أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء 122)















المزيد.....

جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء 122)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 8383 - 2025 / 6 / 24 - 02:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الذات الباطنة، الروح الجميلة، الشر وغفرانه (2(1)
الجزء الثالث والأخير هو الأكثر تعقيدا، وقد أثار العديد من التأويلات، لا سيما بسبب إشاراته الضمنية العديدة. سيعود هيجل أيضا إلى مسألة "الذات الباطنة" في أعماله اللاحقة. في سياق التأويل الأخلاقي للعالم، تُمثل الذات الباطنة الشكل الأسمى، حقيقة الوعي الأخلاقي من خلال التناقض الذي تحتويه والذي سيستدعي تجاوزه.
بالفعل، يتعارض الصوت الخالص للوعي الأخلاقي مع فعله: يجب أن يُنقش العقل العملي الخالص في العالم وأن يُحقق ذاته كـ" روح أخلاقية ملموسة". يتعلق الأمر إذن بتجاوز الأخلاق "الكانطية"، التي كانت مجردة بمعنى أنها، بفصلها بين الشيء في ذاته الذي هو الواجب الخالص والحالة الملموسة، تفقد قدرتها على التصرف: يُقال عن عن الذات الباطنة بيل إنها "في وحدة مباشرة، الجوهر الأخلاقي الذي يتحقق فعليا، وعن الفعل كونه صورة أخلاقية ملموسة مباشرة".
لكن هنا يوجد تناقض: يجب على الذات الباطنة أن تُحافظ على الشرعية الأخلاقية الكونية للواجبات، وأن تُقرر فعلا ملموسا، وأن تُقرر الفعل بما يتوافق مع الواجب. إنها تعرف بشكل مباشر ما يجب عليها فعله، دون الحاجة إلى إجراء فحص عقلاني من شأنه أن يُختبر أو حتى يُزعزع الواجب: "إنها فعل بسيط متوافق مع الواجب، لا يُؤدي هذا الواجب أو ذاك، بل يعرف ويفعل ما هو صواب بشكل ملموس". إن يقين الذات الباطنة، في آنيته، "ثابت".
عند اتخاذ القرار في كل حالة ملموسة، تكون الذات الباطنة "واعية [gewissenhaft]"، أي أنها تُجري تحليلاً دقيقاً للوضع الحقيقي بهدف "معرفة ظروف الحالة وتقييمها بدقة". ولكن بما أن "معرفة هذه الظروف تُدرك أنها لا تشملها جميعاً أو أنها لا تتوافق معها في هذه الحالة"، تتشكل الفعالية من "تعدد مطلق للظروف، مُقسّم وممتد بلا حدود، مُتراجعاً في شروطه، وأفقياً في تعايش عناصره، ومُتقدماً في نتائجه"، ولا يمكن بلذات الباطنة أبداً أن تكون على يقين من الفعل. ولهذا السبب تنسحب إلى ذاتها وقناعتها الداخلية، إلى يقينها: "الذات الباطنة تجد حقيقتها في يقينها المباشر بذاتها".
بخلاف وعي النظرة الأخلاقية إلى لعالم، الذي كان مقسما بين الواجب والواقع، تتخلى الذات الباطنة، كمعرفة مباشرة بذاتها، عن جميع الاختلالات، وفي الوقت نفسه تعرف نفسها في قناعتها بأنها كونية، أي كواجب. لم تعد مقسمة. بعبارة أخرى، "لم يعد الواجب هو الكوني الذي جاء لمواجهة الذات"، ولم يعد واجبا معارضا للذات. هناك، كما يقول فيشته، "شعور بالحقيقة واليقين يُشكل المعيار المطلق الذي نسعى إليه في ما يتعلق بصحة اقتناعنا بالواجب".
يشير لودفيج سيب بحق إلى أنه في قلب هذه الأطروحة، التي تنتقل من الرؤية الأخلاقية للعالم إلى الذات الداخلية، هناك تأويل غائي لتطور الأخلاق بعد كانط، والذي، وفقا لهيجل، يؤدي إلى نزعة ذاتية متفاقمة، ولكن يمكننا مع ذلك أن نكتشف فيها حركة تفردن الكوني.
