عزف منفرد خارج الجوف

سمير عبد الرحيم اغا

الحوار المتمدن-العدد: 8371 - 2025 / 6 / 12 - 13:29
المحور: الادب والفن
    

عزف منفرد في( خارج الجوق ) للشاعر امير الحلاج
ربما خارج الجوق اعزف
حيث انفرادي وقوفا
له نسق
يملك البصمة المشرقة
وله باب رؤيا
ونحن نقرا قصائد الشاعر " امير الحلاج " في مجموعته الجديدة " خارج الجوق " الصادرة عن دار " امل الجديدة " سورية ، دمشق 2019 : نجد (52) قصيدة مكتوبة بلغة رمزية عاليه ، وايحاءات متعددة، وقدرة على ان تحمل اكثر من معنى ، واسئلة تحمل تجربة ، والتجربة تحمل اجوبة ، ان اختيار اللغة بهذه الكتابة تعود الى وعي وثقافة الشاعر – اللغة عبارة عن الفاظ وكلمات .
عنوان المجموعة الشعرية ذو دلالة مرجعية مرتبطة بجوانب النصوص ، العنونة بنيت على مفردتين الاولى ( خارج ) يفترض وجود خط سير لمجموعة الاشياء تشير الى استقلالية الكتابة والثانية ( الجوق ) شراع العزف ، هناك علاقة بين مفهوم النص الشعري وعنوانه يقصد به الشاعر " رؤية " تنثر قوق الرؤس ، وانفراد عزفه وهو يروم الوصول الى ما بعد الافق .
في هذه المجموعة الشعرية استطاع امير الحلاج ان يبني قصائده مولعا بالقصر .. مما سبب في اثراء تجربة الشاعر الغنية وتماسكها .. اسلوب امير الحلاج لم يكن في يون من الايام غائبا عن الرمز والنمط الذاتي " صوت يحاور نفسه "
يقول في قصيدة " نشور " ص 86
كلما امعن في النسيان
تشرئب
من رماد تابوتها الذكرى
وتنبض ضوعها المتجدد باشراق للشمس
ثلاث جمل ترد مخفية او غائبة .. احتمالات النص اكثر من احتمال الذكرى التي تراود في طي النسيان او الذات و شروقها ، يتكلم الشاعر وتراوده الذكرى في نفي ضوعه ..
وبقول في قصيدة " طائر" ص 6
حلق
لا لرغبتك التي تشحن قوتها
ان تقوم حاتا الفعل
فتدفع فيك الشروع
والتطلع
للجهات التي تحتك حيز ضم
طائر الشاعر محكم بالانكسار .. بداه بالفعل " حلق " مشهد البداية كانها نذير التطلع للذات ، و صعوبة تاويل النص ، تراوح بين الغموض والوضوح ووازن بين جمالية النص والنفس القصير.
ويقول في قصيدة " ايام مراء " ص 96
في اليوم الاول
تختفي الارض
دموع المتشحين باردية الحب
بحيرات لاحد لها
في اليوم الثاني الضحكات الخضر
تزغرد في حدقات الخضر
تواصل صريح ومباشر في النص .. مع القارى .. الوضوح والسرد من اليوم الاول ، نزعة الغموض في نص امير الحلاج غير قابلة للتجزئة والسياق الذي يبدا به نصه الشعري ...هو القاسم المشترك في لغته .. كانها فرضت على نصه ، هكذا يبدو الشاعر من يعي بحقيقة نصه الشعري ، الذي عرف به من زمن ليس بالقصير في افق المشهد الشعري العراقي
يقول في قصيدة " مفاتيح " ص 81
المفاتيح تخضع للتنوع الاوضاع
بعضها في السلسة
يرقص من عزف تنفسها
بعضها التبثر حاكم الحالة
فتحنو الطاولة مطلية السبات
يعود ويقدم لنا صورة متحركة للمفاتيح .. : المفاتيح بعضها في السلسة تحنو على الطاولة ، بعضها يمسك كف حاملها .. خوف الوقوع . اشارات واضحة وايحائية خالية من الفموض نوعا ما . كون الابواب مشرعة للقادمين ، وضوح النص بدا من العنوان " المفاتيح " تمثل انعكاسات لرؤية الشاعر في تحقيق عناصر القصيدة .
يقول في قصيدة " اللجام " ص 58
بين ان ترتقي ، تقليد الطير
وبين ان تلتحف الرمل
فاصل يطنب خط الحدود
مآة تصدك ضوءا يرتد
نص قصير كباقي نصوص المجموعة ، تقليد الطير ، طيور امير الحلاج .. تتماسك بلغتها .. لايجاد علاقات وتصورات متناغمة من خلال لغة االتفاهم .. بين الطيور ، امير الحلاج يتمسك بطائره اللغوي ، وانا كل يوم اتابعه في صفحته اليومية في الفيسبوك تتصدر قصائده جداره الابيض ، بقاموسه الشعري المعتاد : المفردة العميقة ، الرؤية التاملية ،تشظي المعنى ، هذا التواصل اليومي ،، ربما يعود بالفائدة وربما العكس .. استهلاك المفردة من اجل اثبات الكتابة ، يفترض وجود العارف ببواطن الامور " اللغة " مثلا وهو يروم الوصول الى المتلقي .. معادلة صعبة نتمنى ان تحل ..
يقول في قصيدة " بوصلة " ص 76
افعل ماشئت
وغير اتجاه البوصلة
واختر رفاقك
وانطفى في الاحاديث
لاشي يبقى في الخفاء
ان الاحاديث مارست البكم
كي يبقى على حاله البدء
في الكرسي المتحرك بستجدي الدافع
بوصله اتجاه الحركة .. بيد الشاعر يوجهها متى واين شاء ، وله الحرية في الاختيار والتصوير .. صور شعرية مباشرة ، لغة تواصل عميقة ، ترسم الشعر كالاشجار ، تاكيد رؤية جديدة " حيث سهم البوصله المشير"
اخير ان نصوص امير الحلاج " غناء يفور بالعزف " وقوارير ، وفعل / استراحة ، تضاريس ، عقاب ، طائر ، انتظار ، المسطرة ، الخ ، مدخل لشخصية الشاعر وقدرته على الابصار والتفرد وسط سماء الشعر .
لقد امتلك الشاعر التفرد في العزف على منصه جوقه الشعري ، ولغة تساير ما يطرحه من نصوص ثرية بروح الاحساس العميق ، وقدرة على بناء نص ينافس الاسماء الاخرى ، وفي المقابل الكثير من شعر" امير الحلاج "لايستطيع المتلقي ان يفك رموزه لكونه غامض وغارق بالحداثة .
هذه المجموعة هي الخامسة للشاعر ، اذ سبق ان اصدر : مواجيد الحلاج / 1989 ، نقطةفوق هامش / 1997، من النقطة الى الدائرة / 2001 ، الدائرة خارج الشرنقة / 2016


....................................................................................

#سمير_عبد_الرحيم_اغا (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل