أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي علي رشيد - الجزائروآفاق التغيير الجذري الشامل















المزيد.....


الجزائروآفاق التغيير الجذري الشامل


فتحي علي رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 6187 - 2019 / 3 / 31 - 22:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"الخيرة في الأخيرة "مثل دارج في الوطن العربي وبخاصة في بلاد الشام .واستنادا له ولمعطيات أخرى ,قد يكون في الحراك الجزائري الأخير الخير كل الخير ليس للجزائر وشعبه فحسب بل للوطن العربي بأسره,وربما للعالم كله .فإذا نجح الجزائريون في إقامة نظام ديمقراطي شعبي فإن عدواه ستنتقل تلقائيا ولو بعد فترة طويلة إلى دول الجوار.وهكذا سيكون ذلك بداية لتغيير جذري في المنطقة والعالم .أما إذا أضفنا لذلك موقع الجزائرالجيوسياسي ومكانته المعنوية كبلد المليون ونصف شهيد وإمكاناته الاقتصادية والبشرية والعلمية والثقافية وتراثه النضالي الطويل .مما يجعلنا نعلق عليه آمالا كبيرة .ومع ذلك قد يكون من المفيد تذكير الجزائريين والعرب وغيرهم بأن :
ثورات الشعوب عدا عن كونها تتبادل التأثير ببعضها فإن التغيرات التي ستحدثها إذا كانت جذرية لابد أن تكون انعكاساتها على بقية الشعوب ـ خاصة ـ العربية جذرية أيضا . ومن هنا فعلينا أن ننتبه إلى أن كثيرا من الدول الاستبدادية لن يروقها ذلك وستعمل حتى لو كانت بعيدة على منع ذلك التغيير.
ولاحاجة بنا للتذكير بأن تجارب الشعوب (النجاحات والإخفاقات والتضحيات) لن تضيع عبثا, ولابد للشعوب إلا وأن تتعلم من بعضها البعض (التجربة الصينية والكوبية والفيتنامية واليوغسلافية .كأمثلة ),وأن تتجاوز أيضا السلبيات التي وقع فيها غيرها (تجربة الثورة الروسية البلشفية , والمصرية والسورية القديمة والحديثة )أوأن تراكم الإيجابيات التي أنجزها غيرهم .لذا فإن المهمة الموضوعة أمام الشعب الجزائري ليست سهلة .لذا يصبح من الضروري للجزائريين ونخبهم وقواهم الخيرة والثورية أن تكون قادرة على تجاوز جميع السلبيات التي وقعت فيها الثورتان المصرية والسورية مؤخرا . بسبب أن التاريخ والترث الثوري للشعب الجزائري ,إضافة لمساحة الجزائر (شبه قارة ) ,لاتتيح لدول أخرى مثل روسيا أو إيران أو أن تتدخل فيها ,وإن تدخلت ستمنى بخسائر فادحة وسوف تمنى بهزيمة منكرة .وهذا مايشكل ( في تقديري )أهم نقاط قوة للثورة الجزائرية الراهنة . كما أنها ليست كسوريا مجاورة لإسرائيل ولا كالعراق المجاور لكواسر قوية مثل إيران وتركيا .وكونها لم تسمح في الماضي ـ لأسباب خاصة لا للسوفييت (الروس حاليا ) ولا للإيرانيين ومليشياتهم أو لتركيا أو لأوروبا , من التدخل في شؤونها الداخلية أو بما يتيح لهم ارسال قوات ومليشيات مسلحة .مما يتيح المجال لأن يكون للجزائريين الدور الحاسم في تقرير مايريدونه .ولأن يكونوا أسيادا على قراراتهم ومواقفهم الداخلية والسيادية .وهذه وغيرها مثل درجة الوعي والصلابة المبدأية تشكل نقاط قوة تجعلنا نعلق الكثير من الآمال على القرارات والمواقف التي ستتخذها نخبها إزاء المشاريع والحلول المقدمة من قبل الجيش أو الحكومة الجزائرية(الموالاة ) أوالمعارضة ., وإن كانت هذه الحكومة والمعارضة المستلبة (الإسلامية المتطرفة ) قد تتعلم من غيرها أو تتلقى منها الأوامر بما لايحقق الخير للجزائروالشعوب العربية . لذا فإن التدخل الخارجي من الممكن أن يتم من خلال قوى داخلية ,وقد يتلقى بعضها الأوامر بدلالة سفرالوزير الأول (عبد الرحمن البدوي )المعين هو ووزير الخارجية المعين أيضا إلى كل من فرنسا وإيطاليا وروسيا ليس للإستقواء بالخارج على الشعب فقط , بل ولتلقي التعليمات والخطط الكفيلة باجهاض الحراك الشعبي أو لإلتفاف عليه بهدف إفراعه من زخمه .أولاستيعابه أولاحتوائه من خلال حلول هامشية وشكلية , تبقي الوضع في العمق والجوهر على حاله ,مع تحسينات ظاهرية وسطحية ,أو من خلال جرالجماهير إلى صراعات داخلية أو من خلال إصابتها باليأس من خلال عدم الاستجابة لمطالبها, أو بذريعة عدم وجود برنامج عمل لها يلقى قبولا عاما أو يحل الأزمة الحاصلة .أو من خلال جرها إلى الصدام العنيف مع الجيش وحلفائه ـو مع أنه يسمى الجيش الشعبي الجزائري إلا أنه قد يلعب دوراًسلبيا من خلال تخويف الشعب من تحقيق مطالبه .وهنا نكون قد دخلنا في صلب الموضوع
هيمنة الجيش على البلاد والعباد :
وهو ما نعتبره سبب كل مصائب الجزائر والبلدان العربية وبلدان العالم الثالث (وحتى الأول) والذي يفترض أن يوضع له حدا بصورة نهائية وقاطعة ليس في الجزائر فحسب بل في جميع بلدان العالم العربي .فالجيش وجد أساسا وفي جميع الدول والدساتير للدفاع عن الحدود ولمواجهة الاعتداءات الخارجية وليس للتدخل في السياسة الخارجية أو الداخلية ,أو لفرض ما يراه على الشعب أو لقمعه .أو لتقرير مايراه مناسبا لشعب يعتبره قاصرا .
وهنا قبل أن استرسل من المفيد أن نقطع الطريق على كل من سيتهمنا بالتدخل في شؤون غيرنا أوبإعطاء الدروس لهم ؟
أقول أننا كثوريين عرب وبخاصة نحن الفلسطينيين ندين للثورة الجزائرية بالكثير .ـ على الأقل ـ لايمكن أن ننسى المليونيات الشعبية التي هبت للتظاهر في جميع مدن الجزائر لمساندة الفلسطيننين واللبنانيين أثناء الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة عليهم أو الاعتداءات الأمريكية على العراق .وكون الجزائر لعب في فترة السبعينات (فترة تراجع مصر السادات عن دورها في قيادة الأمة العربية كما هو حاصل حاليا ) ودورا قائدا لحركة التحرر الوطني في البلدان العربية والإسلامية وفي قيادة حركة عدم الانحياز .وبسبب حرصنا على الجزائر وشعبها وعلى أن يعود ليلعب دوره القيادي الذي غيب بسبب هذه الطغمة الحاكمة منذ بداية هذا القرن (21) نشعر بأننا نتحمل مسؤولية كبيرة تجاه هذا الشعب العظيم وثورته المقدسة , مما يرغمنا على التفاعل من خلال تقديم إنارة ما قد تعيد للجزائر وشعبها الدور الريادي .ونحن إذ نبدي رأينا في طريقة وصول الشعب الجزائري وقواه الحية إلى أهدافها في التغيير الجذري والشامل والذي يتضمنه شعار"إسقاط أو رحيل النظام " لانقدم ولانفرض حلا من الخارج بل نتيجة لقراءة دقيقة لما يجري في الداخل والخارج , ونحن لا نتدخل في أمور غيرنا ولا نلعب دور الموجه أو المعلم .لأننا نرى أننا والشعب الجزائري وبقية الشعوب العربية (وشعوب العالم الثالث ).شعب واحد نعاني من ذات المشاكل بأشكال وطرق مختلفة ونساند بعضنا ومن واجبنا , بل مطلوب منا أن نتبادل الخبرات والتجارب دون استاذية .
لذلك يمكن اعتبار هذا البحث نوع من الإضاءة قد يساعد في إنارة الطريق للقوى الفاعلة والحية في الشعب الجزائري بما قد يمكنها من اتخاذ المواقف والقرارات الصائبة للوصول إلى أهدافها ,أو لتجاوز الأزمة التي تمر بها .
من هنا نرى أن من حقنا أن نلفت النظر أو لنقل ـ نذكرالجزائريين الشباب بأمور وحقائق ربما تم نسيانها, قديساعدهم تذكرهاعلى إخراجهم من محنتهم الراهنة .
أولا : إن التغيير الجذري والشامل لايمكن أن يحصل بين يوم وليلة .فالانحراف عن بوصلة خدمة الشعب والوطن لمصالح خاصة أو خارجية لم يحصل بين يوم وليلة بل بدأ منذ ما اعتبره الجمهورية الثانية منذ عام 1976 عندما تسلم الشاذلي بن جديد قيادة الجزائر واستمروتكرس أكثر في فترة حكم بوتفليقة (ومن خلفه الطغمة الحاكمة ). لذلك .يصعب تجاوزها خلال فترة قصيرة .حتى لو رحل جميع رموز النظام كون بنية الجزائر الداخلية قد لحقت بها خلال هذه الفترة الطويلة ,تغيرات جذرية وعميقة يصعب اصلاحها بقرارات من فوق أوبتغييرات سريعة .مما يجعلنا نرجح الحل الثالث من منطلق أنه لابد من مرحلة انتقالية .
ومن المهم أن يكون لدينا بداية تصورشامل للحل الذي يضع الجزائر على السكة الصحيحة التي قد توصله بعد عدة سنوات إلى تحقيق عملية التغيير الجذري والشامل .بما يتطلب ـ بداية من وضع تصور لخارطة طريق توصل في الختام إلى ذاك الهدف "نهضة الجزائر" من خلال تبني الشعار الذي طرحه بعض المتظاهرين ( النظام والجيش في خدمة الشعب وليس العكس ) " والذي يفترض به أن يصبح أمرا طبيعيا .
ثانيا : لو بقي الشعب الجزائري مئة يوم متواصلة يتظاهر في الشوارع , ولو وصلت أعداد المشاركين ثلاثين مليونا من دون تقديم حلول عملية ومباشرة (استمر التظاهر السلمي في سوريا ستة أشهردون جدوى )باعتبار أن الجيش والحكومة والمنتفعين ومن يقفون ورائهم لن يقدموا أي تنازل للشعب المظلوم إلا إذا كان تقديم الخمسة يمكنهم من الاحتفاظ بالخمسة الباقية بما يمكنهم بعدها من استعادة ما قدموه كما حصل في مصر وتونس ,وكما يحصل في ليبيا وليعيدوه إلى الوراء أكثر كما حصل في سوريا والعراق واليمن . وهذا مايمكن تسميته بالثورة المضادة .
لذا نذكرشعوبنا بأن هذه القوى المتسلطة والمنتفعة بعد أن حصلت على تلك المكاسب والمنافع باسم الثورة .وبعد أن تمكنت وركبت وبسطت سلطتها وأرجلها لايمكن أن تقدم تلك المكاسب التي "كوشت " عليها خلال الفترة السابقة ,للجماهير على طبق من فضة , لكونها فقط ثارت وخرجت للشارع .ولايمكن أن تتنازال عنها طوعيا إلا إذا أجبرت على ذلك أو إلا إذا اخذت منها عنوة من خلال وضعها في ظروف تجعلها ترضخ وتسلم كما حصل في كثير من البلدان عبر التاريخ . فكما هيمنت بالتدليس والتهديد باستخدام الجيش والبوليس واستغلال حاجة الجماهير للعيش والاستقرار وخوفها من المستقبل أو المجهول الذي بات بنظرنا معلوما بحالة التردي التي أوصلونا إليها والتي سيوصولننا إلى ماهو أسوأ إذا سكتنا عليهم . فكما أن المال (السائب ) "يعلم على الحرام , كذلك السكوت والخنوع يولد أو يشجع على الاستبداد والتسلط . وبالعكس فإن الرفض ورفع المطالبات عاليا للعيش بكرامة وحرية وحياة رغيدة لايمكن أن تتم دون وعي ودون تقديم تضحيات .
ثالثا: نلفت نظر أخوتنا الجزائريين إلى أن الجيش كما في سوريا ومصر وغيرها ـ وإن كان قد سمى نفسه عندكم الجيش الوطني الشعبي كنوع من التعمية والتدليس بما يمكنه وقد مكنه من لعب الدور الحاسم في إدارة الأمور من خلف ستار (فهو الذي استقدم بوتفليقة من منفاه في سويسرا كي يتخذ منه كمجاهد معروف (واجهة ) يتخفى خلفها وبالتالي في تردي أحوالكم وأحوالنا وأوضاعنا ,وهو ماأوصلنا إلى ماوصلنا إليه اليوم .ولو سكتنا على ذلك وتركنا الوضع يستمر على حاله سوف تتردى أوضاعنا جميعا أكثر .لذا نذكر بما يلي
أ : جميع الأنظمة العربية التي سمت نفسها ثورية او التي زعمت أنها جاءت نتيجة لثورات شعبية زعمت فيها قيادة الجيش أنها ستحقق للشعب مطالبه في الحرية والكرامة والسيادة على مقدراته بهدف اسعاده وزيادة منعته ,ليست في حقيقة الأمر إلا انقلابات عسكرية قامت بها طغم قد تكون بداياتها شريفة لكنها أصبحت فاسدة ومستبدة في ظروف معينة ,مستغلة مرحلة عدم نضج الجماهير أو غياب النخب والأحزاب المرتبطة والمنبثقة من الشعب .بدءا مثلا بانقلاب حسني الزعيم في سوريا عام 1949 مروا بانقلاب عبد الناصر عام 1954 على محمد نجيب وانقلاب البعث عام 1963في العراق ثم في سوريا والذي أوصل في النهاية بعد عدد من الانقلابات المتتابعة كلا من صدام حسين وحافظ الأسد (وابنه بشار) . ومن ثم حصول انقلابات أخرى في كل من ليبيا وتونس واليمن والسودان ,أوصلت كلا من القذافي وزين العابدين وعلي عبد الله صالح وعمر البشيرإلى التحكم وليس الحكم الرشيد.
الأمر ذاته حصل في الجزائر تحت مسمى الجيش الوطني الشعبي . حيث تتالت الانقلابات على كل من فرحات عباس عام 1963 بعد استقلال الجزائر بعام واحد ,ثم قام الجيش عام 1965 بانقلاب جاء ببن بيلا ثم تلاه انقلاب جاء بهواري بومدين (رئيس أركان الجيش كما الفريق قائد صالح اليوم ) ثم الشاذلي بن جديد عام 1978ثم بوضياف ثم لامين زروال وأخيرا جيءعام 1999 بالسيد بوتفليقة عن طريق قائد الجيش "قايد صالح " .مما يشير إلى أن بوتفليقة ليس ولم يكن ـ إلا واجهة وأداة بيد الجيش المتحالف مع الطغمة الحاكمة (الأوليغارشية ) المؤلفة من تحالف يقوده قادة الجيش ورجال الأمن وأصحاب رؤوس الأموال .متخذين من رجال السياسة أو الحكم ممثلين بحزب جبهة التحرير (كما حزب البعث في سوريا والعراق والاتحاد الاشتراكي في مصر .) واجهة للحكم , في الوقت الذي كانوا فيه ـ في الخفاء ومن خلف ستارـ يحققون مصالح رجال الأعمال والمال والتجار والسماسرة (الكمبرداور) المرتبطين بالرأسمال العالمي ( الدول الامبريالية ) ومصالحهم الخاصة ومصالح المرتبطين بهم في الداخل والخارج .
ب: لقد استمد الجيش الجزائري شرعيته ومن ثم سيطرته مستخدما اسم الشرعية الثورية بذريعة الدور الذي لعبته جبهة التحرير (وأركز عل كلمة جبهة وليس حزب ) الوطني الجزائري .,فلو كان هذا الجيش جيشا وطنيا وشعبيا لما حصلت كل تلك الانقلابات .التي تبين بعد سنوات طويلة من المعاناة أنها تمت لتثبيت مواقع تلك الطغمة من الفاسدين والنهيبة خاصة "الطغمة المالية " , الذين باتوا اليوم مكشوفين بسبب ما أوصلوا إليه الشعب الجزائري من ضيم وتردي وفقر( رغم غنى الجزائر والعراق وو) .
فكون اسمه شعبي ووطني لا يمكن ولم يعد من الممكن له أن يغطي على دوره كأداة قمع وقهر واستلاب وإقصاء واستعباد واستبعاد وتهميش وتفقير وتخليف.فشعار الجيش والشعب أخوة يتجاهل أن أفراد الجيش هم الأخوة وليس قيادة الجيش باتت سلطة قمعية .فقائد الجيش كان أول من وجه الاتهام للحراك الشعبي بالعمالة للخارج كي يحافظ على مكاسبه من خلال الحفاظ على الرئيس العاجز وهو الذي باسمه سوف تتخذ إجراءات قمعية بذريعة حماية الدستور والبلاد من الفتنة . فالشرعية الثورية والسلطة الثورية لا تستمد من قيادة الجيش ولما قام به في فترة التحرير. بل تستمد وتعطى من الشعب الذي ثار الجيش من أجل تحريره من الاستعمار الخارجي مقدمة لتأمين عيش رغيد له بحرية وكرامة .
. فالشعب هو الأساس وليس الجيش الذي يفترض ويجب أن يكون كالحكومة والإدارة خادما للشعب والوطن وكل مايقوم به في خدمة الشعب وتطوره وتقدمه على المستويات كافة وليس لقيادته وفرض إرادته عليه .
ج: إذا كان هذا الجيش بعد كل انقلاب يجيئ برئيس و بحكومة تقوم بصياغة دستور على مقاسها (حيث غير الدستور ثمان مرات ) . بما حول النظام من نظام شعبي ديمقراطي إلى نظام رئاسي دكتاتوري , وهذا مايجب تغييره .فالدستور الحالي وإن كان يحتفظ بمبادئ أساسية رفيعة .فإن هذا يجب أن لا يمنعنا من رؤية أن تلك المبادئ (الفقرات من 7إلى 12 ) قد تم تجاوزها عمليا . لذلك فإن التقيد بالفقرات المتعلقة بالرئيس وطريقة الانتخاب كما هي واردة دستور الأخير (2016 ) بات أفضل وسيلة لثبيت أركان الطغمة الحاكمة .كما على الجماهير ونخبها أن تعلم أن هذا الدستور وجميع الدساتير في العالم ليست مقدسة بل تتغير بتغير وتقدم الأحوال .والحديث اليوم عن ضرورة تقيد الجماهير والشعب ببعض فقرات الدستور وليس بروحه (حاليا ) تستخدم من أجل إعادة تثبيت أركان النظام الذي فقد شرعيته بنفسه عندما لم يعد يعمل بروحه لصالح الشعب .و بات التقيد بها معيقا لحرية الشعب وتقدمه ورفاهه .
لذلك فإن على الشعب أن يتجاوز ويحطم هذا القيد الذي اسمه الدستور (الذي حطمه النظام والجيش ألف مرة ومرة ويحطمه يوميا بقفزه على الشعب ) وأن لايعبأ بما سيقوله الحكام وأدواتهم من أن هذا الفعل أو ذاك ليس دستوريا.فهل تشبثهم بالحكم خلافا لإرادة الشعب الذي يزعمون أنه مصدر السلطات هو دستوري؟ هل بقاء بوتفليقة في الحكم لأكثر من دورتين انتخابيتين هو دستوري ؟ هل إعادة انتخابه عام 2014 بعد أن أصيب بجلطة دماغية هو دستوري؟ عدم الأهلية للحكم وفقا للمادة 102 لم تتحقق اليوم بقرار قائد الجيش والمجلس الدستوري بل متحققة منذ أن أصيب عام 2012 .لذا كانت عملية إعادة ترشيحه لعهدة خامسة بمثابة استخفاف بعقول الناس وبكل القيم التي تربوا عليها .لذلك عندما ثار الشعب (بداية ) ليحول دون استمراره في الحكم ,وحرصا على كرامته وراحته اتهم بالتآمر . وبما أن من كانوا يقفون وراء عملية ترشيحه لعهدة خامسة استسهلوا الحكم من وراءه لذلك أصروا على إبقاءه للاستمرار في ذات اللعبة التي لم يعد من الممكن أن تنطلي على الجماهير .مما استفز الشعب أكثر وجعله يكتشف الحقيقة المرة ,فلم يعد يكتفي بالمطالبة بعد م استمرار بوتفليقة ,بل لعدم بقاءه وبقاء كل من كان وراء استمراره في الحكم لعهدة ثالثة خلافا للدستور منذ عام 2009 .
د :إن حكم الشعب لنفسه في الأنظمة الديمقراطية لا يتم من خلال حكم الشعب لنفسه بصورة مباشرة بل يتم من خلال قاعدة ثابتة "البدء من القاعدة الشعبية الواسعة لنصل إلى القمة وليس العكس" .فاختيار أو انتخاب الجماهير لمجموعة من الأفراد الذين يتميزون بكفاءات معينة ومشهود لهم بنظافة الكف والخبرة والنزاهة ليقوموا نيابة عن الشعب بإدارة أموهم أو باختيار من يرونهم أصلح وأقدر على إدارة أمور البلاد كل في مجاله (الاقتصاد والمال والتجارة والتعليم والقضاء والأمن ..الخ ) حيث يفترض أو يجب أن يقوم نواب الشعب الحقيقيين (بالوكالة عن الشعب ) باختيار من يرونه مناسبا للقيام بهذه المهمة أو تلك . بالنيابة عنهم.
رابعا :نحن إذن أمام ازمة سياسية وأزمة عدم ثقة ولسنا أمام أزمة دستورية , من هنا يبرز الحل الأول الذي تقدم به الجيش والرئاسة (الموالاة )من خلال إزاحة بوتفليقة والمجيئ بشخصية مشابهة أو مقبولة أو القيام بانتخابات نزيهة لن تكون في الحقيقة إلا وسيلة لإعادة انتاج النظام القديم .حتى لو جرى انتخاب لرئيس جديد ونزيه فإن القوى الظلامية ستقوم باغتياله كما جرى مع "بوضياف ".
أما الحل الثاني الذي تقدم به الشعب والذي يدعوا لأن يقوم الشعب استنادا للمواد من سبعة إلى اثنا عشر بأولا اختيار الشعب المباشر للمسؤولين والإداريين بدءا من القاعدة , صعودا إلى القمة وليس بالعكس كما هو معمول به في النظام الحالي في الجزائر وغيرها .وهذا ما يستدعي ثانيا من النخب الشريفة منذ اليوم , ان تبادر وتبدأ في كل حي وشارع و في كل قرية وبلدة وناحية ومنطقة إلى عقد اجتماعات ولقاءات وحوارات يتم بنتيجتها اختيار ممثلين عنهم . اشخاص معروفين بالكفاءة والنزاهة ونظافة اليد والصدق وبعيدا عن انتماءاتهم الفكرية أو الحزبية السابقة (المهم الجدارة والنظافة ) لتقوم بالنيابة عن الجماهير بمهام الحكم وأن تزيح من عينهم او الفاسدين الذين تم تعيينهم سابقاوجربوا, ومن ثم تقوم بتعين بدلا منهم ممن يستحقونها من الكفاءات النظيفة والمشهود لهابالخبرة .وليس مهما إن كانت معينة سابقا أوجديدة .
