أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - تاج السر عثمان - كتاب نهب الذهب الدموي في السودان















المزيد.....



كتاب نهب الذهب الدموي في السودان


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 8357 - 2025 / 5 / 29 - 20:14
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


نهب الذهب الدموي في السودان
تأليف : تاج السر عثمان الحاج
الخرطوم : مايو2025






















المحتويات
الموضوع رقم الصفحة
مقدمة
أولا: الذهب في السودان: لمحة تاريخية
ثانيا: إنتاج الذهب في السودان
ثالثا: التعدين الأهلي: القوى العاملة والمشاكل البيئية
رابعا: صادرات الذهب
خامسا: تهريب الذهب
سادسا: دور العامل الخارجي في تهريب الذهب
سابعا : الخاتمة.















مقدمة:
نتابع في هذه الحلقات الخلفية التاريخية للذهب في السودان ، وإنتاجه ومشاكل التعدين، واستنزافه ونهبه كثروة ناضبة بالاشكال المختلفة للتهريب، وبواسطة نافذين في الدولة والذي توسع إنتاجه والبحث عنه في عهد حكم الإسلاموينن بعد تدمير وخصخصة المشاريع الزراعية والصناعية والخدمية " السكك الحديدية ، النقل النهري، الخطوط البحرية، الخطوط الجوية،. الخ)، وانفصال الجنوب ، وفقدان 75% من عائدات البترول، والابادة الجماعية وتهجير للسكان المحليين للاستيلاء علي مناطق وجبال تعدين الذهب كما حدث في جبل عامر بدارفور، اضافة للاثار البيئية الضارة للتعدين العشوائي باستخدام مواد السيانيد ، والزئبق، .الخ، واثرها علي الانسان والحيوان والأرض والنبات، وضعف اجراءات السلامة التي تؤدي الي موت أعداد كبيرة من المعدنين ودفنهم في المناجم المنهارة.
كما نواصل الدق علي ناقوس الخطر بضرورة الحفاظ علي هذه الثروة وضمان حقوق المجتمعات المحلية بنسبة معينة لتنميتها من عائدها ، وحقوق الأجيال القادمة، بالاستفادة من عائده في الاستثمار في الثروات المتجددة الزراعية والحيوانية والغابية والمائية ، باعتبار الذهب احتياطي يقوي موقف البلاد النقدي.
وكنت قد تابعت إنتاج النفط بعد استخراجه وتصديره منذ العام 1999 في كتاب بالاشتراك مع الأستاذ عادل احمد إبراهيم بعنوان " النفط والصراع السياسي في السودان، 2006 " أشرنا فيه لضرورة الاستفادة من عائدات النفط في دعم الإنتاج الزراعي والصناعي والحيواني والبنيات الأساسية ، ولأن النفط ثروة ناضبة ، ولكن ذلك لم يتم وتم نهب عائدات البترول من الرأسمالية الطفيلية الإسلاموية التي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات ، وتهريبها للخارج ، اضافة لنهب ثروات السودان وصب الزيت علي لهب الصراع في الجنوب، بعد اكتشاف شركة شيفرون الأمريكية للنفط ، وتفاقم مشكلة الجنوب بعد أن الغي الديكتاتور نميري عام 1983 اتفاقية اديس أبابا وتقسيم الجنوب، واندلاع الحرب الأهلية من جديد ، حتى الانفصال بعد اتفاقية نيفاشا ، وكان من اسباب التعجيل به اكتشاف النفط الذي فتح شهية الانفصال بالاستحواذ علي كل عائداته بدلا من اقتسانه، هذا اضافة لتدمير البيئة والغابات ، والموارد المائية، وطرد أعداد كبيرة من سكان الجنوب و النوبة من أراضيهم لمرور أنابيب النفط لميناء بورتسودان بواسطة الشركات الصينية وغيرها من المؤسسات التي كانت عاملة في النفط.
كما تناولت في دراسة سابقة بعنوان " الصراع على الأرض في السودان" نشرت في حلقات في المواقع الالكترونية تناولت تطور ملكية ونهب الأراضي في السودان في الفترات التاريخية المختلفة، وخاصة بعد ارتباط السودان بالسوق الرأسمالي العالمي وشهد بذور إدخال نمط الإنتاج الراسمالي في عهد الاحتلال التركي – المصري الذي نهب ثروات البلاد من ذهب ،معادن، ضرائب باهظة، قوى بشرية ،محاصيل نقدية وماشية. الخ، وحقق ارباحا هائلة تم تحويلها لمصر لمصلحة الطبقات المالكة فيها ، كما تم فيه نهب اراضي السودانيين من قبل الأجانب " مصريون، اتراك، تجار محليين. الخ " ، وادخال زراعة المحاصيل النقدية " صمغ، نيلة، قطن، الخ" ، واصدار قوانين الملكية الخاصة للارض.
كما تمّ هجوم الشركات الرأسمالية الاقليمية والعالمية علي الارض في السودان بعد الاحتلال الانجليزي للسودان بهدف تحويل البلاد لمزرعة قطن كبيرة لمد مصانعه في لانكشيربالمادة الخام ، علي أساس التبادل غير المتكافئ، اصبح السودان مصدراً للمواد الخام ومستورداً للسلع الرأسمالية،وقامت مشاريع القطن في الجزيرة والقاش وطوكر وجبال النوبا، اضافة للمشاريع الخاصة للقطن علي النيلين الأبيض والأزرق، ومشاريع الطلمبات في الشمالية ، الخ، اضافة للاستثمار في الزراعة الآلية المطرية التي بدأت إثناء الحرب العالمية لمد قوات الحلفاء في شمال افريقيا بالغذاء، وبنهاية الاستعمار كانت المؤسسات الاستعمارية قد حققت ارباحا ضخمة من زراعة القطن ونهب ثروات البلاد الأخري ، وتحويل معظم الأرباح التي حققتها شركة السودان الزراعية إلى خارج البلاد في شكل عائدات لاصحاب الأسهم ، علي سبيل المثال: كان أجمالي أرباح الشركة في السنوات الأربع الأخيرة ( 1947 - 1950 م ) اكثر من 9.500.000 جنية إسترليني ( تيم نبلوك : صراع السلطة والثروة في السودان ، ص ، 29 _30 ) ، أي أن الاستعمار كان ينهب ويستنزف قدرات البلاد الاقتصادية ، ويصدر الفائض الاقتصادي اللازم لتنمية البلاد إلى الخارج ، وفى النهب أيضا ترد مرتبات كبار الموظفين والإداريين الإنجليز ، ففي عام 1945 م بلغ نصيب 771 موظفا إنجليزيا 61.3 %من إجمالي المرتبات في الميزانية، وعندما أحيل هؤلاء الموظفين للمعاش عام 1954 م تقاضوا تعويضا مقداره 1.590.00 جنية مصري ، وهذا النهب الاستعماري ، ومن كل النواحي ، يجعلنا نؤكد أن المستعمر جاء لينهب الشعب السوداني ، وبالتالي كان ذلك من أسباب تخلف السودان الاقتصادي والاجتماعي .

واتسع نهب الأراضي بشكل كبير بعد الاستقلال وخاصة في عهد ديكتاتورية مايو بعد اصدار قانون 1970 الذي فتح الطريق للشركات الرأسمالية الاقليمية والمحلية للاستثمار في الزراعة الآلية ، وتم نهب الأراضي في القطاع النقليدي المطري ، وتم طرد السكان المحليين من اراضيهم ، و تحقيق ارباح بمليارات الدولارات تم تهريبها للخارج ، وبدلا من أن يكون السودان سلة غذاء العالم اجتاحته مجاعة 83 / 1984 ، بعد تدمير البيئة باقتلاع الالاف من الاشجار ، وضيق مساحات الرعي والزراعة المعيشية للقبائل مما أدي للنزوح والصدام القبلي بين الرعاة والمزارعين، وانضمام شباب الجنوب وجبال النوبا للكفاح السياسي و المسلح دفاعا عن اراضيها ، وهروب الثروة الحيوانية للدول المجاورة ، ونقصان العائد من محصول الصمغ بعد قطع الاف الأفدنه من اشجار الهشاب، وحدث النزوح الكبير من غرب السودان للخرطوم وغيرها، كما تمّ نهريب الأرباح والفائض الاقتصادي علي سبيل المثال شهدت الفترة ( 78 / 79 - 84 / 1985 م ) اكبر عملية تهريب لرؤس الأموال السودانية الى الخارج ، وتم تقدير رأس المال الهارب بحسابات مختلفة : 19 مليار دولار ، 16 مليار دولار ، 11 مليار دولار، ومهما يكن من امر ، إذا أخذنا المتوسط حوالي 15 مليار دولار ، نلاحظ من ذلك ان الفائض الاقتصادي اللازم لاستثماره في السودان والذي تم تصديره للخارج كان ضخما ، وانطبق علينا المثل السوداني القائل ( ميتة وخراب ديار) ، أي ديون بلغت 9 مليار دولار ورأس مال هارب بلغ في المتوسط 15 مليار دولار .
وحسب د . على عبد القادر على: أن القطاع المصرفي السوداني يقف متهما بتمويل عملية تهريب رأس المال من خلال تمويله لعمليات السوق السوداء للنقد الأجنبي، ونلاحظ سريعا إن القطاع المصرفي مملوك للدولة بنسبة 60 % !! (د . على عبد القادر على، حول سياسات التصحيح وهروب رأس المال، الكويت، فبراير 1988).
كما تمت أكبر عملية لنهب الأراضي في عهد الانقاذ ، وخاصة بعد انفصال الجنوب ، وإعادة تمليك الأجانب للاراضي ، والايجارات التي تصل مدة عقدها الي 99 عاما، اضافة لفقدان اراضي السودان مثل: اغراق مدينة حلفا التاريخية في عهد ديكتاتورية عبود، وفي عهد البشير تم فصل الجنوب واحتلال المصريين لحلايب وشلاتين وابورماد .الخ، واحتلال اثيوبيا للفشقة، وغير ذلك من ممارسات الأنظمة الديكتاتورية العسكرية التي دمرت البلاد والعباد ، وتم تهريب عائدات النفط وغيرها للخارج علي سبيل المثال : اظهر تقرير منظمة النزاهة المالية الدولية اختفاء 31 مليار دولار في عهد البشير من الصادرات السودانية ما بين عامي 2012- 2018، اضافة لتهريب عائدات النفط التي تُقدر بأكثر من 75 مليار دولار ، تم تهريبها لماليزيا وغيرها.
والآن تستمر الممارسات نفسها في نهب ثروة الذهب في السودان ، وتهريب أكثر من 70% من عائداته للخارج، علي سبيل المثال : متوسط إنتاج الذهب بين 100- 250 طن ( الشرق الأوسط :11 يناير 2020)، وتُقدر العائدات بحوالي 8 مليار دولار، في حين التقديرات الرسمية للحكومة بين 82- 93 طن ( موقع الجزيرة 5/1/ 2017)، بعائدات تُقدر بمتوسط 850 مليون دولار، مما يعكس حجم النهب والتهريب الكيير لعائدات الذهب في السودان، وفقدان الدولة لثروة كبيرة، مما يتطلب اوسع حملة لوضع الدولة يدها علي ثروة الذهب لمصلحة تقدم وتنمية البلاد، حتى لايتم تبديدها كما حدث للنفط.
وأخيرا ،عملية نهب الأراضي وابادة وتهجير السكان الاصليين والشروط القاسية التي يعمل فيها المعدنون في استخراج الذهب والذين يتعرضون احيانا للموت والدفن في المناجم نتيجة انهيارها ، وفي ظروف عمل اشبة بالاسترقاق بحثا عما يقيم أود الحياة لمصلحة شركات أجنبية وأفراد رأسمالينن يحققون أكبر تراكم رأسمالي بدائي من تلك العملية اشبه بما وصفه ماركس في مؤلفه " الرأسمال" المجلد الأول : "إن اكتشاف الذهب والفضة في أمريكا وافناء السكان الأصليين واسترقاقهم ودفنهم في المناجم ، وبداية غزو ونهب جزر الهند الغربية ، وتحول افريقيا الي منطقة لصيد ذوى الشرة السوداء علي نطاق تجاري ، كل ذلك أعلن الفجر الوردي لعصر الإنتاج الرأسمالي" ( كارل ماركس ، الرأسمال ، المجلد الأول ، موسكو 1974 ، ص 704).









