أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزّة ومغولُ العصر... وقلوبُنا المُحصّنةُ بالصّمت














المزيد.....

غزّة ومغولُ العصر... وقلوبُنا المُحصّنةُ بالصّمت


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8338 - 2025 / 5 / 10 - 14:18
المحور: القضية الفلسطينية
    


حين غزا المغولُ معاقل المسلمين، لم يكونوا وحدهم من نشر الخراب. ساعدهم كثيرون ممّن ظنّوا أنفسهم أذكى من الموت، فراسلوا الغزاة، وقدّموا لهم الولاء، وفتحوا لهم أبواب المدن، ثم وقفوا يتفرّجون .
ولم يدركوا أن المغول كانوا يحتقرون الخونة أكثر من خصومهم، وأن دورهم في الطعن سيأتي، ولو بعد حين.

اليوم، في غزّة، يتكرّر المشهد، لكن على مرأى من عالمٍ يتشدّق بالتحضّر. يُذبَح الأطفال تحت الأنقاض، وتُمحى العائلات من السجلات، وتُحاصر الأجساد والأنفاس، بينما تتقاطر رسائل الولاء من العواصم، ويتكاثر المصفّقون لقاتلٍ لا يشبع.

ليس غريباً أن يغدر العدو، لكن الغريب أن نغدر نحن. أن نُبرّر المجازر، أو نصمت عنها، أو ننتظر أن يُباد الجميع حتى نشعر بالحزن. أن نُغنّي في حفلاتنا، ونُشاهد مبارياتنا، ونستهلك أيامنا، وكأنّ غزّة ليست من الجسد، ولا من الدم.

من يشاهد غزة تُباد، ولا يتألم، ولا يغضب، ولا يتحرك فيه الوجع شيئاً، فقد مات قلبه، أو تأجل موته.

ومن يظنّ أن النار لن تصل إلى بيته لأنه "محايد"، عليه أن يُراجع دروس التاريخ: المغول لم يُبقوا حيّاً، حتى من قدّم لهم الولاء.

فلا تكن من الذين قالوا: "الحمد لله، نحن بخير"، بينما كان جارُه يدفن أبناءه بيديه.

غزّة ليست مجرّد امتحان للعدو، بل امتحان لنا: هل ما زلنا بشراً؟ أم بتنا حجارةً صمّاء لا ترتجف عند سماع اسمها؟

وغزّة... ما عادت مدينةً فحسب، بل أصبحت جرحاً مفتوحاً في ضمير العالم، وصوتاً مخنوقاً لا يُجيد أحد سماعه. كل ليلة تُدفن طفولة، وتُطفأ روح، ويُهدَم بيت، بينما تمضي الحياة في العواصم كما لو أن شيئاً لم يكن.

ما يُغيَّب عن الشاشات، يبقى محفوراً في ذاكرة التراب.

وغزّة، وإن انكسرت جدرانها، فإنّ أرواحها لا تنكسر.
نحن الذين نخسر، حين نخذلها، حين نصمت، حين نتظاهر بأنّ وجعها لا يعنينا.

غزّة لا تموت... نحن من يموت في كلّ مرة نخذلها.

حين تنتهي الحكاية، لن يُكتب في السطر الأخير أن غزة انتصرت أو انكسرت، بل سيُكتب: "مات ضمير العالم، وكانت غزة شاهدة جنازته."
سيُكتب: "صرخت غزة حتى بحّت، لكن الجدران كانت أسمع من البشر."
وسيظلّ التراب الذي ابتلع الأجساد أحنّ من أيدينا التي لم تُمدّ، ولم تحتضن، ولم تذب في وجعها.
غزة ستبقى، بصوتها المشروخ، بحجارتها التي لا تنكسر، لكننا...
نحن من سيتلاشى من كتب الحياة، لأننا لم نكن بشراً حين احتاجتنا الإنسانية.

[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزّة وحدها في مُواجهة العالم
- كَشكَش يحرُسُ العدالة... وخليل نزار بنات ينتظرُ الغائبين
- وداعاً سكايب: رثاء لصوتٍ كان يعبر المسافات
- مخيّم شاتيلا يسقي غزّة: رسالةُ حُبٍّ من تحتِ الرُّكامِ
- الخُذلانُ يتكرّر... من جبل أُحد إلى رُكام غزّة!
- حين تُصبحُ النّكبةُ في غزّة خبراً بلا ذاكرة
- غزّة تنزفُ... واليمن آخرُ الأَوفياءِ
- هل يمُوتُ نوح في طُوفانه؟! فلسطين وثباتُ الأَنبياء
- غزّة… الشّجرةُ التي لا تنكسرُ
- من أَعماق القبر... الشهيد نزار بنات يُحاكمُ -رئيس الوزراء ال ...
- من تحت التراب... الشهيد نزار بنات يكتب لمحمد اشتية
- غزَّة... حين يُكتَبُ التَّاريخُ بدم الشُّهداءِ
- من تحت التراب... رسالة الشهيد نزار بنات إلى حسين الشيخ!
- غزَّة وحدها... والأُمَّةُ في صمتِ الغِيابِ
- رئيس -زعَلَطي-… في حضرةِ الدمِ والخذلانِ
- ياسر عرفات(أَبو عمَّار)… آخرُ الرِّجالِ في زمنِ الانكسارِ
- طارق الدوخي… الذي نجا من المجزرة ولم يَنجُ من الغيابِ
- معين عبدالغني الجشي… حين يُصابُ الأَرشيفُ بالصَّمتِ
- خليل الوزير (أبو جهاد)… رَجُلٌ مِن زمنٍ لم يَبلُغ رام الله.
- ياسر عرفات(أبو عمار): حين خانتهُ البنادقُ التي ربّاها


المزيد.....




- تحليل.. لماذا تباين ترحيب الهند وباكستان بدور أمريكا في وقف ...
- بيسكوف: لا توجد لدى روسيا قنوات حوار مع الرئيس الفرنسي
- وزير الخارجية الصيني: بوتين أعرب لشي عن استعداد روسيا للتفاو ...
- مصر.. القضاء يسدل الستار على جريمة مروعة هزت البلاد
- أغنية خاصة من ماجد المهندس.. ترحيب عراقي مؤثر بضيوف القمة ال ...
- سلامك النفسي يبدأ من الأنف، كيف؟
- تصعيد دامٍ في دارفور وكردفان: الجيش السوداني يكثّف غاراته ال ...
- الدوري الألماني - هبوط بوخوم وهولشتاين كيل في الجولة قبل الأ ...
- بيسكوف يؤكد عدم وجود رد فعل من قبل كييف على اقتراح بوتين مفا ...
- الداخلية العراقية: منع تنظيم أي تظاهرة في بغداد حتى العشرين ...


المزيد.....

- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزّة ومغولُ العصر... وقلوبُنا المُحصّنةُ بالصّمت