أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - العفيف الأخضر - ردا علي الشيخ عبدالقادر محمد العماري إن الحق والرجوع إليه خير من الباطل والتمادي عليه















المزيد.....


ردا علي الشيخ عبدالقادر محمد العماري إن الحق والرجوع إليه خير من الباطل والتمادي عليه


العفيف الأخضر

الحوار المتمدن-العدد: 544 - 2003 / 7 / 22 - 23:19
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

ما زلت اعيش انا الحديث قلبا وقالبا، لأسباب قهرية خارج حداثة التلفزيون. والأنترنت، الراديو، الصحافة، التلفون، والفاكس هي كل ما يربطني بثورة الاتصالات الرائعة التي تدخل علي مدار الساعة، الحداثة، فكرا وسلوكا، الي كل بيت في العالم الذي حولته الي بيت من زجاج حتي اعضاء قبائل الاسكيموا باتوا يفهمون الانجليزية بفضل الفضائيات. المغزي: صعوبة بل ربما استحالة بقاء نظام سياسي او فكري او ديني منغلقا علي نفسه في عالم اليوم.

بقائي خارج حداثة الانترنت حرمني من الاطلاع علي الصحافة العربية التي لا توزع في فرنسا ومنها الراية. وهكذا تفضل صديقي د. عبدالحميد اسماعيل الانصاري عميد كلية الشريعة بدولة قطر الذي يعرف وضعي، فأرسل لي مشكورا بالفاكس رد الشيخ والقاضي الفاضل عبدالقادر محمد العماري علي مداخلتي في مؤتمر القاهرة الثقافي الاخير والتي نشرتها الراية ونشرتها بعدها خمس صحف عربية في المغرب، الجزائر، تونس، مصر، العراق فضلا عن ايلاف التي انشر فيها منذ ستة شهور مقالا اسبوعيا.

كعادتي اتصلت ب ايلاف لادراج رد القاضي القطري الفاضل ضمن مقالاتي جنبا لجنب مع المقال موضوع الرد: من اجل تعليم ديني تنويري حتي يتسني للقراء الاطلاع عليه مثلما فعلت مع رد الاسبوع المصري علي مقالي، الذي طالبت فيه بايقاف تعليم الجهاد الذي لم يعد من هذا العصر والذي جاء فيه تبت يد العفيف الاخضر وتب فقد طالب بما لم يطالب به ابولهب ، لكن محرر ايلاف لم يعثر علي الرد في عدد 10/7 كما نشر في الانترنت! وهكذا حرم قراء ايلاف والمواقع العديدة التي تنقل مقالاتي عنها من الاطلاع علي الرد.

لماذا أحرص علي اطلاع قرائي علي الردود الموقعة بأسماء صريحة، علي ما اكتبه؟ ليس لأسباب مازوخية تجعلني ألتذ بالتخوين والتكفير والشتائم الزقاقية. بل لسببين معرفيين:

1- احياء تقليد النقاش الادبي والفلسفي والديني المتعارض شبه الغائب في ثقافتنا المعاصرة عسي ان نساعد القاريء علي التفكير بنفسه وتكوين قناعته المستقلة علي القناعتين المتنافستين امامه، مع تمكين مؤرخي الافكار من معطيات دقيقة تساعدهم علي فهم الطريقة التي فهم بها معاصري فكري.

وهكذا قررت اخيرا الاستجابة لرغبة د. الانصاري وتسجيل الملاحظات التالية علي الرد المذكور:

1- اتفق مع القاضي الفاضل في ان تحويل شركات الاعلان جسد المرأة الي اداة لترويج السلع اهانة للمرأة بل ولكرامة الانسان - محض الانسان - فالاعلان حول ايضا جسد الرجل الي سلعة لبيع السلع. لماذا؟ لأن الرأسمالية التي كتبت علي راياتها الربح اولا والربح اخيرا لا تعترف الا بقيمة واحدة هي القيمة المسعرة في البورصة! وهذا كما اسماه فقهاؤنا القدامي مما عمت به البلوي في العالم كله بما فيه العالم العربي والاسلامي ولا يختص به الغرب وحده. وأفضل مفكري الغرب درسوا هذه الظاهرة وما زالوا يدرسونها ويدينونها في سياق جعل الرأسمالية العالمية اقل توحشا واكثر احتراما للقيم الانسانية.