أولا:
الذهب في السودان : لمحة تاريخية
1- الذهب في السودان القديم:
معلوم أنه منذ أول حضارة سودانية ( حضارة المجموعة "أ"، 2400- 720 ق,م) اهتم قدماء المصريين بأراضي النوبة السفلي بهدف تأمين حدودهم الجنوبية ، وتأمين التجارة وجلب المعادن الثمينة والعبيد وقطع الجرانيبت، ولعب السودان دورا أساسيا في حياة مصر الاقتصادية في الدولة المصرية الحديثة التي بدأت بعد احتلال تحتمس الثالث للسودان ، فتلاحظ أن الذهب كان أهم محصول البلاد ( للمزيد من التفاصيل ، راجع تاج السر عثمان الحاج ، التاريخ الاجتماعي لفترة الحكم التركي ، مركز محمد عمر بشير 2006م، ص 3- 4)، وكان السودانيون يقاومون الاحتلال المصري ونهب ثروات البلاد..
بالتالي عُرف السودان القديم بـ«بلاد النوبة»، ونوبة مفردة "هيروغليفية" تعني الذهب، أي «أرض الذهب»، وهذا الصيت شجع الغزاة على مر التاريخ لمحاولة غزو المنطقة للحصول على ذهبها الوفير، الذي تحدثت عنه الأساطير الفرعونية. السودان عرف استخراج الذهب منذ العهد الفرعوني، ومن أشهر المناطق التاريخية في التنقيب عن الذهب كانت وادي العلاقي التي تقع علي بعد 5 كلم من مثلث حلايب السوداني الواقع حاليا تحت الاحتلال المصري..
معلوم أن الذهب شكل من أشكال الثروة والاستثمار حيث يعتبر عملة معدنية لا تتأثرر بعملة أي دولة ، وأن التعدين في التاريخ القديم والوسيط كان عشوائياً، وأبانت تقارير اقتصادية بأن الدراسات والأبحاث الجيولوجية أثبتت وجود الذهب في مناطق عديدة تشمل جبال البحر الأحمر( مثل منطقة الارياب.الخ) وجنوب النيل الأرزق وشمال السودان وشمال وجنوب كردفان وجنوب دارفور وفي مناطق متفرقة من البلاد.
2- فترة ممالك النوبة المسيحية (500م – 1500م)
" واصل النوبة في هذه الفترة تعدين الحديد في مروي قرب كبوشية ، يقول المؤرخ ابن حوقل: وبين علوة وبين الأمة المعروفة بالجبالين مفازة ذات رمال الي بلد أمقل ، وهي ناحية ذات قري لا تحصي وأمم مختلفة ولغات كثيرة متباينة لا يحاط بها يُعرفون بأحدين ، وفيهم معادن الذهب والتبر الخالص متصلين بالمغرب"..
كما عرف النوبة الذهب وكانوا يستخلصونه من المواقع التالية:
- من مكان اسمه "شنكة" قرب "شتقير" أي قرب ابي حمد ، يقول الاسواني في وصف بعض المواقع في وادي النيل اعلا دنقلا ، وفي الناحية الواقعة ما بين الدبة وابي حمد ، ويذكر وجود الذهب في موضع (شنكة) قرب شنقير أي قرب ابي حمد ، ومن هناك تتشعب بعض الطرق الي سواكن وباضع (أي مصوع) وجزائر دهلك في البحر الحامر ( تاج السر عثمان الحاج : تاريخ النوبة الاقتصادي الاجتماعي ، دار عزة 2003 ، ص 52- 53).
3- في فترة مملكة الفونج :
استمر تعدين الذهب ، ويبدو أن الإنتاج كان وفيرا ، ويتم تصدير الذهب الذي كان يحتكره السلطان.
في مملكة الفونج كان الطابع الأساسي للاستيراد في السلع الكمالية وكان السلطان يتحكم في الجزء الأساسي من المعروض من سلعتي(الذهب والرقيق) ، أ ي أهم سلعتين من صادرات دولة الفونج ، أي أنه كان للسلطان الدور المركزي في التجارة الخارجية للملكة .
وتشير دراسات أوفاهي وأسبولدنق إلى أن الكميات الكبيرة من الذهب المستخرج كانت تؤول تلقائياً إلى ملكية السلطان بينما تذهب الكميات الصغيرة إلى ملكية الدولة ، وبالنسبة للرقيق فالسلطان له الحق في إدارة ورعاية حملات الرقيق السنوية في مناطق جبال النوبة والنيل الأبيض وجنوب الفونج وبعد نهاية الحملة يستحوذ السلطان على نصف مجموعات الرقيق التي تم الحصول عليها أما النصف الثاني فيقسم على المشاركين في الحملة وبذلك يتضح أن السلطان كان يتحكم في سلع التصدير الرئيسية وعلى رأسها الذهب والرقيق ( للمزيد من التفاصيل، راجع تاج السر عثمان الحاج ، لمحات من تاريخ سلطنة الفونج الاجتماعي ، مركز محمد عمر بشير، 2004) .
وكانت العملة تستند الي أوقية الذهب كعملة لتسهيل التبادل والتي كان يتحكم فيها السلطان ، ومع تطور الرأسمالية التجارية ونموها دخلت في صراع مع السلطان الذي كان يحتكر اصدار العملة ( أى يحتكر تجارة الذهب ) ، كما كان يحتكر تجارة الرقيق ، وظهرت عملات أجنبية أخري أضعفت من هيمنة السلطان علي التجارة.
وكانت البدايات الأولي لاصدار العملة المحلية في فترة الفونج عندما كان النظام التجاري يستند الى أوقية الذهب كعملة لتسهيل التبادل ، وقيمة أوقية الذهب يمكن التحكم فيها بواسطة السلطان وذلك لأنه كان يسيطر على إنتاج الذهب في البلاد ولذلك فان التحكم في تدفق كميات الذهب من الخزينة السلطانية حسب طلب السوق يمكن السلطان من التحكم بكفاءة في قيمة أوقية الذهب فقيمة الأوقية تظل مرتفعة بالمقارنة مع معظم السلع التجارية في سنار والتداول الفعلي للذهب ينحصر في المبادلات الكبيرة نسبيا ( أوفاهي وسبولدنق : 1974 ) .
وبالنسبة للوضع الاقتصادي العام ، فان الوظيفة الأكبر أهمية للذهب تتمثل تقريبا في اعتباره عملة وهمية أو كمقياس عام للسلع المختلفة أثناء عملية التبادل اضافة للذهب كان التعامل أحيانا يتم بقطع الدمور والريال وفي أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن الثامن عشر ظهرت عملات أخري داخل سلطنة الفونج مثل الدولار الاسباني مما قوض نفوذ السلطان الذي لم يعد قادرا علي التحكم في الأسعار عن طريق التحكم في كميات الذهب التي تصل الأسواق ( تاج السر عثمان الحاج ، لمحات ، مرجع سابق).
4- فترة الحكم التركي – المصري:
معلوم أن من ضمن احتلال محمد علي باشا للسودان : المال (الذهب) والعبيد وتأمين التجارة . الخ ، أي أن احتلال السودان عام 1821 م ، كان في إطار استراتيجية محمد علي باشا باعتباره أحد مصادر التراكم المالي لتحقيق النهضة الصناعية والزراعية وبناء الجيش العصري وبناء دولة عصرية في مصر( تاج السر عثمان، التاريخ الاجتماعي لفترة الحكم التركي 2006 ، ص 5-6).
وكان من أهداف محمد علي باشا الأساسية لاحتلال السودان كما أشرنا سابقا المال ( البحث عن الذهب والمعادن الثمينة)، وبُذلت جهود لاستخراج الذهب من فازوغلي وجبل شيبون ، رغم المصاعب التي واجهتها بعثات التنقيب عن الذهب مثل هجوم الأهالي ومواطني مناطق الذهب ضد هؤلاء الأجانب وعدم التعاون معهم ، اضافة للتكلفة العالية وقلة العائد (تاج السر عثمان ، المرجع السابق، 41).
رغم المصاعب التي واجهت الحملة في نهب الذهب ،لكن من الجانب الآخر فقد تم نهب ثروات البلاد من محاصيل نقدية وماشية ومعادن أخري ، وقدرات بشرية ، وتمّ اعتصار المزارعين والمواطنين السودانيين وصغار الملاك في جمع عائد ضخم من الضرائب ، وحقق الاحتلال التركي ارباحا ضخمة من تلك الضرائب عوضته عن الذهب واكتنز بها الذهب والفضة ( تاج السر عثمان ، المرجع السابق ، ص 75).
5- فترة المهدية:
استمر إنتاج الذهب في هذه الفترة ، كما يتضح من العملة الذهبية ، فقد صدرت أول عملة في المهدية ذهبية ، لكن العملة في المهدية تأثرت باضطراب الأوضاع الاقتصادية والسياسية والتجارية ، ويبدو من اصدار أول عملة ذهبية في فترة المهدي أن النشاط التجاري كان منتعشا اضافة لوجود العملات الأجنبية ، ومنذ بداية عهد الخليفة الذي أصدر أول عملة فضية بدأت العملة تنخفض ، وبالتالي ترتفع الأسعار حتي أرغم الناس على قبول العملة النحاسية ، وكذلك انتشرت عمليات التزوير التي تلازم اصدار العملات في كل العالم ، وبالتالي تقلل من قيمتها أو تطرح فائضا منها يؤدي الي ارتفاع الأسعار . وكان هذا التدهور من مظاهر اضمحلال دولة المهدية حتي زوالها على يد قوات كتشنر، وجاءت فترة الحكم الانجليزي – المصري التي كان التركيز الاساسي فيها علي زراعة القطن كمحصول نقدي أو "الذهب الأبيض"،وقيام مشاريع القطن كما أشرنا سابقا، واستمر التعدين التقليدي للذهب وغيره ، ولكن التنقيب عن الذهب والمعادن لم ينشط بشكل كبير الا بعد الاستقلال.
6- التنقيب عن الذهب بعد الاستقلال:
في الفترة بعد الاستقلال مباشرة (1956- 1969) ، كانت صناعة التعدين تنمو بشكل ضعيف ، وكانت عرضة للكساد المستمر لحجم الإنتاج ، وبلغ حجم إنتاجها بالنسة لاجمالي الناتج القومي 2,% ، ولم يكن لها مؤسسات عامة ، ولم يمكن الوصول الي ما كان محددا لنمو إنتاج المعادن من خطة العشر سنوات ( 1961/62 -70/ 1971 )،
شهدت فترة الحكم العسكري الثاني (مايو 69 19 –أبريل 1985م) نشاطا مكثفا في مجال التنقيب عن المعادن وجرت دراسات ميدانية في العديد من مناطق السودان بحثا عن : الكروم والاسبتس في منطقتي جبال الاتقسنا وقلع النحل والذهب واليورانيوم في جبال النوبا وحفرة النحاس في غرب السسودان، بواسطة شركات عالمية متخصصة ، وقد اسفرت النتائج الأولية علي سبيل المثال :عن وجود كميات من خام الكروم تُقدر بحوالي 700 الف طن قامت بها حكومة جمهورية الصين الشعبية ( العرض الاقتصادي 78/ 1979م).
7-فترة انقلاب الانقاذ ( يونيو 1989- أبريل 2019):
لكن عملية الانتشار الواسع للتنقيب عن الذهب لم تتم الا في هذه الفترة ، وتحديدا بعد انفصال جنوب السودان .
فمنذ العام 2008 تقريباً ، انتشر مئات الآلاف من المعدنين في صحاري ووديان وسهول السودان، وتزايد الرقم تدريجياً ليبلغ أكثر من مليوني معدن أهلي، يبحث عن "الذهب".. .
وسريعاً دوّن السودان اسمه بين المنتجين الكبار للذهب حول العالم، ليبلغ متوسط إنتاجه خلال سنوات قليلة أكثر بين "100- 250 طن " ( صحيفة الشرق الأوسط : 11 يناير 2020) ، وليحتل المركز الثاني بين الدول المنتجة للذهب في أفريقيا بعد دولة جنوب أفريقيا.
وأكد ملايين المعدنين أن وجود الذهب بكميات كبيرة،مما يجعل السودان بلدا ثريا، ودخلت الشركات الأجنبية والمحلية الكبيرة في إنتاج الذهب، وسريعاً أصبح السودان أحد المنتجين الرئيسيين للذهب في أفريقيا، و"خلال سنوات قليلة أصبح يحتل المركز الثاني بعد جنوب أفريقيا في إنتاج المعدن النفيس في القارة السمراء" ( الشرق الأوسط : 11 يناير 2020)..















