أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - هدى زوين - العالم كما هو: بين تفاوت الطرق وتفاوت الأرواح














المزيد.....

العالم كما هو: بين تفاوت الطرق وتفاوت الأرواح


هدى زوين
كاتبة

(Huda Zwayen)


الحوار المتمدن-العدد: 8340 - 2025 / 5 / 12 - 13:03
المحور: قضايا ثقافية
    


في عالمنا هذا، لا تُرسم الخطوط بالتساوي، ولا تُوزع الحظوظ بعدالة. هناك من يولد في بيتٍ دافئ، تحوطه الرعاية منذ أن يفتح عينيه، وهناك من يبدأ رحلته على قارعة طريق، في مواجهةٍ مبكرة مع القسوة. وبينهما، تتشكل حياة البشر، بوجهها المتعدد الذي لا يمكن اختزاله في لونٍ واحد.

الطرقات ليست متشابهة، ولا الأماكن تنبض بنفس الإيقاع. ففي بعض الزوايا، تنمو الطموحات كما تنمو الأشجار في الربيع، وفي أخرى، تخبو الأحلام كما تذبل الأزهار في الجفاف. البعض يخوض الحياة من موقع السيطرة، والآخر يتلمّس خطاه في العتمة. ومع ذلك، فإن كلّ طريق، مهما بدا هامشيًا، له خصوصيته، وله قصته التي تستحق أن تُروى.

تفاوت البشر ليس مجرد تفاوت اقتصادي أو اجتماعي، بل تفاوت في القدرة على التحمّل، على الفرح، على الحلم. هناك من يحمل وجعه بصمت، ويبتسم للناس كي لا يثقل عليهم، وهناك من يصرخ في وجه الحياة، يعاتبها ولا يهادنها. كلٌّ منهما بطريقته، يبحث عن ذاته، عن معنى، عن مساحة آمنة يعيش فيها دون خوف.

وهنا، يطرح السؤال نفسه: هل هذه الفروقات قدرية؟ وهل يُمكن أن نصنع مساواة حقيقية في عالمٍ خُلق على أساس الاختلاف؟

ربما لا يمكننا إلغاء الفروق تمامًا، لكن يمكننا أن نخفف من وقعها. حين نفهم الآخر، حين نحترم معاناته، حين نكفّ عن الحكم على الناس بسطحية. يمكننا أن نبني عالمًا أكثر رحمة، حين نعلم أن القوة لا تعني التجاهل، وأن الضعف ليس عيبًا بل حالةٌ يمر بها كل إنسان في وقتٍ ما.

لقد علّمتنا الحياة أن القوي اليوم قد يكون بحاجة إلى من يمدّ له يده غدًا، وأن الضعيف ليس أقل قيمة، بل هو فقط في نقطةٍ مختلفة من المنحنى. والإنسان، في جوهره، ليس بما يملك من مال أو جاه، بل بما يملك من فهم ووعي ورحمة.

حين نعيد النظر في هذه الفكرة، نجد أن التفاوت قد لا يكون ظالمًا بحد ذاته، بل إن الظلم الحقيقي يكمن في جهلنا به، في رفضنا للاعتراف به، وفي تعاملنا معه كأمر طبيعي لا يستحق التأمل أو التغيير.

من هنا، تبدأ المسؤولية الفردية والجماعية: أن نفتح أعيننا على ما لا يُرى، أن نسأل عن أحوال من لا يُسمَع صوتهم، أن ننظر في زوايا الحياة المهملة، لا من باب الشفقة، بل من باب الإنصاف. فالمجتمع العادل ليس ذاك الذي يُساوي بين الجميع بالقوة، بل الذي يمنح كل فرد ما يستحق من فرص، من دعم، من اهتمام.

قد يبدو الأمر مثاليًا، لكنه ليس مستحيلًا. يكفي أن يبدأ كلٌّ منا بنفسه، في محيطه الصغير: أن يصغي، أن يتعاطف، أن يمدّ يده حين يستطيع، أن يزرع بذور الأمل حيثما مرّ. فالعالم الكبير يتغيّر بخطوات صغيرة، تبدأ من قلبٍ يُدرك عمق الإنسان، لا مظهره.


في الختام، يظل التفاوت أحد سمات هذا الوجود، لكنه لا يعني أن نُسلّم له دون مقاومة. بل أن نحوله إلى فرصة للتكامل، للتفاهم، للتراحم. فنحن، رغم اختلافنا، خُلقنا لنعبر هذه الحياة معًا، لا ليتقدّم بعضنا على حساب الآخر، بل لنرتقي جميعًا، كلٌّ على طريقه، لكن بالوجهة ذاتها: إنسانية أوسع، وعدالة أصدق، وأمل لا ينطفئ.



#هدى_زوين (هاشتاغ)       Huda_Zwayen#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرية... أن تولد من جديد كل يوم-
- احتضن تفردك: لأنك لا وُجدت لتُشبه أحدًا-
- نقطة البداية: أن تُحبك كما تستحق-
- عندما تصبح التنازلات وقودا للعلاقات السامة
- جرائم الإعلام ونقاط مخفية لا يراها الجمهور
- عمالة القادة..خيانة العصر وتلويث دماء الأوطان
- سبعة أيام من الحلم: لقاء تجاوز حدود الواقع
- سبعة أيام من الحلم: لقاء تجاوز حدود الواقع
- رحلة في صحراء العقل
- مابين ملوحة البحر وصفاء السماء...كانت البداية
- رحلة نحو الداخل: التأمل كنافذة إلى الذات
- موسيقى الغيوم..لوحات تتغير مع الوقت
- أرواح تذبح في صمت: عن جرائم لا يراها القانون
- ما بعد اللحظة: هل نحيا حقا؟
- العطاء والحب..فلسفة تتجاوز الكلمات
- عاشق على حدود النار
- الشوق والحرمان: لغة العشق في الشعر الشعبي
- العراق..ياموطني، يارآية المجد التي لا تنحني
- أبي: إرث لا ينتهي، وأثر يظل أبديا
- الطمع والظلم: كيف يسلب الجشع إنسانية البشر


المزيد.....




- قبرص تعيد 64 مهاجرا إلى سوريا بعد محاولتهم الوصول إلى الجزير ...
- اتفاق صيني أمريكي.. هل انتهت حرب الرسوم الجمركية؟
- محكمة بريطانية تصدر أحكاما بالسجن على 6 مواطنين بلغاريين بته ...
- قناة السويس تجهز مفاجأة لشركات الشحن العالمية
- هل ضُبط ماكرون متلبسًا بتعاطي الكوكايين؟
- روسيا - أوكرانيا: السلام حقيقة أم وهم؟
- عاجل| مراسل الجزيرة: مقتل عبد الغني الككلي رئيس جهاز دعم الا ...
- آخرها -الضمير-.. هذا سجل إسرائيل الأسود ضد سفن كسر الحصار عن ...
- ترامب ونتنياهو.. خلافات شخصية أم شرخ في علاقات أميركا وإسرائ ...
- تداول فيديو -وصول أول دفعة مهاجرين من أمريكا إلى ليبيا-.. ما ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - هدى زوين - العالم كما هو: بين تفاوت الطرق وتفاوت الأرواح