أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي علي رشيد - تجنيس المقاتلين الأجانب في سوريا: قراءة تاريخية في المخاطر والاحتمالات















المزيد.....

تجنيس المقاتلين الأجانب في سوريا: قراءة تاريخية في المخاطر والاحتمالات


فتحي علي رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 8365 - 2025 / 6 / 6 - 00:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تشير كتب تاريخية متعددة، من بينها أعمال المقريزي وعباس إقبال ومحمد الصلابي، إلى أن شعوب أواسط آسيا مثل المغول، والتتر، والإيغور، والقرغيز، والهون ، والقفجاق ، والغز، والسلاجقة، والترك، كانوا يعيشون حياة رعوية في سهوب تمتد من منغوليا حتى أوكرانيا. وبسبب تنقلاتهم وتداخلهم، من الصعب تمييزهم بدقة. وقد اتسمت هذه الشعوب بخصائص ناتجة عن بيئتهم القاسية، مثل الشدة والبأس وخفة الحركة على الخيل والعجلات ، لكنهم ظلوا مهمشين تاريخيًا مقارنة بالشعوب المتحضرة المجاورة. كونهم كانوا اقرب للبداوة منهم للحضارة حيث يوضح ذلك الجانب المقريزي في كتابه " الكامل في الضعفاء وعلل الحديث". وفي مراحل تاريخية معينة، خاصة بعد توحيدهم تحت قيادة خاقاناتهم ( زعمائهم ) في أوائل القرن الثالث عشر 1200 م ، شنوا غزوات واسعة ضد الصين والهند وإيران وأوروبا، وامتدت لاحقاً إلى العراق والشام، حيث تسببوا في دمار واسع، ولعل هذا نابع من ردة فعلهم على تهمشيهم من قبل الاقوام المجاورة لهم فأخضعوها بقوة وكما كتب المقريزي : " ونزع الله مهابة المسلمين في قلوب التتر وألقى في قلوبهم الوهن والضعف والخور ، حتى كانت أقدام المسلمين لا تقدر على حملهم . وهكذا هرب الملوك والرؤساء بأموالهم وأهلهم وتركوا شعوبهم تسقط في براثن المغول والتتر، مع انهم ليسوا من سكان هذه المناطق ولايعرفون مسالكها . " وهكذا تمكنت كتيبة واحدة من ثلاثة الاف تتري من تدمير مدن إسلامية يزيد عدد سكانها عن ثلاثة ملايين ، وبما انه لم يكن ما يعيق انتشارهم وتوسعهم فلقد شكلوا أوسع امبراطورية عرفها التاريخ ..
بعد اعتناقهم الإسلام في القرن الرابع عشر، أصبحوا من أكثر المدافعين عن "الإسلام الجهادي السني"، حيث تشير الوقائع التي دونها كل من ابن خلدون وابن تيمية أنهم بعد أن تبنوا الإسلام بدءا من القرن الرابع عشر غلفوا الشراسة الطبيعية التي وهبها لهم الله بروح الفتح التي جاء بها الإسلام ، وباتوا من يومها من المتعصبين للإسلام الجهادي السني الحنبلي المتشدد ويعتبرون انفسهم (كالأتراك ) خلقهم الله ليدافعوا عن أمة الإسلام أينما كانوا وينشروا رسالته.