ثانيا:
إنتاج الذهب في السودان
1- مناطق تواجد الذهب في السودان
أشرنا سابقا الي أن السودان عُرف بالذهب منذ العصور القديمة حيث سميت منطقة الشمال بأرض النوبة (أرض الذهب) وكان يستغلها الفراعنة والعثمانيون لإنتاج المعدن النفيس .
كما هو معلوم، يتتشر معدن الذهب في أغلب مدن شمال السودان الصحراوي، وتحديداً من أقصى الشمال حتى قرب الخرطوم، ومن الساحل الشرقي على البحر الأحمر إلى أقصى الغرب، بالقرب من جبل عوينات والطينة وعامر في دارفور، علما أنه في شمال السودان ، ﻣﻦ ﻭﺍﺩﻱ ﺣﻠﻔﺎ ﻭﺣﺘﻰ ﻋﻄﺒﺮﺓ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻌﺪﻥ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﺍﻟﻨﺎﺗﺞ ﻣﻦ ﺗﺤﻮﻝ ﺍﻟﺼﺨﻮﺭﺍﻟﺒﺮﻛﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﺳﻮﺑﻴﺔ ، بجبال ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺣﻤﺮ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻷﺭﺑﺎﺏ ﻭﺟﺒﻴﺖ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ ﻭﺃﺑﻮ ﺻﺎﺭﻱ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺣﻤﺮ، ويقال أن الذهب ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺫﻭ ﺗﺮﻛﻴﺰﺍﺕ ﻋﺎﻟﻴﺔ ، كما يوجد الذهب الرسوبي بجنوب ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺍﻷﺯﺭﻕ وﺷﻤﺎﻝ ﺷﺮﻕ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ، وﻭﻻﻳﺔ ﺟﻨﻮﺏ ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ ( ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ) ﻭﻭﻻﻳﺔ ﺟﻨﻮﺏ دارفور ، ومؤخرا ، قالت الحكومة السودانية أنها تستعد ، لاستئناف العمل في مشروع إنتاج الذهب بجبل عامر في ولاية شمال دارفور، بعد تنازل شركة "الجنيد" عنه، كما يوجد تعدين الذهب في (16) من (18) ولاية..
ومعلوم أيضا، أن وجود الذهب ببنك السودان يخفض الضغط علي الدولار من خلال ايداع الذهب عينا ، بدلا من عملة حرة ، يقوي من قيمة الجنية لكونه مسنودا باحتياطات الذهب في حساب.
2- إنتاج الذهب في السودان
يُقدراحتياطي الذهب في السودان ب 500 طن ، تقديرات أخري تقول 1550 طن.
وتشير التقارير الدولية الي أن السودان الدولة رقم 13 من الدول المنتجة للذهب في العالم ، والثالثة الافريقية بعد غانا وجنوب افريقيا.
إنتاج التعدين الأهلي في السودان يُقدر ب 120 طنا ، أي 85% من حجم إنتاج الذهب (تقرير وزارة المعادن 2010).
- تعمل في التنقيب 444 شركة محلية ودولية في مجالات الاستكشاف والإنتاج (أكبرها شركة أرياب الفرنسية).
حول التنقيب عن الذهب جاء في جريدة الصحافة بتاريخ : 1/10/ 2010 ما يلي :
القطاع الأهلي يعمل به أكثر من 200 ألف عامل ( وسط مشاكل بيئية وأمنية مثل : انهيار المناجم).
بلغت عائداته خلال العام (2010) مليار دولار ، ومتوقع أن يصل العائد الي 10 مليار دولار.
تم التوقيع علي (7) اتفاقيات للتنقيب عن الذهب والحديد بولايتي شمال كردفان والبحر الأحمر مع عدد من الشركات المحلية والعالمية مثال : تم التوقيع مع شركة دبي ( امتياز مربع 38 بمنطقة ابو زعيمة )، شركة اوراد ، المجموعة الدولية للتجارة والاستثمار في مربع 34 ، شركة أم . تي ، شركات سعود البرير (33 الحمام بشمال كردفان) ، شركة مزيد للاستثمار والخدمات (مربع 40 بشمال كردفان) ، شركة هجليج.
في الوقت الذي يعتبر السودان واحدا من ثلاثة أكبر منتجين للذهب في أفريقيا وربما في العالم، فإن القطاع غير المنظم للتنقيب كما أشرنا سابقا يستحوذ على أغلبية الإنتاج، والذي يصعب إحصاؤه لعمليات بيعه وتهريبه بعيدا عن القنوات الرسمية.
الشركة السودانية للموارد المعدنية تعتبر ، إن إنتاج البلاد الرسمي من الذهب لا يتجاوز 25 طنا سنويا، عبر شركات معالجة المخلفات والتعدين الصغير وشركات الامتياز الكبيرة ، وهذا يساوي أقل من ربع إنتاج الذهب الحقيقي في السودان ، وهو ينتج عبر شركات المعالجة ، بينما يستحوذ قطاع التعدين التقليدي على أكثر من 75 بالمئة من ما تبقى من إنتاج الذهب .
الحكومة السودانية كشفت عن خطتها لتنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي ، من أبرز توصياته سيطرة الدولة على صادر الذهب، فلعدة سنوات احتكر البنك المركزي صادرات الذهب، وكان يشتري هذا المعدن محليا بسعر ثابت من مواقع لتجميعه في مناطق مختلفة ، ما أدى لتجارة غير قانونية ، حيث كان هناك أشخاص نافذون في الدولة والجيش يجمعون الذهب ويقومون بتهريبه خارج البلاد ، هذا دون نسيان العصابات التي تهرب الذهب عبر الصحراء، والمفترض أن التنظيم الجديد وتحرير صادرات الذهب ،سوف يحد من التهريب و يزيد من العائدات النقدية للسودان .
الشركات العاملة في التعدين : شركة مناجم المغربية للتعدين التي عقدت صفقة مع شركة "وانباو" الصينية تستحوذ بموجبها على 65% من مشاريع توسعة منجم ذهب "قبقبة" السوداني. إعلان دخول شركة "مناجم " المغربية إلى استثمار حقول الذهب السودانية ، يضاف إلى مئات الشركات العربية والأجنبية العاملة في الذهب ، منها 149 شركة امتياز ، و152 ﺷﺮﻛﺔ ﺗﻌﺪﻳﻦ صغيرة، و48 ﺷﺮﻛﺔ لمخلفات اﻟﺘﻌﺪﻳﻦ، و ارتفع العدد بعد نحو عشر سنوات إﻟﻰ 435 ﺷﺮﻛﺔ ، منها الشركات السعودية والاماراتية والقطرية والمصرية التي دخلت منذ سنوات مجال الاستثمار في الذهب السوداني ( مونت كارلو الدولية : 17 / 3/ 2021).
قبل انفصال دولة جنوب السودان في 2011 ، البترول كان يمثل المصدر الوحيد للعائدات السودانية بنسبة 92٪ من الدخل العام ، لكن بعد انقسام البلاد وتقلص عائدات النفط دون نسيان الحظر الأمريكي على الاقتصاد ، بات المعدن الأصفر، يمثل مستقبل الاقتصاد السوداني، مما يعني ضرورة وضع الدولة عليه، ليسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومكافحة تهريبه.
القوي العاملة في التعدين :
اصبحت القوي العاملة في التعدين كبيرة ، مما يتطلب حمايتها من الآثار الضارة للتعدين ، وضرورة قيام نقابات واتحادات لها تدافع عن حقوقها ، وتوفير بيئة العمل المناسبة من سكن وخدمات صحية وتعليمية وثقافية، ورفع مستوي المعيشة. اضافة لحق مناطق التعدين في نسبة من الإنتاج لتنميتها وبناء المدارس والمستشفيات والطرق والبنيات التحتية، وتوفير خدمات الكهرباء ومياه الشرب ، وحماية البيئة من آثار استخدام المواد الضارة في التعدين، ومراجعة العقود المجحفة لشعب السودان التي تمت مع الشركات بما يضمن نسبة للدولة منها لا تقل عن 70% تذهب لبنك السودان ، بدلا من اهدار هذه الثروة وايداع عائداها خارج السودان مقابل الغذاء والوقود !!!، وحماية ثروة البلاد من النهب والتهريب .























