أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير عبد الرحيم اغا - قصص بطعم البرتقال















المزيد.....

قصص بطعم البرتقال


سمير عبد الرحيم اغا

الحوار المتمدن-العدد: 6415 - 2019 / 11 / 21 - 11:53
المحور: الادب والفن
    


بقيت ثلاثين يوما .. أسترق البحث في أغراض جدتي العزيزة، بعد موتها .. رغم يقيني بأن هذا البحث عيبا، رغبة خفية جعلتني أكتم أنفاسي وأتسلل في استحياء ..
حين دخلت غرفتها، وفي نشوة البحث ارتميت على صندوقا صغيرا مزركشا بألوان الطيف، أعرف أني أغامر، وهذا ما صبر رغبتي في البحث، فتحت الصندوق بلهفة وشوق، وجدت فيه صندوقا أخر أصغر، يعج برائحة المسك، ارتعد قلبي لصغره، تسارعت نبضاتي، كأنني محاصر بجدران طويلة قلت هذه النهاية .. رميت بثقل نظري إليه، فتحت الصندوق تجاهلت الهدايا الصغيرة التي تكدست في داخله، وبطريقة شاقة مفعمة بالعذوبة والعذاب .. وجدت وردة حمراء فواحة و( طفولة نهد)

2
وأنا ماض من أمام بيت الطالبات في الأعظمية، ينفتح الباب تبرز منه ثلاث فتيات ملونات الشعر والعيون، خضراء، وصفراء، وزرقاء، كما تخرج الحوريات من زبد البحر، يحملن كراريس مدرسية يتضاحكن بتعالي ... يفضح الشوق كلامهن، نور يتدفق، فيقطر الفضول قلبي،، يسدن الطريق علي، فيتسمر عنقي بينهن .
قالت الزرقاء
- ما له يسد الطريق
أحملق فيها وأقول كاشفا عن منديلي
أني خيرتك فاختاري ....
لم أعد داريا .. إلى أين أذهب .. أتخيل أنني لا أستطيع أن أفلت من زحمة الهيام
قلت: ألا ... تجلسين على أهدابي
قالت الصفراء
أنه مجنون ....
قالت الخضراء وقد استرخت أجفانها:
أنه درويش الشعر
طالت المساجلة وبمشقة استطعت أن أتملص من قبضتهن وأمكنني أن أحرك عنقي .

3
تدخل السنة الجديدة علينا فأذهب إلى المدينة أجوب أسواقها ودكاكينها، .... أبحث عن هدية الميلاد، وتسري في قلبي روح البحث . في كل مكان، مضى النهار أكثره وانأ ابحث، تعثرت .. سقطت على وجهي .. تعبت خطاي،، لم استقر على شيء، أي هدية .. دبوس يعلق على قميصها، فله بيضاء، كل البطاقات التي يبيعونها في المكتبات لا تقول ما أريده، ولا أريد العودة بدون الهدية، سأقبلها عند ما تطفأ الأنوار .. وأحلم بصورة لنا معلقة على جدار البيت، بحثت مثل المجانين، .. حتى تلاشى التعب في زحمة الفرح فقد رجعت إلى البيت وبين يدي (كل عام وأنت حبيبي)

4
ما أن وجد الحب طريقه إلى قلبي حتى جاء يوم و جثم الكدر عليه حتى ليكاد أن يخنقه، كل هذا وانأ لم أزل تلميذا في الصف السادس الابتدائي، أدمنت الانعزال والتأمل، أدمنت الذهاب إلى المحطات التي كنا نجلس بها، ويستقر بي الحال أن أذوب حزنا ... تأتي أمي علي بألم وحسرة خائفة متوجسة، تقول لي: أنت لم تزل صغيرا وعودك لم يزل طريا، تتوسل ..تترجى مني أن اترك الأمر ... وإلا هلكت وتقسم بأن السماء سوف تلعنني بالحمى، انطلقت بأعذار لا ترضي أحد، سقطت بين أيديهم تشاجروا .. تضع أمي بين يدي الشكولاته،و أبي يضع النقود، وأختي الكبيرة تصنع لي كيك بالكريمة، يمتلئ البيت بكنوز من الحلوى ولكن غدوت أثرا لذبول المطر والألوان، فعلمت العصافير بقصي حبي وعلمت أختي الصغيرة تقترب مني وتضع في يدي (حبيبتي)

