أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير عبد الرحيم اغا - لاتدع الاطفال يرقدون














المزيد.....

لاتدع الاطفال يرقدون


سمير عبد الرحيم اغا

الحوار المتمدن-العدد: 6438 - 2019 / 12 / 15 - 12:33
المحور: الادب والفن
    


احبت الموصل ، كانت طفلة تركض في ازقة الدواسة ، تشرب جسدها من شجرة الكاردينيا طولها بطول مقاسها في الجدار ، تركض الى المدرسة ، وهي ترقص في اراضي الغابات في كل رحلة مدرسية ، الاطياف التي تتجول في قلبها لا تعرفها ، وهي شغلي وانشغالي في هذا الكوكب ، اسعى في مداره ، بين اضلعي يجري مياهه ،(الغربان السود ) تتجول في الازقة والشوارع ، تأخذ ما تشاء من كل نهج ، يطيب لها ان تقترب من الكون ، وترنو الى مواسم الاولاد المتروكة في موكب الحب ، تتمنى ان تكون موسما واحدا في اي دار .
في حديقة منزلها .. ابيها .. واخوتها يركضون خلف منازل مهدمة ، ( والغربان السود ) دارت في دوار البيت بحجم دائرة كاملة ، تسرق الموت من عيون الناس ، وهي تجهل لم هذا الشي يحوم في شوارع الموصل ، منع اللعب ، فاين تركض ..؟ وكل المحطات تنتظر موعد السفر الى الحياة ، وكل العيون تزحف حين تراه ، في المسافات الطويلة . كانت تكبر الدمع بالهوى ، كانت تحسب اقدام العابرين على جسدها ، صنعت من الغار تلاوة ، علموها ان مجرى الارض في كف الموصل علموها انه سبحانه يحي ويغني ما يشاء ، علموها ماذا قتلوا التعساء ..؟والخوف اذا جاء المساء .
تعلمت الرسم للجدران شجرة الكاردينيا ، صنعت من السيقان عائلة كاملة ، ومن الاغصان .. اطفال تلهو . رسمت لتلك الاشجار شمسا وطيورا وفضاء ، ملائي صبابا ، ودواليبا وغابات مداخن ، وعشرات الابواب والنوافذ ، رسمت خنادق .. وثغور مفتوحة بين كل شمس وشمس ، عندليب وسوسنة , وكتاب ومئذنة ، تهدم ظهرها تحت القنابل وانقاض المنازل .
كل مساء في طريق عودتها الى البيت ، تغني " معكم .. معكم في وجه الغربان " تغني مع اخوة يبكون والف طفل ضائع ، وبائعا يرتد صداه في الموصل ، " من يشتري المسيح بحفنتي طين " حين صر الباب في بعض السجون ، قبل ميلاد الصباح قالت امهات عند باب البيوت المهدمة ، وبيدها زيتون وحمامة تحمل البشرى الى اهل الموصل : عودي يا حمامة امها شاءتها احلى صبية ، شاءتها اسما وشكلا فدعاها الوالد : ليلى
يبحث عنها " الغربان " حين يحل آذان العشاء ، يرتعش الجيران من اصواتهم ..من نعيقهم .. تغلق الابواب والنوافذ ، يتوقعون مجيئهم من اي اتجاه ، تدس جسمها النحيف في وسك الاكوام ، تمشي الموصل خرابا وموتا ، تبحث عنها الغربان ، تحاول ان تمسك ذيل فستانها المبلول ، نشعت منه بقعة حمراء ، فكفت عن الركض وضحكت ، امسكت ذيل فستانها المخضب وقالت : كفى اومأت براسها ثم جلست ، وكان الحمام الذي طار يأخذ اماكنه على الياسمين العالي ، يدس راسه تحت جناحيه ، ويغمغم ، والناس خلف الحائط مزقوا كل شيء ، يتوالى البحث ، حلمهم ان يحملوا (ليلى ) سبيه .
تهدر الريح عن طفلة تمضي مستفزة ، يتوالى البحث ، دم دافئ وقان ، اغنيات الصبايا معها تهاجم ، وهن يغنين بخوف وغنج عن غياب الدورة في عودتهن المتعبة من العمل في اطراف الموصل ، وينتظرنها فلا تجئ : لم والدها رافعا كالنخيل يوالى البحث ، ترقب الاعداء في صمت الكمائن ، سمعنا ولم نر ، ولم يكن لدينا استعداد ان نقبل غير ما تصورناه ، تتذكر امها ، عادت مع الصوت ، قعدت تبكي في الزقاق ، كان الخوخ نيئا وصغيرا ، وقطوف العنب خضراء ، ومدلاة ، والنبق والبلح ، لم يكن وحده الليمون يتناقص في الحدائق ، الصغار يتناقصون يوما بعد يوم ... بقي من ينشد ":
ليلى .. ليلى سبيه ...
في السطح اعشاشهن ، وفي الافق سنونو ، وقلب وعيون ، يتوالى البحث ، هربت ليلى الى فتحة الباب : ياالله .. الغربان تركض في شوارع الموصل ، وانفض يوم ، ويومان، يتوالى البحث ، والصغار يتناقصون كلما نادى المعلم اسمائهم من الكشف الذي بيده ، والفناء يصير اكثر اتساعا ، يتوالى البحث ، والاب ممدد ، تندب الشمس عليه ، وليلى سبيه .
...................................



#سمير_عبد_الرحيم_اغا (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاتسبق ريح الحب
- لاتغلق الهاتف
- حزينة
- قصص بطعم البرتقال
- لاتبتعد كثيرا
- لاتسرع في سيرك
- طبية وعامل
- ازهار جامعية بيضاء
- انا ونبيل وسؤدد
- سيرة ذاتية
- صور حب جامعية
- ( أرواق عنب ندى فوزي ...................رسائل امرأة من زمن آ ...
- فراشات جامعية
- صورتان
- يوميات دفتر جامعي
- سر اسعد
- صورة رقم 59
- حادثة طريق
- مندوب العبيدي ... بيدر شعرك ممتلى بك
- لاتتركوا النارنج وحيدا


المزيد.....




- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير عبد الرحيم اغا - لاتدع الاطفال يرقدون