في المرحلة الحديثة، ومع اندلاع الصراع السوري عام 2011،.عاد بعض المنحدرين من هذه المناطق ليظهروا مجددًا في المشهد عبر جماعات مسلّحة ذات طابع جهادي، أبرزها جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وقد وجدوا فرصة مناسبة لتفريغ طاقتهم المخزنة عبر مئات السنين بعد ان كبتها أباطرة روسيا والحكم الشيوعي في روسيا والصين ـ ولما فشل المتعصبين منهم في اسقاط الأنظمة الجديدة التي فرضها الروس والصينيين عليهم في تلك البلدان . ولهذا وجد حكام تلك الدول التابعين لروسيا والصين أن ذلك مناسبا للتخلص منهم ، في حين تلقفت أمريكا ذلك الأمر كي تستخدمهم في مناطق النزاعات لفرض أجندتها الخاصة ـ خاصة في المناطق التي يصعب عليهم التوغل فيها مثل افغانستان مما أعاد توجيه شراستهم نحو غايات دينية جديدة..فسهلوا على الغرباء المنتمين لتنظيم القاعدة والتي لم يعد ضرورة لوجودهم في أفغانستان بعد سقوط النظام الشيوعي التوجه لسورية والعراق عن طريق حليفتهم تركيا فشكلوا عام 2012 ما عرفت بجبهة نصرة أهل الشام .( التسمية تشير على انهم ليسوا من اهل الشام ). أغلب هؤلاء المقاتلين قدموا من جمهوريات آسيا الوسطى (الشيشان، الإيغور، الأوزبك، الطاجيك، الأذر، وغيرهم)، عبر تسهيلات مختلفة، واستقروا في الشمال السوري، خاصة بعد تفكك المشهد الجهادي في أفغانستان.وهكذا وجدوا الفرصة مناسبة لتشكيل كتائب لنصرة أهل الشام والعراق ليقيموا الخلافة الاسلامية فيها بما يمكنهم لاحقاً من تحرير بلادهم.
ومؤخراً وجد الأمريكان أن الشعب السوري سيرفضهم وانه لم تعد هناك حاجة لهم فطالبوا بإعادتهم إلى البلدان التي جاؤوا منها ليستخدموهم هناك ووضعوا ذلك شرطاً للاعتراف بالنظام الجديد في سوريا . لكن بعدما اكتشفوا انهم مازالوا يشكلون القوة الرئيسية الضاربة لجبهة النصرة التي مكنت الجولاني من حكم سوريا، فإن عودتهم لبلدانهم سوف تفقد جبهة النصرة امكانية حكم سوريا وبالتالي خسارة كل ما أنجزته من اقناع مؤيديهم بضرورة التنازل عن الجولان وعدم اعتبار إسرائيل عدواً.
وبما ان الدول التي طردتهم أعلنت أيضا انها لن تقبل عودتهم لها . لذلك وجد الجميع الأمريكان والاوروبين والروس والصينيين ان الحل يكمن في العمل على إبقائهم في سوريا والعمل على تجنسيهم فيها .
ما يثير القلق اليوم هو الطرح المتداول دوليًا حول منح هؤلاء المقاتلين الأجانب الجنسية السورية، سواء لأسباب سياسية، تتعلق بتثبيت الواقع الأمني والعسكري، أو لأسباب ديموغرافية، ترتبط بإعادة تشكيل البنية السكانية في مناطق الشمال..
تاريخيًا، عانت سوريا من نتائج الغزو المغولي/التتري في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، حين اقتُحمت مدن كبرى مثل دمشق وتعرضت لدمار واسع وسفك دماء ونهب للمقدسات. ورغم اختلاف السياق الزمني والسياسي اليوم، إلا أن الذاكرة الجماعية السورية ما تزال تحمل آثارًا عميقة لتلك المآسي، ما يفسّر الحساسية المجتمعية تجاه أي وجود مسلح أجنبي طويل الأمد، خصوصًا إذا رُبط بعمليات تجنيس أو تمكين سياسي لاحق . ليست المشكلة في الأصل القومي أو الإثني لهؤلاء الأفراد، بل في ما يحمله المشروع من احتمالات تهديد للسيادة الوطنية، وتغيير ديموغرافي موجه، وانفصال عن تطلعات السوريين الأصلاء لبناء دولة مدنية تحفظ الحريات والكرامة. .
في الوقت الذي رُحب فيه بالعديد من السوريين الذين وجدوا ملاذًا في الدول الأخرى وتمكنوا من الحصول على جنسية، فإننا نرى خطرًا حقيقيًا في منح جنسية دولة منهكة لمقاتلين عقائديين شاركوا في صراعات مسلحة على أرضها، دون وجود مصالحة وطنية شاملة أو مساءلة قانونية أو توافق شعبي حول هذا الخيار.
إن التجنيس في هذه الحالة لا يجب أن يُطرح كإجراء إداري بسيط، بل كقضية وطنية حساسة، تحتاج إلى نقاش سياسي واجتماعي عميق، يراعي تاريخ البلد وهويته، ويضع مصلحة شعبه فوق أي أجندات دولية أو إقليمية
فتحي رشيد

المراجع
المقريزي تاج الدين، تاريخ الضعفاء والأحداث، 1986، دار الشجرة بيروت



#فتحي_علي_رشيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جولة ترامب في الخليج العربي
- الوضع في سوريا : من يحكم سوريا ؟
- أبعاد وخلفيات القمة العربية 33
- سر العداء لحماس
- الاستفادة من بعض ما حصل في غزة
- ملحمة نصر غزة
- ملامح المرحلة الجديدة لسوريا
- حول قرار محكمة الجنايات الدولية
- الوطن وطني والقضية قضيتي -
- بؤس ثقافة الهوان
- مفترق طرق بين الذوبان والتلاشي وبين البقاء والرفعة
- بايدن وخلط المفاهيم والحقائق
- محرقة مجمع الشفاء الطبي
- نزعة العدوان والعنف عند البشر
- استعادة الشموخ
- مقاربة بين معاناة غرنيكا ، أوشفيتس ،ماي لاي ومعاناة غزة
- بين حل الدولتين و الحل الجذري الشامل للقضية الفلسطينية
- تجرية الصين وتحرير فلسطين
- المواقف المخزية لحكام ونخب الدول الغربية الفاعلة
- جوهر قضايا الشرق الأوسط


المزيد.....




- دخل منطقة محظورة.. سائق توصيل طلبات ينتهي به المطاف على مدرج ...
- -تصميم- فرنسي على الاعتراف بدولة فلسطينية... وشكوى ضدّ إسرائ ...
- الشركات الأمريكية تتمسك بالصين رغم الرسوم الجمركية المرتفعة ...
- بنعبد الله يستقبل وفدا عن عن الجمعية المغربية لحماية المال ا ...
- مودي يفتتح أعلى جسر سكة حديد في العالم يربط كشمير بباقي الأر ...
- لحظة رعب في السماء.. طفلان ينجوان بأعجوبة من قلعة مطاطية طائ ...
- ترامب: وفد أمريكي يجري في لندن يوم 9 يونيو مفاوضات تجارية مع ...
- -إنجاز طبي في مكة-.. استخدام روبوت في عملية جراحية دقيقة بال ...
- رغم شهداء المساعدات.. واشنطن تدعو العالم لدعم -مؤسسة غزة الإ ...
- الى الامام العدد 248


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي علي رشيد - تجنيس المقاتلين الأجانب في سوريا: قراءة تاريخية في المخاطر والاحتمالات