أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - الشوالي يستحوذ على بلاغة اللغة














المزيد.....

الشوالي يستحوذ على بلاغة اللغة


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 8377 - 2025 / 6 / 18 - 16:20
المحور: الادب والفن
    


لم تبدأ القصة من اقتباس الفنان السوري تيم حسن في مسلسل “تحت سابع أرض” لجملة افتراضية من المعلق التونسي عصام الشوالي، للتعبير عن نفسه! هناك الكثير مما يدعو للشغف قبل ذلك، لكن تيم كان يرى أن أداءه لا يكتمل من دون أن يكون هذا الاقتباس بلهجة تونسية صارت تندلق على الأسماع العربية كالعسل!
ينطلق صوت الشوالي بلغة عربية غاية في التعبير، يستحوذ على القلوب ببلاغة الاقتباسات والجناس والطباق والإيحاء، يستعيد حوادث تاريخية ملهمة عندما تكون كرة القدم التعريف المثالي للأوطان، فيما لا يغادر الشوالي الجغرافيا ولا يفرط في بلاغة اللغة وهو يعبر عن نفسه وعما يتوق إليه ملايين الهائمين بكرة القدم.
مع الشوالي بدأت لغة التعليق تأخذ بعدًا إبداعيًا يعكس علاقة مباشرة بين الرياضة والأدب، حيث صارت المباراة لا تُرى فقط كحدث رياضي، بل كحكاية تنبض بالأفكار التي تستحق التأمل والبحث.
تلك هي المدرسة الأدبية في التعليق الرياضي التي أسسها الشوالي وقطعت مع التعليق بلهجة دارجة ميتة وأنهت بذلك استخدام مفردات مفخخة خالية من المعنى تكاد تنفجر في وجه المشاهد، عبر سمو وبلاغة اللغة العربية التي رسخها هذا المعلق من دون أن يفرط في مساحات صغيرة بمفردات تونسية صار يحبها الناس في كل البلدان العربية، الأمر الذي يفسر لنا اقتباس الفنان تيم حسن.
كذلك كُسرت ثقافة المركز والأطراف بعد مقتل حارس البوابة في الفضاء المفتوح، ولم تعد أي قيمة للثقافة السائدة التي زعمت أن أهل المشرق والمغرب العربيين لا يفهمون لهجة بعضهما بعضًا!
ما يميز الشوالي في تعليقه ليس فقط براعته في نقل ما يجري، بل قدرته الفائقة على استخدام لغة تعبيرية تضفي على كرة القدم طابعا فنيا. ففي كل تعليق نجد أن الشوالي لا يقتصر على تقديم سرد رتيب، بل يغمر الكلمات بمعانٍ عميقة تمزج بين ثقافة الرياضة وإيحاءات اللغة الشعرية.
يستعين بالاستعارات والتشبيهات الأدبية والتاريخية التي تضفي على تعليقه طابعا خاصا. فقد تجد إشارة إلى شكسبير حاضرة مع براعة الأداء الكروي، كما يمكن أن تجد أن المخرج ألفريد هتشكوك في سيناريو مباراة مجنونة تجري عكس مجريات الأداء!
ويثري كل ذلك بعبارات مستلهمة من الأدب الكلاسيكي والتاريخ الرياضي، ما يجعل المستمع يشعر بأنه أمام حديث ليس فقط عن مباراة، بل عن حدث ثقافي يصنع جسرا بين الماضي والحاضر.
كانت كرة القدم تصنف لدينا في غرور أدبي بـ”الثقافة الواطئة”، لكن هذا التصنيف يعود إلى ضحالة ثقافة العاملين العرب بهذه الرياضة، والمعلقين والمحللين. بينما حقيقة كرة القدم ليست كذلك بالمطلق، فسيزار مينوتي مدرب الأرجنتين الذي رفع مع فريق بلاده كأس العالم كان شاعرا. ولم يصل الملهم بيب غوارديولا إلى الفلسفة التي يتبناها في الملعب من دون أن يجلس طويلا مع بطل العالم في الشطرنج غاري كاسباروف.
هذا يعني أن كرة القدم الحديثة يمكن أن ترتقي إلى مرتبة الثقافة العالية إذا تسنت للعاملين فيها صناعة الأفكار الملهمة. والشوالي في تعليقه يرتقي بالذائقة السمعية والتعبيرية مثلما يرتقي الأداء الباهر للاعبين بالذائقة البصرية حيث صارت المباراة لا تُرى فقط كحدث رياضي، بل كحكاية تنبض بالمشاعر والأفكار التي تستحق التأمل والتحليل النقدي الأدبي من دون التنازل عن سمو اللغة.
عندما تسنى للهولندي الطائر يوهان كرويف والمايسترو فرانز بيكنباور أن يسردا الأفكار في مقالات مكتوبة عن كرة القدم بعد مرور سنين طويلة على مغادرتهما الملاعب، كانا يكتبان قصائد كروية في مقالات صحفية باهرة.
لذلك علينا ألا نتراجع عن ثقافة كرة القدم ونحوّل الحديث عنها إلى مجرد تهريج وجدل المقاهي، كما على المحللين السمو بلغتهم والتعلم من تعبيرية الشوالي وهو يجعل من التعليق دراما تلفزيونية.



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحبّ السياسة لأنها تحبّ الناس
- الراحل هيثم الزبيدي شاهد على العَصرِ الرابع
- زوكربيرغ يسوّق لصناعة المشاعر
- لعنة العراق أم متلازمة صدام!
- لهيثم الزبيدي وجع الدموع في مآقيها
- ترامب لعبة لا تبعث على الملل
- شاعر لم يعرض عن عراقيته
- رعد بركات: لا غناء إلا للعراق
- رصيد ياسمين بلقايد لا ينضب
- إعلام دولة رئيس الببغاء!
- تأنيث ضمير اللغة
- كاظم الساهر يعيد مجد أغنية الأمهات
- تغييب التلاوة البغدادية
- ألا تكفي خمس جوائز أوسكار!
- تدليس مفهوم الدولة عند نوري المالكي
- استحواذ على ملكيتنا الفكرية
- أوروبا الرجل الطيب أم المريض
- دمشق يا أخت بغداد
- بيرس مورغان مدير على نفسه
- نسخة ترامب2.0 تحرق السقف


المزيد.....




- شاهد رجل يقاطع -سام ألتمان- على المسرح ليسلمه أمر المحكمة
- مدينة إسرائيلية تعيش -فيلم رعب-.. بسبب الثعابين
- اتحاد الأدباء يحتفي بشوقي كريم حسن ويروي رحلته من السرد إلى ...
- الناصرية تحتفي بتوثيق الأطوار الغنائية وتستذكر 50 فناناً أسه ...
- زهران بن محمود ممداني.. من صفعة ترامب بفوز -فخر الهند- والنا ...
- من غزة إلى عيتا الشعب.. حين يتحول الألم إلى مسرح
- الممثلة التركية فهريّة أفجين تتألّق بتصميمين عربيين في أبوظب ...
- تعاون جديد بين دمشق وأنقرة عنوانه -اللغة التركية-
- -ليلة السكاكين- للكاتب والمخرج عروة المقداد: تغذية الأسطورة ...
- بابا كريستوفر والعم سام


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - الشوالي يستحوذ على بلاغة اللغة