في سياق الذات الباطنة، يُشدد هيجل على أن الوعي ينقسم إلى وعيٍ فاعلٍ ووعيٍ حَكَمٍ على هذا الفعل، أي إلى "وعيٍ حَكَمٍ" و"وعيٍ فاعل". من يُحيل إلى الذات الباطنة في الفعل يشعر بأنه مُرتفع "فوق القانون المُحدد وكل ما ينطوي عليه الواجب"، ولكنه يحتاج إلى أن يعترف الآخرون بقناعته. ولكن بقدر ما لا يستند ادعاؤه بالواجب إلا إلى قناعةٍ ذاتيةٍ خاصة، فإنه يُعارض أي وعي أخلاقيٍّ كوني.
"الآخرون لا يعرفون [...] ما إذا كانت هذه الذات الداخلية جيدة أو سيئة من الناحية الأخلاقية، أو بالأحرى، ليس فقط أنهم لا يستطيعون أن يعرفوا، بل يجب عليهم بالضرورة أن يعتبروا هذه الذات الداخلية سيئة".
إن نهاية الصيغة تتوافق مع ما قاله كانط: إن من يضع إرادته الشخصية فوق الإرادة الكونية هو "سيئ"، وهو ما يتناوله هيجل في مكان أبعد قليلاً: "إنه في الواقع يعترف بأنه شرير من خلال التأكيد على أنه، رغم معارضته للإرادة الكونية المعترف بها، فإنه يتصرف وفقا لقانونه الداخلي ووجوده الداخلي".
يجب التأكيد هنا على أن قناعة الذات الباطنية، المرتبطة ارتباطا وثيقا بدعوى صحتها، في سعيها إلى لاعتراف، ملزمة بأن تُنقل إلى ضمائر أخرى تُعلن بدورها عن قناعاتها. هذا هو دور المقطع المهم حول اللغة، التي نعرف، منذ "اليقين الحسي"، أنها حاملة للحقيقة. يُذكرنا هيجل بأن " اللغة هي الوجود-هنا للروح". من خلال اللغة، تُصبح الذات، التي كانت ذاتية بحتة، موضوعية: "فهي تفهم نفسها تماما كما يفهمها الآخرون، وحقيقة السماع هي تحديدا وجود الذات". بالفعل، "إن الإدانة لا تكون فعالة إلا في اللغة" وتصبح إدانة للذات الكوتية: من خلال البيان المتبادل للإدانة لدينا إمكانية الاعتراف الكوني بكل ذات داخلية فردية: "إن النطق بالذات الداخلية يطرح يقين الذات كذات خالصة، وبالتالي، كذات كونية".
مع ذلك، ففي "اللغة التي يعترف فيها الجميع بعضهم ببعض على أنهم يتصرفون وفقا لذاتهم الباطنة [...]، لا يكمن الواجب إلا في الكلمات"، وبالتالي يمكن للذات الباطنة أن تفقد كل ظاهريتها الحقيقية، "قوة الاغتراب، قوة جعل نفسها شيئا" في الفعل ومن خلاله. وباعتبارها باطنية مطلقة تسعى إلى الحفاظ على نقائها، فإنها تصبح "روحًا جميلة" لا تفعل شيئًا.
يرى هيجل هذا الإضفاء بصفة المطلق على الذات الباطنة أو العبقرية الأخلاقية لدى بعض معاصريه، كما في رواية جاكوبي "فولديمار"، وخاصةً في الصفحات الأخيرة من كتاب نوفاليس "هنري أوفتردينجن". في الواقع، نوفاليس هو من منح الذات الباطنة، دون قيد، القوة الإلهية الخلاقة التي يتحدث عنها هيجل:
"الذات الباطنة، في جلال سموها فوق القانون المُحدد وكل مضمون للواجب، تُضفي أي مضمون على معرفتها وإرادتها؛ إنها العبقرية الأخلاقية التي تعرف الصوت الباطني لمعرفتها المباشرة كصوت إلهي، وبقدر ما تعرف، في هذه المعرفة، كما هي موجودة مباشرةً، تكون هذه العبقرية القوة الإلهية الخلاقة، التي تحمل في مفهومها حيوية. إنها أيضا العبادة الإلهية في ذاتها؛ لأن عملها يكمن في إدراك هذه الألوهية التي هي ذاتها".
هنا يمكننا أيضا رؤية شخصية فريدريش شليغل، الذي يُعرّفه هيغل، في فقرة من كتاب " مبادئ فلسفة الحق" مُشيرا إلى "فينومينولوجيا الروح"، بـ"كفايته المطلقة" التي تلجأ إلى السخرية التي تُحكم على كل شيء دون تحمّل مسؤوليته. يُمثّل فريدريش شليغل، بالنسبة لهيغل، "قمة الذاتية التي تُدرك ذاتها على أنها المطلق"، الذي يعرف "ما هو موضوعي من وجهة نظر أخلاقية" لكنه لا يلزم نفسه به ولا يتصرف بناءً على ما يعرفه.
(يتبع)
نفس المرجع



