أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - العفيف الأخضر - ساعدوا العراق علي الانتقال من قوانين الغاب إلي قوانين العقل















المزيد.....

ساعدوا العراق علي الانتقال من قوانين الغاب إلي قوانين العقل


العفيف الأخضر

الحوار المتمدن-العدد: 478 - 2003 / 5 / 5 - 03:16
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



ضرورة انتقال عراق ما بعد صدام من قوانين الغاب إلي قوانين العقل.
 

 
 دخل العراق منذ 9 نيسان ( أبريل ) فترة انتقال صعبة، من حكم قوانين الغاب التي سادت منذ مذبحة 1958 التي أبيدت فيها الأسرة المالكة وصفق العرب من المحيط إلي الخليج لامرأة موتورة لأنها أكلت من كبد نوري السعيد الذي قتل سحلاً ثم استفحلت الغابية في ظل سادية صدام النادرة في حوليات الطغيان، إلي حكم قوانين العقل في عراق ما بعد صدام الذي يولد أمام أعيننا في الألم والدم واللايقين. لا معني لهذا الانتقال إن لم يكن انتقالاً من حكم فرد مصاب بباناراويا هاذية، لا تبالي بآلام البشر، لم يكن يشفي غليله إلا عندما يشرب الدم في جماجم ضحاياه، إلي حكم دولة يكون حاكمها أقل قوة من مؤسساتها. وهي دولة لم يعرفها تاريخ الشرق بعد.
 اجتياز العراق لامتحان فترة الانتقال بنجاح قريب من نجاح دول الكتلة الشرقية في امتحان الانتقال من دولة الكذب والرعب والطغيان إلي دولة ما بعد الطغيان التي تتقدم بخطي ثابتة إلي دولة القانون والمؤسسات، سيكون مؤشراً واعداً علي إمكانية نجاحه في الانتقال من الهمجية إلي الحضارة في تعامل الدول العربية الإسلامية مع مواطنيها التي مازالت تجلدهم في اليوم بألف سوط وتدوسهم في اليوم بألف قدم. الامتحان الأول والحاسم علي احتمال هذا الانتقال المأمول هو نجاح ضحايا صدام في معاملة زبانيته ومساعديه بما في ذلك هو نفسه لا بقوانين شريعة الغاب إياها في عراق الأمس، عراقه هو، بل بشريعة قوانين العقل في عراق الغد، عراقكم أنتم ضحاياه، الذي نشهد مخاضه العسير، ككل مخاض. هذا يتطلب منكم معاملة جلاديكم لا بمنطق الثأر العشائري الحيواني بل بمنطق القانون الوضعي الإنساني الذي يكفل، حتى لمجرم نادر في تاريخ الشرق مثل صدام، نفس الحقوق المكفولة لكل متهم : محاكمة علنية وعادلة.
 طالبت في رسالتي " إلي عقلاء العراق " ( إيلاف 12/4/2003 )، التي علق عليها مشكوراً د. شاكر النابلسي، بقطيعة عراق ما بعد صدام مع تراث العراق السياسي الدموي انطلاقاً من عدم تقديم صدام وزبانيته ومساعديه إلي القضاء العراقي لأن القضاء العراقي المستقل والنزيه مازال وعداً جميلاً برسم التحقيق بل تقديمهم إلي محكمة الجزاء الدولية. فوجئت مفاجأة سارة بمقال للحقوقي الفرنسي الشهير روبير بادنتير، صاحب مشروع إلغاء عقوبة الإعدام في فرنسا سنة 1981، نشره في الأسبوعية الفرنسية لو نوفل أويسرفاتير ( 30/4/2003 ) بعنوان : " طارق عزيز والآخرون : من سيحاكمهم ؟ " يتفق مع ما ذهبت إليه في رسالتي المذكورة من عدم وجود القضاء العراقي الذي تتوفر فيه شروط المحاكمة العادلة وعدم جدارة القضاء العسكري الأمريكي بمحاكمتهم للسبب ذاته، وبدوري أضيف لأن ذلك سيكون خطأ سايكولوجي جسيماً يضاف إلي جريمة تفرج القوات الأمريكية دون حراك علي نهب المتحف العراقي الذي لا يقل بشاعة عن تدمير طالبان لتماثيل بوذا العملاقة وحرق مكتبة بغداد الذي أعاد للذاكرة الجمعية ذكرى إلقاء هولاكو بمحتويات مكتبة بيت الحكمة سنة 1258 في مياه دجلة " حتى صار ماء دجلة أشكل " أي أسود من الحبر كما قال شاعر بغدادي في رثائها. يري الحقوقي الفرنسي مثلي أن محكمة الجزاء الدولية هي وحدها المؤهلة لمحاكمتهم... لكنه سرعان ما يضيف : قانون تأسيسها لا يسمح لها بذلك. إذ لا يحق لها إلا النظر في الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة فقط منذ 2001. لذا يقترح أن يبادرة مجلس الأمن الدولي إلي تشكيل محكمة خاصة لهذه الغاية. بدوري أدعم هذا الاقتراح العقلاني وأتمني أن يتبناه ضحايا صدام أنفسهم الذين يليق بهم، تعليماً لأجيال العراق الطالعة درساً في احترام حقوق الإنسان، أن يرددوا مع الجزائري بشير حاج علي : " قسماً لن نعذب الذين عذبونا ".
 محاكمة دولية علنية وعادلة قد تتيح لمعاوني صدام دفاعاً عن أنفسهم كشف وقائع وأسرار نظام طاغية بغداد التي ستساعد العراقيين اليوم وغداً علي تحصين مؤسساتهم حتى لا تعيد إنتاج وحش بارد مثل صدام. شهادتهم الثمينة لن تكون لها قيمة إلا إذا نطقوا بها أمام محكمة لا يرقي الهمس إلي استقلالها وحيادها.
 المطلوب ليس إعدام زبانية صدام ومساعديه أو إعدامه هو نفسه بل إعدام الأديولوجيا العظامية الدموية الهاذية التي حكموا بها العراق طوال 35 عاماً وانتقلت عدوى وبائها إلي بلدان أخرى في الشرق الأوسط. إليكم عينة من اعترافين لسعدون حمادي وطارق عزيز : في بداية السنة كان سعدون حمادي وابنه في ضيافة مثقف ليبي _ لم أستطع الاتصال به لاستئذانه في ذكر اسمه _ انهال أمامهما علي صدام نقداً وكان سعدون حمادي يدافع بحماس عن سيده. لكن ما إن غادر ابنه السهرة حتى قال لمضيفه : " زدني الآن له نقداً ". أراهن لو كان الأب هو الذي غادر السهرة أولاً لكان لابنه الموقف ذاته. أما طارق عزيز فقد نصحه الرئيس اللبناني أمين الجميل ذات يوم بطلب اللجوء السياسي من أمريكا فأجابه : " لعلك لا تعلم أن صدام لا يسمح لأي قيادي بمغادرة العراق مع أسرته للاحتفاظ بها كرهينة تباد علي آخرها بمجرد عدم عودته إلي العراق وأسرتي عزيزة علي ".
 لا شك أن هذين الاعترافين المهموسين سيكونان غيضاً من فيض من وقائع وأسرار أبشع حاكم دموي في تاريخ العراق والعالم العربي علي مر العصور. لأول مرة في التاريخ يعدم حاكم رفاقه في الحزب الحاكم بنفسه سنة 1977 ملقناً ابنه ( عدي عندما كان عمرة 12 عاماً ) مبادئ شريعة الغاب : " أما أن تكون هنا وتطلق النار أو أن تكون هناك مكانهم تطلق عليك النار " ولأول مرة في التاريخ يطلق حاكم النار علي وزيره خلال انعقاد مجلس الوزراء فيرديه قتيلاً ؛ ولأول مرة في التاريخ البشري المكتوب يدفع المشنوق في سجن أبو غريب [ بغداد ] رشوة لجلاده كي يضع الأنشوطة في الأعلى ليموت المشنوق بسرعة لأنه إن لم يدفع رشوة فسيضعها جلاده في الأسفل ليموت المشنوق ببطء. حتى اكثر خيال الروائيين تشاؤماً لم يخطر له مثل هذا المشهد علي خاطر. أما في عراق صدام حسين فهو واقعة تفقأ العيون. ومع ذلك صفق له قطيع المثقفين الذين شلت فاهمتهم عبادة " القائد الضرورة " أو البطل المنقذ وافتقاد أدمغتهم لخلية الفكر النقدي وجمودهم الذهني وجفاف ضميرهم الأخلاقي مثل عبد الإله بلقزيز ومحمد عابد الجابري من المغرب مثلاً لا حصراً.

إيلاف خاص



#العفيف_الأخضر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاولة لفهم دلالة الزلزال العراقي
- الديمقراطية تقتضي الفصل بين المواطن والمؤمن
- هل تقليد العدو هو السبيل إلي الحداثة؟
- لماذا يرفع سيزيف العربي الحجر الثقيل ليقع على قدميه؟
- ماذا قالت لي الصواريخ المتساقطة عل عاصمة الرشيد؟
- لماذا كنت أول من طالب صدام بالاستقالة – الإقالة ؟
- راشد الغنوشي وأفكاره الثابتة
- الثقافة الغربية مطلوبة
- هل ينقلب صدام على نفسه ؟
- أميركا : هل حوّلتها سياستها الخارجية ضحيةً آثمة ؟
- متى سنقيم الحداد على ما فات ومات؟
- وعد الحرب على العراق ووعيدها؟
- المثقفون والعمليات الانتحارية : هذيان جماعي !
- بشائر انقلاب في الفكر الإستراتيجي الفلسطيني
- لماذا نحن جبناء فكرياً وسياسيا؟
- رسالة لـ-حماس-: متى تنقضون حلفكم غير المكتوب مع شارون ؟
- كي لا تكون مقترحات بوش ( المؤجلة ) فرصة أخري ضائعة
- مراهنة علي ضبط تلاقح الثقافات والحضارات
- العمليات الإنتحارية مجازفة بمستقبل الشعب الفلسطيني
- ما العمل بعد الزلزال ؟


المزيد.....




- كوريا الشمالية تدين تزويد أوكرانيا بصواريخ ATACMS الأمريكية ...
- عالم آثار شهير يكشف ألاعيب إسرائيل لسرقة تاريخ الحضارة المصر ...
- البرلمان الليبي يكشف عن جاهزيته لإجراء انتخابات رئاسية قبل ن ...
- -القيادة المركزية- تعلن إسقاط 5 مسيرات فوق البحر الأحمر
- البهاق يحول كلبة من اللون الأسود إلى الأبيض
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /29.04.2024/ ...
- هل تنجح جامعات الضفة في تعويض طلاب غزة عن بُعد؟
- بريكس منصة لتشكيل عالم متعدد الأقطاب
- رئيس الأركان الأوكراني يقر بأن الوضع على الجبهة -تدهور- مع ت ...
- ?? مباشر: وفد حركة حماس يزور القاهرة الاثنين لمحادثات -وقف ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - العفيف الأخضر - ساعدوا العراق علي الانتقال من قوانين الغاب إلي قوانين العقل