أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضيا اسكندر - ظاهرة الإساءة إلى الأديان: من يؤجّجها؟ وكيف نواجه تداعياتها؟














المزيد.....

ظاهرة الإساءة إلى الأديان: من يؤجّجها؟ وكيف نواجه تداعياتها؟


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 8329 - 2025 / 5 / 1 - 11:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ليست الإساءة إلى الأديان والرموز الدينية أمراً جديداً على المجتمعات البشرية، فقد عُرفت منذ بدايات التاريخ، حين وُوجه الأنبياء والرسل بالاضطهاد والسخرية والتكذيب من قبل أقوامهم. كانت هذه المواجهات في الغالب نابعة من رفض المعتقد الجديد، أو من خشية المتنفذين على سلطتهم ومصالحهم. لكن في عصرنا الحديث، تحوّلت هذه الظاهرة إلى أداة سياسية موجهة، تُستخدم لتأجيج الخلافات الدينية والمذهبية، وجرّ المجتمعات إلى هاوية العنف والفوضى.
ومع الانتشار الواسع لوسائل الإعلام والاتصال، من الفضائيات إلى شبكات التواصل الاجتماعي، بات بثّ خطاب الكراهية أو المواد المسيئة لا يحتاج أكثر من ضغطة زرّ. هذا الانفجار في تدفّق المحتوى، تزامن مع استغلال جماعات متطرفة وأجهزة مخابراتية لهذه الوسائل، لتأجيج الحساسيات الطائفية، وإشعال بؤر توتر تصبّ في خدمة مشاريع تفتيت أو استقطاب أو حتى انتقام.
لقد شهدنا في العقود الأخيرة عدة أحداث كشفت هذا الاستخدام الممنهج للإساءة، من رسوم الكاريكاتير المسيئة في فرنسا وبلجيكا، إلى فتاوى إهدار الدم ضد كتّاب ومفكرين، وصولاً إلى وقائع محلية مرتبطة بإثارة الكراهية على أسس دينية أو مذهبية.

سوريا.. ساحة فتن مفتوحة
وإذا كانت بعض هذه الأحداث تُستثمر خارجياً، فإن الساحة السورية في السنوات الأخيرة باتت مرشّحة دوماً لانفجارات داخلية ذات طابع ديني أو طائفي، بفعل هشاشة النسيج الاجتماعي، وانهيار منظومات الدولة، وانتشار السلاح والمليشيات.
في الآونة الأخيرة، شهدت سوريا تصاعداً خطيراً في التوترات الطائفية، على خلفية تسجيل صوتي نُسب لأحد مشايخ الطائفة الدرزية تضمّن إساءة للنبي محمد. أثار التسجيل موجة غضب واسعة، تجسدت بداية في جامعة حمص، حيث اندلعت مواجهات عنيفة بين طلاب من خلفيات طائفية مختلفة، وأسفرت عن عدد من الإصابات.
غير أن التطوّر الأخطر تمثّل في الهجوم الذي شنّه متطرّفون من بلدة المليحة على مدينة جرمانا ذات الأغلبية الدرزية، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات مسلّحة عنيفة بين الطرفين. سرعان ما اتّسعت رقعة هذه المواجهات لتشمل صحنايا ومحيطها، مخلفةً أكثر من عشرين قتيلاً، ومكرّسةً بذلك مشهداً مرعباً عن هشاشة الأمن الطائفي، واحتمالية انزلاق البلاد إلى دوامةٍ من العنف لا تُحمد عقباها.
هذه الحوادث ليست منفصلة عن سياق أوسع؛ بل تندرج ضمن نمط متكرّر من التوظيف الطائفي للصراعات، حيث يظهر جلياً استعداد بعض الأطراف لتحويل خلاف ديني أو إساءة فردية إلى شرارة تُشعل نار نزاعٍ مسلح يُستثمر سياسياً، أو يُوظّف لإعادة رسم خطوط الانقسام داخل المجتمع.
ورغم صدور بيان رسمي عن وزارة الداخلية ينفي صلة الجهة المنسوبة إليها التسجيل المصوّر الذي أثار التوتر، ورغم الإدانة الصريحة التي عبّر عنها مشايخ عقل الطائفة الدرزية، فإن جماعات متطرّفة سارعت إلى توجيه الاتهام للطائفة بأكملها، رافضة التعامل مع الحادثة كحالة فردية. هذا الموقف يتناقض بوضوح مع الطريقة التي جرى بها التعاطي مع انتهاكات مماثلة ارتكبتها جماعات مسلحة موالية لسلطة دمشق بحق أبناء الطائفة العلوية، حيث كانت تُعامل غالباً على أنها تجاوزات فردية لا تستدعي تعميماً أو تصعيداً.