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- الولايات المتحدة تدخل كطرف ثالث في الحرب بين إسرائيل وإيران ...
- لحسن بازغ الباحث في التراث الأمازيغي يودعنا إلى مثواه الأخير
- الفنان التشكيلي عبد القادر مسكار: الفن بحث دائم عن شكل جديد ...
- فرنسا تتصرف تحت تأثير الحرب بين إسرائيل وإيران وتحتفي بالابت ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- الأستاذة مجيدة نرايس رائدة مغربية في العمل الإنساني والاجتما ...
- الدار البيضاء-سطات: نحو عهد جديد من الحكامة الجهوية
- الحزب الاشتراكي الموحد بهولندا يدين العدوان الإسرائيلي على إ ...
- الحرب بين إسرائيل وإيران: أخبار ومعلومات من المنطقة المشتعلة ...
- ترحيل الطلبة المغاربة من فرنسا
- الحرب بين إيران وإسرائيل.. آخر المستجدات مع وجهات نظر من خار ...
- جمعية الغلوسي تنظم وقفة احتجاجية أمام البرلمان تحت شعار:”لا ...
- تبادل الضربات بين إيران وإسرائيل مع استمرار الصراع
- بوزنيقة: حزب فيدرالية اليسار ينظم ندوة في موضوع -الفساد وتأث ...
- تفاصيل ومعلومات عن الهجوم الإسرائيلي على إيران
- الحرب في غزة: السلطات المصرية تعتقل أكثر من 200 متظاهر مؤيد ...
- لوك باشلو يقرأ -الموجز الصغير للاإستطيقا- لمؤلفه الفيلسوف ال ...
- لوك باشلو يقرأ “الموجز الصغير للاإستطيقا” لكاتبه الفيلسوف ال ...
- الرباط: مركز التوجيه والتخطيط التربوي يعيش جوا من الاحتقان ب ...


المزيد.....




- البندقية تُخفي السرّ الأكبر..تفاصيل خطط زفاف جيف بيزوس في مد ...
- لكموه بعنف واعتقلوه.. شاهد ما حدث لوالد 3 من جنود مشاة البحر ...
- عهد جديد لحلف شمال الأطلسي.. ما الجديد؟
- مسؤول أمني إيراني ينفي استهداف إسرائيل بهجمات صاروخية بعد وق ...
- هدنة بين إيران وإسرائيل.. وترامب: رجاء عدم انتهاك وقف النار ...
- إيران بين المكاسب والخسائر: قراءة في حصيلة المواجهة مع إسرائ ...
- مشاورات على رماد المنشآت: هل لا تزال هناك إمكانية للتفاوض عل ...
- تهميش ونقص في الحماية.. أين يقف فلسطينيو 48 من معادلة الصراع ...
- إيران -تعاقب الشيطان- بضرب قاعدة العديد القطرية.. وطهران لم ...
- بعد قصف إسرائيل لمنشأة فوردو.. ما الذي تبقى من قدرات إيران ا ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء 122)