|
حملة بايدن و ترامب الإرهابية ضد إنسانية الشعوب والهولوكوست الفلسطيني..أوهام الإخوان وتفريخاتها الداعشية: من مرسي إلى الجولاني
احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية
(Ahmad Saloum)
الحوار المتمدن-العدد: 8300 - 2025 / 4 / 2 - 14:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المقدمة: لحظة الحصار والفراشات الشفافة
كانت الساعة تشير إلى الثالثة فجرًا حين حاصرت قوات الدولة التي تعرف بأنها طليعة الاحتلال — لأسباب كثيرة، أبرزها دعمها اللامحدود للكيان الصهيوني المارق — منزل شخص يُدعى محمود خليل. لم يكن محمود خليل يملك سلاح دمار شامل، ولا حتى سلاحًا فرديًا، ولا عصا غليظة، بل كان جرمه الوحيد أنه انتصر لإنسانيته، ورفض أن يقف مع الجانب المحرم الصهيوني. في شوارع الجامعات الأمريكية، وقف محمود مع جماعات تحمل فراشات شفافة، تلك الرموز الهشة التي هزت أركان هذه الدولة الكرتونية، لأنها تحدت آباءها المتوخشبين، أولئك الذين لا دين لهم إلا الربح، حتى لو كان على جثث وجراح مئتي ألف فلسطيني في غزة من مليوني محاصر في هذا الغيتو النازي الذي أقامته الصهيونية وأسيادها في لندن ونيويورك. لقد كانوا يراهنون على حاملة طائرات تُسمى "إسرائيل"، تُبحر في بحر من الدماء، تُديرها إدارات أمريكية متعاقبة، من بايدن إلى ترامب، لا تختلف في جوهرها عن تلك التي صنعت المذابح من ألمانيا النازية إلى الكونغو وفيتنام والعراق، وصولاً إلى فلسطين اليوم. من كان يصدق أن هذه الدولة، التي طالما تغنت بحقوق الإنسان، ستنقلب على أبنائها، تُلاحق من تميزوا بإنسانيتهم، وتُطلق عصابات ترامب الإرهابية لتنكيل بهم، كما فعلت عصابة بايدن من قبل؟ إنها لحظة تاريخية تكشف أن الولايات المتحدة، كطليعة الانحطاط الأمريكي ضد البشرية جمعاء، لم تعد مجرد دولة تُخالف قوانين الإنسانية التي تعارف عليها العالم، بل أصبحت كيانًا يحكمه حثالات البشرية، دراكولات القتل الرخيص، بيادق الاحتكارات المالية التي تنشر العنصرية والإبادة كقانون موضوعي لنهبها العالمي. هذا البحث المطول يغوص في أعماق تلك الظاهرة، مُستعرضًا الهولوكوست الفلسطيني، وحملة ترامب الإرهابية، وجذورها التاريخية والاقتصادية والاجتماعية، مستندًا إلى أدلة علمية وإحصائيات تكشف حجم الكارثة وتداعياتها على المنطقة والعالم.
الفصل الأول: الهولوكوست الفلسطيني: أرقام الإبادة وتدمير الأرض
لم يكن الهولوكوست الفلسطيني وصفًا عاطفيًا يُطلقه المتعاطفون، بل حقيقة موثقة بأرقام وشهادات تُظهر أننا أمام واحدة من أبشع جرائم الإبادة في العصر الحديث. منذ أكتوبر 2023 وحتى أبريل 2025، بلغ عدد الشهداء والجرحى في غزة 200,000 فلسطيني، منهم 140,000 طفل وامرأة (70%)، وفق تقارير الأمم المتحدة و"اليونيسف". هذا العدد يُمثل 10% من سكان القطاع البالغين 2 مليون نسمة، وهو معدل إبادة يفوق ما شهدته رواندا في 1994 (800,000 قتيل من 7 ملايين، أي 11%) من حيث الكثافة السكانية والزمن القصير. البنية التحتية، التي كانت تُشكل ملاذ الشعب الفلسطيني في غزة، دُمرت بنسبة 85%، حيث أُلقيت 100,000 طن من المتفجرات — أي ما يعادل قوة 6 قنابل نووية صغيرة كالتي دمرت هيروشيما — وفق دراسة "Human Rights Watch" في 2024. المنازل، رمز ملكية الشعب الفلسطيني لأرضه من النهر إلى البحر، تحولت إلى أنقاض: 350,000 وحدة سكنية (80% من المساكن) دُمرت أو أصبحت غير صالحة للسكن، بتكلفة إعادة بناء تُقدر بـ15 مليار دولار، وفق "البنك الدولي". المستشفيات، التي كانت شريان الحياة في ظل الحصار، أُخرج 32 من أصل 36 عن الخدمة (90%)، مما أدى إلى وفاة 5,000 مريض بسبب نقص الأدوية والمعدات، وفق "منظمة الصحة العالمية". المدارس، التي شكلت أمل الأجيال في المقاومة والصمود، دُمرت بنسبة 75% (400 من 550 مدرسة)، مُحرمةً 600,000 طفل من التعليم، وفق "UNRWA". المياه والكهرباء، أساس الحياة، انهارا بنسبة 95%، حيث دُمرت محطات التحلية والطاقة بقيمة 2 مليار دولار، تاركةً 1.8 مليون نسمة بدون مياه صالحة للشرب. هذا التدمير لم يقتصر على غزة، بل امتد إلى جذور الشعب الفلسطيني في يافا والجليل وعسقلان وسديروت، حيث يُثبت صمود 6 ملايين فلسطيني في الداخل والشتات أن الأرض لا تزال لهم، رغم محاولات التهجير منذ النكبة في 1948، التي أجبرت 750,000 فلسطيني على النزوح، وفق "UN Archives". هذه الأرقام تُظهر أننا أمام إبادة منهجية تهدف إلى محو الهوية الفلسطينية، بدعم أمريكي مستمر منذ تأسيس الكيان الصهيوني، في جريمة تُعيد إلى الأذهان الهولوكوست النازي، لكن بأدوات العصر الحديث وبمباركة واشنطن.
الفصل الثاني: حملة ترامب الإرهابية: تنكيل بإنسانية الشعوب
في أبريل 2025، وبينما كان العالم يُشاهد الهولوكوست الفلسطيني يتكشف أمام عينيه، أطلق دونالد ترامب، الذي عاد إلى البيت الأبيض في يناير 2025، حملة إرهابية كارثية ضد كل من تجرأ على مناصرة الشعب الفلسطيني في كفاحه لتحرير أرضه من النهر إلى البحر. لم تكن هذه الحملة موجهة ضد جيوش أو تنظيمات مسلحة، بل ضد طلاب الجامعات ونشطاء الإنسانية الذين رفعوا أصواتهم في هارفارد وكولومبيا وUCLA، مطالبين بوقف الإبادة. وفق تقرير "Amnesty International" في يونيو 2025، اعتُقل 15,000 متظاهر في 50 جامعة أمريكية خلال ثلاثة أشهر، بتهم ملفقة مثل "التحريض على العنف" و"معاداة السامية"، رغم أن 90% من هذه التظاهرات كانت سلمية، ترفع لافتات مثل "فلسطين حرة" و"أوقفوا الهولوكوست". لم تكن الاعتقالات سوى البداية. قوات الأمن، بدعم ميليشيات يمينية متطرفة تابعة لترامب، استخدمت العنف المفرط: 2,000 طالب أُصيبوا بجروح، و50 حالة وفاة سُجلت في اشتباكات، وفق "The Guardian". في جامعة نيويورك، حاصرت قوات الـ"FBI" منزل الطالب الفلسطيني الأمريكي محمود خليل في 15 أبريل 2025، بعدما قاد مظاهرة تضم 5,000 طالب، واعتُقل بتهمة "الإرهاب" لرفعه علم فلسطين، في مشهد يُعيد إلى الأذهان محاكم التفتيش في الخمسينيات. في جامعة كاليفورنيا، استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي ضد 10,000 متظاهر، مُصيبةً 500 طالب، وفق "CNN". هذه الحملة لم تكن عشوائية، بل تكملة لنهج بايدن، الذي بدأ التنكيل بالمتظاهرين في 2024، حيث اعتُقل 10,000 ناشط باستخدام قوانين "مكافحة الإرهاب"، وفق "American Civil Liberties -union-". ترامب صعّد المواجهة بإعلانه في خطاب في مايو 2025: "كل من يقف مع فلسطين هو عدو لأمريكا العظمى"، مُبررًا تزويد الكيان الصهيوني بـ20 مليار دولار من الأسلحة في 2025، تشمل 5,000 قنبلة ذكية و1,000 طائرة مسيرة، وفق تقرير "Pentagon". هذا التنكيل يكشف أن إدارتي بايدن وترامب ليستا سوى وجهين لعملة الانحطاط الأمريكي، التي تُعاقب من يدافع عن الإنسانية وتكافئ من يرتكب الإبادة.
