بن سالم الوكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 8346 - 2025 / 5 / 18 - 09:34
المحور:
كتابات ساخرة
في زمن أصبحت فيه السياسة عرضا مسرحيا والتجارة سيركا عالميا، يدخل دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط كما يدخل البطل إلى حلبة المصارعة، مزهوا، صاخبا، ومسلحا بشعار "اجعلوا أمريكا تربح دائما... حتى منكم!".
هبط ترامب من طائرته الرئاسية كمن يهبط من سماء أسطورة، مرتديا بدلة لامعة تلمع أكثر من ناطحات سحبه، وقبعة حمراء تنطق وحدها بالسياسة الخارجية الأمريكية. في يده اليمنى حقيبة مكتوب عليها بالدولار العريض "4 تريليونات"، وفي يده اليسرى مصافحة جاهزة لأي زعيم مستعد للدفع المسبق.
"مرحبا بالشرق الأوسط!" صاح ترامب بصوت يجمع بين نبرة بائع في مزاد ونجم تلفزيوني يستعد لإطلاق منتج تنظيف خارق. "جئتكم بصفقات ستجعل التاريخ يندهش، والمحاسبين يفقدون عقولهم!"
بدأ جولته كمن يتسوق في سوبرماركت سياسي:
"هذا النفط؟ أعشقه! هذه الصفقات الدفاعية؟ ممتازة! هذه الرمال؟ إمكانيات غير مستغلة! دعونا نعيد تعبئتها ونصدرها كمستحضرات تقشير طبيعية!"
ثم كشف عن مفاجأة الجولة: "صفقة القرن – النسخة المطورة بلمسة ترامبية"، والتي – حسب زعمه – تجمع بين السلام، والمال، وربما قسيمة خصم على الإقامة في أحد فنادقه.
"إذا لم تعجبكم الصفقة؟ استرجعوا أموالكم!" قال بابتسامة عريضة، "لكن بشرط أن تحتفظوا بالضريبة والدموع."
أما ذروة الزيارة فكانت الهدية التي قلبت الطاولة... والطائرة.
أمير قطر يهدي ترامب طائرة فاخرة تحولت إلى قصر طائر.
ليست طائرة، بل فندق خمس نجوم مع أجنحة رئاسية، أرضيات من الرخام، سجاد فارسي، وحتى سقف مذهّب عليه شعار "Trump Air – حيث تطير الفخامة".
ترامب دخلها مذهولا كطفل في ديزني لاند، وقال:
"أنا لا أحتاج العودة إلى أمريكا... سأعلن هذا القصر الطائر جمهورية ترامب المستقلة!"
الطائرة تضمنت كل شيء:
– جاكوزي مع إطلالة على طبقة الستراتوسفير
– غرفة اجتماعات بإضاءة درامية
– مسرح صغير يعرض خطبه القديمة بتقنية 4D
وفي نهاية الجولة، وبعد أن جمع تريليوناته الأربعة وقصره الطائر، وقف ترامب أمام الكاميرات، رفع يده مودعا وقال:
"شكرا أيها الشرق الأوسط! لقد استمتعت بجولتكم الاقتصادية، وسأعود قريبا... ربما مع عرض خاص في الجمعة السوداء!"
غادر الجو، بينما بقيت الأرض تتساءل:
هل كنا شهودا على زيارة سياسية؟ أم تجربة ترفيهية من إنتاج نتفليكس؟
هل هو تاجر مفاوض؟ أم ممثل كوميديا مرتجل؟ أم الاثنين معا في عبوة واحدة؟
في نهاية المطاف، يبقى دونالد ترامب كما هو:
رجل يتقن فن الصفقات، وفن التهريج، وفن الخروج دائما وهو يضحك... ومعه الشيك.
#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