5
أشطر فطيرة الجبن ..... فأعطيها النصف، نأكل خلسة، ننظر في أعيننا بود كما العصافير تسألني: ماذا نلعب ؟ أنظر إلى وجهها: نلعب بالحصى ... ثم نغص في الزقاق الصغير خلف المنزل،، أقرا لها قصة سندريلا، نرسم على الجدار أشياء تتحرك، أناملها النحيفة تتحدث إلى الجدار، تحسدنا عيون، تلتفت نحوي ضاحكة، تلتقي عيوننا دون أن يرانا أحد، يقترب وجهها من وجهي، ينبعث من قلبي شوق طري، يمضي كل منا إلى بيته، ونتواعد بالغد، تفتح حقيبتها، تشطر الفطيرة، وتعطيني النصف، تودعني وتقول (أنت لي)

6
تناثر خبر في إرجاء المدينة،يقول: أن البلدية ستنفذ مشروع شارع الحب التي يضم كل أحياء المدينة، ضمن مشروع المدينة الجديد، يطير الخبر من شارع إلى شارع ومن حي إلى حي،لم يفاجئني الخبر حين طالعت الجريدة، ولم يساورني العجب ...ولم يساورني الفشل، الكل يهتف يريد أن يعرف، من صاحب الفكرة ومن صاحب المشروع،
قال شيخ في مقهى البلدية
ماذا نفعل بهذه المشروع؟
رد احدهم: لنسكن فيه كلنا
قال آخر ناظرا إلى الشيخ:
سيحقق لنا الأمان هذا المشروع
قال طفل
هذا أفضل خبر
قالت نسوة في المدينة
من صاحب هذا المشروع؟
ويشرع العاملون بالعمل وينطق الجميع بالحب، ويتهيأ لنا بعد حين أن نعرف بالبحث والتحري أن صاحب المشروع هو المهندس (نزار قباني) .

7
بعد اختفاء القمر بأيام، تكوم العشاق والمحبين إمام مكتبي كالأوراق، يتساءلون أين ذهب القمر؟ إنا شخصيا لم أصدق ذلك ولم أحزن ولم أفرح، أين ابحث؟ من أسأل؟ سألت الجيران .. لم يصدقوا، نشرت الخبر، فكثر الحديث، منهم من قال: انه غادر إلى البحر ومنهم من قال: انه جمع أوراقه وثيابه وذهب إلى الريف، ليجمع الزهور التي يحبها، بعد صيف ساخن جاءتني سمراء فاتنة لم تذكر اسمها قالت: إن القمر جاء إلي وقدم لي زهرة .
في بداية الأمر لم افهم شيا ولم يكن في نيتي أن أصدق، وبعد حين تأكدت لي حقيقة لم أعرفها ولم تخطر ببالي أبدا وهي إن القمر سأم حياته، و قرر أن يتعلم الصيد في بحر الحب ... استطعت إن انفي التهم عنه والقيل والقال، باستثناء تهمة الحب كما (قالت لي السمراء)