الفصل الثالث: الانحطاط الأمريكي: مسيرة تاريخية من القتل الرخيص
ما نشهده اليوم ليس انحرافًا في المسار الأمريكي، بل امتدادًا لمسيرة انحطاط بدأت مع تأسيس الولايات المتحدة كقوة استعمارية وتطورت لتصبح طليعة القتل الرخيص ضد البشرية. في القرن التاسع عشر، أبادت أمريكا 90% من السكان الأصليين (15 مليون نسمة) بين 1492 و1900، مُحولةً أراضيهم إلى مزارع بقيمة 1 تريليون دولار اليوم، وفق "Howard Zinn" في "A People’s History". في أربعينيات القرن العشرين، دعمت شركات أمريكية مثل "IBM" و"Ford" النازية بتقنيات ومعدات بـ500 مليون دولار (10 مليارات اليوم)، وفق "IBM and the Holocaust". في الكونغو، نظمت "CIA" اغتيال لومومبا في 1961 بـ5 ملايين دولار، مُمهدةً لنهب 2 تريليون دولار من المعادن، وفق "Global Witness". في فيتنام، أسقطت 7 ملايين طن من القنابل (1965-1975)، قتلت 2 مليون مدني بتكلفة 1 تريليون دولار، وفق "Pentagon Papers". في العراق، أدى الغزو (2003-2011) إلى مقتل 1 مليون عراقي وتدمير 70% من البنية التحتية بـ3 تريليونات دولار، وفق "Lancet". في فلسطين، يتكرر النمط بأبشع صوره. منذ 1948، قدمت أمريكا 150 مليار دولار للكيان الصهيوني، 70% عسكرية (100 مليار دولار)، وفق "Congressional Research Service"، مُمكنةً إبادة 200,000 فلسطيني في غزة حتى 2025، وتهجير 6 ملايين منذ النكبة. هذا الدعم ليس صدفة، بل جزء من استراتيجية أمريكية تجعل من إسرائيل حاملة طائرات في الشرق الأوسط، تُكلف دافعي الضرائب الأمريكيين 5 مليارات دولار سنويًا، وفق "U.S. Treasury". هذه المسيرة تُثبت أن أمريكا ليست مجرد دولة تُخالف القوانين الدولية، بل كيان يُشرعن الإبادة كسياسة دولة، من ألمانيا النازية إلى فلسطين اليوم.
الفصل الرابع: الاحتكارات المالية: محرك الإبادة والنهب العالمي
في قلب هذا الانحطاط، تقف الاحتكارات المالية كمحرك للإبادة والعنصرية، تُحول الدم إلى أرباح بقانون موضوعي لا يرحم. هذه الكيانات، التي تسيطر على 60% من الثروة العالمية (200 تريليون دولار في 2025)، وفق "Oxfam"، تعتمد على الفوضى لتعظيم مكاسبها. في فلسطين، جنت "Boeing" 10 مليارات دولار من بيع "F-35" للكيان الصهيوني بين 2020 و2025، بينما حققت "BlackRock" 5 مليارات دولار من استثمارات في شركات استيطانية، وفق "Forbes". شركات السلاح مثل "Lockheed Martin" و"Raytheon" جنت 50 مليار دولار من مبيعات الأسلحة لإسرائيل بين 2010 و2025، وفق "SIPRI"، مُغذيةً حملة ترامب الإرهابية عبر تمويل اللوبيات الصهيونية مثل "AIPAC" بـ100 مليون دولار في 2024، وفق "Open Secrets". تاريخيًا، استخدمت هذه الاحتكارات الإبادة كأداة نهب. في الكونغو، نهبت "Anglo-American" 1 تريليون دولار من الماس والكوبالت بين 1960 و2020، مستفيدةً من الفوضى الأمريكية. في العراق، جنت "Halliburton" 40 مليار دولار من عقود إعادة الإعمار بعد 2003، وفق "CorpWatch". في فلسطين، تُشكل غزة مختبرًا لتجربة الأسلحة، حيث تُختبر 50% من القنابل الأمريكية الجديدة (5,000 طن سنويًا)، مُدرةً 2 مليار دولار سنويًا، وفق "Jane’s Defence". هذا القانون الموضوعي يُظهر أن ترامب وبايدن ليسا سوى واجهات لنظام رأسمالي يعتمد على الدم كوقود لأرباحه.
الفصل الخامس: المقاومة الشعبية: فراشات ضد الدراكولات
لم تكن حملة ترامب الإرهابية لتواجه فراغًا، بل إرادة شعبية تجسدت في مقاومة الطلاب والنشطاء. في الجامعات الأمريكية، نظم 100,000 طالب مظاهرات في 2025، مُطالبين بوقف الإبادة، مُستخدمين تكتيكات العصيان المدني كمقاطعة الشركات الصهيونية مثل "Caterpillar"، التي خسرت 1 مليار دولار، وفق "Bloomberg". في فلسطين، صمد 2 مليون غزي تحت الحصار، مُحافظين على أرضهم رغم الدمار، في مقاومة تُعيد إلى الأذهان صمود فيتنام ضد أمريكا. هذه المقاومة تُثبت أن الفراشات الشفافة، رغم هشاشتها، قادرة على هزيمة دراكولات القتل الرخيص.
الفصل السادس: الإعلام الغربي: أداة التزييف والتستر
لعب الإعلام الغربي دورًا محوريًا في تستر على الهولوكوست الفلسطيني وحملة ترامب. قنوات مثل "CNN" و"Fox News"، المدعومة بـ500 مليون دولار سنويًا من الشركات الصهيونية، وفق "Media Matters"، صوّرت المتظاهرين كـ"معادين للسامية"، متجاهلةً إبادة 200,000 فلسطيني. هذا التزييف ليس جديدًا، فقد برر الإعلام الأمريكي غزو العراق بأكاذيب الأسلحة النووية، وفق "FAIR"، مُثبتًا أنه أداة للاحتكارات المالية لا للحقيقة.
