أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - العفيف الأخضر - هل تقليد العدو هو السبيل إلي الحداثة؟















المزيد.....

هل تقليد العدو هو السبيل إلي الحداثة؟


العفيف الأخضر

الحوار المتمدن-العدد: 449 - 2003 / 4 / 8 - 02:12
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

 
 الأغنية - النشيد الشهيرة التي لقنتنا وصية سلفية: "وأبي قال لنا أقتلوا أعدائنا" والتي طالما ألهبت حماسي أيام حرب السويس والجزائر كم أتمني اليوم، لو كان لي صوت مغنيتها الخلاب، معارضتها بأغنية بديلة: "وابن خلدون قال لنا قلدوا أعداءنا"، لكن جرحنا النرجسي مازال يأبى علينا ذلك.
 الأحداث الجسام تعيد فتح هذا الجرح فينخرط الجميع في البكاء والإستبكاء علي أطلال الذكريات، الشعارات، الأوهام والأبطال الذين صنعوها. لكن النخبتين السياسية والفكرية بما هما الصانعان الرئيسيان للقرار السياسي والقرار الفكري النقدي لمجتمعاتهما ترفضان بوعي الانضمام إلي جوقة الباكين علي الأطلال. بل تفتحان ورشة نقاش صريح بقدر ما هو عميق للأسباب القريبة والبعيدة لهذه الهزائم المتلاحقة والتي يكاد ينسي آخرها أولها. وهذا ما لم يقع قط علي نطاق واسع في الفضاء العربي الإسلامي بسبب هيمنة النخبتين التقليديتين السياسية والدينية - الفكرية علي مصائره.
 النخبة السياسية التقليدية مارست دون انقطاع سياستين انتحاريتين: سياسة النعامة وسياسة المشي علي حافة الهاوية. الأولي تتعامى عن رؤية الأخطار الداخلية المحدقة المتمثلة في المشاكل الحقيقية التي تتطلب معالجتها بنجاعة وشجاعة سياسية بعيدة النظر مثل مشكلة التنمية أي تحديث وترشيد الاقتصاد والتعليم وقوانين الحالة الشخصية ونزع فتيل قنبلة الانفجار السكاني وأخيراً إصلاح الإسلام لكي لا يظل العائق الأول للتنمية. أما الثانية فتستدعي الأخطار الخارجية القاتلة بتصريحاتها وقراراتها وممارساتها الخرقاء مقدمة بذلك الأسباب والذرائع لإسرائيل تارة ولأمريكا أو غيرها تارة أخرى لتضرب ضربتها.
 بالمثل تمارس النخبة الدينية _ الفكرية نفس السياستين الانتحاريتين مرة بتجاهل تلك المشاكل الحقيقية التي تعامت عنها النخبة السياسية ومرة بإغراق الجمهور عبر وسائل الإعلام التي تحتكرها بالمشاكل البيزنطية الدينية أو الدنيوية كالحجاب وهجاء العولمة وعبادة الشيطان التي تملأ الآن الإعلام وتشغل الناس.. السؤال: هل تستطيع النخبة الحديثة المحدودة عدداً وإمكانيات والمحاصرة إعلامياً أن تسبح ضد هذين التيارين الانتحاريين؟ طبعاً تستطيع، رغم المخاطر التي قد تلامس المجازفة بالحرية، وبالحياة، سلاح النخبة الحديثة في هذا الصراع السياسي - الديني- الفكري هو الفكر النقدي أي توضيح المشاكل التي تطرح نفسها علينا بنقل المسكوت عنه إلي المتناقش فيه. حتى الآن انتصر التكفير علي التفكير والنقل علي العقل فأوصلنا إلي ما نحن فيه: آخر أمة أخرجت لناس. كيف نقلب المعادلة بتغليب التفكير علي التكفير والتحليل علي الفتوى والعقل علي النقل؟ بتقليد النخب الحديثة التي انتصرت علي نخبها التقليدية. باستخدام العلوم الإنسانية في نقد تراثها وصنع قرارها وتحليل مشكلاتها في إعلامها وتعليمها وحياتها الثقافية. ليس مصادفة أن الغزالي كفر الفلسفة والحنابلة كفروا المنطق والمتأسلمون المعاصرون كفروا العلوم الإنسانية "لأنها، كما يقول سيد قطب، مناهضة للدين وللإسلام خاصة" قطعاً للإسلام بما هو دين ودولة وللقرآن بما هو كتاب تاريخ وجغرافيا وبايلوجيا وطب وكيمياء وفزياء لا بما هو "كتاب روحي فقط" كما قالت محقة بنت الشاطئ.
 باستثناء المدرسة التونسية، مازالت الفلسفة والعلوم الإجتماعية مقصاة كلياً أو جزئياً من التعليم في العالم العربي. أخذ الدرس من هزائمنا منذ قرنين يتطلب منا أن نقصي هذا الإقصاء. لم تنتقل الأمم الحديثة من السلطة السياسية المطلقة إلي السلطة السياسية النسبية التي تقبل أن تعارضها سلطة مضادة إلا بعد أن نقلتها نخبتها الحديثة من سلطة النص المطلقة إلي سلطة العقل النسبية أي التي تعترف بشرعية الاختلاف وبتعددية القناعات والآراء والنظريات وبأن الحقيقة هي دائماً جزء من حقيقة أشمل برسم الاكتشاف.
 انتقالنا إلي الحداثة سيمر أيضاً بنفس المسار: تحويل نصنا المقدس إلي موضوع نسائله بالعلوم الإنسانية لمعرفة ماوراء أبعاده الرمزية من عوامل موضوعيه وما وراء حمولته الروحية من مكونات تاريخية. ولنا في النخبة الأوربية الحديثة قدوة حسنة: فقد فصلت منذ "الرسالة اللاهوتية- السياسية" في القرن السابع عشر، بين العقل والنقل [الإيمان] وجعل سبينوزا النقل خاضعاً لمساءلة العقل مثله مثل أية ظاهرة طبيعية. وهو مسار توجه في أيامنا جان بوطيرو الذي حلل علي، ضوء تاريخ الأديان المقارن، الجذور الوثنية البابلية للكتاب المقدس وتالياً للقرآن الذي هو استعادة معدلة للعهد القديم.
 نبدأ المسيرة الظافرة للخروج من تاريخ هزائمنا الطويل عندما نعطي من المحيط إلي الخليج للعلوم الاجتماعية تأشيرة الدخول إلي مدارسنا وجامعاتنا مثلما دخلت منذ قرون ولا زالت تدخل إلي جميع المؤسسات التعليمية في القارات الخمس.
 في نهاية الثمانينات انتصرت الديمقراطية الليبرالية علي "الديمقراطية الشعبية" التوتاليتارية. لم تقلدنا، لحسن حظها، نخب أوربا الشرقية المهزومة فتقاطع سلع ورساميل وقيم وعلوم الغرب المنتصر عليها بل قلدته بدقة متناهية عاملة من حيث لا تدري بقول ابن خلدون: "المغلوب مولع دائماً بتقليد الغالب". السبب في ذلك أن النفس تعتقد الكمال في من انتصر عليها وانقادت له [..] فانتحلت جميع مذاهب الغالب وتشبهت به وذلك هو الاقتداء [..] لذا نري المغلوب يتشبه أبداً بالغالب [..] في سائر أحواله. انظر ذلك في تقليد الأبناء لآبائهم كيف نجدهم متشبهين بهم دائماً وما ذاك إلا لاعتقادهم الكمال فيهم ".
 لم نتشبه بالمنتصرين علينا من غربيين وإسرائيليين في "سائر أحوالهم" الديمقراطية والعلمية لأن نرجسيتنا الجمعية الهاذية أوهمتنا بأننا خير أمة أخرجت للناس: يقلدها الناس ولا تقلد الناس. بل إن رفضها تقليدهم استحال إلي رهاب هستيري. ذكر عكيفا الدار في "هآرتس" أن شارون الذي اشترط حكومة يرأسها أبو مازن للتعاطي مع السلطة الفلسطينية قد يجد نفسه في موقف شبيه بموقف سلفه شامير عندما اشترط في 1991 علي الأمريكيين ذهاب سوريا إلي مؤتمر مدريد ليذهب هو إليه مراهناً علي رفض سوريا " الأمر الإسرائيلي " لكن حافظ الأسد خيب ظنه و "كان إعلان سوريا الذهاب إلي مدريد أكثر الأيام سواداً في حياة شامير" كما كتب الصحفي الإسرائيلي.. متوقعاً لشارون يوماً مماثلاً ليوم سلفه بخيبة رهانه علي الرفض الفلسطيني.
 عندما يصل العمي السياسي بنخبة سياسية هذه الدرجة صفر من التفكير العقلاني فعليها وعلي من أعطوها زمام قيادتهم السلام.
إيلاف خاص