ثالثا:
التعدين الأهلي : القوى العاملة والمشاكل البيئية:
1- مشاكل القوي العاملة في التعدين الأهلي
تزايد القوي العاملة في التعدين الأهلي
أشرنا سابقا الي أن إنتاج الذهب الأقرب للدقة بين (200- 250) طنا سنويا ، مما أدي لارتفاع أعداد القوي العاملة في التعدين الأهلي التي وصلت في العام 2020 الي أكثر من مليوني شاب.
أما تقرير وزارة المعادن (2019) فقد أشار الي 3 ملايين يعملون في تعدين الذهب ، منهم 2 مليون يعملون في المهن الملحقة بالتعدين " التكسير ، جلب المياه ، اعداد الوجبات .الخ".
وتعبش هذه القوى العاملة في ظروف غير انسانية ومهددة بمخاطر التعدين مثل: انهيار المناجم ، لسعات العقارب والأفاعي ، وتقلب الجو من برودة الي حرارة عالية، اضافة للآثار الضارة للتعدين باستخدام المواد الضارة بصحة البيئة والانسان والحيوان والنبات، اضافة للابادة الجماعية للسكان المحليين لنهب الذهب ، حنى اطلق مجلس الأمن وصف " الذهب الدموى"، كما يصنف البنك الدولي مشتريات بنك السودان من الذهب بأنها " غير معقمة" بسبب تلك الممارسات ، فقد حدث ابان سيطرة قوات الجنجويد علي منجم ذهب جبل عامر أن موسي هلال قبل أن يحل محله حميدتي أنه كان يحصل علي ما لا يقل عن 54 مليون دولار سنويا ، 28 مليون دولار تأتي من الاتاوات والرسوم والضرائب التي يفرضها علي الوسطاء والمعدنين والعاملين في مجال الخدمات في منطقة الجبل شمال دارفور ( التغيير بتاريخ الثلاثاء : 28 /11/ 2017 ، تقرير أمل هباني). هذا فضلا عن خطورة استخدام المتفجرات في التعدين علي العاملين والبيئة.
من الآثار الضارة للتعدين الأهلي والعشوائي تدمير المناطق الأثرية علي سبيل المثال : تم تدمير موقع أثري في السودان عمره 2000 عام في المنطقة الشرقية من الصحراء الكبرى " جبل المراغنة"، اضافة لاستخدام الالات الثقيلة الذي يؤدي الي انهيار التربة ، وتؤدي الي انهيار المناجم ، زد علي ذلك الصراع القبلي الدموي بسبب التنافس علي السيطرة علي المناجم ، كما حدث في جبل عامر شمال دارفور الذي اندلع فيه قتال بين قبيلتين بسبب التنافس علي السيطرة على المنجم ( موقع بي.بي, سي العربية : 2 مايو 2013).
كما تدخل عامل آخر في الصراع الدموى علي الذهب والصراع في دارفور حيث تريد الشركات الأجنبية طرد الأهالي والاستحواذ علي الأراضي التي يعيشون فيها المليئة بالثروات الطبيعية من ذهب ويورانيوم وماس. الخ، لكي يحدث ذلك لا بد من اخلاء السكان بالابادة الجماعية والتهجير، بالتالي دخل عامل جديد للصراع في دارفور وهو الاستحواذ علي الثروات والموارد لصالح فئات معينة، كما في الصراع الأخير الذي دار في جبل مون الذي يزخر بموارد تعدينية كبيرة علي رأسها الذهب ، أي صراع من أجل السيطرة علي الذهب ، والهدف تهجير قسري للسكان في المنطقة من قبل الشركات.
اضافة للاشكال الأخرى لاخلاء السكان مثل : خلق الفوضي، تدمير الموسم الزراعي ، نهب مخازن الاغاثة التابعة لليوناميد من قوات الحركات بهدف لتجريد سكان المعسكرات من الغذاء ، ووضع النازحين في ظروف سيئة، كما حدث أخيرا.
من المخاطر ايضا اطلاق النار من قوات الدعم السريع علي العاملين السلميين في التعدين في حالات النزاع .
2- المشاكل البيئية للتعدين عن الذهب:
- اشرنا سابقا الي المشاكل البيئية للتعدين والظروف القاسية التي يعيش فيها العاملون في التعدين علي سبيل المثال: ولاية جنوب كردفان الأغني بالذهب في السودان ، يُوجد بها أكثر من 58 منجما للذهب، وأكثر من 3 آلاف يئر تعدين ، مما أفرز مخلفات ملوثة بالزئبق ، واستخدام مادة السيانيد لمعالجة المخلفات.
السيانيد مادة سامة ضارة بالحيوان والانسان والبيئة والتربة والنبات ، مما أدي الي قيام لجان مقاومة لذلك قادت لمواجهات من أجل حماية البيئة وحقوق المعدنين المادية والصحية، وظروف حياة انسانية تليق بهم..
- المعدنون التقليديون يستخدمون معدن الزئبق في استخلاص ما بين 30% من الذهب الموجود في التربة ، ويواجهون مخاطر التسمم ، مما يؤكد ضرورة الالتزام بسلامة الانسان والبيئة ، وهذا خطر يهدد معظم مناطق السودان التي ينتشر فيها تعدين الذهب
(الشرق الأوسط: 11 يناير 2020).
هذا اضافة لمخاطر انهيار المناجم التي تؤدي لوفاة الكثيرين من المعدنين ، نتيجة لاهمال السلامة لبيئة العمل.
من الأمثلة لانهيار المناجم :
جاء في تقرير لموقع بي. بي. سي بتاريخ: 28 ديسمبر 2021 عن انهيار منجم للذهب في السودان ما يلي:
" أعلن مسؤولون سودانيون مقتل أكثر من ثلاثين من عمال المناجم في انهيار منجم بدائي للذهب، فيما لا يزال ثمانية أشخاص آخرين في عداد المفقودين.
وقع الانهيار قرب بلدة النهود في ولاية غرب كردفان، جنوب غربي العاصمة الخرطوم.
وقال رئيس شركة الموارد المعدنية التي تديرها الدولة في غرب كردفان، خالد الدهوة، لوكالة فرانس برس: "قتل 31 عاملا بسبب انهيار منجم بدائي"، مضيفا أن شخصا نجا وثمانية آخرين في عداد المفقودين.
وجاء ايضا في خبر عن بي.بي. سي بتاريخ : 2 / مايو / 2013 : انهيار منجم جبل أمير في شمال دارفور أدي لمقتل 60 سودانيا علي الأقل، ومن اسباب الانهيار استخدام الالات التي تؤدي لانهيار التربة.
مثال ثاني لانهيار منجم
جاء في خبر عن راديو دبنقا : 2 أبريل 2019، وفاة(8) نساء وجرح (11) في انهيار منجم ذهب بمحلية الليرى بجنوب كردفان،ما يلي:
"توفى (8) نساء وجرح (11) اخريات فى انهيار منجم للتنقيب عن الذهب بمحلية الليرى بولاية جنوب كردفان يوم الاحد. وقال شهود لراديو دبنقا ان منجما للتعدين الاهلى شرق جبل الليرى انهار على العشرات من النساء كن يعملن داخله ما ادي لوفاة 8 نساء فى الحال واصابة 11 اخريات باصابات متفاوتة جرى نقلهن الى مستشفى الليرى لتلقى العلاج. والمتوفيات هن أم الحسين بشير ،كله جبريل بادى الرمالة،دار النعيم الفكي ،السيدة احمد ،سعاد حسن مزمل ،ماريا جعفر منصور،رانيا محمد وثريا عبدالرحمن والجرحى هن شهرذاد ،حبوبة الفكي،سعدية الفكي ،فردوس محمد دود،سجلات يعقوب،عرفة ادم،حواء ازهري عياد،جهاد محمد،زهراء الشيخ،نورة حماد والبشر الشيخ.
مثال ثالث: للخطر علي حياة العاملين في المناجم
كما جاء في خبر آخر عن راديو دبنقا بتاريخ : 10 مايو 2019 ، مقتل (2) مواطنين وجرح (4) آخرين في اطلاق نار من الدعم السريع على عمال المناجم بجنوب كردفان
قتل ابكر عثمان أبكر رميا بالرصاص وجرح (4) آخرين في اطلاق نار من قوات من الدعم السريع على العاملين بمنجم "التقولة" لتعدين عن الذهب بمحليىة تالودي بولاية جنوب كردفان يوم 3 مايو الجاري . وادى إطلاق النار العشوائي على العمال من قبل الدعم السريع ، وجرح كل من عبدالرؤوف التوم ، حسن مكي ، حسن إسماعيل وسعيد عبدالمنعم وجميععهم من ابناء ابوجبيهة.
وفي حادث منفصل اخر بمنجم التقولة قتل نورالدين آدم حماد رمياً بالرصاص من قبل جندي تابع لقوات السريع بسبب خلاف شخصي بينهما داخل منجم الذهب يوم 2 مايو الجاري بمحلية تلودي. وقالت منظمة هودو المعنية بحقوق الانسان في بيان حول مقتل ابكر عثمان وجرح (4) اخرين ان مجموعة من المعدنيين ذهبوا بعد الحادث لقائد الدعم السريع لاعطائهم احدي عربات الدعم السريع لاسعهاف الجرحي لكن قائد الدعدم السريع رفض طلبهم مما إستدعي المواطنين بأن يستأجروا سيارة لترحيل المصابين لمستشفي أبوجبيهه نسبة لأن مستشفي تالودي ليس بها طبيب.
ونقلت منظمة هودو عن شهود عيان بأن هذا الهجوم يبدو مدبراً ومقصوداً بواسطة قوات الدعم السريع، كما درجت هذه القوة لتخويف وإرهاب المواطنين. واشارت المنظمة في بيانها في هذا الخصوص لحدوث مجموعة من الأحداث سابقاً مما يوحي قوات الدعم السريع تريد إخلاء هذا المنجم من المواطنين الذين يعملون فيه.
واعربت المنظمة في بيانها عن أسفها وقلقها الشديد علي حياة المدنيين بمناطق الصراع في ظل إنتهاكات قوات الدعم السريع. يذكر ان منجم "التقولة" لتعدين الذهب هو أحد المناجم الستة بمنطقة تالودي والتي يمارس فيها التنقيب التقليدي، ومنذ العام المنصرم أعطي الإمتياز لشركة الجنيد وهي شركة مملوكة لقائد الدعم السريع/ محمد حمدان دقلو (حميدتي) حيث قام بوضع قوة كبيرة من الدعم السريع بالموقع حيث درجت هذه القوة علي إنتهاك حقوق المدنيين بشكل يومي.
وأخيرا،كل ذلك، كما اشرنا سابقا، يتطلب ضرورة التنظيم النقابي للعاملين في التعدين والذين يتعرضون لاستغلال بشع من الشركات التي تحقق اقصي قدر من الأرباح وتهربها للخارج ، من أجل شروط خدمة وعمل افضل وظروف بيئية صالحة للعمل وحماية من مخاطر التعدين، وممارسة كل اشكال انتزاع المطالب من مذكرات واضرابات واعتصامات ووقفات احتجاجية، وتوفير ظروف عمل انسانية.


