لكن ألا يوافقني القاضي القطري الفاضل علي ان إرغام - اقول جيدا ارغام - المرأة علي ارتداء الحجاب والنقاب والتشادور الايراني والبركة الافغانية بالسجن شهرين في حكومة طالبان الاسلامية جدا وب 15 يوما سجنا و75 جلدة في الجمهورية الاسلامية الايرانية وبعضها المطاوعة في المملكة السعودية هو اهانة للمرأة ولكرامة الانسانية اكثر بكثير من اهانة قبول المرأة بمحض حريتها تحويل جسدها الي وسيلة اعلان؟ لا أثر للرجم حتي الموت في القرآن. وقد اثبت الاخصائي في الاسلاميات واستاذ الدراسات القرآنية في جامعة جنيف، الليبي الصادق الفيهوم في كتابه اسلام ضد الاسلام (دار الساني بيروت) ان فقهاءنا في القرون الوسطي اخذوا حد الرجم من الاصحاح 17 من سفر التنبية التوراتي. اليهود توقفوا عن الرجم منذ الهدم الثاني للهيكل والسيد المسيح رفض رجم الزانية من لم يرتكب منكم خطيئة فليرمها بحجر .. لكننا نحن المسلمين ما زلنا نرجم المرأة بطريقة بالغة الوحشية - مع الاعتذار الحار من وحوش الغاب التي لا تبلغ في وحشيتها عشر وحشيتنا نحن مع المرأة - في السعودية وايران وباكستان وبالامس القريب في امارة افغانستان الاسلامية .. الجمهورية الاسلامية الايرانية رجمت في العقد الأول من ظهورها (1979 - 1989) 1200 امرأة فقط لا غير!. أليس هذا إهانة للمرأة وانتهاكا لا تسعفني المعاجم بكلمة لوصفه لكرامة الانسان والحق في الحياة يفوق ملايين المرات إهانة شركات الاعلان في العالم للمرأة بتحويل جسدها، بمحض ارادتها، الي اداة لبيع السلع او لكسب المال؟ ألا توافقني ايها القاضي القطري الفاضل علي ان بيع المرأة الجارية في أسواق النخاسة الذي مارسناه نحن العرب المسلمين طوال تاريخنا الي سنة 1964 في السعودية و1970 في موريتانيا (تاريخ الغاء الرق في البلدين). وكما لا شك تعلم فالخليفة المتوكل العباسي كان يملك 800 جارية، لا يقل إهانة لكرامة المرأة من تحويل الغرب جسد المرأة الي سلعة كما قلت أنت؟ لا، انه يفوقها اضعافا مضاعفة فلماذا نري القشة في عين الآخر الغربي والعالمي ولا نري الخشبة في اعيننا نحن العرب المسلمين؟ لأننا - وهذا لب مشكلتنا - لم ننضج بعد للانتقال من تمجيد الذات الي نقد الذات.

2- مع القاضي الفاضل نصف الحق عندما يقول ان الحجاب لم يأت به الاسلام وحده بل ايضا الديانتان التوحيدتان، اليهودية والمسيحية، نصف الحق الآخر ان هاتين الديانتين اخذتاه من الديانة الوثنية البابلية التي كانت تفرض علي النساء الحجاب ومعروف ان معظم اسفار التوارة ترجمة للديانتين الوثنيتين المصرية والبابلية.. وسفر التكوين في جزء مهم منه، ترجمة للأساطير السومرية والبابلية وخاصة ملحمة جلجامش مثل قصة طوفان نوح مثلا.. انظر مثلا كتاب الباحث السوري، فراس السواح، مغامرة العقل الأولي: دراسة في الأسطورة (دار كنعان، دمشق) وهو كتاب جدير بالدراسة في جميع الجامعات الدينية الاسلامية كما فعلت تونس.

