أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود كلّم - إِهانةُ وطنٍ: عندما يُسلِّمُ النِّظامُ السوري رُفاتَ العدو ويُنكرُ رُفاتَ أَبنائه!














المزيد.....

إِهانةُ وطنٍ: عندما يُسلِّمُ النِّظامُ السوري رُفاتَ العدو ويُنكرُ رُفاتَ أَبنائه!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8339 - 2025 / 5 / 11 - 20:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مشهد لا يخلو من الألم والمهانة، تتكشّف تفاصيل عملية تسليم النظام السوري الجديد جثمان الجندي تسفي فيلدمان، أحد جنود الاحتلال الذين شاركوا في غزو لبنان عام 1982، بعد أكثر من أربعين عاماً على أسره خلال معركة السلطان يعقوب. العملية تمت "ببلاش"، كما تقول الصحافة العبرية، من دون أي مقابل، في وقت لا تزال فيه آلاف العائلات السورية تجهل مصير أبنائها المفقودين في زنازين الموت أو على أطراف المقابر الجماعية.

تبدأ القصة بوثيقة مسرّبة، نشرتها مواقع مقربة من النظام، صادرة عن اللواء علي دوبا، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، وموجهة إلى حافظ الأسد. تكشف الوثيقة معلومات دقيقة عن مواقع دفن جنود الاحتلال في سوريا، وتُفصّل أسماء من يعرفون هذه المواقع، وعلى رأسهم طلال ناجي، عمر الشهاب، وأحمد جبريل.

وبناءً على هذه الوثيقة، اعتقل النظام الجديد طلال ناجي قبل أسابيع. ووفقاً للصحافة العبرية، فإن هذا الاعتقال ساعد في تحديد موقع دفن جثمان الجندي تسفي فيلدمان، الذي سُلّم لاحقاً إلى جيش الاحتلال بلا مقابل، في خطوة أذلّت ما تبقّى من كرامة وطنية لدى السوريين، وأعادت فتح جراح عشرات الآلاف من الأسر السورية التي لم تسمع صوتاً عن أبنائها منذ عقود.

في ليلة العاشر من حزيران عام 1982، سطّر الجنود السوريون، ومعهم مقاتلون فلسطينيون، ملحمة بطولية في قرية السلطان يعقوب شمال شرق لبنان. كتيبة مدرعات للاحتلال اندفعت بغرور إلى المنطقة، دون أن تدرك أنها ستقع في كماشة نارية خطط لها اللواء 58 السوري.

استمرت المعركة حتى بزوغ الفجر، حيث وجد جنود الاحتلال أنفسهم محاصَرين وتحت نيران كثيفة ومنسّقة. قُتل 20 جندياً من العدو، وأُصيب العشرات، وأُسر جنديان، فيما فُقد ثلاثة آخرون: تسفي فيلدمان، يهودا كاتس، وزخاريا باومل.

نُقلت جثامينهم إلى سوريا، وبقيت طيّ الكتمان لعقود، حتى جاء النظام الجديد ليزيح الستار عن قبورهم... لا من أجل العدالة، ولا من أجل كشف مصير الضحايا السوريين، بل لإرضاء عدو الأمس الذي لا يزال يحتل الأرض ويقتل الأبرياء.

في الوقت الذي يُسلَّم فيه جثمان جندي محتل، يقبع عشرات الآلاف من السوريين في سجون لا يعرف ذووهم إن كانوا أحياء أم قضوا تحت التعذيب. كم من أمّ ما زالت تنتظر، وكم من زوجة ما زالت تترقب، وكم من طفل كبر وهو لا يعرف قبر أبيه؟

أليس من المعيب أن تكون قبور جنود الاحتلال محفوظة بعناية، بينما تضيع أجساد السوريين في العتمة؟ أليس من المخزي أن يكون العدو أكثر حرصاً على جنوده من حكومات تدّعي الوطنية وتبيع دماء أبنائها في بازار المصالح؟

جثمان جندي من جنود الاحتلال يعود إلى حضن عائلته بعد أربعة عقود، يُسلَّم بأيدٍ سورية، ومن أرض سورية، وبدون أي مقابل... بينما أمهات سوريا ما زلن يطرقن أبواب السجون بصمت، ينادين أسماء أولاد لن يجيبوا، ويبحثن في الريح عن رائحة قبر أو خبر.