8
ذات ربيع .. علقت على جدران المدينة مسابقة للرسم، فخرجت عصافير الحب، تبعتها الفراشات، من كل الحقول و سهول الألوان تتطلع للمشاركة، دار نقاش بينهما فكل واحد يقول إنا أحسن منك أرسم، اشتد النقاش، حتى وصل إلى شيخ المدينة، فقال: لا داعي لذلك، خذوا فرشاتكم وألوانكم الجميلة واذهبوا إلى الحقول ولنر من يرسم أفضل؟ رسمت العصافير، رسمت الفراشات .. استمر الرسم بدفء حتى غروب الشمس . وكان المشهد منظر جانبي لشارع الحب، أراد شيخ المدينة إن يعرف الفائز، لم يستطع فيضطر أن يقول لهم: عند الصباح سأعطيكم جوابي .... أحد العصافير اعترض وقال إن السباق لم ينتهي،وأنا اخطط أشكالا بالكلمات، وأن قلبي مفعم بالألوان بعد أن كبرت العصافير وذهبت إلى المدرسة، شاهدت السباق بأكمله، عرفت الفائز. كل العصافير كانت تجيد رسم الورد بالفرشاة باستثناء عصفور واحد كان يجيد (الرسم بالكلمات)

9
سألوني الناس عنك قالوا:
من تكون حبيبتك ؟
قلت: يا ليت أملك رسمها
قالوا: هل تحبها
قلت: من عشرين قرنا أحبها
سألوني مرة أخرى
مازلت تحبها إلى الآن؟
قلت: نعم .... مازلت
سألوني: لماذا تحبها؟
قلت: لا تسألوني . فليس لدي الخيار
سألوني: أين تجدها؟
قلت: في حضور المياه، وفي حضور الشجر وفي زهرة دوار الشمس .
سألوني
ما اسمها؟
قلت: لا أعرف أسمها
قالوا لي:
كيف تتورط بحب امرأة لا تعرف رسمها ولا أسمها ولا مقدار حبها ؟
قلت:
أنا لا أناقش في الحب .. فهو يقرر في أي يوم سيأتي
قالوا: وهل تتواصل معها ألان
قلت: كلا ولكن أنا سعيد لأنني قلت لها (أحبك .. أحبك والبقية تأتي)

10
تهمس بشغف
هيا نرقص هذه الرقصة،
تمد لي يدها بحركة ذات مغزى كأنه صوت البلابل، أوافق بإيماءة من رأسي فتقول بعد صمت قصير:
ما أجمل ذلك
تقترب مني لترى بوضوح، فأحس مس صدرها، تجذبني، وهي تواصل الحديث، أتابعها، وأنا أضطرم فيذوب قلبي، أستدير فأضمها إلى صدري، ثم أشرح فكرة الرقص، كأنني أفشي أسرار تؤدي عواقبها إلى السجن، أحس بالسرور والحب .ازداد اندفاعا، رغم حركاتنا الثنائية، فهناك حركات لا يمكن تخطيها، تتودد لتعرف هذه الرقصة، في النهاية، أنفتح علي عوالم فرحها، تقول: ما هذه، يتفتح ينبوع متدفق من قلبي كأنني طير في السماء لأقول لها أنها: (سامبا)

......................
الكلمات التي بين الأقواس هي أسماء لأشهر دواوين الشاعر نزار قباني .



#سمير_عبد_الرحيم_اغا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاتبتعد كثيرا
- لاتسرع في سيرك
- طبية وعامل
- ازهار جامعية بيضاء
- انا ونبيل وسؤدد
- سيرة ذاتية
- صور حب جامعية
- ( أرواق عنب ندى فوزي ...................رسائل امرأة من زمن آ ...
- فراشات جامعية
- صورتان
- يوميات دفتر جامعي
- سر اسعد
- صورة رقم 59
- حادثة طريق
- مندوب العبيدي ... بيدر شعرك ممتلى بك
- لاتتركوا النارنج وحيدا
- التشكيل الجمالي في اسلوب التقطيع (في مرآة الحرف )للشاعر اديب ...
- احب الرياضة
- وصايا الجامعة وحكاية ابي
- اوراق طالب جامعي


المزيد.....




- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير عبد الرحيم اغا - قصص بطعم البرتقال