3- قد يغير القاضي الفاضل رأيه في احكام الحجاب كما تعلمها من فقه القرون الوسطي المعادي للمرأة اذ تجثم الاطلاع علي كتاب الفقيه المصري الكبير المستشار محمد سعيد العشماوي حقيقة الحجاب وحجية الحديث (مؤسسة روز اليوسف - القاهرة). يقول العشماوي مثلا:

أولا: آية الحجاب:

والآية القرآنية التي وردت عن حجاب النساء تتعلق بزوجات النبي وحدهن وتعني وضع ساتر بينهن وبين المؤمنين. قال تعالي يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا ان يؤذن لكم الي طعام غير ناظرين إناءه ولكن اذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث ان ذلك كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق واذا سألتموهن (أي نساء النبي) متاعا فأسألوهن من وراء حجاب ذالكم اطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم ان تؤذوا رسول الله ولا ان تنكحوا ازواجه من بعده ابدا ان ذلكم كان عند الله عظيما (الأحزاب 33 - 53). وقيل في اسباب نزول الحكم في الآية (الخاص بوضع حجاب بين زوجات النبي والمؤمنين) ان عمر بن الخطاب قال للنبي صلي الله عليه وسلم يا رسول الله، ان نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو امرتهن ان يتحجبن. فنزلت الآية. وقيل انه اثر ما حدث عند زواج النبي صلي الله عليه وسلم بزينب بنت جحش نزلت الآية تبين للمؤمنين التصرف الصحيح عندما يدعون الي طعام النبي صلي الله عليه وسلم وتضع الحجاب بين زوجات النبي والمؤمنين.

هذا الحجاب بمعني الساتر خاص بزوجات النبي صلي الله عليه وسلم وحدهن. فلا يمتد الي ما ملكت يمينه من الجواري ولا الي بناته، ولا الي باقي المؤمنات. والدليل علي ذلك رواية عن انس بن مالك ان النبي صلي الله عليه وسلم أقام بين خيبر والمدينة ثلاثا من الأيام يبني عليه اي يتزوج بصفية بنت حيي فقال المؤمنون ان حجبها فهي من امهات المؤمنين اي من زوجاته وان لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه اي من جواريه . فلما ارتحل وطأ (اي مهد) لها خلفه ومد الحجاب (اي وضع سترا) بينها وبين الناس. (بذلك فهم المؤمنون انها زوج له وانها من امهات المؤمنين وليست مجرد جارية). اخرجه البخاري ومسلم . ويضيف قائلا:

يواصل المستشار العشماوي:

ثالثا: آية الجلابيب:

اما آية الجلابيب فنصها كالآتي: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك ادني ان يعرفن فلا يؤذين (البقرة 23 - 59). وسبب نزول هذه الآية ان عادة العربيات (وقت التنزيل) كانت التبذل فكن يكشفن وجوههن كما يفعل الاماء (الجواري). واذ كن يتبرزن في الصحراء قبل ان تتخذ الكنف (دورات المياه) في البيوت. فقد كان بعض الفجار من الرجال يتعرضن للمؤمنات علي مظنة انهن من الجواري او من غير العفيفات، وقد شكون ذلك للنبي ومن ثم نزلت الآية لتضع فارقا وتمييزا بين الحرائر من المؤمنات وبين الاماء الجواري وغير العفيفات هو إدناء المؤمنات لجلابيبهن، حتي يعرفن فلا يؤذين بالقول من فاجر يتتبع النساء. والدليل علي ذلك ان عمر بن الخطاب كان اذا رأي امة جارية قد تقدمت او ادنت جلبابها عليها، ضربها بالدرة محافظة علي زي الحرائر (ابن تيمية - حجاب المرأة ولباسها في الصلاة - تحقيق محمد ناصر الدين الألباني - المكتب الاسلامي - ص 37).

فإذا كانت علة الحكم المذكور في الاية - التمييز بين الحرائر والإماء - فقد سقط هذا الحكم لعدم وجود إماء جواري في العصر الحالي وانتفاء ضرورة قيام تمييز بينهما، ولعدم خروج المؤمنات الي الخلاء للتبرز وايذاء الرجال لهن. وواضح مما سلف ان الآيات المشار اليها لا تفيد وجود حكم قطعي بارتداء المؤمنات زيا معينا علي الاطلاق وفي كل العصور.

