متى يرفع العرب شعار - العرب أولا- ؟

محمد رضا عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8308 - 2025 / 4 / 10 - 19:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

شيء مخجل والله , ان يحمل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شعار " أمريكا أولا" وهو يفرض الضرائب الجمركية على العالم , و العرب ما زلوا عن حقهم متفرقين .
وانه من العيب ان يحمل رئيس وزراء كندا شعار " كندا أولا" و رئيس وزراء اليابان شعار " اليابان أولا" , و قادة أوروبا يحملون شعار " أوروبا أولا", والعرب ينظر الواحد للأخر لا حول ولا قوة وهم ينظرون الى إخوانهم في فلسطين يذبحون واطفالهم يجوعون وغزة معروضة للبيع.
إسرائيل اصبح لها السيادة المطلقة على سماء دول المنطقة تعبث بأجوائها وبمدنها .انها تهاجم مدن لبنان , وتحتل مناطق جديدة من سوريا ,فيما ان طائرات امريكية وبريطانية لم تنقطع من هجماتها على ارض اليمن السعيد .
في هذه الاثناء خرجت أصوات غربية تعاضد بعضها البعض ضد ضرائب السيد ترامب وتهدده بالانتقام , وبالمقابل لم يخرج صوت عربي او إسلامي يندد وينذر إسرائيل من تبعات استمراها بالبغي على الامة . وكل ما سمعناه هو بيان من الإعلامي المصري عمرو اديب وهو يصرخ ويتساءل " هل تحرير فلسطين فرض عين على مصر فقط ؟" . ونذكر الإعلامي , ان مصر هي اول من رفع شعار تحرير فلسطين وجعلته الأساس في علاقاتها الخارجية مع العالم .
والغريب عن هذه الامة انها وقفت بالضد من كل قوة تريد مقاومة العدو المتغطرس الذي حلل ما حرمه الله والبشر, حتى نفاجئ بشتمهم والإساءة لهم على الهواء! حتى المؤمنين من سكنت المساجد اغمدوا سيوفهم و اصبحوا يفتون ضد الجهاد كما جاء في فتوى الازهر الأخيرة والتي ترفض اعلان الجهاد ضد المحتل .
لقد سقطوا المقاومة من اعين الشعوب العربية واتهموها بتهم بعيدة عنهم . فمرة يسموهم مليشيات إيرانية , ومرة مليشيات طائفية , ومرة انهم أسباب خراب الامة , وانها خربت لبنان , وانها غير شرعية ! كل هذه الاتهامات غايتها تخدير شباب الامة وزرع روح ياس و عدم الاكتراث بمقدساتهم وارضهم وتاريخهم .
ما مشكلة تلقي المساعدات الإيرانية اذا كانت تصب في تحرير ارض عربية مسلوبة ؟ وهل اتحد قادة العرب للدفاع عن حقوق الامة , حتى نعطي صفة الغير شرعية للمقاومة . الانقسام العربي وخذلان الناصر هو الذي خلق المقاومة . وما ولادة حزب الله الا كانت نتيجة تمادي الكيان الصهيوني في اعتداءاته المتكررة على لبنان وتقاعس جيشه.
اذن , اذا تخلى أبناء الامة عن حماية ارضهم من الأعداء , من الذي اذن سيحميها من اعدائها ؟ هل ان خارطة إسرائيل من النهر الى النهر الغيت و مزقها الكيان ولم يعد يفكر بها حتى تمد العرب يدها للسلام ؟ وهل من الكرامة شيء ان يعيش الانسان تحت شروط المحتل الذي يختلف عنه تقريبا بكل شيء ؟ هل احد من العرب يحب ان يمر مثل ما يمر به أبناء الضفة الغربية من غمط الحقوق ومصادرة الحريات ؟
الامة التي تريد ان تعيش بكرامة عليها ان تعلم مواطنيها معنى الكرامة , والأمة التي تدعي الحرية عليها تعلم مواطنيها معنى الحرية وكيفية حمايتها , والأمة التي تريد المجد والخلود عليها ان توفر ادواتها , شباب مستعدة للفداء . الأوطان تنهار ان لم توفر لشعوبها أدوات البقاء , ومنها حب الوطن والتضحية من اجله .واذا كان للوطن جيش لا يستطع الوقوف بوجه الأعداء المتربصين به , فتصبح مهمة الدفاع عن الوطن من مهمات شبابه . فعندما انهار الجيش العراقي امام تقدم تنظيم داعش في صيف 2014 , كان الحشد الشعبي لهذا التنظيم بالمرصاد , وبدون هذا الحشد لكان تنظيم داعش قد تمدد الى دولا أخرى.
الامة العربية في الوقت الحاضر ليست بخير وهي تمر بمرحلة عصيبة لا تفرح صديقا ,عدو متغطرس تعربد طائراته العسكرية في سماء المنطقة لا من رد ولا من صد , توترات سياسية بين قادة المنطقة , حدودا مغلقة بوجه أبناء الامة , هروب جماعي الى بلاد الله العريضة بعد ان ضاقت بهم السبل العيش في اوطانهم , وظهور اسلام سياسي فرق بين أبناء البلد الواحد . ولو كان محمد صاحب الرسالة معنا لكان اول الرافضين لهم .
البلدان المنفردة لا تستطع منافسة البلدان المتحدة . توسع سوق أوروبا لان دولها حذفت حدودها و أمريكا أصبحت قوية لأنها تقود حلفا عسكريا قوامه 31 دولة , والامارات أصبحت مركزا ماليا عالميا بعد ان اتحدت اماراتها السبعة.
لا اضيف جديدا اذا قلت ان امة العرب تملك كل مقومات الدولة العظيمة . الامة تملك الحضارة و الثروة , والثقافة , والأرض والسكان , ولكن مازال فيها بلدا يعد الافقر في العالم معاشا , والافقر في العالم امنا , والاقل في العالم استقرارا . فيما ان اليابان أصبحت دولة عظيمة بدون ثروات طبيعية , وأصبحت أمريكا دولة عظيمة بدون تاريخ عريق , وأصبحت اوروبا عظيمة بعد ان توحدت شعوبها والغت حدودها .
العرب أيضا يحتاجون الى هذا الحل . انهم يحتاجون الى قائد ليقول " العرب أولا" ما دام الشعار اصبح مقبولا وتردده كبار الدول . العرب مجتمعون لهم القدرة على رفض ما تعانيه منطقتهم من اعتداءات يومية حتى وصل المواطن العربي يفقد اعصابه . العرب مجتمعون قادرين السيطرة على الاقتصاد العالمي , والعرب مجتمعون قادرين السيطرة على التجارة العالمية , والعرب قادرون على توفير الطعام الى كل من يحتاجه . انهم يملكون الأرض و ما تحتها وما فوقها من ثروة لا تتوفر في أمم أخرى . العرب يحتاجون الى قائد له القدرة لوضع كرامة الامة وحقوقها و ازدهارها فوق كل الاعتبارات . وعندما تجد الامة هذا القائد الهمام يكون العالم مستعدا السماع لهم.

#محمد_رضا_عباس (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات