أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - هدى زوين - عندما تصبح التنازلات وقودا للعلاقات السامة














المزيد.....

عندما تصبح التنازلات وقودا للعلاقات السامة


هدى زوين
كاتبة

(Huda Zwayen)


الحوار المتمدن-العدد: 8331 - 2025 / 5 / 3 - 20:18
المحور: المجتمع المدني
    


في ركنٍ ما من ذاكرة كلٍّ منا، يقبع موقفٌ لم ننسه، لحظة منحنا فيها فرصة لشخصٍ أحببناه، رغم كل المؤشرات التي كانت تقول: "لا تفعل". وربما تكررت هذه اللحظة، وتحوّلت من استثناءٍ إلى قاعدة، حتى باتت العلاقة التي خضناها حقل ألغام، نُجرَّ فيه إلى الألم باسم "النية الطيبة" و"الفرصة الأخيرة".

العلاقات السامة لا تُولد من الكراهية، بل من الحب المكسور.
إن أخطر أنواع الأذى لا تأتي من العدو، بل من ذلك الذي تمنحه قلبك، وتشاركه تفاصيلك، وتُبني معه جسور الثقة، ليعود ويهدمها حجراً حجراً. العلاقات السامة لا تكون دائمًا صاخبة وواضحة. أحيانًا تأتي ناعمة، ملساء، تبدأ بكلمة عذبة، واهتمام مزيف، وخطأٍ صغيرٍ نغض الطرف عنه لأننا نريد البقاء، ثم يتكرر، ويكبر، ونحن ما زلنا نقول: "سيتغير... يستحق فرصة أخرى".

لكن من قال إن الفرص تُمنح في الحب بلا حساب؟
من قال إن الحب الحقيقي يعني أن نتنازل عن كرامتنا مرة بعد أخرى؟ إن التنازلات حين تصبح عادة، تفقد قيمتها، وتتحول إلى رسالة خاطئة للطرف الآخر مفادها: "يمكنك أن تؤذيني، وسأبقى". وهذا هو مدخل السمية. تلك اللحظة التي لا يعود فيها الطرف الآخر يحترمك، لأنه اعتاد على أنك لن ترحل، مهما فعل.

المشكلة ليست فقط في المؤذي، بل في المُتألم الصامت.
ذاك الذي يخاف الفقد أكثر من خوفه من الإهانة، ذاك الذي يختلق الأعذار، ويُمسك بالذكريات الجميلة كأنها حبل نجاة، وهو في الحقيقة حبل يشدّه نحو الغرق. ومن هنا تأتي الخطورة، حين نُجمّل العلاقة وننسى حقيقتها، حين نُقنع أنفسنا أن الحب يعني الصبر على الأذى، في حين أن الحب النقي لا يؤذي أصلًا.

هناك فرقٌ جوهري بين من يخطئ لأنه إنسان، وبين من يعتاد الخطأ لأنه مطمئن لبقائك.
الأول يستحق فرصة، وربما غفرانًا، والثاني يستحق أن نضع له حدًا. أن نواجهه بحقيقتنا لا بوهم حبٍّ لا يُنقذ أحدًا.

كم من القلوب استُنزفت باسم العِشرة، وكم من الأرواح تكسّرت خلف واجهاتٍ اجتماعيةٍ كاذبة، تبرر بقاءنا في علاقات لا تمنحنا سوى الخذلان؟ كم مرة ضحك من نحبهم في خانة الخطأ، بينما نحن نلعق جراحنا في زاوية الصمت؟

ليس من النُضج أن نبقى في علاقة تؤذينا، بل النُضج أن نعرف متى نرحل.
الرحيل أحيانًا هو فعل حبٍّ للذات، وإنقاذ لها مما هو أسوأ. من يحبك حقًا لا يختبر صبرك على الألم، ولا يُطالبك بتصغير نفسك لتناسب عالمه الضيّق.

الحب الحقيقي لا يأتي مشروطًا، ولا يتغذى على الألم. هو علاقة متبادلة من الاحترام، والتقدير، والرغبة الصادقة في البناء، لا الهدم.

تذكّر: لا تكن أنت الوقود الذي يُشعل نار علاقة لم يبقَ فيها إلا الدخان. لا تجعل من قلبك ساحة عبور لأشخاص لا يعرفون سوى الأخذ، ولا يعترفون بالخطأ إلا حين يُهددهم الفقد.

فبعض العلاقات لا تُصلحها الفرص، ولا التضحيات، بل تُنقذها النهاية.

كاتبة



#هدى_زوين (هاشتاغ)       Huda_Zwayen#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جرائم الإعلام ونقاط مخفية لا يراها الجمهور
- عمالة القادة..خيانة العصر وتلويث دماء الأوطان
- سبعة أيام من الحلم: لقاء تجاوز حدود الواقع
- سبعة أيام من الحلم: لقاء تجاوز حدود الواقع
- رحلة في صحراء العقل
- مابين ملوحة البحر وصفاء السماء...كانت البداية
- رحلة نحو الداخل: التأمل كنافذة إلى الذات
- موسيقى الغيوم..لوحات تتغير مع الوقت
- أرواح تذبح في صمت: عن جرائم لا يراها القانون
- ما بعد اللحظة: هل نحيا حقا؟
- العطاء والحب..فلسفة تتجاوز الكلمات
- عاشق على حدود النار
- الشوق والحرمان: لغة العشق في الشعر الشعبي
- العراق..ياموطني، يارآية المجد التي لا تنحني
- أبي: إرث لا ينتهي، وأثر يظل أبديا
- الطمع والظلم: كيف يسلب الجشع إنسانية البشر
- الصبر بين الاحتراق والخلود: حين يصبح الصبر جمرا على الشفاه
- الشموع والزمن: إحتراق الروح في مسيرة الحياة
- حين تبوح الأيام بأسرارها..دروس تخط بمداد التجربة
- أنين البقاء: صمت يتهامس مع الزمن


المزيد.....




- آلاف الأسرى يواجهون قتلا بطيئا في سجون الاحتلال الإسرائيلي
- بريطانيا.. اعتقال إيرانيين للاشتباه بتخطيطهم لـ-عمل إرهابي- ...
- -نيويورك تايمز-: إدارة ترامب تقاضي ولاية كولورادو بتهمة عرقل ...
- في اليوم العالمي لحرية الصحافة... القلم العراقي ينزف بصمت
- العراق بالمرتبة 155 في مؤشر حرية الصحافة لعام 2025
- ما آليات المنظمات الدولية لإعلان حالة المجاعة في بلد ما؟
- غوتيريش: حرية الصحافة تواجه تهديدا غير مسبوق
- عائلات الأسرى الإسرائيليين تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو
- مظاهرات حاشدة في إسرائيل وتحذيرات بشأن تهديد حياة الأسرى بتو ...
- عائلات الأسرى الإسرائيليين: تصعيد القتال لن يقتل المحتجزين ف ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - هدى زوين - عندما تصبح التنازلات وقودا للعلاقات السامة