أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد رضا عباس - العزوبية ليست اختيارا في العراق














المزيد.....

العزوبية ليست اختيارا في العراق


محمد رضا عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8360 - 2025 / 6 / 1 - 04:50
المحور: المجتمع المدني
    


سعدي , احد اقربائي , شارك في الحرب العراقية – الإيرانية بصفة جندي مكلف , حامل شهادة البكالوريوس في الهندسة الزراعية , ولم يسرح من الجيش العراقي الا بعد عشرة سنوات من الخدمة الإلزامية . خرج من الجيش ولم يملك قرش واحد على قول المثل العراقي , حيث ان راتب الجندي المكلف الشهري كان لا يكفي كلفة نقله من الجبهة الى بيته . لم تعوض حكومة صدام حسين هؤلاء الجنود عن السنوات الطويلة التي قضوها على جبهات القتال , وتركتهم يعانون قساوة العيش وقلة فرص العمل , بعد ان قضى الحرب على شبابهم .
سعدي كان محظوظا , لقد تكاتف مع اخوانه للنهوض مجددا وتعويض ما سرقته منه سنوات الحرب , وفي أخير وبعد جهدا كبيرا استطاع الزواج . ولكن عشرات الالاف مثل سعدي لم يحالفهم الحظ , حيث ان أهاليهم لم يكن لهم إمكانية مساعدتهم وحتى زواجهم , فبقوا عزاب , غير متزوجين . بالحقيقة , ارتبط اسم العراق بالدول الأكثر عزوبة منذ الحرب العراقية – الإيرانية , و حروب الخليج , والذي كلف العراقيين على الأقل ثلاث ارباع المليون رجلا , اغلبهم من غير المتزوجين , يعني الحروب الذي خاضها العراق قد حرم زواج على الأقل ثلاث ارباع مليون من شابات العراق .
لم ينتهي قتل العراقيين بانتهاء حرب ايران وحروب الخليج , وانما تبعها الإرهاب والحرب الاهلية والتي ذهب ضحيتها على الأقل ربع مليون عراقي اخر , اغلبهم من الشباب , وبذلك فمن المنطقي الاستنتاج بان ما يقارب المليون فتاة خسرت فرصتها من الزواج بسبب الحروب وليس لأسباب أخرى يعاني منها الشباب العربي مثل كلفة الزواج العالية , الخوف من الزواج الفاشل , او الرغبة بالاستقلالية , وانما كانت بسبب ارادات سياسية خارجية وداخلية فرضت على شباب و شابات العراق .
وفي اخر إحصاء للعزوبة في الوطن العربي كشف ان العراق اصبح واحدا من الدول التي استفحلت به العزوبية ولم يتقدم عليه الا دولة الامارات العربية و لبنان, حيث ان العزوبية في البلد الأول تشكل 75% , وفي البلد الثاني , لبنان, 85% , فيما ان النسبة في العراق هي 70% وهي تساوي النسبة في سوريا . ما معناه , ان 70% من الشباب والشابات في عمر الزواج ما زالوا غير متزوجين . أي ان 7 اشخاص من 10 افراد من الذين يستحقون الزواج غير متزوجين .
كان الامل ان التغيير سوف يغير الحال , وان الشباب والشابات سوف يتنعمون بنعمة الزواج والسكينة وأطفال يلعبون حول ابائهم وامهاتهم . الا ان التغيير نفع ناس واضر اخرون .
التغيير نفع اهل السلطة واهل المال . ابن الغني لا يحتاج الانتظار عشرين سنة حتى يسمح راتبه الشهري ان يتقدم لخطبة فتاة أحلامه . وابن السياسي هو الاخر لا يحتاج الانتظار طويلا للعثور على زوجة , علاقاتهم العائلية واجتماعاتهم الرسمية كافية تجعل الزواج من البنت او الشاب طريقا سالكا بدون عقبات.
ولكن العقبات تجابه الشابات والشباب من غير طبقة السياسيين ورجال المال . الراتب الشهري للموظف لا يؤهله الزواج السريع حتى لو افترضنا ان اهله يشاركونه مصاريف الزواج . الزوج والزوجة يريدون الاستقلالية , وان هذه الاستقلالية لا يمكن ان تتحقق الا بسكن ملائم و مستقل . الطبيب في زمن الستينيات من القرن الماضي كان يعتبر من النخبة , ويشتري قصر مشيد خلال الخمسة أعوام من تخرجه . الطبيب الحالي سوف يحتاج الى عشرين عام حتى يشتري شقة مناسبة له . فكيف بالبقال والعطار والحلاق والنجار وعامل الكهرباء والماء و الفلاح . هؤلاء يشكلون ما يقارب 80% من مجموع الشعب العراقي , وان بقائهم فقراء سوف يفاقم مشكلة العزوبية في العراق.
المواطن العراقي بعد التغيير اصبح لا يخاف من اعلان مطالبه , ومنها المطالبة بفك الاختناقات المرورية , تحسين النظام الصحي والتعليمي , حل مشكلة السكن , تنظيف الشوارع ورفع التجاوزات و أمور كثيرة أخرى , ولكن المواطن لا يستطع طلب تزويج بناته او أولاده , لان الأعراف لا تسمح لهم بذلك . بكلام اخر , هناك عوائل عراقية كريمة تنتظر ابن الحلال او بنت الحلال , واصبحوا قلقون على مصير فلذات اكبادهم . انهم يريدون الراحة قبل الموت , ويريدون ان يشاهدوا بناتهم وابنائهم سعداء قبل ان يموتوا .
فهمي , ان الدستور العراقي فرض على الحكومة العراقية توفير فرص عمل للمواطن العراق , توفير التعليم والرعاية الصحية , والحماية الداخلية والخارجية , وبناء اقتصاد متين . ولكن هذا غير كافي دون حل مشكلة لا احد يتحدث عنها , خجلا, وانها تشكل لعشرات الالاف من العوائل نار تحت الرماد وهو تخلف بناتهم واولادهم عن الزواج.
العراق غني بثرواته الطبيعية , والفتاة العراقية تعد من اجمل نساء العرب , وفي الذكاء الذهني (IQ) الأعلى بين الدول العربية , وما على الدولة الا استثمار هذه النعم . الدولة العراقية مطالبة بتبني وظيفة رب العائلة , فمثلما تبني طريقا لتخفيف الازدحامات المرورية , عليها أيضا توفير فرص زواج للشباب والشابات .
مثلا , زيادة رواتب المتزوجين من الموظفين , تقديم اعانات مالية وعينية في المناسبات الدينية والوطنية لهم , منح دور للمتزوجين بأسعار مخفضة , توفير هدية نقدية للمتزوجين حديثا , تفضيل المتزوج في وظائف الدولة , وغيرها من المكافئات .
سيقول احدهم ان هذه المطالب سوف تكلف خزينة الدولة مبالغ باهظة , واخر سيقول ان تزويج غير المتزوجين سوف يزيد من عدد السكان , والذي يعاني منه العراق حاليا , وأقول ان منافع الزواج الناجح تفوق كلفة شباب ضائع بين المقاهي والنوادي الليلية والتي قد تنتهي بأمراض اجتماعية خطيرة.



