أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي علي رشيد - نزعة العدوان والعنف عند البشر















المزيد.....

نزعة العدوان والعنف عند البشر


فتحي علي رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 7918 - 2024 / 3 / 16 - 17:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لن نعود للتصورات القديمة عن قدم وأسباب ظاهرة العنف والقتل والعدوان التي تذكرها الكتب المقدسة التي تعتقد ان نزعة الشر موجودة فينا منذ بداية الخليقة ؛ منذ قتل قابيل اخاه هابيل بسبب نزاع على الزواج من اخته وتقبل الله بعد ذلك لتقدمة هابيل ..الخ ، ليس لأنها رواية توراتية لا أساس لها من الصحة فقط بل لأنه ثبت لنا انها رواية مأخوذة عن اسطورة خرافية بابلية تعود لعام 1886 ق.م مكتوبة على الحجر تستند على تصور بدائي وخرافي عن صراع بين آنو وانليل وبين ايزوا وناموا في رواية معروفة بقصة خلق الاله مردوخ . ولن نلتفت لقصة الخلق الزرادشتية التي روجت منذ ثلاثة الاف سنه على اعتبار الشر كامن فينا خارج الوجود لوجود إلهين للعالم ـ اله الشر؛ " اهريمان " وإله الخير "اهورا مازدا " وان الصراع بينهما هو صراع ازلي موجود منذ الازل وسيظل كذلك الى الابد .مع ان كلتا الروايتين وغيرهما تزعمان ان الخير سينتصر في النهاية لكن لأنها من ناحية تبرر وتسكت على فعل الشر إلى زمن غير محدد ولكونها من ناحية ثانية تخيلات بدائية لاتمت للواقع بصلة .
بل سوف نستند إلى ما قدمه العلم من تفسيرات استنادا لما هو مدروس وقائم في النفس البشرية والمجتمع والحضارة من قبل باحثين وعلماء نفس واجتماع ووراثة وفيزيولوجيا اعتمدوا على دراسات عينية وعلى الملاحظة المباشرة والتجربة .
حيث تغيرت نظرتنا للكون بدءا من القرن السادس عشر, ومن ثم للحياة والمجتمع والانسان وماتزال تتغير حتى اليوم . مع ذلك لابد من ان نشير لما قدمه كل من توماس هوبز وجان جاك روسو الداعين لبناء عقد اجتماعي بين البشر يلغي او يحد من سيطرة الأباطرة والملوك المستبدين بدعم مما قدمه لهم رجال الدين من مفاهيم مستندة على اساطير.
وهكذا تراكمت المعرفة بالإنسان والمجتمع حتى وصلت الى ما وصل اليه العالم في القرن العشرين من قرارات ثبتت أخيرا في ميثاق الأمم المتحدة وحقوق الانسان بما يضع حدا للعدوان في العالم كله من اجل خير وبقاء الانسان أيا كان .
ومن يدقق في تعريف العدوان الذي اقرته اللجنة الدولية الخاصة بتعريف العدوان بناء على تكليف من الجمعية العامة للاممم المتحدة عام 1974 في القرار 3314 يجد انه ينص على "أن أي استخدام للقوات المسلحة من قبل دولة ما ضد سيادة دولة أخرى او ضد سلامتها الإقليمية او استقلالها السياسي ,او لاحتلالها او لضم أي إقليم من دولة أخرى ، بما في ذلك فرض حصار على موانئ او حدود تلك الدولة من قبل القوات البرية او البحرية او الجوية."
سيجد ان مكونات هذا التعريف تنطبق تماما على ما قامت به إسرائيل ضد الدولة الفلسطينية التي تم الاعتراف بها قانونيا منذ عام 1947 في القرار181 او التي تم التوافق على اقامتها عام 1994 كي تقوم على كامل الضفة الغربية وغزة بما في ذلك القدس الشرقية . بما يعني أن أي اعتداء على هذه الأراضي يجب ان يعتبر عدوانا .وبما ان إسرائيل لم تنسحب عن تلك الأراضي بل قامت بالتوسع فيها والبطش بشعبها مما برر ويبررله ولقواه الحية استخدام العنف الذي شرعته الأمم المتحدة لتحرير أراضيها .
من تابع ما قامت به الجيش الاسرائيلي المدجج باحدث وافتك انوع الأسلحة من جرائم ضد مدنيي غزة في القرن الحادي والعشرين ، ردا على ما زعمت انها جرائم ارتكبت من قبل حماس وفصائل المقاومة المشروعة والمبررة بل والمطلوبة حسب القانون الدولي ) .ومن دقق في وسائل الحصار والتجويع ضد المدنيين والتي نجم عنها موت وقتل آلاف الأطفال والنساء والرضع والتشريد وتدمير البنية التحتية لغزة ولأغلب بيوتها . يجد انها إن لم تزيد بشاعة ـ فهي ـ ابشع ـ مما قام به اعتى المجرمين عبر التاريخ بما في ذلك الجرائم التي ارتكبها الأوربيين في القرن السادس عشر ضد الهنود الحمر.
