أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - كَشكَش يحرُسُ العدالة... وخليل نزار بنات ينتظرُ الغائبين














المزيد.....

كَشكَش يحرُسُ العدالة... وخليل نزار بنات ينتظرُ الغائبين


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8337 - 2025 / 5 / 9 - 00:22
المحور: القضية الفلسطينية
    


خليل...
ذاك الطفل الذي عبر الطفولة دون أن يلمسها،
يجلس كل مساء عند نافذةٍ لا تطل على البحر، ولا على الأمل،
بل على مقبرةٍ صغيرةٍ تسكن في صدره، اسمها: "أبي".
لا يقرأ كتاباً، فالكتب ثقيلةٌ على قلبٍ مثقوب،
ولا يلعب، فاللعب يحتاج إلى ضحك... والضحكُ خائنٌ في حضرة الغيابِ.
إلى جواره، كلبُه كَشكَش،
جنديٌّ صامت، لا يحمل رتبةً، ولا ينتمي إلى جهازٍ أمني،
لكنه يعرف جيداً أن الوفاء ليس بنداً في قانون، بل نبضٌ في القلب.
كَشكَش لا يفاوض، لا يكذب، لا يرفع شعارات "الوحدة الوطنية"،
ولا يخطب في الهواء مثل من جعلوا من الكراسي أوطاناً، ومن الخيانة حنكةً سياسية.
أما محمود عباس (أبو مازن)، فيقف هناك...
في برجٍ عاجيٍّ من الكرتون، يتكئ على شرعيةٍ مهترئة،
كقميصٍ نُسي على حبل الغسيل، فسرقته الرياح.
يتحدث عن الدولة وكأنها لعبةُ شطرنج،
ويُقسم على "الوحدة" وهو ينام على الانقسام،
يوقّع وثائق السلام كما يوقّع التلاميذ على دفتر الغياب.
رئيسٌ لا يحكم، بل "يمكث"... كغيمةٍ لا تمطر، كصدى لا صوت له.
خليل لا يفهم كل هذا،
هو فقط يريد أن يعود صوت أبيه من خلف الغياب،
أن تفرح أمّه مرةً بلا أن تُخفي دمعَها تحت الشال،
أن يُخبّئ له أحدهم هدية عيد ميلاد، حتى لو كانت وردةً بلا رائحة.
لكنه يعرف أن كلّ ذلك لن يحدث... لأن "الدولة" قتلت أباه،
ولأن "الرئيس" لا يرى الأطفال إلا في صورٍ يبتسم فيها للكاميرا.
وفي الزاوية، يظل كَشكَش عند قدمي خليل،
لا ينتظر تعليمات، لا يخون، لا يكتب تقارير،
يحرس الحزن كما يُحرس الوطن... حين يغيب الوطن.
ففي صمت كَشكَش، كان الوفاء أصدق من أي سلطة، وأقوى من أي محكمة.
كم هو مؤلمٌ أن نحتاج إلى كلبٍ ليُعلّمنا معنى الوفاء،
وأن يكون الطفلُ أكثر رجولةً من كل ساسةِ المقاطعة.
في بلادٍ يُطربها النفاق، ويموت فيها الصادقون،
ربما نحتاج إلى جيشٍ من أمثال كَشكَش،
لا ليحرسوا القصور، بل ليحرسوا الحقيقة من قراصنة السلطة.
وفي آخر المشهد، لا يعلو صوتٌ سوى أنفاس خليل،
ولا يتحرك شيءٌ سوى ذيل كَشكَش، كأنه يُطمئن صاحبه أن الليل لن يطول،
لكن خليل يعرف أن الليل في بلادٍ كهذه قد يمتد لعمرٍ كامل.
أما العدالة، فتبدو ككائنٍ أسطوري، يُروى في الحكايات ولا يُرى في المحاكم.
وحده كَشكَش ما زال وفيّاً،
يقف على باب الغياب،
ينتظر عدالةً لن تأتي،
وصاحباً لن يعود.
وهكذا، يبقى خليل معلّقاً بين سؤالٍ لا يُجيبه أحد، ونافذةٍ لا تفتح على شيء.
يبقى كَشكَش عند الباب، لا ينام، لا ييأس... فقط يواصل الحراسة بصمت.
وفي مكانٍ بعيد، يتململ الرئيس، غير مدركٍ أن الوطن حين يفقد أبناءه لا يحتاج إلى عدو... يكفيه أن يحكمه الغياب.
فالعدالة هنا لا تموت بصوتٍ عالٍ... بل تختنق في الظل، بصمتِ الكلاب، ودموعِ الأطفال.

