أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود حمدون - ليلة العيد














المزيد.....

ليلة العيد


محمود حمدون

الحوار المتمدن-العدد: 8317 - 2025 / 4 / 19 - 17:17
المحور: الادب والفن
    


-كلما رأيت متسوّلًا تثور أعصابي, تضيق الدنيا في عينيّ, هي لحظة أفر منها إيثارًا للسلامة. أقصد سلامة خصمي.
قلت وأنا أشمله بنظري: المتسول؟ خصمك؟ أي خصم؟ ما أعلمه عنك أنك مسالم لا أعداء لك بالمعنى المفهوم للخصومة!
أمسك بكتفي, هزّني برفق, قائلًا: أرجوك أفق ولو دقيقة, خصومتي مع أمثال هؤلاء, وأشار إلى متسول بائس يقف على مقربة.
قلت: المتسول ؟ يا عبد الله, لا ترهقني وتحمّلني فوق طاقتي, أي خصومة هذه التي بينك وبين من يسألك صدقة؟ هل تعرف الرجل من قبل؟ لك أن تعطيه عن طيب خاطر أو أن تصرفه من أمامك بالحسنى.
هشّ عن وجهه خاطر ما, قطب جبينه, همس: أسمعت عن المثل الشعبي" الشحاتين بيكرهوا بعض؟"
ضحكت, قلت: طبعًا, بخاصة في المواسم, بالتحديد ليلة العيد, يتراصون في مداخل الميادين بوسط البلد, يقطعون الطرق على المارة, هم رائعون في حلب جيوب الناس. صيادون مهرة في اصطياد الزبائن.. لكن مالك بهم؟
قال: أكرههم.
-لم؟! لا ذنب لهم. لا يجبرون أحدًا على التصدّق عليهم.
قال: لأني مثلهم.
-متسول؟ هههه ضحكت حتى كاد فنجان قهوتي يندلق على ملابسي, ثم تماسكت, اعتذرت له, قلت: مش فاهم!
مال عليّ, قال: باختصار, أنا أيضًا أتسول كل شيء.. الحياة كما أحلم بها, الأمان كما أرغب فيه, مشاعر البعض كما أتمناها, لذلك من الطبيعي أن أكره من هو مثلي إن جمعنا مكان, حتى لو كان يتسول المال فقط, إذ أرى نُذر الخطر تقترب منّي كلما رأيت أحدهم. تفزعني صورة أنه قد يقاسمني رزقي, يستقطب مشاعر الغير ناحيته, أشتعل من أعماقي, أصبح غير ما أنا عليه. هل أدركت ما أقصد؟!
قلت, وأنا أعض على شفتي, لست أدري إن كانت كلماتي ستخفّف ما به: لكنك في حال أفضل من كثيرين, ربما لا ترى نفسك على حقيقتها كما نراك نحن .
استرخى في مقعده, نفخ دخان سيجارته في الفضاء, قال وهو يتابع بحذر متسولًا قادمًا من بعيد: ربما لا ترونني على حقيقتي كما أراها أنا, لكني فقير من أعماقي, أكاد أطرق أبوابكم استجداءِ لكلمة أو نظرة أو حتى بسمة مصطنعة, أظنني كمن أُلقي به دون إرادته في بحر, لا أرض يقف عليها بقدمه, لا هو غريق فيستريح ولا حي فيطفو على البر.



#محمود_حمدون (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جرأة سعيد فتحي
- أفيونة
- العبارة السابقة
- ضعف إيمان
- بوس الايدين
- الخواجة بوتشي
- لعنة الفراعنة
- منطقة الغثيان
- براويز فارغة
- قراءة في مجموعة - أنفاس مستعملة - للقاصة : غادة صلاح الدين
- الحق في التظاهر
- يونيه
- متعة النظر من ثقب إبرة
- عبقرية الردّ
- - ولم تشرق الشمس- -حين يصبح عنوان الرواية مدخلًا قويًّا يدعو ...
- برّاد حامد الشريف
- نار الرغبة
- الغوص في الرمال – رحلة بحث عن حُشيفة الحقيقي
- المياه الجوفية
- قراءة في فقه الانقراض


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود حمدون - ليلة العيد