وبمناسبة الحديث عن البشاعة والعدوان لابد من الإشارة بأن لهما درجات حددها توماس هوبز قبل ثلاثمائة عام بعشر درجات (الصفحة 312 في كتابه الليفا ياثان ) مثل ان تعذيب الشخص عبر ضربه وتعذيبه يعتبر اشد بشاعة وخطورة من قتله فورا . ومثل اعتبار التسبب باي إعاقة في أعضاء الشخص المعتدى عليه اشد خطورة من مجرد التعذيب او الحرمان .واعتبار السوء المفروض من قبل سلطة مغتصبة وقضاة غير عادلين عدوانا ابشع ...وهو ما ينطبق تماما على ما قامت به إسرائيل (لم يذكر هوبز التجويع والحصار ومنع الدواء والكهرباء والماء عن الناس والمشافي والمرضى لأنها لم تكن تخطر بباله ) مما يجعل منها ابشع الجرائم المرتكبة في التاريخ ، تتضائل امامها الجرائم المرتكبة من قبل الفاشييين ضد مدينة جيرونيكا الاسبانية عام 1937 (التي خلدها بيكاسوا بلوحته الشهيرة ) وتفوق الجرائم التي ارتكبها النازيين في اوشفتز والجرائم التي ارتكبها الأمريكان في قرية ماي لاي الفيتنامية عام 1965. حيث لم يقم هؤلاء بأي عمليات حصار او تجويع او حرمان من المياه والأكل والعلاج او قصف للمشافي والنمدارس ..الخ للبشر هناك حيث قتلوهم او احرقوم فورا او دمروا بيوتهم فورا ولم يقوموا بتعذيبهم ؟.
وبما ان المجتمع الدولي في القرار المذكور اعتبر جريمة العدوان هي اكثر الجرائم العدوانية فحشا . لذلك يفترض ان تتوقف فورا دون أي نقاش او دعوة للمناقشة او لعرضها على مجلس الأمن اوعلى محكمة العدل الدولية او محكمة الجنايات . طالما أنه يوجد نص سابق وواضح وصريح يوجب منعها وادانتها ووقفها .
لذلك علينا وضع ما قامت وتقوم به إسرائيل في فلسطين والداعمين لها ليس ضمن قائمة أخطر عمليات الإبادة الجماعية والعدوان تعرض لها البشر في تاريخ العالم . بل أسوا القضايا التي تم التلاعب بها والالتفاف عليها في تاريخ العالم .
مما يجعل من البحث في العدوان والعنف المستخدم في العالم على ضوء ما يحدث في غزة من أهم الموضوعات الأساسية التي تهم البشرية كلها . والتي سيتم على ضوء طريقة تعامل المجتمع الدولي معها مستقبل البشرية كلها .
فالمسألة ليست كما لم تعود ـ في تبرير العدوان على الفلسطينيين او ما ترتكب من جرائم فقط .بل في وضع حد للعدوان ضد أي كان في العالم ,وفرض عقوبات زاجرة تحول دون تكراره .من خلال تبني مبدأ عام وصارم او اتخاذ قرار سريع يوقف العدوان . والامر لا يتعلق بما جرى او يجري في غزة اليوم الا كي يكون حائلا دون تكراره في أي مكان آخر في العالم . ولأنه يتحدد على ضوءه هذا الموقف من العدوان على غزة مصير البشرية كلها ومستقبل شعوب الأرض الطامحة للحرية والاستقلال .
هل يسوغ او يتقبل البشر الأسوياء العدوان الذي وقع على غزة وشعبها ان يقع عليهم وما سيقع عليهم إذا ما سكتوا على العدوان؟ .
هل يسكتون ويتقبلون هذا الكم الهائل من الرعب والعنف المستخدم ضد الغزاويين ويسكتون عليه او يبررونه ؟ بالطبع لا . خاصة اذا علموا ان العدوان يمكن ان يتطور إلى عنف مضاد يلحق بهم وبالعالم خسائر اقتصادية وبشرية كبيرة . لذلك فالمنطق يقتضي ان ينبذوا العنف والعدوان ويقفون ضدهما بكل الوسائل المتاحة .كون العقل او المنطق والنفس لم تعد تتقبل او تبرر العدوان أو يقبل استخدام العنف ضد الحيوان وبالتالي في حل المشاكل بين الدول كلها مما يسهم في الاستقرار وإرساء أسس السلم والأمن الدوليين .
فتحي علي رشيد موتالا 16.03.2024
من مقدمة كتاب (الانسان عاريا ) للكاتب سيصدر قريبا