[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وداعاً سكايب: رثاء لصوتٍ كان يعبر المسافات
- مخيّم شاتيلا يسقي غزّة: رسالةُ حُبٍّ من تحتِ الرُّكامِ
- الخُذلانُ يتكرّر... من جبل أُحد إلى رُكام غزّة!
- حين تُصبحُ النّكبةُ في غزّة خبراً بلا ذاكرة
- غزّة تنزفُ... واليمن آخرُ الأَوفياءِ
- هل يمُوتُ نوح في طُوفانه؟! فلسطين وثباتُ الأَنبياء
- غزّة… الشّجرةُ التي لا تنكسرُ
- من أَعماق القبر... الشهيد نزار بنات يُحاكمُ -رئيس الوزراء ال ...
- من تحت التراب... الشهيد نزار بنات يكتب لمحمد اشتية
- غزَّة... حين يُكتَبُ التَّاريخُ بدم الشُّهداءِ
- من تحت التراب... رسالة الشهيد نزار بنات إلى حسين الشيخ!
- غزَّة وحدها... والأُمَّةُ في صمتِ الغِيابِ
- رئيس -زعَلَطي-… في حضرةِ الدمِ والخذلانِ
- ياسر عرفات(أَبو عمَّار)… آخرُ الرِّجالِ في زمنِ الانكسارِ
- طارق الدوخي… الذي نجا من المجزرة ولم يَنجُ من الغيابِ
- معين عبدالغني الجشي… حين يُصابُ الأَرشيفُ بالصَّمتِ
- خليل الوزير (أبو جهاد)… رَجُلٌ مِن زمنٍ لم يَبلُغ رام الله.
- ياسر عرفات(أبو عمار): حين خانتهُ البنادقُ التي ربّاها
- عبد القادر الحسيني: بطلُ القسطل ورمزُ الفداءِ في تاريخِ فلسط ...
- الذين خذلونا… هُناك، حيث يُدفَنُ الوطنُ في حضرةِ الفسادِ


المزيد.....




- -لن أكون غبيًا وأقول: لا نريد طائرة مجانية-.. شاهد كيف دافع ...
- -المظاهر والرمزية بالغة الأهمية في السياسة-.. علي الشهابي يو ...
- زيلينسكي يريد حضور ترامب محادثات محتملة بين أوكرانيا وروسيا. ...
- القاهرة تطالب بدعم أوروبي.. عبد العاطي يناقش الهجرة وأوضاع غ ...
- زيلينسكي يعرب عن رغبته في حضور ترامب لمحادثات السلام في إسطن ...
- أنور قرقاش يثير تفاعلا واسعا على منصة -إكس- بتغريدتين خلال ي ...
- زيلينسكي يصادق على صفقة المعادن الأمريكية
- رئيس الوزراء القطري: المحتجزون في غزة معرضون لنفس الخطر الذي ...
- النازحون في دارفور يصارعون الجوع وسط صراع مستمر وغياب للمساع ...
- دبلوماسي هندي سابق: الهند مستعدة للرد عسكريًّا على الهجمات ا ...


المزيد.....

- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - كَشكَش يحرُسُ العدالة... وخليل نزار بنات ينتظرُ الغائبين