أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد حسب الرسول الطيب - الوعي الطبقي والجهل المُنَظَّم في الصراع السوداني: تحليل ماركسي للهيمنة والمقاومة














المزيد.....

الوعي الطبقي والجهل المُنَظَّم في الصراع السوداني: تحليل ماركسي للهيمنة والمقاومة


عماد حسب الرسول الطيب
(Imad H. El Tayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 8386 - 2025 / 6 / 27 - 21:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في خضم الحرب الأهلية السودانية، لا يمكن فهم ديناميكيات الصراع بعيداً عن التحليل المادي التاريخي الذي يربط بين البنى التحتية الاقتصادية والصراع على الهيمنة. فكما أشار ماركس في "الإيديولوجيا الألمانية"، تتحول أفكار الطبقة الحاكمة إلى أفكار سائدة في كل العصور، وهذا ما يفسر تحول الجهل إلى أداة نظامية في يد التحالف العسكري-الرأسمالي الذي يسيطر على 70% من ثروة البلاد بينما لا يحوز 1% من السكان سوى 30% منها، وفق بيانات البنك الدولي.

لقد تم توظيف الجهل كآلية للهيمنة الطبقية عبر منظومة متكاملة. ففي مجال التعليم، تحول النظام التعليمي إلى خط إنتاج للوعي الزائف (كما وصفه جورج لوكاتش)، حيث انخفضت ميزانيته من 20% عام 1970 إلى 3% اليوم، في مقابل ارتفاع الإنفاق الأمني إلى 40% من الموازنة. وهذا ليس سوى تجسيداً لقول غرامشي عن الهيمنة الثقافية كأداة لحفظ النظام الطبقي. أما اقتصاد الحرب، الذي تمول منه المليشيات بنسبة 82% من خلال نهب الموارد (خاصة الذهب الذي تبلغ قيمته 1.2 مليار دولار سنوياً)، فيمثل شكلاً معاصراً من "التراكم البدائي بالنهب" الذي تحدث عنه ماركس في "رأس المال".

لكن المقاومة الواعية تبرز من قلب هذه التناقضات. فالمعلمون الذين أضربوا عن العمل عام 2022 (وعددهم 15 ألف معلم) يمثلون بروليتاريا ثقافية تقاوم شروط استغلالها. والعمال غير الرسميون الذين يشكلون 68% من القوى العاملة (بحسب منظمة العمل الدولية) يطورون أشكالاً تلقائية من التنظيم في مواجهة التهميش. أما النساء اللاتي يقودن 73% من مبادرات الإغاثة، فيخلقن نماذج تنظيمية ما قبل نقابية تذكرنا بأشكال التضامن العمالي الأولية.

وفي الإطار العالمي، تعيد القوى الإمبريالية إنتاج علاقات التبعية عبر استثمارات الإمارات (3.4 مليار دولار) واتفاقيات روسيا لنهب الذهب، بينما تذهب 60% من الإنفاق الحكومي للقطاع الأمني مقابل 4% فقط للصحة، في تأكيد لنظرية هيلفردينغ عن "رأس المال المالي" وسيطرته على الدولة.

في مواجهة هذا الواقع، تبرز الحاجة إلى برنامج ثوري معاصر يستلهم الدروس التاريخية ويطورها. فبناء "جبهة معلمي الثورة" يمكن أن يشكل نواة لنقابة تعليمية ثورية، بينما يمكن تحويل مبادرات الإغاثة إلى تعاونيات إنتاجية على غرار السوفيتات الأولى. كما أن تأسيس "لجان مقاومة حضرية" مستوحاة من كومونات باريس قد يوفر إطاراً تنظيمياً مرناً. أما توثيق جرائم رأس المال المحلي والعالمي عبر منصات ماركسية دولية، فيكشف زيف "الحياد" الإمبريالي.

وكما أشار لينين في "ما العمل؟"، فإن الانتقال من الوعي التلقائي إلى الوعي الثوري يتطلب حزباً طليعياً. اليوم في السودان، تفرض الممارسة الثورية للجماهير إعادة اختراع أشكال التنظيم في مواجهة شروط الرأسمالية المعولمة. فالصراع ضد الجهل المنظم هو في جوهره صراع ضد شروط الإنتاج الرأسمالي التي تنتج وتعيد إنتاج هذا الجهل كأداة للهيمنة.

المعرفة وحدها لا تكفي ولا تغير ما لم تتحول إلى تنظيم وإلى أدوات عملية واستراتيجيات واضحة. ورغم كل التحديات، يستمر الوعي في اختراق جدار اليأس، إذ أن الصراع في السودان ليس فقط حول من يملك السلاح، بل حول من يملك القدرة على إنتاج الحقيقة وابتكار الحياة رغم الموت. الوعي ليس شعاراً بل خطة بقاء، وليس موقفاً أخلاقياً فقط بل مشروع إنقاذ جماعي. وفي زمن تسود فيه الأوهام ويشترى الولاء بالمال والسلاح، يصبح وعيُك اليومي - سواءً بالكلمة أو الفعل - رصاصةً في جسد الحرب، ولبنةً في بناء السلام.



#عماد_حسب_الرسول_الطيب (هاشتاغ)       Imad_H._El_Tayeb#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مكتب نتنياهو يصدر بيانا بشأن استلام جثة رهينة.. و-حماس- تعلق ...
- ترامب لزيلينسكي: حان الوقت لإبرام اتفاق ينهي الحرب مع روسيا ...
- -مسار الأحداث- يناقش صراع الإرادات بعد وقف إطلاق النار بغزة ...
- محللون: صراع الإرادات السياسية يهدد المرحلة الثانية من اتفاق ...
- إيران: قيود مجلس الأمن ستلغى غدا وحقوقنا السيادية غير قابلة ...
- كينيا من دون رايلا أودينغا.. من يرث كتلة أصوات لملايين الناخ ...
- إسرائيل تتسلم رفات رهينة من الصليب الأحمر في غزة
- فضيحة إبستين تلاحقه مجددا..الأمير أندرو يتخلى عن لقبه الملكي ...
- تصاعد التوتر بعد انتهاء الهدنة.. طالبان تتهم باكستان باستئنا ...
- عاجل| الجيش الإسرائيلي: الصليب الأحمر تسلم جثمان أحد المختطف ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد حسب الرسول الطيب - الوعي الطبقي والجهل المُنَظَّم في الصراع السوداني: تحليل ماركسي للهيمنة والمقاومة