#فتحي_علي_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استعادة الشموخ
- مقاربة بين معاناة غرنيكا ، أوشفيتس ،ماي لاي ومعاناة غزة
- بين حل الدولتين و الحل الجذري الشامل للقضية الفلسطينية
- تجرية الصين وتحرير فلسطين
- المواقف المخزية لحكام ونخب الدول الغربية الفاعلة
- جوهر قضايا الشرق الأوسط
- حق الدفاع عن النفس في ميزان الحقوق
- حزب الله ما بين العقلانية والمقاومة
- مقاومة حماس في مواجهة إرهاب إسرائيل والغرب
- غَزًة عِزًة فلسطين
- الدورالسلبي للجهاديين في الثورات العربية
- لماذا فشلت ثورات الشعوب العربية
- جريمة استلاب وسرقة فلسطين وتراثهاٍ
- قراءة جديدة في القضية الفلسطينية (24 ) بمناسبة مرورالعام الأ ...
- قراءة جديدة في القضية الفلسطينية (23) الحق التاريخي بين التن ...
- الدور الملتبس للجيش في الدول العربية
- المخرج الوحيد لسوريا
- الجزائروآفاق التغيير الجذري الشامل
- - ماكرون - والمساواة بين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية
- قراءة جديدة في القضية الفلسطينية (22) مرحلة -مافوق الصهيونية ...


المزيد.....




- زرافة -لا تستطيع المضغ- تقوم بردة فعل لا تُصدق بعد تقويم طبي ...
- كتاب --من إسطنبول إلى حيفا--: كيف غيّر خمسة إخوة وجه التاريخ ...
- بمشاركة دولية.. انطلاق مهرجان ياسمين الحمامات في تونس
- مصرع 8 أشخاص وإصابة 2 جراء انفجار في مطعم وسط بيروت
- لبنان بين أزمتي نزوح.. داخلية وسورية
- تجمع احتجاجي أمام مقر أولمبياد باريس 2024 للمطالبة بحظر مشار ...
- المبادرة المصرية تحصل على حكم بتعويض مليون جنيه من -تيتان لل ...
- بماذا اعترفت أسترازينيكا بشأن لقاحها المضاد لكورونا؟
- -أنتِ مجرمة حرب-.. مؤيدة لفلسطين تصرخ غاضبة في وجه رئيسة الم ...
- البيت الأبيض يكشف: المقترح الأخير لصفقة التبادل مع حماس يتضم ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي علي رشيد - نزعة العدوان والعنف عند البشر