مجدي عبد الوهاب
الحوار المتمدن-العدد: 8367 - 2025 / 6 / 8 - 18:31
المحور:
القضية الفلسطينية
لا باب بقي لتعليق خرزة زرقاء، ولا بخورا لطرد الحسد. لم تترك حماس في غزة حجرا على حجر، ولا روحا في جسد. أنقاض القطاع تئنُّ تحت وطأة "الانتصارات" التي رفعتها على أعناق الناس، فانكسرت أعناقهم وانتصرت رايات الموت.
لقد أحسنوا إدارة الخراب، وأوهمونا بأن الحصار بطولة، وأن الدم مهرُ التحرير، حتى إذا ما أطبق الموت على الأزقة، وأوشك البحر أن يلفظ أمواجه من القهر، عادوا ينادون بالمجد، وكأن المجد يولد من تحت الركام.
في لحظة صفاء مع الذات، قد يجد قادة حماس ضوءا من سيرة مضيئة. حين ضاقت الأرض بأصحاب النبي محمد، أشار عليهم بالفرار لا خوفًا، بل حفظًا للحق والروح، فكانت الهجرة إلى الحبشة. فما المانع أن يفرّ هؤلاء اليوم؟ أن يتسللوا كما فعل أولئك، لا خفيةً من كفار قريش، بل نجاةً من لعنات شعبهم؟
فإن كانت تجربة عرفات الذي خرج من بيروت درءًا للدمار لا تروق لهم، فليتذكروا من كان أعظم منه، هاجر ليحيا، لا ليموت في وحلِ المكابرة. أم تراهُم يكفرون بما فعله نبيّهم، كما كفروا بعقول الناس وأحلامهم؟
وبين أسماء الله الحسنى، وأسماء أنبيائه الكرام، ضاع الناس. سموهم "نصر الله" و"يحيى"، فحملوا الأسماء ونقضوا جوهرها. لم يأتوا إلا بكل ما يناقض ما يحملون من أسماء: لا نصر في نصرهم، ولا حياة في حياة يحيى. هم حمير الله، لا ذما للحمار، بل ثناء عليه. ليتهم يتعلمون من ذلك المخلوق الصامت. يعرف الطريق، لا يحيد عنه. يحمل صاحبه برفق، ولا يخذله في منعطف، يخطو بثباتٍ حيث لا تجرؤ الدبابات، ويعبر الوديان حيث يغرق القادة في شعاراتهم.
إنها دعوة، لا إلى انسحاب من غزة فقط، بل إلى انسحاب من الوهم. دعوة لأن نخلع عنهم الأسماء التي لا تليق بهم، ولنسميهم كما يجب، لا كما يتمنون. دعوة لأن يترجّلوا، أو أن يمتطوا أخيرا ظهور الحمير، عساه يحملهم الى النجاة، إن بقيت للنجاة بقية.
#مجدي_عبد_الوهاب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