باسم المنذري
الحوار المتمدن-العدد: 8378 - 2025 / 6 / 19 - 16:11
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
هناك صعوبات تواجه الاقتصاد الامريكي في الصناعة والمعادن يعمل ترامب على تغيير الاتجاه الذي خلقته العولمة خلال اتفاقات خاصة بأعادة الصناعة الى امريكا مع العلم ان الشركات ذهبت للتصنيع في الصين وغيرها من خلال خطة اقتصادية ومن منطق تحقيق الأرباح. تحاول سياسة ترامب احداث تغييرات اقتصادية ستراتيجية في العالم بأستخدام عوامل القوة السياسية والعسكرية الامريكية وإحدى المؤشرات ان القوى السياسية او الدولة تمارس دور يناقض المنطق الاقتصادي الرأسمالي.
إجمالًا، مشروع ترامب الحالي يمزج ركيزتين: تعزيز اقتصاد "أمريكا أولًا" عبر تخفيض الضرائب، تعزيز الادخار، والحماية التجارية، إلى جانب تكريس بنية اجتماعية محافظة تتبنى دورًا أكبر للولايات والدين وتقلص دور الحكومة الفيدرالية في الخدمة الاجتماعية والقيم الثقافية.
ان التحولات الاقتصادية العالمية في عهد دونالد ترامب (خاصة خلال فترة رئاسته بين 2017–2021) تأثرت بشكل مباشر بعدد من السياسات التي اتخذها، وأثرت بدورها على الاقتصاد العالمي، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. وأبرز هذه التحولات:
1. سياسة "أمريكاأولاً" وتراجع العولمة:
رفع ترامب شعار "أمريكا أولاً"، وهو ما انعكس في انسحابات من اتفاقيات تجارية دولية عديدة هذا التوجه شجع على الحمائية التجارية، وأدى إلى تراجع نسبي في العولمة ودفع دولاً أخرى لتشكيل تحالفات تجارية جديدة بمعزل عن الولايات المتحدة.
2. الحرب التجارية مع الصين:
فرض ترامب رسوماً جمركية ضخمة على الواردات الصينية، وردّت الصين بالمثل.
هذه الحرب أثرت على:
*سلاسل الإمداد العالمية
*ثقة المستثمرين
*أسعار المواد الخام والسلع
*تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني، وبالتالي تأثيره على الأسواق الناشئة.
3. خفض الضرائب والتحفيز المحلي:
مرّر ترامب قانون تخفيض الضرائب لعام 2017، مما أدى إلى:
*زيادة أرباح الشركات
*تشجيع الاستثمارات داخل الولايات المتحدة.
*رفع العجز في الميزانية الفيدرالية.
أدت هذه السياسة إلى نمو اقتصادي قوي في البداية، لكنه لم يكن مستدامًا على المدى الطويل.
4. التأثير على سوق الطاقة:
شجع ترامب على زيادة إنتاج النفط والفحم، وانسحب من اتفاقية باريس للمناخ.
هذا أثر على:
*أسعار النفط العالمية (بسبب ارتفاع الإنتاج الأمريكي)
*ضعف الالتزام العالمي بسياسات الحد من الانبعاثات لفترة مؤقتة.
*تغيّر مسار الاستثمارات في الطاقة المتجددة مؤقتًا.
5. إعادة تشكيل سلاسل التوريد العالمية:
*بسبب السياسات التجارية الأمريكية، بدأت الشركات العالمية في:
*نقل مصانعها من الصين إلى دول أخرى مثل فيتنام والهند والمكسيك
*البحث عن تقليل الاعتماد على الصين، مما غيّر خريطة الصناعة والإنتاج العالمي*
الخلاصة:
تحولات عهد ترامب الاقتصادية عالمياً اتسمت بـ:
إعادة توجيه التجارة نحو المصالح الوطنية.
تزايد التوترات الجيو-اقتصادية
تأثيرات طويلة الأمد على العولمة وسلاسل التوريد
دفع العالم نحو مزيد من السياسات الحمائية والاكتفاء الذاتي.
تأثرت دول مجموعة بريكس (BRICS) – البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب أفريقيا (وانضمت إليها دول أخرى مؤخرًا) – بشكل مباشر وغير مباشر بالقرارات الاقتصادية التي اتخذها ترامب، سواء خلال فترة رئاسته (2017–2021) أو من خلال تأثيره المستمر على السياسة الاقتصادية الأميركية. من خلال..
1. الحروب التجارية والتعريفات الجمركية
أطلق ترامب حربًا تجارية واسعة، خصوصًا ضد الصين، من خلال فرض تعريفات جمركية على مئات المليارات من الدولارات من السلع.
أثر ذلك على سلاسل التوريد العالمية، والتجارة الخارجية، وأسعار الصادرات الصينية، وبالتالي على اقتصادات دول بريكس المرتبطة بالصين.
2. الضغط على الدولار والنظام المالي العالمي
كان ترامب ينتقد مرارًا الاحتياطي الفيدرالي لسياسته النقدية، ودفع باتجاه خفض الفائدة وضعف الدولار لتحسين الصادرات الأميركية.