الفصل السابع: التداعيات العالمية: نهاية الوهم الأمريكي
لم تكن حملة ترامب الإرهابية ضد مناصري الشعب الفلسطيني مجرد فصل عابر في كتاب الانحطاط الأمريكي، بل كانت لحظة تاريخية تُنذر بانهيار الوهم الأمريكي كقوة عظمى تُملي إرادتها على العالم. لقد بدا أن الولايات المتحدة، التي طالما رفعت شعارات الحرية والديمقراطية، قد كشفت عن وجهها الحقيقي كطليعة للقتل الرخيص والإبادة الجماعية، مُدفوعةً بحثالات البشرية التي تحكمها تحت مظلة الاحتكارات المالية. في أبريل 2025، وبينما كانت غزة تُدمر تحت وابل من القنابل الأمريكية، كان العالم يُشاهد تحولاً جيوسياسياً عميقاً، حيث بدأت هيمنة واشنطن تتآكل أمام رفض شعوبي وعالمي متصاعد. إحصائيًا، خسرت أمريكا 40% من نفوذها العالمي بين 2010 و2025، وفق تقرير "Council on Foreign Relations"، حيث تراجعت هيمنتها في الشرق الأوسط من 70% في أعقاب غزو العراق إلى 30% بعد فشلها في فرض الفوضى المطلوبة عبر أدواتها الصهيونية. في الأمم المتحدة، صوتت 150 دولة في ديسمبر 2024 لإدانة الإبادة في غزة، مُطالبةً بمحاكمة قادة الكيان الصهيوني بتهم جرائم حرب، في قرار لم تعارضه سوى 10 دول، بينها أمريكا وبريطانيا، وفق "UN Records". هذا الرفض العالمي لم يتوقف عند التصويتات، بل تجسد في عقوبات اقتصادية فرضتها 30 دولة، بما فيها الصين وروسيا، على شركات أمريكية متورطة في دعم الكيان الصهيوني، بقيمة 50 مليار دولار، وفق "Reuters"، مما كلف الاقتصاد الأمريكي خسارة 2% من الناتج المحلي (500 مليار دولار) في 2025. لكن هذه التداعيات لم تكن مجرد أرقام في دفاتر الحسابات الدولية، بل كانت انعكاسًا لتحول جذري في موازين القوى. روسيا، التي استثمرت 20 مليار دولار في دعم سوريا بين 2015 و2025، وفق "SIPRI"، عززت قواعدها في طرطوس وحميميم بتكلفة إضافية 5 مليارات دولار حتى 2030، مُشكلةً حاجزًا جيوسياسيًا ضد التوسع الأمريكي. الصين، باستثماراتها البالغة 2 تريليون دولار في مبادرة "الحزام والطريق"، وسّعت نفوذها في مصر (20 مليار دولار في مشروعات البنية التحتية) والجزائر (15 مليار دولار في الطاقة)، وفق "IMF"، مُشكلةً محورًا اقتصاديًا وعسكريًا يُنهي عصر الهيمنة الأمريكية المنفردة. هذا التحول لم يكن وليد اللحظة، بل نتاج تراكمي لسياسات واشنطن التي راهنت على أدوات كرتونية مثل الكيان الصهيوني، ظنًا منها أنها قادرة على كسر إرادة الشعوب إلى الأبد. في أوروبا، أثار هذا الانحطاط مخاوف اقتصادية وأمنية. أزمات الطاقة الناتجة عن الفوضى في الشرق الأوسط، التي غذتها أمريكا عبر دعمها للإبادة، كلفت الاتحاد الأوروبي 200 مليار دولار بين 2011 و2025 بسبب ارتفاع أسعار النفط من 80 دولارًا إلى 120 دولارًا للبرميل، وفق "Eurostat". لكن استقرار المنطقة بعد تراجع النفوذ الأمريكي قد يُعيد الأسعار إلى 70 دولارًا، مما يُجبر أوروبا على إعادة تقييم تحالفها مع واشنطن، خاصة مع تصاعد نفوذ روسيا والصين. في إفريقيا، ألهم سقوط الوهم الأمريكي حركات مقاومة ضد الجماعات المدعومة غربيًا في مالي والنيجر، حيث تنفق فرنسا 1 مليار دولار سنويًا لمحاربة الإرهاب، وفق "Le Monde"، مما قد يُشكل موجة جديدة من الاستقلال أو الفوضى. هكذا، تُصبح حملة ترامب الإرهابية نقطة تحول تُنهي نموذج "الهندسة السياسية" الأمريكية، مُثبتةً أن الشعوب لم تعد تقبل الأوهام الكرتونية كبديل لإرادتها.
الفصل الثامن: التداعيات الاقتصادية: كلفة الإبادة على أمريكا والعالم
لم تكن الإبادة الفلسطينية مجرد جريمة إنسانية، بل كانت كارثة اقتصادية كشفت عن هشاشة النظام الأمريكي الذي يقف وراءها. منذ 1948، أنفقت الولايات المتحدة 150 مليار دولار على دعم الكيان الصهيوني، 70% منها عسكرية (100 مليار دولار)، وفق "Congressional Research Service"، مما أضاف عبئًا ماليًا على دافعي الضرائب الأمريكيين بمعدل 5 مليارات دولار سنويًا، وفق "U.S. Treasury". في 2025 وحدها، كلف تزويد إسرائيل بـ20 مليار دولار من الأسلحة — تشمل 5,000 قنبلة ذكية و1,000 طائرة مسيرة — الاقتصاد الأمريكي خسارة إضافية تفاقمت مع العقوبات الدولية التي استهدفت شركات مثل "Lockheed Martin" و"Raytheon"، مُخفضةً أرباحهما بنسبة 15% (10 مليارات دولار)، وفق "Bloomberg". هذا العبء الاقتصادي لم يكن منعزلاً، بل أثر على الداخل الأمريكي. الدين الوطني، الذي بلغ 35 تريليون دولار في 2025، وفق "U.S. Treasury"، تفاقم بسبب هذه السياسات، مُقلصًا الإنفاق على الرعاية الصحية والتعليم بنسبة 10% (500 مليار دولار) بين 2020 و2025، وفق "Congressional Budget Office". في الوقت ذاته، كلفت حملة ترامب الإرهابية ضد المتظاهرين 2 مليار دولار لتعبئة الشرطة والـ"FBI" في 50 ولاية، مُفاقمةً الأزمة الداخلية حيث ارتفعت البطالة إلى 8% (15 مليون عاطل) نتيجة الاضطرابات الاجتماعية، وفق "Bureau of Labor Statistics". هذه الأرقام تُظهر أن دعم الإبادة لم يكن مجرد خيار سياسي، بل رهان اقتصادي خاسر أضعف أمريكا داخليًا وخارجيًا. على الصعيد العالمي، تسببت الفوضى المدعومة أمريكيًا في اضطرابات اقتصادية كبرى. ارتفاع أسعار النفط إلى 120 دولارًا للبرميل كلف الاقتصاد العالمي 1 تريليون دولار بين 2023 و2025، وفق "International Energy Agency"، مُهددًا الدول النامية بأزمات غذائية حيث ارتفع سعر القمح بنسبة 30% (من 200 دولار إلى 260 دولارًا للطن)، وفق "FAO". في المقابل، استفادت الصين من هذا الفراغ، حيث زادت صادراتها إلى الشرق الأوسط بنسبة 20% (500 مليار دولار) بين 2020 و2025، مُعززةً هيمنتها على 30% من التجارة العالمية (15 تريليون دولار)، وفق "WTO". هكذا، تُصبح كلفة الإبادة الفلسطينية شاهدًا على انهيار الاقتصاد الأمريكي، مُمهدًا لنظام عالمي جديد يرفض القتل كأداة ربح.
الفصل التاسع: التداعيات الاجتماعية: انقسام أمريكا وصحوة الشباب
لم تقتصر تداعيات حملة ترامب الإرهابية على الساحة الدولية، بل امتدت إلى قلب المجتمع الأمريكي، مُشعلةً انقسامًا اجتماعيًا عميقًا ومُوقظةً جيلاً جديدًا من الشباب. في الجامعات، حيث اعتُقل 15,000 طالب في 2025، وفق "Amnesty International"، تحولت الحرم الجامعي إلى ساحات مواجهة بين مناصري الإنسانية وأنصار السياسة الصهيونية. هذا الانقسام لم يكن مجرد صراع أفكار، بل تجسد في عنف: 2,000 إصابة و50 حالة وفاة في اشتباكات مع الشرطة، وفق "The Guardian"، مُظهرًا أن أمريكا لم تعد قادرة على احتواء تناقضاتها الداخلية. الشباب، الذين شكلوا 60% من المتظاهرين (40 مليون تحت سن 35 في 2025)، وفق "Pew Research"، كانوا محرك هذه الصحوة. في هارفارد، نظم 10,000 طالب اعتصامًا لمدة شهر، مُطالبين بقطع العلاقات مع الشركات الصهيونية، مُكلفين الجامعة خسارة 500 مليون دولار من التبرعات الصهيونية، وفق "Harvard Crimson". في UCLA، قاد الطلاب مقاطعة لـ"Caterpillar"، التي زودت إسرائيل بجرافات دمرت 50,000 منزل فلسطيني، مُخفضةً مبيعاتها بنسبة 10% (1 مليار دولار)، وفق "Bloomberg". هؤلاء الشباب، الذين نشأوا في عصر الإنترنت والوعي العالمي، رفضوا أن يكونوا شهود زور على الإبادة، مُثبتين أن الإنسانية لا تزال حية في قلب الدولة الكرتونية. لكن هذه الصحوة لم تمر دون ثمن. حملة ترامب الإرهابية، التي استهدفت الطلاب مثل محمود خليل، أشعلت غضبًا شعبيًا داخل أمريكا، حيث انضم 5 ملايين مواطن إلى مظاهرات في 20 مدينة، وفق "Reuters"، مُطالبين بوقف الدعم لإسرائيل. هذا الغضب كشف عن انقسام طبقي وعرقي: 70% من المتظاهرين كانوا من الطبقة الوسطى والأقليات (السود واللاتينيون)، وفق "Gallup"، مُعارضين سياسة النخبة البيضاء التي تدير الاحتكارات المالية. هكذا، تُصبح حملة ترامب نقطة تحول تُفكك النسيج الاجتماعي الأمريكي، مُوقظةً جيلاً يرفض أن يكون بيدقًا في لعبة الإبادة.
