أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد حسب الرسول الطيب - 3. خطاب الكراهية ضد النساء: الجندر كساحة للصراع الطبقي في السودان














المزيد.....

3. خطاب الكراهية ضد النساء: الجندر كساحة للصراع الطبقي في السودان


عماد حسب الرسول الطيب
(Imad H. El Tayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 8391 - 2025 / 7 / 2 - 09:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في بنية الكراهية التي تُنتجها السلطة الطبقية في السودان، لا تقع النساء على الهامش، بل في القلب تمامًا. فالجسد الأنثوي ليس فقط محل تحكم اجتماعي، بل ساحة فعل سياسي يُمارس عبره القمع الطبقي، والجنسي، والرمزي. حين تخرج المرأة إلى الشارع، لا تواجه فقط عنف الدولة، بل عنف البنية كلها: من العائلة إلى الإعلام إلى المؤسسة الدينية.

خلال الثورة، تحوّلت النساء إلى أيقونات للصمود، مما استدعى من السلطة – وأذرعها الثقافية – استنفارًا قمعيًا مضاعفًا. تم نزع شرعية حضورهن عبر وصفهن بـ“العاهرات”، “العميلات”، “الكاسيات العاريات” و"بنات المنظمات"، وهي مفردات لا تعبّر عن أخلاق، بل عن رُهاب سلطوي من الجسد الذي يرفض الطاعة. وكما كتبت أنجيلا ديفيس: “المرأة المتمردة تهزُّ البنية كلها، لأنها تنزع الشرعية عن الهيمنة في بيتها قبل أن تنزعها في الدولة.”

الاستهداف لم يكن رمزيًا فقط، فقد وثّقت منظمات حقوقية سودانية ودولية العشرات من حالات الاغتصاب والانتهاكات الجنسية ضد النساء في سياقات الاحتجاج، الحرب، والنزوح. لكن هذه الجرائم لم تُفصل عن خطاب الكراهية، بل تم التمهيد لها بخطاب تحقيري، وتجريد من الإنسانية، ومقارنة المرأة بالحيوان أو العدو أو مصدر الفتنة. إنها كراهية تمهد الطريق للعنف. وهنا يتقاطع الجندر مع الطبقة، حيث تُستهدف النساء الفقيرات بشكل أعنف، وخصوصًا في مناطق النزاع، كما في دارفور، الخرطوم، وأطراف الأبيض.

من رواندا إلى البوسنة، أثبت التاريخ أن العنف الجنسي الجماعي لا يُمارس خارج الخطاب، بل يُحضَّر له خطابيًا عبر تجريد النساء من إنسانيتهن. كما كتب فرانز فانون: “حين يُراد سحق شعب، يُنتهك جسد نسائه أولًا.” كذلك فعلت الدعاية الصربية قبل مذبحة سريبرينيتسا، حين صوّرت النساء المسلمات على أنهن أدوات تدمير ثقافي ينبغي تدنيسهن. وفي حرب رواندا، كان يُقال عن نساء التوتسي إنهن ساحرات ومثيرات للشهوة، تمهيدًا لاغتصاب الآلاف منهن.

خطاب الإعلام السوداني، وفتاوى بعض الدعاة، وتعليقات السوشال ميديا، لم تكن مجرد آراء فردية، بل أدوات منظّمة في ماكينة الكراهية، هدفت إلى تقويض مشروعية المرأة في المجال العام. حتى من داخل بعض التيارات الثورية، ظهرت نزعات جندرية محافظة أعادت إنتاج وصاية الذكور على النساء، بحجة “الحفاظ على صورة الثورة”. هكذا، تتجلى الكراهية حتى في قلب الفعل التحرري.

النساء لا يواجهن فقط العدو الطبقي، بل أيضًا الحليف الذكوري غير المتحرر. المرأة الريفية التي تُمنع من التعليم، العاملة التي تُمنع من التنظيم، الثائرة التي تُمنع من الخطابة، كلهن يواجهن سلطة مركّبة من القمع الطبقي والذكوري. وكما أكدت كلارا زيتكن، فإن “تحرر الطبقة العاملة لا يمكن فصله عن تحرر النساء، لأن السلطة التي تقهرهما واحدة.”