هذا حفّز دول بريكس لتسريع جهودها لفك الارتباط بالدولار، مثل:
*إطلاق آليات بديلة للدفع بالعملات المحلية.
*تعزيز التعاون المالي بين البنوك المركزية لدول بريكس.
3. العقوبات الأميركية
فرضت إدارة ترامب عقوبات اقتصادية على روسيا وإيران وفنزويلا والصين، وأثّرت هذه العقوبات على حلفاء وشركاء بريكس.
روسيا والصين خصوصًا شعرتا بالحاجة لتعزيز التحالفات التجارية والمالية ضمن تكتلات كـ "بريكس" كرد على السياسات الأميركية العدائية.
4. الانسحاب من الاتفاقات الدولية
انسحب ترامب من اتفاق باريس للمناخ، ومنظمة الصحة العالمية، واتفاقيات التجارة الدولية.
خلق ذلك فراغًا دبلوماسيًا حاولت بعض دول بريكس، مثل الصين والهند، أن تملأه بتوسيع نفوذها في القضايا العالمية.
ان قرارات ترامب الاقتصادية تشكّل ضغطًا لكنها أيضًا فرصة لدول بريكس:
من خلال الضغط بسبب التوترات التجارية والعقوبات وعدم الاستقرار في الأسواق.
وهي فرصة لتحفيز التعاون فيما بينها، وتقليل الاعتماد على الدولار، وتعزيز دورها في الاقتصاد العالمي.
التفسير الماركسي لمشروع ترامب الاقتصادي يستند إلى تحليل البُنى الطبقية وعلاقات الإنتاج، ويرى الاقتصاد لا كمجموعة سياسات منعزلة بل كأداة في يد الطبقات الحاكمة لحماية مصالحها. من هذا المنطلق، يمكن تفكيك مشروع ترامب الاقتصادي وفق الرؤية الماركسية على النحو التالي:
1. خدمة البرجوازية الكبرى
ماركس يرى أن الدولة الحديثة ليست سوى لجنة لإدارة الشؤون المشتركة للبرجوازية. في هذا السياق، سياسات ترامب، خاصة:
خفض الضرائب على الشركات الكبرى والأثرياء (قانون الضرائب 2017)
→ تُفسر ماركسيًا على أنها تحويل للثروة من الطبقات العاملة والوسطى نحو رأس المال، أي تقوية مباشرة للبرجوازية الاحتكارية.
التقليل من القيود البيئية والصحية على الصناعات
→ تقليل تكاليف الإنتاج لزيادة الأرباح، حتى لو على حساب صحة العمال والبيئة. ماركس يفسّر هذا باعتباره نمطًا من استغلال القوة العاملة والطبيعة لصالح رأس المال.
2. القومية الاقتصادية والحمائية
ترامب دعا إلى حماية "أمريكا أولًا" من خلال:
فرض رسوم جمركية على السلع الصينية والأوروبية
→ ماركسيًا، هذا يُفهم كصراع إمبريالي بين كتل رأسمالية كبرى (رأسمال أمريكي مقابل رأسمال صيني وأوروبي). ليس من أجل "الشعب الأمريكي" بل لإعادة توزيع الأسواق العالمية لصالح الطبقة الرأسمالية الأمريكية.
نقل الصناعات إلى الداخل الأميركي
→ ظاهريًا لصالح العمال، لكن ماركسيًا يُفهم كمحاولة لإعادة إنتاج فائض القيمة محليًا عبر ضغط أجور العمال الأمريكيين بدلاً من الاعتماد على العمالة الأرخص في الخارج.
3. الهجوم على النقابات وبرامج الرعاية
سياسات ترامب سعت إلى تقليص برامج الرعاية الاجتماعية والحد من نفوذ النقابات.
ماركسيًا، يُعتبر هذا جزءًا من تفكيك أدوات مقاومة الطبقة العاملة، وتعزيز سيطرة رأس المال على قوة العمل، أي تكريس اغتراب العامل وخضوعه لآليات السوق.
4. الاستثمار في الجيش والبنية التحتية
الإنفاق العسكري الضخم يعزز المجمع الصناعي العسكري، وهي قطاعات رأسمالية ضخمة تحقق أرباحًا من الحروب والصراعات، وهذا ما يسميه ماركس إنتاج لا من أجل الحاجة، بل من أجل الربح والسيطرة الإمبريالية
الخلاصة الماركسية:
مشروع ترامب الاقتصادي، في جوهره، هو تعبير عن أزمة الرأسمالية العالمية ومحاولة البرجوازية الأمريكية الحفاظ على هيمنتها عبر السياسات القومية والاستغلالية. لم يكن لصالح "الشعب" كما يُروّج، بل كان لصالح الاحتكارات المالية والصناعية، وقد زاد من التفاوت الطبقي، وعمّق من الاستقطاب الاجتماعي والعرقي.
#باسم_المنذري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