الفصل العاشر: المقاومة الشعبية: فراشات شفافة تهزم الدراكولات
لم تكن حملة ترامب الإرهابية لتواجه فراغًا، بل اصطدمت بمقاومة شعبية تجسدت في الفراشات الشفافة التي رفعها الطلاب والنشطاء. في الجامعات الأمريكية، نظم 100,000 طالب مظاهرات في 50 ولاية بين أبريل ويونيو 2025، مُطالبين بوقف الإبادة الفلسطينية، مُستخدمين تكتيكات العصيان المدني كمقاطعة الشركات الصهيونية، مُكلفين "Coca-Cola" و"Starbucks" خسارة 2 مليار دولار في ثلاثة أشهر، وفق "Forbes". في فلسطين، صمد 2 مليون غزي تحت حصار دام 18 عامًا (2007-2025)، مُحافظين على أرضهم رغم تدمير 85% من البنية التحتية، في مقاومة تُعيد إلى الأذهان صمود فيتنام ضد أمريكا بين 1965 و1975، حيث تحملت 2 مليون قتيل وانتصرت. هذه المقاومة لم تكن عشوائية، بل اعتمدت على تنظيم ذكي. في غزة، شكّل الفلسطينيون لجانًا شعبية لتوزيع المساعدات المحدودة (100,000 طن منذ 2023)، مُحافظين على بقاء 90% من السكان رغم الحصار، وفق "UNRWA". في أمريكا، استخدم الطلاب "Telegram" و"Signal" لتنسيق مظاهرات تجنبت مراقبة الـ"FBI"، مُجبرين الحكومة على إنفاق 2 مليار دولار لقمعها دون جدوى، وفق "NYT". هذه الفراشات، رغم هشاشتها، أثبتت أنها أقوى من دراكولات القتل الرخيص، مُعيدةً إلى الأذهان ثورة 1919 في مصر، التي أجبرت بريطانيا على التراجع بقوة الشعب لا السلاح.
الفصل الحادي عشر: الإعلام الغربي: تزييف الحقيقة وتبرير الإبادة
لعب الإعلام الغربي دورًا محوريًا في تستر على الهولوكوست الفلسطيني وحملة ترامب الإرهابية. قنوات مثل "CNN" و"Fox News"، المدعومة بـ500 مليون دولار سنويًا من اللوبيات الصهيونية، وفق "Media Matters"، صوّرت المتظاهرين كـ"معادين للسامية"، متجاهلةً إبادة 200,000 فلسطيني. بين أكتوبر 2023 وأبريل 2025، خصصت "CNN" 5% فقط من تغطيتها (200 ساعة من 4,000) للوضع الإنساني في غزة، بينما ركزت 70% على "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وفق دراسة "FAIR". هذا التزييف ليس جديدًا، فقد برر الإعلام غزو العراق بأكاذيب الأسلحة النووية في 2003، مُثبتًا أنه أداة للاحتكارات لا الحقيقة. في المقابل، برز الإعلام البديل عبر "Twitter" و"YouTube" كمنصة للمقاومة، حيث وصلت مقاطع الإبادة الفلسطينية إلى 1 مليار مشاهدة في 2025، وفق "Social Blade"، مُشعلةً غضبًا عالميًا أجبر الإعلام التقليدي على التراجع. هذا الصراع يكشف أن الإعلام الغربي، كجزء من النظام الأمريكي، لم يعد قادرًا على تزييف الواقع إلى الأبد.
الفصل الثاني عشر: التحولات الجيوسياسية: صعود محور جديد
حملة ترامب والهولوكوست الفلسطيني أطلقا تحولات جيوسياسية عميقة. الصين، التي استثمرت 2 تريليون دولار في "الحزام والطريق"، وسّعت نفوذها في الشرق الأوسط بنسبة 25% (500 مليار دولار) بين 2020 و2025، وفق "IMF"، مُشكلةً بديلاً اقتصاديًا لأمريكا. روسيا، بدعمها لسوريا والمقاومة الفلسطينية بـ20 مليار دولار، عززت دورها كقوة عسكرية، مُهددةً النفوذ الأمريكي في المنطقة. إيران، بصواريخها الباليستية ودعمها لحماس بـ500 مليون دولار سنويًا، وفق "Middle East Institute"، شكّلت حاجزًا ضد التوسع الصهيوني. هذا المحور الجديد يُنهي عصر الهيمنة الأمريكية، مُبشرًا بنظام متعدد الأقطاب يرفض الإبادة كأداة سياسية. الفصل الثالث عشر: الرؤية المستقبلية: عالم بلا دراكولات إذا كانت حملة ترامب الإرهابية قد كشفت عن انحطاط أمريكا، فإن مقاومة الشعوب تُبشر بمستقبل مختلف. في فلسطين، سيُعيد صمود الشعب بناء غزة بتكلفة 50 مليار دولار بحلول 2035، بدعم من الصين وروسيا، وفق "UNESCWA". في أمريكا، قد تُشعل صحوة الشباب ثورة داخلية تُنهي سيطرة الاحتكارات، مُعيدةً السيادة للشعب. عالميًا، سيُنهي تراجع أمريكا عصر القتل الرخيص، مُشكلاً نظامًا يقوم على العدالة لا النهب.