وبما أن القوى الفاسدة والمستفيدة وأعوانهم وحماتهم في الجيش والمخابرات لن يقبلوا للجزائر أن يسير في هذا الطريق .لذلك سيبرز خطرالتصادم بين الجماهير والطغمة الحاكمة والمستفيدة وللخروج من هاتين الحالتين قد يكون من الأجدى .
ثالثا :لمنع الفراغ الحكومي أولا , وللحليولة دون الصدام ودخول قوى خارجية أو مشبوهة على الخط ,نذكر الجماهير ونخبها الوطنية والشريفة بأن عليها أن تختاربسرعة ـ ممثلين عنها لتقوم بالحوار مع الحكومة والجيش ,ومن هم ورائهم لتسليم السلطة للشعب من خلال ممثليه المنتخبين مباشرة ,وبشكل سلس خلال فترة متفق عليها وبشروط واضحة لا لبس فيها ولا غموض ولا ثغرات. حيث ستتضح من خلال الموافقة على أولا طرد الفاسدين والمفسدين والنهيبة والمشبوهين ومحاكمتهم ( وهو ما لاتستطيع نخب الحزب والمعارضة رفضه ).كما يتم خلال هذه الفترة صياغة دستور جديد واختيار قيادات جديدة .بما يضع البلاد والعباد على سكة التطور الحقيقي والبناء . ويجعل من التغيير الجذري قابلا للتحقق ولو بعد سنوات.
فتحي رشيد
31.03.2019



#فتحي_علي_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - ماكرون - والمساواة بين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية
- قراءة جديدة في القضية الفلسطينية (22) مرحلة -مافوق الصهيونية ...
- ماذا وراء جولة لافروف لدول الخليج العربي
- محاسبة ومعاقبة المجرمين وأعوانهم وأدواتهم
- الموقف من اللاجئين ومواقف المدعو - جبران باسيل -
- وصاية أم استعمار أم انتداب روسي على سوريا
- تباين المواقف بين كل من الخاشقجي وعلاء مشذوب و حسين نعمة
- إفلاس قيادات ونخب الأحزاب والحركات العربية الراهنة
- مقاربة نظرية بين العدوين الخارجي والداخلي
- تداخل مهام التحرر الوطني والقومي مع الاجتماعي
- محنه الامه العربية
- في البحث عن الخلاص -في انتظار المخلص -
- بوصلة العرب الضائعة
- تقديس الزعامات عند العرب المعاصرين .حالة مرضية أم عرضية ؟
- المتاجرة بالقضية الفلسطينية
- قراءة في حل المسألة الكردية
- انتصارات محور المقاومة بين الوقائع والأوهام
- قراءة في الموقف الأمريكي مما يجري في سورية
- مايدور حول استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا
- تجدد عوامل نشوب الحرب العالمية الأولى


المزيد.....




- هل قررت قطر إغلاق مكتب حماس في الدوحة؟ المتحدث باسم الخارجية ...
- لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في ...
- القضاء الفرنسي يستدعي مجموعة من النواب الداعمين لفلسطين بتهم ...
- رئيسي من باكستان: إذا هاجمت إسرائيل أراضينا فلن يتبقى منها ش ...
- -تهجرت عام 1948، ولن أتهجر مرة أخرى-
- بعد سلسلة من الزلازل.. استمرار عمليات إزالة الأنقاض في تايوا ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي ادعاءات بدفن جثث فلسطينيين في غزة
- علييف: باكو ويريفان أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق السلام
- -تجارة باسم الدين-.. حقوقيات مغربيات ينتقدن تطبيق -الزواج ال ...
- لأول مرة.. الجيش الروسي يدمر نظام صواريخ مضادة للطائرات MIM- ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي علي رشيد - الجزائروآفاق التغيير الجذري الشامل