لقد تحوّلت سوريا، التي أنجبت الأبطال في السلطان يعقوب، إلى ساحة تُكرَّم فيها رفات العدو وتُهمل فيها رفات أبنائها. إنها الخيانة حين تلبس قناع السيادة، والعار حين يُغلف بورق المفاوضات.

لا شيء أشدّ خزياً من وطنٍ يُعيد رفات قاتليه... وينكر جثث أبنائه.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيرين أبو عاقلة… سقوط الحقيقة في غابة الوحوش
- غزّة ومغولُ العصر... وقلوبُنا المُحصّنةُ بالصّمت
- غزّة وحدها في مُواجهة العالم
- كَشكَش يحرُسُ العدالة... وخليل نزار بنات ينتظرُ الغائبين
- وداعاً سكايب: رثاء لصوتٍ كان يعبر المسافات
- مخيّم شاتيلا يسقي غزّة: رسالةُ حُبٍّ من تحتِ الرُّكامِ
- الخُذلانُ يتكرّر... من جبل أُحد إلى رُكام غزّة!
- حين تُصبحُ النّكبةُ في غزّة خبراً بلا ذاكرة
- غزّة تنزفُ... واليمن آخرُ الأَوفياءِ
- هل يمُوتُ نوح في طُوفانه؟! فلسطين وثباتُ الأَنبياء
- غزّة… الشّجرةُ التي لا تنكسرُ
- من أَعماق القبر... الشهيد نزار بنات يُحاكمُ -رئيس الوزراء ال ...
- من تحت التراب... الشهيد نزار بنات يكتب لمحمد اشتية
- غزَّة... حين يُكتَبُ التَّاريخُ بدم الشُّهداءِ
- من تحت التراب... رسالة الشهيد نزار بنات إلى حسين الشيخ!
- غزَّة وحدها... والأُمَّةُ في صمتِ الغِيابِ
- رئيس -زعَلَطي-… في حضرةِ الدمِ والخذلانِ
- ياسر عرفات(أَبو عمَّار)… آخرُ الرِّجالِ في زمنِ الانكسارِ
- طارق الدوخي… الذي نجا من المجزرة ولم يَنجُ من الغيابِ
- معين عبدالغني الجشي… حين يُصابُ الأَرشيفُ بالصَّمتِ


المزيد.....




- ارتفاع أسعار الفواكه الصيفية في مصر.. وتجار يكشفون الأسباب
- ما المفاجآت التي يحضرها الحوثي لإسرائيل؟
- مصر.. تحرك واسع للسلطات يمنع كارثة طبية بالبلاد
- مؤشر الديمقراطية 2025: تراجع شعبية أمريكا عالميًا وإسرائيل ف ...
- أوكسفام: غزة على شفا مجاعة وأطفال ينهكهم الجوع حتى البكاء
- اجتماع سوري-تركي-أردني: دعم للاستقرار الإقليمي وقلق مشترك بش ...
- ترامب يحتاج إلى زنزانات إضافية... فهل أوروبا على استعداد للم ...
- طائرة قطرية لترامب بـ400 مليون دولار.. كيف ردت الإدارة الأمر ...
- ماكرون و-المنديل الأبيض-.. ما حقيقة فيديو -الكوكايين- في اجت ...
- ساويرس يطالب بإزاحة الجيش عن مزاحمة القطاع الخاص في مصر


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود كلّم - إِهانةُ وطنٍ: عندما يُسلِّمُ النِّظامُ السوري رُفاتَ العدو ويُنكرُ رُفاتَ أَبنائه!