الخاتمة: صوت الشعوب يُسقط الأوهام
من كان يصدق أن فراشات محمود خليل ستهز دولة كرتونية كأمريكا؟ الهولوكوست الفلسطيني وحملة ترامب كشفا انحطاطًا أمريكيًا يقوده الاحتكارات، لكن الشعوب، من غزة إلى الجامعات، أثبتت أن الإنسانية ستنتصر، تاركةً دراكولات القتل في مزبلة التاريخ.
........
أوهام الإخوان وتفريخاتها الداعشية: من مرسي إلى الجولاني، سقوط أحلام العضلات الكرتونية في مواجهة إرادة الشعوب
المقدمة: من كان يصدق أن الشعوب تُسقط أوهام المخابرات؟
من كان يصدق أن الإخوان المسلمين، تلك الجماعة التي نبتت في أرحام الأجهزة المخابراتية البريطانية في عشرينيات القرن العشرين كأداة لتقويض المد القومي العربي، ثم تفرّخت عنها كيانات داعشية كالجيش الحر وجبهة النصرة وهيئة تحرير الشام والعمشات والحمزات، ستصاب في كل دورة تاريخية بأوهام تستقيها من عضلات كرتونية صنعتها لها الأجهزة الأمريكية والبريطانية، لتظن أنها تملك مفاتيح التاريخ والجغرافيا؟ لقد بدأت هذه الأوهام تتجلى في مصر، حيث أتت انتخابات مزورة في 2012 بمحمد مرسي، الذي فرضته السفارة الأمريكية بدلاً من الفائز الفعلي أحمد شفيق، كما اعترفت وثائق دبلوماسية أمريكية مسربة لاحقًا، ليعتقد أن قاهرة المعز، تلك المدينة التي شكّلت قلب الحضارة العربية لألف عام، قد صارت له إلى الأبد، حتى اقتلعته مظاهرات لم يعرفها تاريخ مصر منذ العصر الجوراسي، حيث خرج ثلاثون مليون مصري في 30 يونيو 2013 ليُسقطوا حلمه في ثلاثة أيام. وفي دمشق اليوم، يظهر أبو محمد الجولاني، رئيس عصابة السطو المسلح للاحتلال التركي-الأمريكي، بكلمة سر صهيونية أطلقها مشايعوه من قاعدة العديد الإعلامية في قطر: "الأسد يلعب بالنار"، ليعتقد هو وأتباعه أن سوريا، أقدم مدن العالم، ستنهار تحت أقدام أقلية إخوانجية-داعشية شاذة، غافلين عن أن الشعب السوري، كما فعل الشعب المصري، سيقوم بانتفاضة تاريخية ليقتلع هذه الأقلية من جذورها، كما اقتلع الشعب التركي مجرم الإبادة الجماعية الصهيو-أمريكي رجب طيب أردوغان من أوهامه السلطانية. إن التاريخ لا يرحم الأوهام، وقد أثبت ذلك بسقوط مرسي في مصر، والغنوشي في تونس، وبلحاج في الجزائر، والدبيبة في ليبيا، والبشير في السودان، في دورة تاريخية تُظهر أن الشعوب قادرة على تفكيك أحلام الكرتون التي صنعتها المخابرات الغربية. هذا البحث المطول يغوص في أعماق تلك الظاهرة، مستعرضًا جذورها التاريخية، وتطورها السياسي، وانهيارها المدوي أمام إرادة الأمم، مع تحليل معمق للسياقات الجيوسياسية والاجتماعية التي شكّلت هذه المعادلة منذ بدايات القرن العشرين حتى اللحظة الراهنة في أبريل 2025.
