مختفي 2005(مايكل هاينكه): مخرج الأقليات المضطهدة

بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 8383 - 2025 / 6 / 24 - 02:54
المحور: الادب والفن
    

مختفي 2005(مايكل هاينكه): مخرج الأقليات المضطهدة
هل من الممكن القول أن هاينكه هو مخرج الأقليات المضطهدة؟
لنلاحظ بأن هذه باتت ثيمة أساسية في افلام هاينكه بعد ثلاثية برود العواطف
هناك حوار بين رجل وإمرأة لا نراهما على الشاشة،ولاحقا سنعرف أن هناك تهديد من نوع مختلف يلاحق هذه العائلة في هذه اللحظات زمن الفيلم 2005.
جورجي لورنت مقدم البرامج الإجتماعية الشهير-دانيال أوتيلي-يستلم صورا مرسومة باسكتشات طفولية لوجه طفل يخرج من فمه الدماء،ومن هنا علينا أن نعرف،وعلى جورجي أيضا ان يعرف،أن الصور التي يستلمها موضوع التهديد هي شيء يحفر في الماضي العميق،في الماضي الداخلي المسكوت عنه،المجوب،المختفي،القابع في اللاوعي،أو دعونا نقول المندمل في اللاوعي.
نحن نعرف أن مايكل هاينكه مخرج تشاؤمي عنيف،هناك لقطات سابقة في أفلامه تتعلق بالحيوانات،خاصة مشهد ذبح الخنزير في فيلم (فيديوهات بيني)،ومشهد ذبح الحصان في الفيلم السابق(زمن الذئب)،ولكن من ناحية السرد فهو هادئ يدخل إلى حبكاته بكل إتزان وهدوء،وفي نفس الوقت تستغرق حبكاته وقتا مركزة على نفس الموضوع.
فالأحداث في افلامه تدو قليلة جدا،ومن الممكن أن نلقبه أيضا بمخرج الحدث الواحد.
لاحقا يصل جورجي شريط فيديو عن المنزل الذي تربى فيه في الماضي.
من الواضح ان هذه الجريمة تحفر بالذكريات،الذكريات التي لاتريد أن تنبعث،والتي ليست على نمط ألفرد هيتشكوك أبدا.
يحدث والدته المريضة:ماجد ابن هشام...ذلك الطفل الذي قررت تبنيه فيما مضى
يبرز مشهد من الماضي على الفور:ماجد يحاول قطع رأس ديك بفأس،تحصل المحاولة ولكنها تفشل بفصل رأس الديك عن جسده.من الممكن القول بأنها محاولة نصف ناجحة،تتطاير الدماء على وجه ماجد وتتثبت حول احدى عينيه بتركيز واضح.
لكن،لماذا يبعث هاينكه دائما تلك الصور حول العنف ضد الحيوانات،ولنركز ان المشاهد الثلاثة هي مشاهد لذبح حيوان،أي قتل شرعي مبرر من أجل استمرار الحياة،وهذا يبعث مخرجنا الكوري الراحل كيم كي دك إلى الواجهة من جديد؟!
نستطيع القول بكل ثقة ان هاينكه يستنكر مثل هذا الفعل،ولم نعلق أكثر من هذا سوى أن هاينكه ليس ذلك النوع من المخرجين الي تمتلأ أفلامهم بتفاصيل لاداعي لها،فلايمكن مقارنته على الإطلاق بكيسلوفسكي من حيث التوجه الفني طبعا.
في اكتوبر عام 1961 دعت الجبهة الحرة للجزائريين لمظاهرة في باريس،السابع عشر من اكتوبر عام 1961 الذي يذكره الجميع:بابون-مذبحة الشرطة
لقد أُغرق أكثر من 200 عربي في نهر السين ومن ضمنهم والدي ماجد،لم يعودا أبدا وذهب أبي لباريس للبحث عنه
قالوا له:لابد أن يكون سعيدا لتخلصه من هؤلاء الهمج
قرر والدي تبني الطفل،ضايقني هذا فلن أكن أرغب في وجوده في منزلنا،كان لدي حجرتي الخاصة الذي لابد علي مشاركته فيها،كنت في السادسة من عمري.
لنلاحظ ان هاينكه يفضح التاريخ الأسود لفرنسا ومعركتها المخزية-بكافة محاورها مع الجزائريين-وهذا التاريخ لايفتح فقط من بوابة السياسة،ولا حتى من بوابة المجتمع،بل من ناحية فردية شخصية أيضا.
التجريم في كل الأحوال هو للجانب الفرنسي،الجانب الذي ظلم الغريب الإجتماعي المضطهد وهو الآن غير قادر على استيعابه.
في ذلك المجمع السكني يقبع ماجد في غرفة 47،ينتحر ماجد امام جورجي بحز رقبته في مشهد قاسي جدا
لكن من هو المجرم فعلا،وماجد أصلا من أصل جزائري خاصة ان جورجي لفق له تهمة ذات يوم تتعلق بالديك المذبوح جعلت من ماجد يعاني طوال حياته في ملجأ للأيتام.
من الواضح ان هذه الجريمة مشتركة،من الممكن احالتها على العام والخاص
رسالة هاينكه في الفيلم واضحة:فرنسا بكل أبعادها التي تخص الموضوع،مجرمة من حيث تاريخها الأسود على احتلال الجزائر.
وهي تبدو لي مجرمة ايضا لأنها غير قادرة على استيعاب الغريب الإجتماعي التي كانت هي السبب في يوم ما على معاناته واضطهاده.
رسالة الفيلم سياسية منها العنصرية ضد العرب،هناك تسليط للضوء على احتلال العراق من قبل قوات التحالف...العولمة...هجمات 11 ايلول التي لم تذكر في الفيلم.
لانستطيع القول ان هاينكه منحاز لأحداث 11 أيلول،ولكنه يقدم تبريرا جرميا لها،ينظر إلى زوايا جعلت من العنف المقابل شيئا اضطراري الحدوث...شيئا قسريا.
قامت بلعب آنا زوجة جورجي،جولييت بينوش التي لم تكن متألقة في أدوارها مع مايكل هاينكه،التي طلبت منه شخصيا العمل معه.
لكن هاينكه لم يجب على سؤال مهم محوري:من أرسل تلك الصور والفيديوهات فعلا...؟!
21/12/2024

#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل