ويصا البنا
مقدم برامج _ اعلامى _كاتب - مشير اسرى -قانوني
(Wisa Elbana)
الحوار المتمدن-العدد: 8358 - 2025 / 5 / 30 - 02:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في حدث قد لا يلقى تغطية موسعة في الإعلام العربي، أدى إيميل مايكل—المولود في القاهرة لأب وأم قبطيين—اليمين الدستورية كـ وكيل وزارة الدفاع الأمريكية للأبحاث والهندسة (USD(R&E)) يوم 20 مايو 2025. منصبٌ يعد من الأرفع داخل وزارة الدفاع الأمريكية، حيث يقود جهود الابتكار التكنولوجي العسكري ويضع ملامح ما يسمى بـ "جيش المستقبل".
لم يُسأل مايكل عن ديانته،وعرقةش ولونة ولم يُستدعَ "للتزكية"، ولم يُطالب بإثبات "ولائه". بل نُظر إليه كمواطن أميركي مؤهل، صاحب سجل مهني بارز في القطاع التكنولوجي، ورؤية تستحق التمكين.
وعندنا... حيث تُختبر الهوية قبل الكفاءة
في دول كثيرة ناطقة بالعربية، يُمنح المواطن "حقاً نظرياً" في الوصول، لكنه يُختبر عمليًا عند أول طموح خارج المسار المرسوم له. فالاسم يُقرأ، والدين يُتساءل عنه، والمواقف تُراجع. المناصب السيادية لا تُمنح بسهولة، لا سيما لمن ينتمي إلى طائفة "غير سائدة".
وفي معظم تلك الدول، لم يصبح التنوّع مصدر ثراء، بل ملفًا شائكًا، يُفتح أحيانًا تحت لافتة "التمثيل"، ويُغلق غالبًا تحت ضغط "الاعتبارات".
اللافت في تجربة إيميل مايكل أنها ليست "بادرة رمزية" كما تفعل كثير من الأنظمة التي تُعيّن المختلف دينيًا أو إثنيًا لتجميل الواجهة، ثم تحتفظ بمفاصل القرار في يد واحدة. في أمريكا، لم يكن مايكل استثناءً، بل امتدادًا لنهج يرى في المواطنة جوهر الانتماء، لا مظهر العقيدة.
أما هنا، فحتى حين يُعيَّن المختلف، يُحتفى به أكثر مما يُمكَّن، ويُذكَّر الناس دوماً بأنه "خرج عن المألوف"، بدلًا من أن يصبح المألوف نفسه أرحب.
بيئة طاردة للمواطنة الكاملة
المعادلة في كثير من الأوطان العربية ما زالت موجعة: إما أن تتنازل عن طموحك، أو تهاجر به. ولذلك لا يُدهشنا أن كثيرًا من الكفاءات الدينية أو العرقية "المختلفة" عن السائد، تجد نفسها مرغمة على النجاح في الخارج، فقط لأن الداخل لا يسمح لها بأن تكون مواطنًا كاملاً.
في الوقت الذي يخطط فيه قبطي مصري لتكنولوجيا الدفاع الأمريكي، لا يزال مئات الآلاف من أبناء الأقليات في العالم العربي يُعاملون كمواطنين مشروطين.
ربما آن الأوان لنسأل:
هل نحن نخاف من التنوع؟
أم نخاف من أن يكشف لنا التنوع كم أضعنا من طاقات وكفاءات... باسم "الحفاظ على التوازنات"؟
#ويصا_البنا (هاشتاغ)
Wisa_Elbana#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