أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كفاح الزهاوي - أوهام العزلة وومضات الأمل














المزيد.....

أوهام العزلة وومضات الأمل


كفاح الزهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8335 - 2025 / 5 / 7 - 11:14
المحور: الادب والفن
    


من المحبط أن يهدر الإنسان طاقته في ركن ضئيل من الأرض، معتقدًا أنه وجد المتعة المطلقة، ليجد نفسه أسيرًا لفخ مميت، يحاصره في جزيرة خالية من الحياة وسط محيط هائج —هناك، حيث الصمت يلتهم الأصوات، يشعر أن صراخه لا يجد من يسمعه، سوى نبضات قلبه المرتعشة، ولكن وسط العتمة، يدرك أن الصمت ليس موتًا، بل بداية لصوت داخلي كان مخفيًا تحت ضجيج العالم.
يواجه المرء لحظات من الوحدة تقذف به في مستنقع الصمت، لكنه يبدأ في ملاحظة تفاصيل لم يكن يراها من قبل —خيوط النور التي تتخلل عبر النافذة، همسات الرياح التي تحمل معها رسائل غير منطوقة، والزهرة الصغيرة التي تنبت بشجاعة في شق صخري. ربما ليست العزلة سجنًا دائمًا، بل فرصة للإنصات لما كانت الحياة تخفيه عنه.
إن خداع النفس بأحلام مظلمة لا يقود سوى إلى طريق مسدود، لكن حتى في ذلك الطريق، يمكن أن يولد إدراك جديد -أن الألم ليس نهاية بل نقطة انطلاق، وأن في أشد لحظات الانكسار قد يزهر شيء لم يكن بالحسبان. وإن كسا الحزن السماء رماديًا، فإن قدرتها على المطر تظل كامنة، تنتظر لحظة انطلاقها، وربما تكون تلك الدموع بذورًا لربيع جديد.
حين يتسلل الخوف من الوحدة، يشعر المرء أن كل شيء يضيق عليه، لكن مع الزمن، يبدأ في فك قيود العزلة شيئًا فشيئًا. يدرك أن هناك حرية كامنة في أن يكون وحيدًا دون أن يكون ضائعًا، وأن الصمت ليس عدوًا بل مساحة يتشكل فيها صوته الحقيقي. هذه العزلة التي بدت قاتمة في البداية قد تتحول إلى مختبر للأفكار، إلى مكان يولد فيه الإبداع كما يفعل الفنانون والكتاب.
إن الهروب من الواقع ليس نهاية، بل بحث عن معنى، عن تفاصيل لم تكن واضحة في حياة مزدحمة. وربما يكون المعنى في البساطة، في فنجان قهوة في صباح هادئ، في التأمل الذي يُخرج الأفكار من قلب السكون. إن الحقيقة ليست في الأشياء وحدها، بل في نظرة الإنسان إليها، في قدرته على إعادة تفسير عالمه حتى وسط العزلة.
المجتمعات الشرقية، رغم تقاليدها الصارمة، تحمل في جوفها قصصًا عن الأمل المخفي في كلمات الأجداد. بين جدران العزلة، هناك دائمًا نافذة يمكن أن تفتح، وحديث يمكن أن يُقال، حتى لو كان همسًا في قلب الليل.
غالبًا ما تدفع الوحدة والعزلة الإنسان إلى استعادة الذكريات البدائية ولحظات الاحتياج، إذ تختلف الطبيعة البشرية في فهم جوهر الحياة. فالإنسانية لا تحتاج إلى زخرفة أو تزيين، ولا ينبغي لها أن تُختزل في الاستسلام والإذلال طلبًا للعون. فحينما يكون الاحتياج حقيقيًا، تمتد الأيادي بفطرة العاطفة الإنسانية التي تتفاعل في بوتقة التضامن، حيث تتجلى القوة في التراحم وليس في الانكسار.
الحياة مسرحية كبرى، يتحرك فيها الجميع وفق أدوارٍ مرسومة بعناية، يختارها مخرج خفيّ لتناسب نفوسهم وصورتهم الظاهرة، فتبدو المشاهد أمام الجمهور حقيقةً لا يُشكَّك فيها. لكن حين يخرج أحدهم عن النص، يجد نفسه غريبًا في فضاء مجهول، يبحث عن زاوية يحتمي بها، ربما ليعيد كتابة دوره بعيدًا عن أعين المتفرجين.
الوحدة ليست دائمًا لعنة، والعزلة ليست دائمًا نهاية. ففي قلبها، قد يكون هناك نور ينتظر أن يكتشفه من يبحث عنه.



#كفاح_الزهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صدى صرخة مدفونة
- رحلة في أعماق النفس البشرية
- تأملات في عشق الوطن
- غروب الرحيل ١
- وأخيرًا قبري
- مقطع من روايتي القادمة الفصل ( السماء الثلجية)
- طريق المتاهة
- مقطع من روايتي القادمة منعطف الرحلة في الزمن الصعب
- متاهة عقلية
- انشودة الأمل
- حب خفي
- أوهام ساطعة
- عاهرتنا اشرف
- وطن مهزوم
- نجمة متوارية
- أمس لا يزال حلوً
- مجلس االعظماء
- خلف الأفق
- مَمَدْ اسطورة القبور
- سخريات القدر


المزيد.....




- حمدان يعقد ندوة حوارية حول واقع الثقافة الفلسطينية في معرض ا ...
- نزلت حالًا مترجمة على جميع القنوات “مسلسل المؤسس عثمان الحلق ...
- دميترييف: عصر الروايات الكاذبة انتهى
- عن قلوب الشعوب وأرواحها.. حديث في الثقافة واللغة وارتباطهما ...
- للجمهور المتعطش للخوف.. أفضل أفلام الرعب في النصف الأول من 2 ...
- ملتقى إعلامى بالجامعة العربية يبحث دور الاعلام في ترسيخ ثقاف ...
- تردد قناة زي ألوان على الأقمار الصناعية 2025 وكيفية ضبط لمتا ...
- مصر.. أسرة أم كلثوم تحذر بعد انتشار فيديو بالذكاء الاصطناعي ...
- تراث متجذر وهوية لا تغيب.. معرض الدوحة للكتاب يحتفي بفلسطين ...
- -سيارتك غرزت-..كاريكاتير سفارة أميركا في اليمن يثير التكهنات ...


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كفاح الزهاوي - أوهام العزلة وومضات الأمل