رابعا:
صادرات الذهب
1
اصبحت الدولة تعتمد علي صادرات الذهب بشكل اساسي بعد انفصال الجنوب وفقدان البلاد ل 75% من عائدات النفط التي لعبت دورا كبيرا في استقرار الجنية السوداني في فترة تصديره منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، ولكن مافيا التهريب التي تضم شركات نافذين في نظام المؤتمر الوطني السابق كانت تسيطر يشكل شبه كامل علي تجارة الذهب السوداني، بالتالي لم يكن الذهب ذو فائدة للاقتصاد الوطني.
علي سبيل المثال اذا أخذنا الحد الأدني حسب التقارير غير الرسمية أن: السودان ينتج بين (93- 100) طن سنويا ، ويعود للدولة في الحد الأدني ب 5 مليار دولار، لكن لا يدخل للدولة سوي بين( 30 –40) طن لخزينة الدولة ، فحسب عائدات صادر الذهب في أعلي مستواها العامين 2019 ، و2021 علي التوالي 1,2 مليار ، مليار دولار علي التوالي، نلاحظ أن أكثر من 70% من عائد الذهب يتم نهريبه.
وكان يمكن للذهب أن يحل قضية العجز في الميزان التجاري الذي تراوح بين 4- 6 مليار دولار منذ انفصال الجنوب، علي سبيل المثال ( رغم عدم دقة المعلومات): حسب تقديرات بنك السودان بلغت الصادرات 2,53 مليار دولار، والواردات 4,16 مليار دولار ، بعجز 1,63 مليار دولار ، فكان يمكن للدولة السيطرة علي العجز التجاري وفي الميزانية عموما للعام 2022 الذي يُقدر بحوالي 827 مليون دولار،اذا تم التحكم في عائدات الذهب ومنع تهريبه، وضرورة تعديل قوانين التعدين بحيث يكون نصيب الدولة لايقل عن 70% من العائد، واشراف الدولة علي التعدين لضمان حقوق الاجيال القادمة وصحة البيئة مكافحة التهريب والتهرب من الضرائب، وتقليل الفترة الخمس سنوات، بدلا من ال 25 عاما الحالية التي تمت منذ عهد المؤتمر الوطني ومازالت مستمرة..
لكن واضح أن سياسة وزير المالية الحالي جبريل إبراهيم حسب ما أعلن الاستمرار في سياسة النظام البائد في استخدام عائدات الذهب في نغطية واردات السلع الأساسية في موازنة 2022 دون مساعدات خارجية بعد انقطاع مليارات الدولارات من المساعدات الخارجية ، وتخصيص 70% من عائدات تصدير الذهب لاستيراد اوقود والقمح والسلع الأساسية ، اضافة للضرائب الباهظة وارتفاع الأسعار لتمويل الميزانية من جيب المواطن، بعد الاستمرار في تنفيذ توصيات الصندوق والبنك الدوليين في رفع الدعم عن الوقود والكهرباء والدقيق، وهي سياسة لاستمرار نهب الذهب بشكل أكبر بعد انقلاب 25 أكتوبر.
2
منذ هيمنة المؤتمر الوطني كانت حصيلة صادرات الذهب لا تدخل خزينة الدولة ، بل تودع في حسابات بنكية خارج البلاد، وصادر الذهب مقابل الغذاء والسلع الضرورية، وكانت الدولة لا تشرف علي صرف الشركات قبل الإنتاج التجاري التي تضخم الفواتير.
اضافة الي أن العقود بها خلل، 70% لشركات الامتياز ، وهي نسبة عالية لمورد ناضب علي مدي 25 عاما ، والدولة غير موجودة الا في 73 موقع فقط من 713 موقعا!!!.
( موسي كرامة ، من يسرق الذهب في السودان، تحقيق الجزيرة: 9 / 10 / 2019)
يواصل موسي كرامة وزير المعادن السابق : كما ارتفعت العائدات الفعلية للذهب في العام نفسه الي 8 مليار دولار ، إذا اعُتمد الحد الأدني 200 طنا، وهو عائد كبير لو ذهب الي خزينة بنك السودان لحدث فائض في ميزان المدفوعات السوداني، ولكن النسبة الأكبر من الذهب تُهرب عبر مظار الخرطوم وتُقدر بنحو 200 طن، اضافة لدور تجار الذهب الذين يعرضون مبلغا يزيد عن سعر البنك بنحو الفي دولار للكيلو الواحد، اضافة الي أن أغلب شركات التعدين لا تنقب عن الذهب ، بل تشتري من المعدنين التقليديين (موسي كرامة وزير الصناعة السابق).
من الأمثلة لنهب الذهب واهدار صادراته كان تقدير الحكومة 2015 لكمية إنتاج الذهب المعلن 70 طن ، وصادرات الذهب عبر مطار الخرطوم الي مطار دبي في العام نفسه 102 طن.
وفي العام 2017 / 2018 كانت تقديرات الحكومة : ( 90- 110 ) طن، لكن تقديرات الصاغة والموردين للإنتاج الفعلي من الذهب خلال الفترة المذكورة 230 – 240 طن من الذهب .
وحسب موقع الجزيرة : 9/10/ 2019، كان فاقد الذهب يتراوح بين (100- 130) طن ، وأن منافذ التهريب عبر مطار الخرطوم الي دبي والهند، والي مصر عبر الجمال ، الجنوب عبر تجار البقر ،تشاد . الخ.
أما وزير المعادن الأسبق موسي كرامة صرح "بأن المنتج هو 250 طن سنويا تُهرب منها 200 طن" ( الشرق الأوسط 11 يناير 2020).
واضح أن هذا فساد ونهب يحرم البلاد من عائدات حدها الأدني 8 مليار دولار سنويا!!!.
اضافة الي عامل آخر ضار بالبلاد مثل : السياسات الخاطئة لبنك السودان التي التي دفعت المنتجين في القطاع الأهلي للارتماء في التهريب ، مما يتطلب وضع سعر مجز يحول دون التهريب ( بورصة الذهب).
علي سبيل المثال : في سبتمبر 2019 كان بنك السودن يشتري الذهب من التعدين الأهلي ب 40 ألف دولار للكيلو جرام ، في حين أن سعره عالميا يقارب 50 ألف دولار ، مما يشجع علي التهريب.

مثال آخر لتهريب الذهب : كشف تقرير أعده فريق من الاتحاد الإفريقي ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا، عن تهريب 267 طنا من الذهب السوداني خلال 7 سنوات.
وأفاد التقرير الذي تحدث عن الوضع الراهن لمكافحة التدفقات المالية غير المشروعة بأنه جرى تهريب هذه الكمية خلال الفترة بين 2013 و 2018 ، واوضح رئيس الآلية الوطنية لمحاربة التدفقات المالية غير المشروعة، عمر حسن العمرابي أن تهريب الذهب خلال 7 سنوات بلغ 267 طن، بواقع 80 كيلو يوميا، مشيرا إلى وجود فرق 13.5 مليار دولار، بين معلومات الحكومة السودانية والدول التي استوردت الذهب والنفط.

و كانت الآلية قد عقدت في 7 يوليو 2021، ورشة عن التدفقات المالية غير المشروعة، أكد فيها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك التزام الحكومة بمتابعة ومراجعة هذه التدفقات.
و طبقاً للتقرير فإن التدفقات غير المشروعة تكلف السودان 5.4 مليار دولار، فيما بلغت فجوة المعاملات التجارية العالمية للسودان خلال الأعوام 2012 – 2018، 30.9 بليون دولار، وهو مبلغ يمثل 50% من إجمالي تجارة البلاد خلال هذه السنوات ( أخبار العالم العربي، قناة آر.تي ا بتاريخ : 28 /9/ 2021)..
مما يشير الي النهب والتهريب الكبير للذهب والضرر الجسيم للبلاد.

















خامسا :
تهريب الذهب
1
أوضحنا سابقا، رغم زيادة حجم إنتاج الذهب الذي كان علي سبيل المثال ( رغم عدم دقة ذاك، فهي أكبر كما أشرنا سابقا): في العام 2017 يعادل (107) طنا ، وفي العام 2018 كان (93,8) طن ( الشرق الأوسط (11 يناير 2020)، لكن التهريب كان كبيرا بواسطة شركات نافذين (شركات أمنية وعسكرية، ودعم سريع، وتابعة لنافذين في المؤتممر الوطني) ، ليس ذلك فحسب بل آل معظم إنتاج الذهب في جبل عامر للدعم السريع بقيادة حميدتي ( محمد حمدان دقلو).
كان ولازال معظم ذهب السودان يُهرب عبر الحدود ، ولا تستفيد منه البلاد بواسطة آساليب كثيرة للتهريب منها بطون الابل، ، أو علنا عبر مظار الخرطوم بتواطؤ مع مسؤولين في المطار أو خارجه، يتم عبر صالة كبار الزوار الذين لا يخضعون للتفتيش.
التقارير الرسمية لوزارة المعادن تقول : أن الفاقد يقدر بين" 2 – 4 " مليار دولار سنويا بنسبة 37% من اجمالي صادرات البلاد، وأكثر من 70% من إنتاج الذهب يتم تهريبه بطرق غير رسمية ( الشرق الأوسط : 11/ 1/ 2020)
أما صحيفة القارديان البريطانية حسب رويتر (11 /2 / 2020 ) ، فقد كشفت بالوثائق سيطرة حميدتي وقواته على الذهب السوداني وتصديره للإمارات، فقد كشفت الصحيفة :أن قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي تسيطر على مناجم عدة للذهب في دارفور ومناطق سودانية أخرى، مشيرة إلى دور إماراتي في استيراد هذا الذهب مما يزيد من نفوذ حميدتي ومليشياته.
ونشرت الصحيفة تحقيقا مطولا مدعوما بالصور والوثائق، وجاء فيه أن حميدتي أصبح أحد أغنى رجال السودان، حيث تسيطر قوات الدعم السريع على منجم جبل عامر للذهب في دارفور منذ عام 2017، كما تسيطر على ثلاثة مناجم أخرى على الأقل في جنوب كردفان وغيرها، مما يجعل حميدتي وقواته لاعبين رئيسيين في الصناعة الأكثر ربحا بالسودان.
وكشفت الغارديان أن شقيق حميدتي عبد الرحيم دقلو وأبناءه يملكون شركة الجنيد التي تعد إحدى أهم شركات التنقيب عن الذهب، وأن عبد الرحمن البكري نائب حميدتي هو المدير العام للشركة.
وأضافت الصحيفة أن العلاقة بين الذهب السوداني والأثرياء الأجانب وقوات الدعم السريع تقلق المراقبين، إذ تعتقد منظمة غلوبال ويتنس التي كشفت عن هذه العلاقة، أن قوات الدعم السريع بقواتها العسكرية واستقلالها المالي تشكل تهديدا لانتقال السلطة والديمقراطية في السودان.
وأشارت المنظمة إلى وثائق مصرفية بحوزتها تثبت الاستقلالية المالية لتلك القوات، من خلال حساب مصرفي في بنك أبو ظبي الوطني في الإمارات.
وبحسب التحقيق الصحفي، فإن الإمارات هي أكبر مستورد للذهب السوداني في العالم، إذ استوردت 99.2% من الصادرات، وفقا لبيانات التجارة العالمية لعام 2018.
ولفتت الغارديان في هذا السياق إلى تعاقد الإمارات أيضا مع قوات الدعم السريع للقتال في اليمن وليبيا، حيث قدمت الأموال إلى تلك القوات.
ويجدر بالذكر أن رويترز نشرت في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني تقريرا يكشف عن دور حميدتي وعائلته في السيطرة على الذهب، وقالت إن شركة الجنيد تتجاوز قواعد البنك المركزي لتصدير الذهب وتبيعه للبنك المركزي نفسه بسعر تفضيلي ( المصدر: غارديان).
2
عند اكتشاف منجم جبل عامر شمال دارفور الغني بالذهب والذي قُدر انتاجه عام 2012 ب 1,3 مليار دولار، حدث النزاع المشهور علي ملكية الجبل بين قبيلتي بني حسين والرزيقات ، أدي الي نزوح 100 ألف حسب احصاءات الأمم المتحدة وقتها، ومقتل أكثر من 800 شخص من قبيلة بني حسين ( احصاءات أخري تقول حوالي 3 الف قتيل).
كل ذلك يعزز وصف مجلس الأمن لإنتاج الذهب الناتج من الابادة الجماية ب"الذهب الدموي في السودان".
أما موقع بي. بي. سي العربي ( 21/ يوليو 2019 )، فقد أشارلذلك بقوله: اشتد التنافس بين حميدتي وهلال عندما اكتُشف الذهب في جبل عامر في ولاية شمال دارفور في عام 2012 ، وجاء ذلك في اللحظة التي كان فيها السودان يواجه أزمة اقتصادية لأن جنوب السودان قد انفصل، مستحوذا على 75 في المئة من نفط البلاد، بدا الأمر وكأنه هبة من السماء، غير أنه تبين أن ذلك لم يكن نعمة بل نقمة، إذ توافد عشرات الآلاف من الشباب على زاوية نائية من دارفور لتجربة حظهم في مناجم ضحلة بمعدات بدائية.
وقد وجد بعضهم ذهبا وأصبح ثريا، بينما سقط بعضهم في حفر بسبب انهيارات التربة أو تسمموا بالزئبق والزرنيخ المستخدم في معالجة قطع الذهب المستخرجة.
واستولى رجال ميليشيات هلال بالقوة على المنطقة، وقتلوا أكثر من 800 شخص من قبيلة بني حسين، وباتوا أثرياء عن طريق تعدين الذهب وبيعه.
وبِيع بعض الذهب للحكومة، التي دفعت أعلى من سعر السوق بالأموال السودانية لأنها كانت متلهفة للحصول على الذهب الذي يمكن بيعه في دبي مقابل العملة الصعبة.
وفي الوقت نفسه، تم تهريب بعض الذهب عبر الحدود إلى تشاد، حيث تم تبادلها بشكل مربح بطريقة تنطوي على شراء سيارات مسروقة وتهريبها إلى السودان.
3
وبحلول عام 2017، بلغت مبيعات الذهب 40 في المئة من صادرات السودان. وكان حميدتي حريصا على السيطرة عليها.
وكان يمتلك بالفعل بعض المناجم وأنشأ شركة تجارية تعرف باسم الجُنيد. ولكن عندما تحدى هلال الرئيس البشير مرة أخرى، ومنع الحكومة من الوصول إلى مناجم جبل عامر، قامت قوات حميدتي بشن هجوم مضاد.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، اعتقلت قواته هلال، واستولت قوات الدعم السريع على مناجم الذهب الأكثر ربحية في السودان، وتم استبعاد شركات النظام السابق والإبقاء على شركة حميدتي(رويترز).
هذا فضلا عن تعاقد الإمارات مع مقاتلي قوات الدعم السريع للقتال في اليمن وليبيا، حيث قدَّمت لهم الأموال، مما أدي ليشعر المراقبون بالقلق حيال العلاقة بين الذهب السوداني والأثرياء الأجانب وقوات الدعم السريع، وأن "القوة العسكرية والاستقلال المالي لقوات الدعم السريع يُشكّلان تهديداً على عملية الانتقال الديمقراطي السلمية في السودان، وهذا ما حدث بالفعل كما في انقلاب 25 أكتوبر الدموي الراهن.".
4
وخلاصة الأمر،اسهمت عائدات الذهب في زيادة مصادر تراكم ثروة حميدتي وخاصة من العائدات بعد تمكن حميدتي من السيطرة علي الذهب في منطقة جبل عامر ومناطق أخرى ، وعمل شركات الجنيد للأنشطة المتعددة التي تستخدم مادة " السيانيد" الضارة رغم منع الحكومة لها ، وتهريب الذهب الي تشاد ودبي ، وقدر تقرير قناة (تي. أر .تي) أن شركة الجنيد تجنى سنويا من جبل عامر 54 مليون دولار ، وأن قيمة الذهب المهرب من 2010 إلي 2014 ب 4 مليار و500 مليون دولار( تقرير سري صادر عن لجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي حسب مجلة فورن بوليسي) ، وهي معلومات لم تنفيها قيادة المليشيات، وبعد انفصال الجنوب أصبح الذهب يمثل 40 % من صادرات السودان، وقام حميدتي بتأسيس مجموعة شركات (الجنيد ) التي توجد لها مكاتب في واشنطن ودبي ويديرها أخوه عبد الرحيم ، وتقوم بتعدين الذهب وتشحنه مباشرة إلي دبي."















سادسا
دور العامل الخارجي في نهب الذهب
تابعنا سابقا الآثار الضارة للتنقيب عن الذهب التي تضر بالبيئة والانسان والحيوان والنبات والأرض أو التربة ، ولذلك تتمسك الشعوب الواعية بحقوقها ضد قيام المناجم في مناطقها ، وبشروط قاسية تضمن سلامة البيئة، وعدم استخدام المواد التي تسمم التربة والماء والهواء، وضرورة استخدام أجهزة التبريد داخل المناجم التي ترتفع حرارتها بالتوغل فيها وتزداد الرطوبة، والتحوط للآثار الضارة للمتفجرات التي تحدث زلازل ضارة بمناطق التعدين وانهيار المناجم الذي يؤدي لوفاة المئات من المعدنين ودفنهم فيها.
كما تضع الدول ذات السيادة شروطا قاسية لحماية ثروتها من الذهب ومواطنيها من آثارالتعدين الضارة، مثل نسبة من الضرائب علي الشركات لا تقل عن 3% من العائد، ورسوم تصديق لا تقل عن مليون دولار، ، وشراكة الدولة مع الشركة المعدنة بنسبة لا تقل عن 50% ، اضافة لحماية البيئة والمعدنين ونسبة من العائد لتنمية مناطق التعدين ، واستشارة سكان المنطقة قبل قيام المنجم ، فهم الذين يقرروا في النهاية في الانظمة الديمقراطية، عكس الأنظمة الفاشية الدموية كنظام الإسلامويين في السودان الذي استخدم الابادة الجماعية وتهجر السكان المحليين للاستيلاء علي جبال وأراضي التعدين ، والذي أعاد للاذهان التراكم البدائي لرأس المال الذي تم بعد اكتشاف الاراضي الجديدة في أمريكا الجنوبية حيث اباد المغامرون الأسبان والاوربيون السكان المحليين وجلبوا الرقيق من افريقيا ليعملوا في مناجم الذهب التي دمرت البيئة والانسان والحيوان والنبات، وحققوا ثروات ضخمة عادوا بها لبلدانهم ( اسبانيا، انجلترا. الخ) والتي أدت لتطور النشاط التجاري والصناعي وعصر النهضة وانتصار نمط انتاج الرأسمالي بعد الثورة الصناعية في انجلترا.
فالذهب كان مصدرا للطمانينة منذ العالم القديم ومعتقدات الانسان البدائي القديم وهو يتحسس العالم من حوله، اطمأن للذهب الذي له قدرة علي الاستمرارية والصمود في وجه تقلبات الزمن والبيئة، وهو الذي يحافظ علي القيمة ، ولذا كان الملجأ الآمن لحفظ الثروة، وعلي أساسه تم اصدار العملات الورقية المغطاة بالذهب لصعوبة تداول العملات الذهبية ، اصبح قبول الأوراق النقدية خاضعا لمعيار الذهب، فالمخزون من الذهب هو الذي يحدد عرض النقود، وطباعة المزيد من الأوراق النقدية رهين بالحصول علي المزيد من الذهب.
علي هذا الأساس كما هو معروف ارتبط الدولار الأمريكي بالذهب بعد اتفاقية بريتون وودز في 22 يوليو 1944 حيث تم تثبيت سعر الاونسة من الذهب ب 35 دولار، استمر الحال حنى تفاقمت الأزمة الاقتصادية للنظام الرأسمالي بعد حرب فيتنام وغيرها ،وتناقص الذهب حتى جاء قرار الرئيس الأمريكي نيكسون عام 1971 الذي الغي ارتباط الدولار بالذهب ، الذي جاء فيه: "اذا تقدم حملة الدولار الأجانب لصرف ما لديهم عبر نافذة الذهب ، فانه سوف يتم الرفض ، ولن يكون الدولار قابلا للتحويل الي ذهب"، فيما عُرف "بصدمة نيكسون".
بحلول عام 1973 تم استبدال نظام بريتون ويدز بحكم الأمر الواقع الي نظام تعويم العملات الورقية الذي لا يزال ساريا حتى الآن.
2
أدت صعوبات ومشاكل التعدين الي الحد منه ، وزادت صناعة تدوير المصنوعات الذهبية القديمة التي أقل تكلفة من التعدين.
لكن مع أزمة كورونا ارتفعت اسعار الذهب بشكل غير مسبوق ، ووارتفعت حمى الاستثمار في الذهب بشكل اقوى من الماضي ، وفي هذا الاطار جاءت هجمة الشركات الرأسمالية الاقليمية والعالمية بشكل كبير للاستثمار في الذهب في افريقيا، وانتشر التعدين في الدول الافريقية مثل: الكونغو الديمقراطية، غانا، تشاد ، ليبيا، تنزانيا ، السودان، زامبيا. الخ والتي شكت من مخاطر تعدين الذهب وتهريبه ، بالمخالفة للقوانين ، كما انتشرت الحركات المسلحة والتنظيمات الارهابية الإسلامية والمرتزقة الروس (فاغنر) وغيرها وعصابات المرتزقة المرتبطة بدول خارجية، وانخرطت في الصراع الدموي للسيطرة علي موقع الذهب وتصديره أو تهريبه، لذلك نري أن غانا طردت الالاف من عمال المناجم الصينيين في السنوات الست الأخيرة.
وتشير تقارير الأمم المتحدة ومصادر أخرى أن 95% من إنتاج الذهب في شرق ووسط افريقيا تنتهي بدبي، وتشير (كومتريد) من العام 2006 – 2016 ازداد الذهب المستورد من افريقيا من 18% الي حوالي 50%، كما تشكل تجارة الذهب ما يقرب من خمس الناتج المحلي الاجمالي. ويلاحظ أن الامارات استوردت ذهبا غير نقي (دموي) بقيمة 15,1مليار دولار عام 2016 (رويتر: 24 /4/ 2019، الإمارات بوابة رئيسية في تهريب الذهب بالمليارات من افريقيا)، ويتم تداول معظم الذهب في دبي التي تعتبر مركز صناعة الذهب في الإمارات.أما الدول الأكثر استيرادا للذهب في العالم فهي: الصين، الامارات، سويسرا، وفي السودان كما اشرنا سابقا أكثر من 70% من الذهب يتم تهريبه وتُعتبر دولة الإمارات أكبر مستورد للذهب السوداني في العالم. إذ تُظهر بيانات التجارة العالمية لعام 2018 أنها استوردت 99.2% من صادرات البلاد من الذهب.
ويهدف المستثمرون الغربيون للحصول علي الذهب لتمكينهم من تقوية محافظهم الاستثمارية ، أما الهند والصين فتريد الذهب لصناعة الحلي، ومعظم الشركات الغربية تتجنب التعامل المباشر مع الذهب الدموي الذي يقوم علي انتهاكات حقوق الانسان والابادة الجماعية والتهجير والتعدين غير القانوني الضار بالصحة البيئة.
3
في هذا السياق الاقليمي والعالمي نفهم حمي تعدين الذهب الدموي في السودان الضار بالبيئة والانسان والحيوان والنبات والماء والتربة واستخدام مواد مثل الزئبق الذي يسبب الفشل الكلوى، اضطرابات في القلب ، والكبد والطحال والاضطرابات العصبية .الخ، وغير ذلك من آثار شكوي التعدين، مما يعني أن الذهب الدموي يدمر ثروة السودان وبيئته ، مع التهريب للعائد من عصابات المرتزقة منذ الحكم الاسلاموي. ولا غرو أن اصبح حميدتي بين عشية وضحاها أكبر تجار الذهب في البلاد - ومن خلال السيطرة على الحدود مع تشاد وليبيا - وهي أكبر قوة حرس حدود لها، وظل هلال قابعا في السجن.
من خلال الذهب ونشاط المرتزقة المعتمد رسميا، أصبح حميدتي يتحكم بأكبر "ميزانية سياسية" للسودان، أموال يمكن إنفاقها على الأمن الخاص، أو أي نشاط، دون أي مساءلة، واصبحت شركة الجنيد، التي يديرها أقاربه، مجموعة ضخمة تغطي الاستثمار والتعدين والنقل وتأجير السيارات والحديد والصلب، وتساءل اليكس دي وال المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمية في كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية بجامعة تافتس في الولايات المتحدة، الذهب اكبرعدو للديمقراطية.. لماذا تقبل حكومة السودان التي يقودها الحراك باحتكار ميليشيا حميدتي لثروة البلاد التي لا تعوض؟ (موقع عربي بوست)
وعلى الرغم من الجهود الحكومية الأولية بعد ثورة ديسمبر مثل قيام "بورصة الذهب"، وأسعار مجزية من بنك السودان للمعدنين . الخ لاستعادة سيطرة الدولة أو القطاع الخاص على أجزاء من صناعة الذهب السوداني،لكن تعثرت تلك الجهود ومن ضمن الاسباب إدارة قوات الدعم السريع النافذة سياسياً اقتصاداً موازياً لحسابها الخاص، وهيمنة شركات الطفيلية الإسلاموية، وشركات الجيش والأمن والشرطة والدعم السريع التي هي خارج ولاية وزارة المالية، وزاد من الفوضي ونهب الذهب انقلاب 25 أكتوبر ، والذي كشفت مقاومته حجم النهب لثروات البلاد كما في "ترس الشمال" والاتجاه العام للتتريس مواقع إنتاج الذهب والبترول والماشية والصمغ في كردفان ودارفور لحماية ثروات البلاد من النهب...

















سابعا: :
الخاتمة
اولا: تابعنا في الحلقات الماضية قصة الذهب الدموي في السودان وجذوره التاريخية حتى التوسع في إنتاجه ليشكل حوالي 40% من الصادرات، واشتداد حمى البحث عنه في عهد حكم الانقاذ بعد تدمير وخصخصة المشاريع الزراعية والصناعية والخدمية " السكك الحديدية ، النقل النهري، الخطوط البحرية، الخطوط الجوية،. الخ"، وانفصال الجنوب ، وفقدان 75% من عائدات البترول، واشرنا الي ضرورة الحفاظ علي هذه الثروة وضمان حقوق المجتمعات المحلية بنسبة معينة لتنميتها من عائدها ، وحقوق الأجيال القادمة، بالاستفادة من عائده في الاستثمار في الثروات المتجددة الزراعية والحيوانية والغابية والمائية ، باعتبار الذهب احتياطي يقوي موقف البلاد النقدي، إعادة النظر في الاتفاقيات التي تمت بعقود تصل مدتها الي 25 عاما ، ونسبة 70% لصالح الشركات، فضلا عن التهرب من الضرائب وتهريب الذهب. .
وحذرنا من تكرار تجربة إنتاج النفط وماحدث من تدمير للبيئة وتهريب عائده بمليارات الدولارات للخارج ،وضاعت فرصة الاستفادة من جزء من عائداته في دعم الزراعة والثروة الحيوانية المتجددة لأن البترول ثروة ناضبة، اضافة للصناعة والتعليم والصحة والبنيات الأساسية والكهرباء والمياه، حتى انفصال الجنوب وفقدان 75% من عائدات النفط.
وكذلك تجربة نهب الاراضي في السودان بعد دخول نمط الإنتاج الرأسمالي منذ العهد التركي- المصري والتوسع في الارتباط بالسوق الرأسمالي العالمي في عهد الاحتلال الانجليزي – المصري، والتوسع في الملكية الخاصة للاراضي، بعد اصدارقوانين ملكية الأراضي الجديدة والتوسع في زراعة القطن والمحاصيل النقدية الأخري للتصدير وفق التبادل غير المتكافئ السودان مصدرا للمواد الخام ومستوردا للسلع الرأسمالية، وقامت مشاريع القطن في الجزيرة والنيلين الأبيض والأزرق والقاش وطوكر وجبال النوبا ، والزراعة الآلية، وتم تحقيق ارباح هائلة لم تم إعادة استثمار جزء منها في الداخل ،وتم تهريبها للخارج، في حين عاني شعبنا من الجوع والحرمان والبؤس عشية الاستقلال،
وبعد الاستقلال تمّ التوسع في المشاريع المروية والزراعية الآلية المطرية وحققت الشركات الأجنبية والراسمالية السودانية ارباحا ضخمة منها، تم تهريبها للخارج ، مع تدمير البيئة ، وتهجير السكان المحليين وبدلا من أن أن يكون السودان سلة غذاء العالم اجتاحته مجاعة 83 / 1984 ، بعد تدمير البيئة باقتلاع الالاف من الاشجار ، وضاقت مساحات الرعي والزراعة المعيشية للقبائل مما أدي للنزوح والصدام القبلي بين الرعاة والمزارعين، وانضمام شباب الجنوب وجبال النوبا للكفاح السياسي و المسلح دفاعا عن اراضيها ، وهروب الثروة الحيوانية للدول المجاورة ، ونقصان العائد من محصول الصمغ بعد قطع الاف الأفدنه من اشجار الهشاب، وحدث النزوح الكبير من غرب السودان للخرطوم وغيرها.
كما تمت أكبر عملية لنهب الأراضي في عهد الانقاذ ، وخاصة بعد انفصال الجنوب ، وإعادة تمليك الأجانب للاراضي ، والايجارات التي تصل مدة عقدها الي 99 عاما، اضافة لفقدان اراضي السودان مثل: اغراق مدينة حلفا التاريخية في عهد ديكتاتورية عبود، وفي عهد البشير تم فصل الجنوب واحتلال المصريين لحلايب وشلاتين وابورماد .الخ، واحتلال اثيوبيا للفشقة، وغير ذلك من ممارسات الأنظمة الديكتاتورية العسكرية التي دمرت البلاد والعباد ، وتم تهريب عائدات النفط وغيرها للخارج علي سبيل المثال : اظهر تقرير منظمة النزاهة المالية الدولية اختفاء 31 مليار دولار في عهد البشير من الصادرات السودانية ما بين عامي 2012- 2018، اضافة لتهريب عائدات النفط التي تُقدر بأكثر من 75 مليار دولار ، تم تهريبها لماليزيا وغيرها.
والآن تستمر الممارسات نفسها في نهب ثروة الذهب في السودان ، وتهريب أكثر من 70% من عائداته للخارج، علي سبيل المثال : متوسط إنتاج الذهب بين 100- 250 طن ( الشرق الأوسط :11 يناير 2020)، وتُقدر العائدات بحوالي 8 مليار دولار، في حين التقديرات الرسمية للحكومة بين 82- 93 طن ( موقع الجزيرة 5/1/ 2017)، بعائدات تُقدر بمتوسط 850 مليون دولار، مما يعكس حجم النهب والتهريب الكيير لعائدات الذهب في السودان، وفقدان الدولة لثروة كبيرة، مما يتطلب اوسع حملة لوضع الدولة يدها علي ثروة الذهب.
ثانيا : اصبحت القوي العاملة في التعدين كبيرة ، حسب تقرير وزارة المعادن (2019) الذي أشار الي 3 ملايين يعملون في تعدين الذهب ، منهم 2 مليون يعملون في المهن الملحقة بالتعدين " التكسير ، جلب المياه ، اعداد الوجبات .الخ"، مما يتطلب حمايتها من الآثار الضارة للتعدين ، وضرورة قيام نقابات واتحادات لها تدافع عن حقوقها ، وتوفير بيئة العمل المناسبة من سكن وخدمات صحية وتعليمية وثقافية، ورفع مستوي المعيشة. اضافة لحق مناطق التعدين في نسبة من الإنتاج لتنميتها وبناء المدارس والمستشفيات والطرق والبنيات التحتية، وتوفير خدمات الكهرباء ومياه الشرب ، وحماية البيئة من آثار استخدام المواد الضارة في التعدين، ومراجعة العقود المجحفة لشعب السودان التي تمت مع الشركات بما يضمن نسبة للدولة منها لا تقل عن 70% تذهب لبنك السودان ، بدلا من اهدار هذه الثروة وايداع عائداها خارج السودان مقابل الغذاء والوقود !!!، وحماية ثروة البلاد من النهب والتهريب .
وتعبش هذه القوى العاملة في ظروف غير انسانية ومهددة بمخاطر التعدين مثل: انهيار المناجم، وتدمير المواقع الأثرية ، لسعات العقارب والأفاعي ، وتقلب الجو من البرودة الي الحرارة العالية كلما تم الوغل داخل المنجم، اضافة للآثار الضارة للتعدين باستخدام المواد الضارة بصحة البيئة والانسان والحيوان والنبات، والابادة الجماعية للسكان المحليين لنهب الذهب ، حنى اطلق مجلس الأمن وصف " الذهب الدموى"، كما يصنف البنك الدولي مشتريات بنك السودان من الذهب بأنها " غير معقمة" بسبب تلك الممارسات.
ثالثا: تدخل عامل آخر في الصراع الدموى علي الذهب والصراع في دارفور حيث تريد الشركات الأجنبية طرد الأهالي والاستحواذ علي الأراضي التي يعيشون فيها المليئة بالثروات الطبيعية من ذهب ويورانيوم وماس. الخ، لكي يحدث ذلك لا بد من اخلاء السكان بالابادة الجماعية والتهجير، بالتالي دخل عامل جديد للصراع في دارفور ومناطق التعدين الأخرى وهو الاستحواذ علي الثروات والموارد لصالح فئات معينة، كما حدث في جبل عامر ، وفي الصراع الأخير الذي دار في جبل مون الذي يزخر بموارد تعدينية كبيرة علي رأسها الذهب ، أي صراع من أجل السيطرة علي الذهب ، والهدف تهجير قسري للسكان في المنطقة من قبل الشركات.
فضلا عن الاشكال الأخرى لاخلاء السكان مثل : خلق الفوضي، تدمير الموسم الزراعي ، نهب مخازن الاغاثة التابعة لليوناميد من قوات الحركات بهدف لتجريد سكان المعسكرات من الغذاء ، ووضع النازحين في ظروف سيئة، كما حدث أخيرا، ايضا من المخاطر اطلاق النار من قوات الدعم السريع علي العاملين السلميين في التعدين في حالات النزاع .
رابعا : اصبحت الدولة تعتمد علي صادرات الذهب بشكل اساسي بعد انفصال الجنوب وفقدان البلاد ل 75% من عائدات النفط التي لعبت دورا كبيرا في استقرار الجنية السوداني في فترة تصديره منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، ولكن مافيا التهريب التي تضم شركات نافذين في نظام المؤتمر الوطني السابق كانت تسيطر يشكل شبه كامل علي تجارة الذهب السوداني، بالتالي لم يكن الذهب ذو فائدة كبيرة للاقتصاد الوطني.
منذ هيمنة المؤتمر الوطني كانت حصيلة صادرات الذهب لا تدخل خزينة الدولة ، بل تودع في حسابات بنكية خارج البلاد، وصادر الذهب مقابل الغذاء والسلع الضرورية، والدولة لا تشرف علي صرف الشركات قبل الإنتاج التجاري التي تضخم الفواتير، اضافة الي أن العقود بها خلل، 70% لشركات الامتياز ، وهي نسبة عالية لمورد ناضب علي مدي 25 عاما ، والدولة غير موجودة الا في 73 موقع فقط من 713 موقعا (موسي كرامة ، من يسرق الذهب في السودان، تحقيق الجزيرة: 9 / 10 / 2019)
يواصل موسي كرامة وزير المعادن السابق : كما ارتفعت العائدات الفعلية للذهب في العام نفسه الي 8 مليار دولار ، إذا اعُتمد الحد الأدني 200 طنا، وهو عائد كبير لو ذهب الي خزينة بنك السودان لحدث فائض في ميزان المدفوعات السوداني، ولكن النسبة الأكبر من الذهب تُهرب عبر مظار الخرطوم وتُقدر بنحو 200 طن، اضافة لدور تجار الذهب الذين يعرضون مبلغا يزيد عن سعر البنك بنحو الفي دولار للكيلو الواحد، اضافة الي أن أغلب شركات التعدين لا تنقب عن الذهب ، بل تشتري من المعدنين التقليديين (موسي كرامة وزير المعادن السابق).
ايضا : كشف تقرير أعده فريق من الاتحاد الإفريقي ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا، عن تهريب 267 طنا من الذهب السوداني خلال 7 سنوات، وافاد التقرير الذي تحدث عن الوضع الراهن لمكافحة التدفقات المالية غير المشروعة بأنه جرى تهريب هذه الكمية خلال الفترة بين 2013 و 2018 ، واوضح رئيس الآلية الوطنية لمحاربة التدفقات المالية غير المشروعة، عمر حسن العمرابي أن تهريب الذهب خلال 7 سنوات بلغ 267 طن، بواقع 80 كيلو يوميا، مشيرا إلى وجود فرق 13.5 مليار دولار، بين معلومات الحكومة السودانية والدول التي استوردت الذهب والنفط.
أما التقارير الرسمية لوزارة المعادن تقول : أن الفاقد يقدر بين" 2 – 4 " مليار دولار سنويا بنسبة 37% من اجمالي صادرات البلاد، وأكثر من 70% من إنتاج الذهب يتم تهريبه بطرق غير رسمية ( الشرق الأوسط : 11/ 1/ 2020
خامسا :في السياق الاقليمي والعالمي وخاصة في افريقيا الذي اشتدت فيه حمى البحث عن الذهب بسبب ارتفاع اسعاره بعد أزمة كورونا ،زادت ايضا حمي تعدين الذهب الدموي في السودان الضار بالبيئة والانسان والحيوان والنبات والماء والتربة واستخدام مواد مثل الزئبق الذي يسبب الفشل الكلوى، اضطرابات في القلب ، والكبد والطحال والاضطرابات العصبية .الخ، وغير ذلك من آثار شكوي التعدين، مما يعني أن الذهب الدموي يدمر ثروة السودان وبيئته ، مع التهريب للعائد من عصابات المرتزقة منذ حكم الانقاذ، والذي اصبح فيه حميدتي بين عشية وضحاها أكبر تجار الذهب في البلاد..
من خلال الذهب ونشاط المرتزقة المعتمد رسميا، أصبح حميدتي يتحكم بأكبر "ميزانية سياسية" للسودان، أموال يمكن إنفاقها على الأمن الخاص، أو أي نشاط، دون أي مساءلة، واصبحت شركة الجنيد، التي يديرها أقاربه، مجموعة ضخمة تغطي الاستثمار والتعدين والنقل وتأجير السيارات والحديد والصلب، وتساءل اليكس دي وال المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمية في كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية بجامعة تافتس في الولايات المتحدة، الذهب اكبرعدو للديمقراطية.. لماذا تقبل حكومة السودان التي يقودها الحراك باحتكار ميليشيا حميدتي لثروة البلاد التي لا تعوض؟ (موقع عربي بوست)
سادسا: على الرغم من الجهود الحكومية الأولية بعد ثورة ديسمبر مثل قيام "بورصة الذهب"، وأسعار مجزية من بنك السودان للمعدنين . الخ لاستعادة سيطرة الدولة أو القطاع الخاص على أجزاء من صناعة الذهب السوداني،لكن تعثرت تلك الجهود ومن ضمن الاسباب إدارة قوات الدعم السريع النافذة سياسياً اقتصاداً موازياً لحسابها الخاص، وهيمنة شركات الطفيلية الإسلاموية، وشركات الجيش والأمن والشرطة والدعم السريع التي هي خارج ولاية وزارة المالية، وزاد من الفوضي ونهب الذهب انقلاب 25 أكتوبر ، والذي كشفت مقاومته حجم النهب لثروات البلاد كما في "ترس الشمال" والاتجاه العام للتتريس مواقع إنتاج الذهب والبترول والماشية والصمغ في كردفان ودارفور لحماية ثروات البلاد من النهب.
كل ذلك يتطلب المقاومة من أجل إعادة النظر في عقودات الذهب لمصلحة شعب السودان، ونسبة من العائدات لمناطق التعدين للتنمية، وحماية البيئة من آثار التعدين الضارة، ومكافحة التهريب وقيام بورصة الذهب، وتحديد نسبة معينة للتصدير، وتفكيك التمكين وإعادة ممتلكات الشعب المنهوبة ،وعودة شركات الجيش والأمن والشرطة الاقتصادية لولاية المالية، وحل مليشيات الدعم السريع وجيوش الحركات والكيزان وقيام الجيش الوقمي الموحد، ووضع الدولة يدها علي ثروات البلاد المعدنية.

