كيف نواجه هذه الظاهرة؟
إن مواجهة ظاهرة الإساءة إلى الأديان لا تكون بالشعارات ولا بالانفعال المؤقت، بل عبر حزمة متكاملة من الإجراءات الفكرية والاجتماعية والسياسية. تبدأ هذه المواجهة من نشر الوعي الثقافي ومحاربة الجهل والتعصب، وتمرّ عبر إصلاح المناهج التعليمية بما يرسّخ قيم التسامح وقبول الآخر، ويُربّي أجيالاً قادرة على الحوار لا التصادم. كما تقتضي الحاجة إلى تطبيق علمانية عادلة، لا تعادي الدين، بل تحمي حرية المعتقد وتمنع تسييسه أو توظيفه كأداة للفتنة.
وإلى جانب ذلك، فإن محاربة الفقر والتهميش تُعدّ عاملاً حاسماً في تجفيف منابع التطرف، كما أن سنّ قوانين واضحة تجرّم التحريض والكراهية دون المساس بحرية التعبير هو ضرورة لا يمكن تجاهلها. ولا يمكن إغفال دور الإعلام في كبح جماح الخطابات التحريضية، ولا دور رجال الدين المعتدلين والقادة السياسيين في تبديد المفاهيم المغلوطة، فضلاً عن أهمية الحوار بين الأديان وتوظيف الفنون والآداب كجسور إنسانية تعيد الاعتبار لقيمة التعدد والاختلاف.
إنها معركة وعي، لا معركة انفعال، ومسؤولية جماعية تتطلب شجاعة فكرية وإرادة سياسية ومجتمعية واعية.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من حرب المصالح إلى خطر التقسيم.. سوريا أمام مفترق طرق
- الوطنية بين الشعارات الجوفاء والممارسات المكشوفة
- من زنزانة إلى طاولة المفاوضات.. هل تدرك أنقرة قيمة ورقة أوجل ...
- الفساد والانفتاح.. إعدام الاقتصاد السوري
- الواقع الأمني والاجتماعي في الساحل السوري.. مجازر وقلق وخيبا ...
- اليسار نائم: الرجاء عدم الإزعاج!
- -ثوار- خارج الخدمة
- اللجنة الوطنية للتحقيق: عندما تتحول المجازر إلى مسلسل شهري ب ...
- رسالة إلى سلطةٍ لم تَعُد ترى إلا ما تُريد..
- سكاكين المخطط: سوريا خارج التاريخ
- المجازر وخريطة التقسيم: كيف تؤدي الفظائع إلى تفتيت الأوطان؟
- لماذا تقلّ نسبة الجرائم في الدول الاسكندنافية؟
- من الطفولة إلى الإجرام: كيف يُصنع القتلة؟
- بين إحصاء الموظفين وإحصاء الضحايا.. ذاكرة الحكومة الانتقائية ...
- العلويون في سوريا.. تاريخها معتقداتها معاناتها مستقبلها (الج ...
- العلويون في سوريا.. تاريخها معتقداتها معاناتها مستقبلها (الج ...
- الإعلام.. صانع الأحداث أم بائع الوهم؟
- سوريا بعد مائة يوم: أي عهدٍ هذا؟
- أردوغان وتطلعاته للسلطة الدائمة: تحليل لاستراتيجياته السياسي ...
- بين مطرقة الخوف وسندان الوطنية.. زيارة الدروز إلى إسرائيل


المزيد.....




- تردد قناة طيور الجنة.. نزلها على جهازك الرسيفر وتابع كل جديد ...
- -كمين- لقوات تابعة للحكومة السورية يتسبب في مقتل 23 مسلحاً د ...
- الفاتيكان يتخلى عن تقليد رداء البابا الذي يعود إلى قرون مضت ...
- إسرائيل تعود إلى سياسة -فرّق تسد- الطائفية لتفكيك سوريا
- ثبت تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 ومتع أطفالك بأحلى الأغا ...
- سامي الكيال: ما حصل في سوريا هو هجمة منظمة على الطائفة الدرز ...
- بالفيديو.. -بلال فيتنام- يصدح بالأذان بأكبر مساجد هو تشي منه ...
- -فخ إسرائيلي- للإيقاع بدروز سوريا... وكراهية الإسلام أضحت -ع ...
- القدس في أبريل.. انتهاكات غير مسبوقة للاحتلال في المسجد الأق ...
- الأردن: أحكام بالسجن 20 عاما ضد متهمين في قضية مرتبطة بالإخو ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضيا اسكندر - ظاهرة الإساءة إلى الأديان: من يؤجّجها؟ وكيف نواجه تداعياتها؟