لكن النساء أيضًا هنّ من أعاد تعريف النضال. من لجان المقاومة، إلى الفرق الصحية، إلى الأمهات في المعتقلات، إلى النازحات اللواتي أنشأن مطابخ جماعية وملاجئ، شكّلت النساء بنية موازية للنجاة والمقاومة. تضامنهن لم يكن خطابًا، بل ممارسة يومية أعادت تعريف الوطن كمكان حماية، لا قمع. في بعض الأحياء، كانت اللجان النسائية هي من يدير المخابز، يوزع الخبز، ينظم نقاط الإسعاف، ويقود التظاهرات.

هكذا يصبح الجندر، ليس ملحقًا بالصراع الطبقي، بل أحد أشكاله المركزية. فالسيطرة على النساء ليست فقط مسألة أخلاقية، بل سياسية طبقية، تتجلى في خطاب الكراهية الذي ينتج صورًا نمطية تمهّد للعنف، وتُشرعن التمييز، وتخدم بقاء النظام الأبوي المتحالف مع السلطة الرأسمالية. وكما كتبت روزا لوكسمبورغ: “من يقف على أرض الثورة لا يمكنه أن يساوم على حرية أي إنسان، وخاصة المرأة، فهي أول من يسقط حين تُهادن الثورة السلطة.”

حين يُعاد تعريف الجندر كمسألة طبقية، تتضح الكراهية كسلاح سياسي منظم، لا انفعال أخلاقي. ولذا، فإن أي ثورة لا تضع قضايا النساء في مركز برنامجها، هي ثورة ناقصة. فالجسد الذي يتعرض للكراهية هو ذاته الذي يخلق الحياة، والمجتمع الذي يقهر النساء لا يمكنه أن يتحرر.

"إن قضية المرأة ليست قضية نساء ضد رجال، بل قضية طبقات ضد سلطة تُعيد إنتاج القمع في البيت كما في المصنع."

النضال مستمر،،



#عماد_حسب_الرسول_الطيب (هاشتاغ)       Imad_H._El_Tayeb#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 2. لجان المقاومة وتفكيك الكراهية: من الوعي الشعبي إلى الفعل ...
- تفكيك ٱلة الكراهية: المهمة الثورية للوعي الطبقي
- لا ثورة بلا قطيعة، ولا يسار بلا عدو طبقي
- القذيفة لا تُنهي الدرس
- 30 يونيو: لحظة الوعي الطبقي وحدود الثورة في السودان
- وعي طبقي في جسد طفلة
- عنف بلا حدود، مقاومة بلا تنازلات
- الفن في مواجهة اغتراب الرأسمالية: صرخة الجمال ضد قبح الاستغل ...
- التعاونيات في السودان: بذور الاشتراكية في مواجهة الرأسمالية ...
- الوعي الطبقي والجهل المُنَظَّم في الصراع السوداني: تحليل مار ...


المزيد.....




- قطاع غزة يمتحن مجددا الضميرَ الإنساني ومنظومة المجتمع الدولي ...
- أمطار غزيرة في كوريا الجنوبية تخلف 17 قتيلاً على الأقل و11 م ...
- رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: تزايد فرص اتفاق بشأن الرهائن
- ترامب يهدد بوتين.. ماذا حدث بينهما؟
- 92 شهيدا من طالبي المساعدات معظمهم عند معبر زيكيم شمالي قطاع ...
- نذر تغير في ثوابت التعاطف والانسجام بين أميركا وإسرائيل
- إيران: استئناف المفاوضات النووية مع الترويكا الأوروبية الأسب ...
- أوسيك يستعيد لقب الوزن الثقيل بفوز ساحق على دوبوا في ويمبلي ...
- ألمانيا تحيي الذكرى الـ81 لمحاولة اغتيال هتلر والانقلاب الفا ...
- الصين.. إجلاء مئات الأشخاص في هونغ كونغ إثر إعصار -ويفا- وسط ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد حسب الرسول الطيب - 3. خطاب الكراهية ضد النساء: الجندر كساحة للصراع الطبقي في السودان