 



#العفيف_الأخضر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يرفع سيزيف العربي الحجر الثقيل ليقع على قدميه؟
- ماذا قالت لي الصواريخ المتساقطة عل عاصمة الرشيد؟
- لماذا كنت أول من طالب صدام بالاستقالة – الإقالة ؟
- راشد الغنوشي وأفكاره الثابتة
- الثقافة الغربية مطلوبة
- هل ينقلب صدام على نفسه ؟
- أميركا : هل حوّلتها سياستها الخارجية ضحيةً آثمة ؟
- متى سنقيم الحداد على ما فات ومات؟
- وعد الحرب على العراق ووعيدها؟
- المثقفون والعمليات الانتحارية : هذيان جماعي !
- بشائر انقلاب في الفكر الإستراتيجي الفلسطيني
- لماذا نحن جبناء فكرياً وسياسيا؟
- رسالة لـ-حماس-: متى تنقضون حلفكم غير المكتوب مع شارون ؟
- كي لا تكون مقترحات بوش ( المؤجلة ) فرصة أخري ضائعة
- مراهنة علي ضبط تلاقح الثقافات والحضارات
- العمليات الإنتحارية مجازفة بمستقبل الشعب الفلسطيني
- ما العمل بعد الزلزال ؟


المزيد.....




- فك لغز جثة ملفوفة بسلك كهربائي مدفونة أسفل ناد ليلي في نيويو ...
- ابتز قصّر في السعودية لأغراض جنسية وانتحل صفة غير صحيحة.. ال ...
- مع مجيء اليوم العالمي لحرية الصحافة، ما الأخطار التي تهدد ال ...
- إضاءة مقرات الاتحاد الأوروبي بالألوان احتفالاً بذكرى التوسع ...
- البهائيون في إيران.. حرمان من الحقوق و-اضطهاد ممنهج-
- خطة محكمة تعيد لشاب ألماني سيارته المسروقة!
- في ذكرى جريمة فرنسية -مكتملة الأركان- في الجزائر
- ‏ إسقاط 12 مسيرة أوكرانية فوق 5 مقاطعات روسية
- -واينت- يشير إلى -معضلة رفح- والسيناريوهات المرتقبة خلال الس ...
- انهيار سقف جامع في السعودية (فيديو)


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - العفيف الأخضر - هل تقليد العدو هو السبيل إلي الحداثة؟