#محمد_رضا_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماهي تجارة تاكو (Taco) ؟
- يا ساسة من فضلكم .. اتركوا الاقتصاد للاقتصاديين
- احمد الشرع .. من إرهابي خطير الى ثائر كبير !
- كيف تعامل العالم مع احتلالين ؟
- ما حاجة الامة العربية للقمة ؟!!
- في الشرق الاوسط الجديد انتصر الدولار على السيف
- خسر العرب وربح ترامب
- سورية في طريقها الى الحكم المدني الموحد
- لماذا لا يسمح نظام السوق تدخل الدولة بشؤونه ؟
- كيف وصف الراحل مصطفى الشكعة الطائفة الدرزية ؟
- الرئيس ترامب يخرق معاهدة القسطنطينية
- لن يجوع العراق مرة اخرى
- ما المشكلة مع الركود التضخمي ؟
- ما هي قاعدة De Minimis الجمركية ؟
- ليس من مصلحة ترامب اشعال حرب مع ايران
- جريمة قتل في حرم جامعة تكريت !!
- فتوى اقتصادية لإفلاس الحاج كريم
- متى يرفع العرب شعار - العرب أولا- ؟
- ضرائب ترامب الجمركية ستلاحق جيوب العرب أيضا
- أبناء غزة يقتلون ويجوعون في أيام عيد الفطر


المزيد.....




- رفضوا كشف هوياتهم.. شاهد مواجهة بين سيدة أعمال وعملاء فيدرال ...
- الأونروا: أكثر من 50 ألف طفل قُتلوا أو أُصيبوا خلال حرب غزة ...
- اعتقالات واقتحامات بنابلس والخليل وتصاعد اعتداءات المستوطنين ...
- جندي احتياط إسرائيلي: سدي تيمان معسكر تعذيب سادي للفلسطينيين ...
- بعد تدميرها مركز نورة الكعبي في شمال قطاع غزة: إسرائيل تمعن ...
- ثلث اللاجئين السوريين في الأردن يتطلعون للعودة
- آلاف الأتراك يتظاهرون في إسطنبول للتنديد بالحرب الإسرائيلية ...
- الأونروا: الآلية الحالية لتوزيع المساعدات بغزة لا تلبي الاحت ...
- الأمم المتحدة: العالم يقترب من عتبة مناخية جديدة
- -الأونروا- في غزة: آلية توزيع المساعدات الإنسانية لا تلبي ال ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد رضا عباس - العزوبية ليست اختيارا في العراق