رابعا: حديث النبي

يواصل العشماوي: فقد روي حديثان عن النبي صلي الله عليه وسلم يستند اليهما في فرض غطاء الرأس الذي يسمي خطأ بالحجاب فقد روي عن عائشة عن النبي صلي الله عليه وسلم انه قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر اذا عركت (بلغت) ان تظهر إلا وجهها ويديها الي ها هنا وقبض علي نصف الذراع. وروي عن ابي داود عن عائشة ان اسماء بنت ابي بكر دخلت علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال لها: يا أسماء ان المرأة اذا بلغت المحيض لم يصلح ان يري فيها إلا هذا، وأشار الي وجهه وكفيه .

ونلاحظ ان هذين الحديثين انهما من احاديث الآحاد، لا الأحاديث المجمع عليها اي المتواترة او المشهورة، ومن جانب آخر فإنه رغم رواية الحديثين عن واحدة - هي السيدة عائشة زوج النبي صلي الله عليه وسلم - فإنه قد وقع تناقض بينهما، ففي الحديث الأول قيل ان النبي قبض علي نصف ذراعه عندما قال الحديث بينما قصر الثاني الاجازة علي الوجه والكفين، ومن جانب ثالث فقد ورد الحديث الأول بصيغة الحلال والحرام، بينما جاء الثاني بصيغة الصلاح، والفارق بينهما كبير، فمسألة وقتية الاحكام لمراعاة ظروف العصر هامة جدا، فقد يأمر النبي صلي الله عليه وسلم بالشيء او ينهي عنه في حالة خاصة لسبب خاص، فيجب ألا يفهم الناس انه حكم مؤبد بينما هو في الحقيقة حكم وقتي.

نخلص من كل ما سبق ان ايات الحجاب التي نزلت، نزلت لنساء النبي صلي الله عليه وسلم وفي ظروف معينة واذا كان القرآن قد اخبرنا بأن الرسول اسوة للمؤمنين لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة (الاحزاب 21 - 33) فلم ترد اية واحدة تشير الي ان نساء النبي اسوة المؤمنات. بل لقد وضع القرآن ما يفيد التفاضل بين زوجات النبي وسائر المؤمنات.


 
ثانيا: آية الخمار:

اما اية الخمار فهي وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن علي جيوبهن (النور 24 - 31). وسبب نزول هذه الآية ان النساء كن في زمان النبي صلي الله عليه وسلم يغطين رؤوسهن بالاخمرة (وهي المقانع) ويسدلنها من وراء الظهر، فيبقي النحر (أعلي الصدر) والعنق لا ستر لهما. فأمرت الآية بلي (اي اسدال) المؤمنات للخمار علي الجيوب، فتضرب الواحدة منهن بخمارها علي جيبها (أعلي الجلبات) لستر صدرها.

فقصدت الآية تغطية الصدر بدلا من كشفه، دون ان تقصد الي وضع زي معين. وقد تكون علة الحكم في هذه الآية (علي الأرجح) لإحداث تمييز بين المؤمنات من النساء وغير المؤمنات (اللاتي كن يكشفن عن صدورهن). معني ذلك انه حكم وقتي يتعلق بالعصر الذي اريد فيه وضع التمييز بين هذين الصنفين من النساء وليس حكما مؤبدا .

يا نساء النبي لستن كأحد من النساء (الاحزاب 31 - 33) بمعني ان الاحكام التي تتقرر لزوجات النبي تكون لهن خاصة وليست لباقي المؤمنات.


 
الحجاب دعوة سياسية

الحجاب - بالمفهوم الدارج الآن - شعار سياسي وليس فرضا دينيا ورد علي سبيل الجزم والقطع واليقين والدوام، لا في القرآن ولا في السنة، بل فرضته جماعات الاسلام السياسي لتمييز بعض السيدات والفتيات المنضويات تحت لوائهم عن غيرهن من المسلمات وغير المسلمات، ثم تمسكت به هذه الجماعات وجعلته شعارا لها، وأفرغت عليه صبغة دينية، كما تفعل بالنسبة للبس الرجال للجلباب او الزي الهندي و الباكستاني زعما منها بأنه الزي الاسلامي. فكل هذه الجماعات - في واقع الأمر - تتمسك بقشور الدين ولا تنفذ الي لبه الحقيقي الذي هو احترم شخصية الانسان وحقوقه وحرياته الاساسية، فقد سعت هذه الجماعات الي فرض ما يسمي بالحجاب - بالإكراه والإعنات - علي نساء وفتيات المجتمع كشارة يظهرون بها انتشار نفوذهم وامتداد نشاطهم وازدياد اتباعهم. انتهي كلام المستشار العشماوي.

لا شيء اشد ضررا بالاسلام وكتابه، القرآن، من الادعاء بأن تأويل هذا الفقيه او ذاك او هذه الفرقة او تلك ولو كانت الفرقة الناجية هو الوحيد الصحيح صحة مطلقة لا مزيد بعدها لمستزيد القرآن، كما قال الامام علي، ردا علي القراءة الخارجية الحرفية له، حمّال أوجه اي يحتمل قراءات وتأويلات ووجوه شتي كلها صحيحة صحة نسبية حسب معطيات الزمان والمكان وروح العصر الذي يعيش فيه المسلمون.

4- اختلف مع القاضي الفاضل في مسألة التعليم.. التعليم الديني الظلامي (معاديا لأنوار العقل) السائد وخيم العواقب علينا نحن العرب المسلمين قبل غيرنا واكثر من غيرنا واذا لم نستبدله بتعليم ديني تنويري، كالتعليم الديني التونسي، منذ 1990 فعلي مستقبل ابنائنا السلام. مدرسة اليوم في العالم تخرج التقنيين، المهندسين، الباحثين، الفنانين، العلماء، والاطباء، اما مدارسنا وخاصة الدينية، في معظمها وفي معظم البلدان، فترزأنا بنسب عالية من انصاف الفقهاء وفقهاء الارهاب وبقلة قليلة من المستنيرين الذين ساعدتهم غالبا ظروف خاصة علي الامتياز.

أليس قتلة محمد انور السادات وفرج فودة وغارسوا الخنجر في رقبة نجيب محفوظ وناحروا الاقباط وذابحو السياح.. في مصر هم احدي الثمار المرة لهذا التعليم الديني المتسمر في فقه القرون الوسطي الغريب عن روح عصرنا وذهنيته وقيمه ومتطلباته وحاجات المسلمين؟ أليس متأسلموا الجزائر، من جبهة الانقاذ الاسلامية والجماعات التي خرجت من عباءتها، الذين قتلوا الرجال والنساء والاطفال والصحفيين والمثقفين وافتوا تقليدا لبعض فقهاء القرون الوسطي ب جواز قتل اطفال المسلمين اذا احتمي بهم الكفار و(الكفار ليسوا سوي قوات الأمن وجنود الجيش الجزائري!) والذين ذبحوا ذبح النعاج علي حد قول احد زعماء الاخوان المسلمين في الجزائر، محفوظ النحناح، 114 امام مسجد ب جريمة مواصلة اقامة صلاة الجمعة في بلد يحكمه حزب فرنسا لأنهم تعلموا في مدرسة الفقه القديم الدينية ان صلاة الجمعة لا تقام في بلد لا يحكمه امام مسلم يدعو له خطيب الجمعة، هم ايضا احدي الثمار المرة لهذا التعليم الديني الظلامي الذي لم يعد متكيفا مع حاجة المسلمين لفقه جديد لا يتعارض مع قيم حقوق الانسان والديمقراطية والعقل الذي هو قيمة القيم؟ أليس بن لادن وانتحاريو القاعدة الذين اهدروا دماء المدنيين الابرياء مسلمين وغير مسلمين ثمرة اخري لا أخيرة مرة من ثمار هذا التعليم الديني الظلامي المعادي للانسان بما هو انسان؟

اقرأ - عافاك الله - ما يغسل به التعليم الديني الظلامي في السعودية أدمغة صغار المسلمين الاديان التي يتبعها الناس كثيرة(..) لكن الدين الحق واحد هو دين الاسلام، اما الاديان الاخري فهي باطلة (كتاب التوحيد) ص ،33 الدرس الثالث عشر، طبع وزارة التعليم - الرياض) و الاديان الاخري مهلكة لصاحبها (نفس الصفحة)، و العالم كله من انس وجن يجب عليه ان يدخل في الاسلام ويترك اديانه الباطلة وإلا فإن مصيره النار (نفس المصدر ص 34).

