ويصا البنا
مقدم برامج _ اعلامى _كاتب - مشير اسرى -قانوني
(Wisa Elbana)
الحوار المتمدن-العدد: 8361 - 2025 / 6 / 2 - 21:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في مجتمعات يُفترض أنها تسعى للتنمية والتقدم، تغيب المعايير الحقيقية للنجاح، ويصعد إلى القمة من لا يملك من أدوات القيادة سوى الجهل أو الولاء الأعمى. وبينما يُحاصر العاقلون والمثقفون، يتصدر المشهد من يفتقر إلى الكفاءة، بل ويتحول الانحطاط أحيانًا إلى وسيلة للنجومية.
في العالم العربي، تبدو هذه المفارقات جزءًا من معادلة يومية مُرعبة، يراها المواطن في تفاصيل حياته، ويسمع أصداءها في نشرات الأخبار، ويكتوي بها حين يحاول أن يكون "مختلفًا".
أولًا: العلم طريق إلى الزنزانة
في دول كثيرة، يُنظر إلى المتعلم صاحب الرأي الحر بوصفه خطرًا على استقرار السلطة، لا لأنه يهدد أمنها الفعلي، بل لأنه يفضح زيف خطابها. فالمفكر في بلادنا لا يُكافأ على اجتهاده، بل يُراقب ويُلاحَق، وربما يُتهم بما ليس فيه لمجرد أنه قال "لا".
ثانيًا: الجهل وسيلة للصعود
العجيب أن من يتصدر المشهد السياسي أو الإداري في أغلب الأحيان ليس من يمتلك الرؤية، بل من يجيد النفاق، ويُتقن الصمت في حضرة الخطأ. الجهل هنا ليس عيبًا، بل ضمانًا لدوام السيطرة، لأنه لا يسأل ولا يعترض.
ثالثًا: العهر بوابة للشهرة
في زمن انقلبت فيه القيم، أصبحت الرداءة تُمنح منصات، والانحدار الأخلاقي يجد دعمًا وتسويقًا، ما دمت تجلب "المشاهدات". وأصبح التافه "نجمًا"، بينما المثقف الحقيقي يُعاني من التهميش والتجاهل.
رابعًا: الفهم جريمة تُعاقب بالموت
المثقف الواعي في نظر بعض الأنظمة شخص مشكوك في نواياه. من يفهم المجتمع جيدًا، ويقرأ الواقع بعمق، يصبح عبئًا، لأنه لا يُخدع بسهولة، ولا يقبل العيش تحت القوالب الجاهزة. وفي بعض الحالات، يدفع حياته ثمنًا لهذا الفهم.
أزمة معايير وليست أزمة موارد
الخلل ليس في الإمكانات ولا في الشعوب، بل في غياب المنظومة التي تحترم العقل، وتُكافئ الجدارة، وتعلي من قيمة العمل لا الولاء. ما يحدث ليس صدفة، بل سياسة "إفراغ الوعي"، بحيث يصبح التفكير عبئًا، والسؤال تهمة.
لن تنهض أمة يُطارد فيها العقل، ويُهمَّش فيها الصادق، ويُكافأ فيها الكاذب. من أراد مستقبلًا أفضل، عليه أن يبدأ بإعادة احترام العقل، ورد الاعتبار للعلم، وإعادة تعريف مفاهيم السلطة والشهرة والفهم
#ويصا_البنا (هاشتاغ)
Wisa_Elbana#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