السيرة الذاتية
• تاج السر عثمان الحاج
• اللقب: السر بابو.
• من أبناء أمبكول بمنطقة مروي بالولاية الشمالية.
• من مواليد مدينة عطبرة، يناير 1952م.
• تلقي تعليمه الأولي والاوسط والثانوي بمدينة عطبرة.
• تخرج في جامعة الخرطوم ابريل 1978م.
• باحث ومهتم بتاريخ السودان الاجتماعي.
• صدر له:
1- تاريخ النوبة الاقتصادي – الاجتماعي، دار عزة 2003م.
2- لمحات من تاريخ سلطنة الفونج الاجتماعي، مركز محمد عمر بشير 2004م.
3- تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي، مكتبة الشريف 2005م.
4- النفط والصراع السياسي في السودان، بالاشتراك مع عادل احمد ابراهيم، مكتبة الشريف 2005م.
5- خصوصية نشأة وتطور الطبقة العاملة السودانية، الشركة العالمية 2006م.
6- الجذور التاريخية للتهميش في السودان، مكتبة الشريف 2006م.
7- التاريخ الاجتماعي لفترة الحكم التركي في السودان، مركز محمد عمر بشير 2006م.
8- تطور المرأة السودانية وخصوصيتها، دار عزة 2006م
9- الدولة السودانية: النشأة والخصائص، الشركة العالمية 2007م.
10- تقويم نقدي لتجربة الحزب الشيوعي السوداني (1946- 1989م) ، دار عزة 2008م.
11- دراسة في برنامج الحزب الشيوعي السوداني، الشركة العالمية 2009م.
12- أوراق في تجديد الماركسية، الشركة العالمية 2010م.
13- دراسات في التاريح الاجتماعي للمهدية، مركز عبد الكريم ميرغني 2010م
14- قضايا المناطق المهمشة في السودان، الشركة العالمية 2014
15- أسحار الجمال في استمرارية الثقافة السودانية ، مدارات للنشر 2021.
16- الهوّية والصراع الاجتماعي في السودان ، دار المصورات للنشر2021 م
17 – في ذكراها المئوية : دور ثورة 1924 في الحركة السياسية والثقافية، الشركة العالمية 2025
ا18 – الأرض والصراع الطبقي والاجتماعي في السودان، دار المصورات 2025.
19 – دراسات ومواقف في تاريخ الحزب الشيوعي السوداني ، دار عزة 2023.ش
• كاتب صحفي وله عدة دراسات ومقالات ومنشورة في الصحف السودانية والمواقع الالكترونية، ومشارك في العديد من السمنارات وورش العمل داخل وخارج السودان.
• عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني
• أُعتقل مرتين خلال ديكتاتورية نميري عامي 1973م، و1977م، ومرتين خلال ديكتاتورية الانقاذ عام 1995م لمدة سنة وتعرض لتعذيب وحشي.، وفي مارس 2018 بعد الهبة الجماهيرية في 16 يناير 2018.
• متزوج وأب



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منهج الماركسية متجدد مع تغير الواقع
- الحرب وتفشي الكوليرا ومصادرةحقوق الإنسان
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة
- في ذكرى انقلاب مايو ما هي حقيقة التأميمات والمصادرة عام 1970 ...
- في ذكراه ال ٥٦ كيف حدث انقلاب ٢٥ مايو &# ...
- العقوبات الأمريكية والمزيد من العزلة والمعاناة
- كتاب التعليم في السودان : الحصاد والاصلاح
- تعيين د. كامل إدريس حلقة في المخطط لتصفية الثورة
- الذكرى ال ٥٦ لانقلاب ٢٥ مايو ١¤ ...
- لا جدوى لتعيين رئيس وزراء من انقلاب غير شرعي
- في ذكرى رحيله ٨٤ كيف كان معاوية نور شعلة من الإبدا ...
- في ذكرى رحيله ٨٤ كيف كان معاوية نور شعلة من الإبدا ...
- لا بديل غير وقف الحرب ومنع تكرارها
- استمرار فساد ونهب الطفيلية الاسلاموية بعد الحرب
- أوقفوا التصفيات على أساس عرقى وعنصري
- عودة لزيارة ترامب لدول الخليج وحرب السودان
- كيف كشف انقلاب القصر عن طبيعته الديكتاتورية؟
- زيارة ترامب وضرورة الحل الداخلي
- وقف الحرب مع دخولها مرحلة خطرة
- كيف تقود حرب المسيرات الي تفاقم الصراع الدولي علي الموارد؟


المزيد.....




- الاقتصاد التركي ينمو 2% في الربع الأول
- موجة هبوط للنفط قبل اجتماع مهم لـ-أوبك+- حول سياسة الإنتاج
- كيف عوّضت الأرض فلسطينيا بعد فقدان عمله خلال الحرب؟
- انكماش الاقتصاد السويدي بشكل غير متوقع
- مصر تستقدم 4 سفن عملاقة استعدادا لفصل الصيف
- احتياطيات روسيا تحقق قفزة أسبوعية بـ11 مليار دولار
- حرير القز في أفغانستان مهنة قديمة تعود للحياة رغم التحديات
- الصين تطلق مركبة فضائية تقول إنها ستجمع عينات من كويكب بالقر ...
- الذهب يتراجع ويتجه نحو تكبد خسائر أسبوعية
- الاقتصاد التركي ينمو في الربع الأول من 2025


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - تاج السر عثمان - كتاب نهب الذهب الدموي في السودان