أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ويصا البنا - جريمة حضارية مكتملة الأركان: حين تتحول الكنيسة إلى غنيمة.














المزيد.....

جريمة حضارية مكتملة الأركان: حين تتحول الكنيسة إلى غنيمة.


ويصا البنا
مقدم برامج _ اعلامى _كاتب - مشير اسرى -قانوني

(Wisa Elbana)


الحوار المتمدن-العدد: 8301 - 2025 / 4 / 3 - 20:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فى مشهد لا ينتمي إلى القرن الحادي والعشرين إلا بصفاقة الوقاحة، أقدمت السلطات التركية على ما أسمته "إعادة فتح مسجد كاريه"، وهو في الحقيقة اغتيال تاريخي جديد لمعالم المسيحية الشرقية، بعد أن سبقه اغتيال آيا صوفيا. نحن لا نشهد "إعادة توظيف" لمبنى أثري، بل نعيش لحظة طمس ممنهج لهوية ثقافية ودينية كاملة، تُمارَس بعقلية الفتح والغنيمة، لا بسيادة القانون أو احترام التراث الإنسان
أولًا: خرق فاضح للقانون الدولي
كنيسة "المخلّص المقدّس في شورا" مدرجة ضمن قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو. وطبقًا لاتفاقية حماية التراث الثقافي العالمي لعام 1972، تُلزَم الدولة المالكة للموقع بالحفاظ على طابعه الثقافي والروحي الأصلي. ما فعلته تركيا ليس مجرد تغيير وظيفة المكان، بل تحويرٌ لطابعه التاريخي، وتدليس على ذاكرته، وتزوير لمعناه.
هل تشاورت تركيا مع اليونسكو؟ بالطبع لا. القرار صدر بإرادة أحادية، ضاربةً بعرض الحائط كل التزاماتها الدولية، في خرق لا يقل وقاحةً عن انتهاك السيادة.
ثانيًا: منطق الوقف العثماني... عبث بالتاريخ
تستند الحكومة التركية إلى حجة "أن المبنى كان مسجدًا بعد الفتح العثماني"، متناسية عمدًا أن المبنى كان كنيسة قبل ذلك بألف عام تقريبًا. إن التعامل مع الوقف كصكّ غنيمة هو عقلية استعمارية دينية لا تختلف عن أي قوة احتلال تستولي على مقدسات المهزومين لتُعلن بها السيادة.
هل نُعامل التاريخ بمنطق الفتح؟ إذًا فلتُعاد إسبانيا إلى الأمويين، ولتُطالب روما بإعادة البازيليكا إلى المسيحيين الأوائل، ولتُهدم المساجد في البوسنة لأنها كانت كنائس!
لكنهم لا يفهمون العدالة إلا حين تكون في صالحهم.
ثالثًا: اغتيال التعددية والتعايش
ما حدث ليس قرارًا إداريًا، بل موقف سياسي. موقف يؤكد أن تركيا أردوغان لا تعترف إلا بالهوية الدينية الواحدة، وتضيق بالتعددية، وتتنفس على أنقاض الآخر. تحويل الكنائس إلى مساجد ليس تصحيحًا لتاريخ مزعوم، بل إعلان صريح بأن الدولة الحديثة تحتقر تراث الأقليات وتضعه تحت قدمي السلطان.
رابعًا: ماذا بعد؟
هل ننتظر تحويل كنيسة القيامة إلى مسجد لأنه داخل دولة مسلمة؟
هل نغض الطرف عن طمس الرموز المسيحية في الشرق لأن "الفتح" يمنحهم الشرعية؟
ما يحدث هو جريمة حضارية مكتملة الأركان، وصمت العالم عنها يعني شيكًا على بياض للعبث بالتراث باسم السيادة.
من يحوّل الكنائس إلى مساجد لأنه يملك السلطة، يستطيع أن يغلق المساجد حين تتغير السلطة.
أما من يحترم التاريخ، فلا يمد يده إليه.
هذه ليست قضية دينية، بل معركة على هوية الشرق نفسه: هل نريده متنوعًا، أم مزرعة لطغاة يُغيّرون اليافطات باسم الدين والفتح والوقف؟
ويا أنقرة: لا أحد يحترم من يسرق الضوء من النوافذ الملوّنة ويظنه نورًا إلهيًا.



#ويصا_البنا (هاشتاغ)       Wisa_Elbana#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا معالى وزير الصحة لا شكر على واجب
- -انتهاك مزدوج للدستور وقانون الطفل: طالبة تُعاقب على حريتها ...
- هل الرأي العام مرآة للحقيقة؟
- التسول وتأثيره السلبي على السياحة وسبل مكافحته وفقًا للقانون
- تركيا على مفترق طرق: احتجاجات تعصف بالشارع ونظام أردوغان يتر ...
- آن أوان الخلاص… أردوغان راعي الإرهاب وعدو الداخل والخارج
- إلى أمي الحبيبة في السماء،
- عالمنا الجميل: بين الفوضى والضحك-
- الشعب يريد… بس مين سامع؟
- حكاية قلوب منهكة وأرواح تبحث عن السكينة
- إعلان قانوني بشأن الجرائم التي يرتكبها أحمد الجولاني وجماعته ...
- -المجازر المنسية في سوريا: قتل ممنهج وصمت عالمي مخزٍ-
- اخى المواطن انتبه من اللصوص
- هى ماشية ازاى ؟
- سوق العقار المصرى
- ماذا لو كنت البابا لاقباط مصر
- - مَا أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بِالبَارِحَةِ - .
- كيف يتم خطف نساء الاقباط
- جبل الطير والداخلية
- كشف حساب حكومة محلب (1- 5)


المزيد.....




- إعلامي مصري شهير يتهم الإخوان المسلمين بالتعاون مع إسرائيل
- إيران تفتح المساجد والمدارس للاحتماء من ضربات إسرائيل
- وزير الخارجية الإيراني يدعو الدول الإسلامية إلى التحرك ضد إس ...
- TOYOUR EL-JANAH TV تردد قناة طيور الجنة للأطفال الجديد على ن ...
- شاهد الأب الروحي للذكاء الاصطناعي يحذر من خطره على البشر
- صواريخ إيرانية فوق المسجد الأقصى
- طهران ترد على مسؤولين ألمان: ألمانيا أشعلت حربين عالميتين لك ...
- إيهود باراك: إسرائيل لا تستطيع وحدها إعلان حرب تستهدف -إزالة ...
- السيد الحوثي يدعو الدول العربية والاسلامية للوقوف إلى جانب ا ...
- إعلام إيراني: مقتل مستشار المرشد الأعلى متأثرا بإصابته


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ويصا البنا - جريمة حضارية مكتملة الأركان: حين تتحول الكنيسة إلى غنيمة.