أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى زوين - أنين البقاء: صمت يتهامس مع الزمن














المزيد.....

أنين البقاء: صمت يتهامس مع الزمن


هدى زوين
كاتبة

(Huda Zwayen)


الحوار المتمدن-العدد: 8275 - 2025 / 3 / 8 - 09:34
المحور: الادب والفن
    


هناك أصوات لا يسمعها أحد، لكنها تتردد بين المسافات الفارغة، بين الأرقام التي رسمت بدقة، وبين السطور التي لم تكتمل. ربما ليست الأرقام سوى علامات على درب مجهول، نقاط تحدد مسارات لم نخترها، لكنها تقودنا رغم ذلك. في مكان ما، في ظل شيء ما، هناك قصة تُعاد كتابتها دون أن يدرك أحد كيف بدأ السطر الأول.
وحين يتلاشى الحبر في الماء،حيث الأقلام التي تبللت بمياه جارية لم تخسر قدرتها على الكتابة، لكنها فقدت وضوحها. الحروف التي كُتبت بها لم تمحُها الأمواج، بل جعلتها تمتزج، تتداخل، تندمج مع بعضها حتى لم يعد بالإمكان تمييز البداية من النهاية. وكأن الزمن نفسه لم يعد يسير بخط مستقيم، بل يتحرك في دوائر تتسع، ثم تضيق، ثم تختفي في نقطة صغيرة لا يراها أحد.

هناك شيء غامض في هذه الحركة، كأن الحبر الذي اختلط بالماء يحاول أن يحكي حكاية لم يعد أحد قادرًا على قراءتها. أهي ذكرى قديمة؟ أم نبؤة لم تتحقق بعد؟ الزمن لا يجيب، لكنه يترك لنا بقايا، أدلة متناثرة لا تشكل صورة واضحة، بل تثير المزيد من التساؤلات.

وبين الإناء الممتلئ، والخرائط المشوّهة حيث لم يعد مجرد وعاء يحتفظ بالأشياء، بل صار انعكاسًا لكل ما كان. امتلأ حتى لم يعد قادرًا على احتواء المزيد، لكنه لم يفرغ نفسه، لم يتكسر، لم ينسكب. هل يخشى أن يفقد هويته إذا فقد ما بداخله؟ أم أنه يدرك أن ما يحمله لم يعد كما كان؟

على سطحه، تظهر خرائط، خطوط متشابكة، أشكال تتغير مع كل نظرة. ليست خرائط للأماكن، بل خرائط للأزمنة، تواريخ لا تتبع ترتيبًا زمنيًا، بل تتداخل كصفحات تم قلبها بعشوائية. وثائق مصورة، لكن الصور ليست واضحة، وجوه بلا ملامح، ظلال لأشخاص ربما كانوا هنا، وربما لم يكونوا سوى انعكاسات لضوء عابر.

اما الصوت الذي لا يسمعه أحد حيث
يعتبر الأنين ليس صراخًا، وليس همسًا، إنه شيء بين الاثنين، صوت يتردد بين الجدران لكنه لا يخرج، لا يصل، لا يُفسَّر. قد يكون أنين الذكرى حين تحاول أن تبقى، أو أنين الحاضر الذي يخشى أن يتحول إلى ماضٍ منسي.

أحيانًا يكون البقاء هو الأصعب. ليس الرحيل، ليس الاختفاء، بل الاستمرار في مكان لم يعد كما كان، في زمن يتغير دون إذن، في سطور تنطفئ كلماتها قبل أن تُكتب. هناك أرقام أخرى تنتظر، نقاط لم تُرسم بعد، وحكايات لم تبدأ لكنها تلوح في الأفق كظلال لحروف لم تجد مكانها بعد.

في النهاية، يأتي السؤال
هل نحن من نكتب الزمن، أم أن الزمن هو من يكتبنا؟



#هدى_زوين (هاشتاغ)       Huda_Zwayen#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة ضمير وسلوك
- الأرجوحة التي لا تتوقف
- أمير من نار وعشق: حين يلتقي الشغف بالقوة
- أرض الظلال: مقاومة في بلد طغيان القادة وهوسهم بالنساء
- -حين تنهض الأرواح: القبور التي تلاشت وعادت من جديد-
- أرض الظلال:مقاومة في بلد طغيان القادة وهوسهم بالنساء
- حين يصبح اللازمن موطنًا
- رقصة على حافة الزمن
- أقنعة في عصر العولمة
- الابتزاز بقلم التطور الحضاري
- القرارات تحت طاولة المسؤولية
- صرخة الياقوت
- الأنثى المتمردة
- الوسادة العائمة
- آخر رجال الأرض
- المرأة تحت الوصايا الجبرية
- لوحة عمياء
- رتوش زجاجية
- السيادة بالقلم المرفوع
- أعياد بأشرطة سوداء


المزيد.....




- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...
- كتاب -رخصة بالقتل-.. الإبادة الجماعية والإنكار الغربي تحت مج ...
- ضربة معلم من هواوي Huawei Pura 80 Pro.. موبايل أنيق بكاميرات ...
- السينما لا تموت.. توم كروز يُنقذ الشاشة الكبيرة في ثامن أجزا ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى زوين - أنين البقاء: صمت يتهامس مع الزمن