديني محافظ لكنه حريص على عدم تمزيق النسيج المجتمعي.

3. مؤرخون: إفتراء وفقدان للمهنية

المؤرخ المعروف يفغيني سبِيتسين وصف الفيلم بـ«المنحط» و«المدمّر»، قائلاً: «إنه فيلم مليء بالأكاذيب والإفتراءات الموجهة إلى لينين. وراءه رغبة مستمرة في الترويج لفكرة إعادة دفنه بأي ثمن، دون خجل أو مهنية».

وأضاف أن قناة «سباس» أصبحت منبرًا لـإثارة الفتن المجتمعية في لحظة خطيرة على إستقرار روسيا.

ثالثًا: الإتهام الأخطر... «مهمة إستخبارية بريطانية»؟

السياسي والمحلل دميتري روديه ذهب إلى أبعد من ذلك، مدّعيًا أن الفيلم هو «عملية سياسية» نفّذت بأوامر من الإستخبارات البريطانية. يقول: «الأوليغارشي الروسي الذي موّل الفيلم تلقى تعليمات من لندن، هدفها زرع الإنقسام داخل روسيا، بين مؤيدي بقاء ضريح لينين ومعارضيه. جزء من ثروته في مصارف بريطانية، وعائلته تعيش هناك».

رغم غرابة الإتهام، فإنه يعكس درجة عالية من الريبة والشك داخل النخب الروسية تجاه أي تحرك يمس الرموز التاريخية للمرحلة السوفياتية.

رابعًا: رأي الخبراء الإعلاميين

أما الأكاديمي إيغور ياكوفليف، المتخصص في «الصحافة التاريخية»، فإنتقد الفيلم من زاوية مهنية، وقال: «هذا الفيلم رديء بمقاييس العمل الصحفي. يشوّه إقتباسات لينين، لا يلتزم بالتحقق من الحقائق (fact-checking)، ويعرض نظرية تآمرية عن الماسونية والمقدسات على أنها حقائق تاريخية. لا توجد تعددية في الآراء، بل رأي واحد مهيمن».

خامسًا: لماذا أثار الفيلم كل هذا الجدل؟

رغم هشاشة مضمونه، يبدو أن الفيلم لامس جُرحًا روسيًا مفتوحًا: علاقة الدولة الحديثة بإرثها السوفياتي. فإعادة طرح ملف ضريح لينين، بالتزامن مع الإعلان عن إغلاقه المؤقت لمدة سنتين لإعادة الترميم، جاء في توقيت مشحون، وحوّل النقاش حول الضريح من مسألة «صيانة» إلى صدام أيديولوجي.

كما أن الفيلم يعيد إنتاج خطاب «التشييء» والتجريد من القدسية لشخصية لينين، وهو ما أثار حفيظة من يرون في هذا تهديدًا للذاكرة الجماعية الروسية، حتى وإن كانوا على خلاف فكري مع الشيوعية.

خاتمة: هل كان يجب طرح الموضوع أصلاً؟

تختم الكاتبة الروسية ليديا ميزينا مقالها بسؤال جوهري: «قد يكون إختيار نقطة الألم هذه مقصودًا، لكن... هل كان يجب لمسها أصلاً؟»

إنها إشارة إلى أن حرية التعبير في القضايا التاريخية، خصوصًا تلك المرتبطة بالهوية والرموز الوطنية، ينبغي أن توازن بين الجرأة الصحفية والمسؤولية الإجتماعية.


ملاحظات وهوامش:

-الفيلم تم عرضه في وقت حرج سياسيًا، حيث تعيش روسيا تحولات داخلية ومواجهة خارجية، ما جعل أي عمل يُنظر إليه من منظور «الحرب النفسية».

-التحالف غير المتوقع بين الشيوعيين وبعض رجال الدين يشي بإمكانية تقاطع المصالح الوطنية على أساس مشترك: الحفاظ على السلم الأهلي والرموز الوطنية.

-لم يصدر حتى الآن أي رد رسمي من «قناة سباس» أو مخرجي الفيلم على هذه الإنتقادات.

-لا توجد معلومات مؤكدة حول هوية الممول الحقيقي للفيلم، مما يفتح المجال أمام إتهام «المخابرات البريطانية» بالوقوف خلف إنتاج الفيلم.
---



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 645 – -إيران لن تسقط: مناشدة نووية وملاحم صوفية ...
- ألكسندر دوغين - باكس أوروبا - مسيرة النازيين الليبراليين
- طوفان الأقصى 644 - «السلام المؤجل» أم «الحرب الثانية»؟ زيارة ...
- ألكسندر دوغين – حزب أمريكا – النموذج الجديد
- طوفان الأقصى 643 - موساد في عباءة اللاجئ: كيف تحوّلت أفغانست ...
- ألكسندر دوغين - بدون النظرية السياسية الرابعة، لن يكون هناك ...
- طوفان الأقصى 642 – ترامب و«نوبل للسلام»: السخرية السياسية في ...
- أذربيجان بين المطرقة الروسية والسندان الإيراني - قراءة في تص ...
- طوفان الأقصى 641 - الجولة الأولى من حرب إيران – إسرائيل برعا ...
- ألكسندر دوغين - بدون النظرية السياسية الرابعة، لن يكون هناك ...
- طوفان الأقصى 640 - الأمم المتحدة في عامها الثمانين: أزمة الش ...
- ألكسندر دوغين - أساليب جديدة لخوض الحرب
- طوفان الأقصى 639 - نتنياهو كيكيمورا - حين تتحوّل السياسة إلى ...
- ألكسندر دوغين - روسيا بحاجة ماسة اليوم إلى وضوح فلسفي
- طوفان الأقصى 638 – إيران تضرب العمق الإسرائيلي – عصر الحرب ا ...
- ألكسندر دوغين يكشف جوهر ما يحدث - -ترامب بدأ يتراجع-
- طوفان الأقصى 637 – إسرائيل، إيران، يلوستون، والنووي: من الشر ...
- تجريم فلسطين أكشن Palestine Action إنقلاب على الديمقراطية في ...
- طوفان الأقصى 636 – الحرب ضد إيران كضربة للمبادرة الصينية -ال ...
- ألكسندر دوغين - شي جين بينغ يتجاهل بريكس


المزيد.....




- ترامب يقرر إرسال صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا
- مقتل العشرات في اشتباكات مسلّحة جنوب سوريا
- وفاة محمد بخاري رئيس نيجيريا السابق عن 82 عاما بعد مسيرة حكم ...
- سوريا: اشتباكات دامية بين الدروز والبدو في السويداء تسفر عن ...
- قتلى وجرحى خلال اشتباكات طائفية في السويداء، فماذا يحدث في ا ...
- ماكرون يقرر زيادة الإنفاق الدفاعي بـ4 مليارات دولار في 2026 ...
- عباس: حماس لن تحكم غزة والحل الوحيد تمكين الدولة الفلسطينية ...
- مورسيا : مدينة يقطنها مهاجرون من شمال أفريقيا تهتز على وقع ا ...
- ماكرون يعلن عن خطة لتسريع الإنفاق العسكري في فرنسا
- تحطم طائرة في مطار ساوثند شرقي لندن وإغلاق المطار حتى إشعار ...


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - «المومياء الخلافية»: حين تتحوّل الذاكرة التاريخية إلى ساحة صراع أيديولوجي