كانت هذه التربية الدينية رائجة في العصور الغابرة بين جميع اصحاب الديانات وليس بين الفقهاء المسلمين وحدهم. لكنها الآن اصبحت كعملة اهل الكهف غير قابلة للصرف في بورصة القيم الانسانية. الاصرار علي اجترارها يعادل الانتحار الجماعي في نظر الدبلوماسية الدولية والاعلام العالمي والمجتمع المدني العالمي التي تجرم مثل هذه العنصرية الدينية التي تعلم صغارنا التعصب بما هو ادعاء ملكية الحقيقة المطلقة، ديننا هو الوحيد الصحيح والاديان الاخري باطلة ومهلكة لصاحبها هذا يعني ان مليار ونيف من المسلمين يحكمون بالاعدام الديني والثقافي علي خمسة مليارات انسان! لعل الشيخ الفاضل كان من بين من آخذ هنتجنتون علي نبوءته بعالم يطحنه صدام الحضارات والديانات. لكن ألا يري اننا نحن الذين سبقناه الي تحقيق هذه النبوءة المشؤومة في تعليمنا الديني الظلامي؟

المناهج الدينية السعودية التي طالبت بتغييرها سنوات طويلة قبل ان يطالب الغربيون واليابانيون والروس والصينيون به لا تزرع في رؤوس الصغار بذور حرب دينية عالمية بين الاسلام وجميع الديانات الاخري الباطلة والمهلكة لصاحبها وحسب بل تدعو ايضا لحرب طائفية بين الاخوة الشيعة والسنة وبحرب اهلية داخل السعودية بين الشيعة والوهابية. مثلا - لا حصرا - يدرس الطالب السعودي في منهاج السنة مدحا مقنعا (بتشديد النون) للارهابي الخارجي عبدالرحمن بن ملجم الذي اغتال الامام علي وهو يصلي بالمسلمين صلاة الفجر، الذي قتل عليا رضي الله عنه كان يصلي ويصوم ويقرأ القرآن وقتله معتقدا ان الله ورسوله يحب قتل علي وفعل ذلك محبة لله ورسوله في زعمه وان كان في ذلك ضالا مبتدعا (المنهاج 5 ص 47). بل ان ابن تيمية يفسّق في تلميح شفاف امام الشيعة الأول ان عليا كان مخذولا وانه قاتل للرئاسة لا للديانة (منهاج السنة ج 2 ص 203)و فإن عليا قاتل علي الولاية وقتل بسبب ذلك خلق عظيم ولم يحصل في ولايته لا قتال للكافرين ولا فتح لبلادهم ولا كان المسلمون في زيادة (منهاج السنة ج 2 ص 175) و من شك في كفرهم (الشيعة) فقد كفر ، كما قال في الفتاوي .

احكام ابن تيمية التكفيرية لعلي والشيعة وايضا المعتزلة والفلاسفة وألأشاعرة والمتصوفة الذين كفرهم جميعا كانت مستساغة في زمانه، القرن الرابع عشر، حيث كان التكفير المتبادل بين السنة والشيعة وبين جميع الفرق الاخري يوميا ودمويا. اما تدريسها في القرن الحادي والعشرين فتضحية بل جريمة بكل المقاييس لا ضد الشيعة في العالم والاقلية الشيعية في السعودية وحسب بل ضد السنة والوهابية الذين يضيعون وقتهم وطاقاتهم في هذا السجال الطائفي العقيم والسقيم وفتح الملفات القديمة بدلا من مواجهة المشاكل الحقيقية الداخلية والخارجية التي تتحداهم تحدي البقاء او الفناء.

5- هجوم القاضي الفاضل علي الادب والشعر والفن ظالم، اما تفضيله الفني علي الفنان فهو يدخل في باب ضيقت واسعا يا أخ العرب فحاجة العالم العربي الي الفنيين والفنانين واسعة ليحاول مجرد المحاولة اللحاق بقطار الشعوب المتحضرة الذي تركه واقفا وحائرا علي رصيف التاريخ منذ القرن السادس عشر عندما شرعت أوروبا في الاصلاح الديني الذي لم نفكر فيه بعد.

6- من يشن الحرب علي الاسلام لست انا كما ذكرت في مقالك بل هؤلاء الذين يقدمون الاسلام للبشرية قاطبة ولأخوتهم ومواطنيهم الشيعة كدين اقصائي، تكفيري، محارب لكل من لا يدخل فيه من الانس والجن يحتكر الحقيقة المطلقة ويتهم الآخرين - كل الآخرين - باحتكار الباطل المطلق!.

واخيرا، يا فضيلة القاضي انصحك بنصيحة عمر بن الخطاب لقاضيه ابي موسي الأشعري لا لو يمنعك قضاء قضية من ان تراجع فيه نفسك فإن الحق والرجوع اليه خير من الباطل والتمادي عليه .

كاتب تونسي

الرأي العام الكويتية
الاثنين 21 يوليو 2003 



#العفيف_الأخضر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا النرجسية الدينية عائق ذهني لاندماجنا في الحداثة؟
- في سبيل تعليم ديني تنويري
- الإسلاميون والمثقفون: مشروع اضطهاد
- كيف تضافر جرحنا النرجسي ونرجسيتنا الدينية علي تدمير مستقبلنا ...
- كيف نجفف ينابيع الإرهاب؟
- تجفيف ينابيع ثقافة الجهاد والاستشهاد
- الحرب الامريكية علي العراق: أين الخلل، وما هي الدروس المستفا ...
- العراق: إلغاء الجهاد من برنامج التعليم
- ساعدوا العراق علي الانتقال من قوانين الغاب إلي قوانين العقل
- محاولة لفهم دلالة الزلزال العراقي
- الديمقراطية تقتضي الفصل بين المواطن والمؤمن
- هل تقليد العدو هو السبيل إلي الحداثة؟
- لماذا يرفع سيزيف العربي الحجر الثقيل ليقع على قدميه؟
- ماذا قالت لي الصواريخ المتساقطة عل عاصمة الرشيد؟
- لماذا كنت أول من طالب صدام بالاستقالة – الإقالة ؟
- راشد الغنوشي وأفكاره الثابتة
- الثقافة الغربية مطلوبة
- هل ينقلب صدام على نفسه ؟
- أميركا : هل حوّلتها سياستها الخارجية ضحيةً آثمة ؟
- متى سنقيم الحداد على ما فات ومات؟


المزيد.....




- مسؤول إسرائيلي لـCNN: إسرائيل لم تقبل مقترح مصر بشأن صفقة ال ...
- رغد صدام حسين تبدأ نشر مذكرات والدها الخاصة في -المعتقل الأم ...
- وزير الخارجية الأردني: لو كان إلغاء اتفاقية السلام مع إسرائي ...
- بلينكن يزور السعودية وحماس تبث فيديو لرهينتين
- بعد بن غفير.. تحطم سيارة وزير إسرائيلي في حادث سير بالقدس (ف ...
- روبرت كينيدي يدعو ترامب للمناظرة
- لماذا يخشى الغرب تمدد احتجاجات الجامعات الأمريكية لأوروبا؟
- كمبوديا تعلن مقتل 20 جنديا وجرح آخرين في انفجار بقاعدة عسكري ...
- إلقاء القبض على شخصين كانا يخططان لشن هجمات إرهابية في مدينة ...
- شرطي تركي يطلق النار على رئيس مركز الشرطة ورئيس مديرية الأمن ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - العفيف الأخضر - ردا علي الشيخ عبدالقادر محمد العماري إن الحق والرجوع إليه خير من الباطل والتمادي عليه