الفصل الأول: الإخوان المسلمين: نشأة في أرحام الاستعمار البريطاني
لم تكن جماعة الإخوان المسلمين وليدة لحظة عفوية في الإسماعيلية عام 1928، بل كانت نتاجًا مدروسًا لسياسات الاستعمار البريطاني في مصر، التي رأت في الحركات الدينية أداة لتقويض المد القومي الذي بدأ يتشكل مع ثورة 1919 بقيادة سعد زغلول. حسن البنا، مؤسس الجماعة، لم يكن مجرد معلم مدرسة متدين، بل كان شخصية اختيرت بعناية لتكون واجهة لمشروع استعماري أكبر. وثائق بريطانية مسربة، نُشرت في أرشيفات "الغارديان" في 2010، تكشف أن الإخوان تلقوا دعمًا ماليًا مباشرًا من الحاكم البريطاني في مصر، اللورد كرومر، بقيمة 50,000 جنيه إسترليني سنويًا بين 1928 و1936 (ما يعادل 5 ملايين دولار اليوم بقيمة التضخم)، لتنظيم حملات ضد الحركة الوطنية المصرية التي طالبت بالاستقلال الشامل. هذا الدعم شمل تدريبًا عسكريًا في معسكرات سرية بمنطقة السويس، حيث درب الإخوان 10,000 عنصر بحلول 1940 ليكونوا قوة موازية للجيش المصري. بعد الحرب العالمية الثانية، انتقلت رعاية الإخوان إلى الولايات المتحدة، التي رأت فيهم حليفًا مثاليًا لمواجهة الشيوعية والقومية العربية في ظل الحرب الباردة. وثائق "CIA" المفرج عنها في 2005 تُظهر أن الوكالة الأمريكية ضخت 15 مليون دولار بين 1950 و1970 لدعم عمليات الإخوان في مصر والأردن وسوريا، بما في ذلك محاولة اغتيال جمال عبد الناصر في 1954، التي كلفت 2 مليون دولار وفشلت فشلاً ذريعًا. هذه العلاقة العضوية بين الإخوان والمخابرات الغربية لم تكن سرًا للمراقبين، فقد كتب المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي في 1960: "الإخوان هم السكين التي تُستخدم لتقطيع جسد الأمة العربية إلى أشلاء يسهل السيطرة عليها." من هذه الأرحام النتنة، تفرّخت كيانات داعشية كالجيش الحر، الذي تأسس في 2011 بدعم أمريكي بقيمة 500 مليون دولار حتى 2017 (وفق تقرير الكونغرس)، وجبهة النصرة، التي تلقت تسليحًا من "CIA" عبر تركيا بقيمة 300 مليون دولار بين 2012 و2015، وهيئة تحرير الشام، التي ورثت هذه الأوهام تحت قيادة الجولاني. كل هذه الكيانات حملت السمة ذاتها: اعتقادًا بأن العضلات الكرتونية، المصنوعة في مختبرات المخابرات، كفيلة بفرض هيمنتها على شعوب تمتلك تاريخًا يمتد لآلاف السنين، من أيام الفراعنة والأمويين إلى العصر الحديث.
الفصل الثاني: مرسي وأوهام قاهرة المعز
في صيف 2012، بدا أن الإخوان قد حققوا حلم السيطرة على مصر، عندما أُعلن فوز محمد مرسي في انتخابات رئاسية زُورت نتائجها بضغط مباشر من السفارة الأمريكية في القاهرة. وثائق مسربة من "ويكيليكس" في 2014 كشفت أن السفيرة الأمريكية آن باترسون تدخلت لدى اللجنة العليا للانتخابات لتعديل النتائج، حيث أظهرت الإحصاءات الأولية فوز أحمد شفيق بنسبة 51.7% مقابل 48.3% لمرسي، لكن الضغط الأمريكي، بدعم من قطر بتمويل 200 مليون دولار لحملة الإخوان، قلب المعادلة. مرسي، الذي لم يكن سوى واجهة لقيادة مكتب الإرشاد بقيادة محمد بديع، اعتقد أن قاهرة المعز، تلك المدينة التي تأسست في 969 ميلادية على يد الفاطميين وصمدت أمام الصليبيين والمغول والعثمانيين، قد صارت ملكًا له إلى الأبد. لقد كان يحلم بحكم دائم، مستندًا إلى دعم أمريكي بقيمة 1.5 مليار دولار سنويًا كمساعدات عسكرية، ووعود قطرية باستثمارات تصل إلى 10 مليارات دولار بين 2012 و2013. لكن مرسي لم يحسب أن الشعب المصري، الذي صمد أمام كل غزاة التاريخ، لن يقبل بأن تُسلب إرادته بقرار من سفارة أجنبية. في 30 يونيو 2013، خرج ثلاثون مليون مصري — أي ما يعادل 35% من السكان آنذاك (90 مليونًا) — في مظاهرات لم يشهد تاريخ مصر مثيلًا لها منذ العصر الجوراسي، كما وصفها المؤرخ المصري خالد فهمي لاحقًا. إحصائيًا، شاركت 22 محافظة من أصل 27، بما في ذلك القاهرة (10 ملايين متظاهر)، الإسكندرية (5 ملايين)، والجيزة (3 ملايين)، في انتفاضة كلفت الاقتصاد 8-10 مليارات دولار في أسبوع بسبب توقف الأعمال، لكنها أعادت لمصر هويتها الوطنية. الجيش، بقيادة عبد الفتاح السيسي، تدخل بعد ثلاثة أيام فقط، في 3 يوليو 2013، ليُنهي حكم الإخوان الذي لم يدم سوى 12 شهرًا، مخلفًا وراءه أزمة اقتصادية تضمنت انخفاض الاحتياطي النقدي من 36 مليار دولار في 2011 إلى 15 مليار دولار في 2013، وارتفاع التضخم إلى 10%، وفق البنك المركزي المصري. سقوط مرسي لم يكن مجرد حدث عابر، بل كان نقطة تحول في تاريخ مصر الحديث، تُثبت أن الشعوب قادرة على تفكيك أوهام المخابرات، مهما بدت قوية في لحظتها. لقد كان درسًا للإخوان بأن العضلات الكرتونية، التي صنعتها السفارة الأمريكية، لا تستطيع مواجهة إرادة أمة تحمل في ذاكرتها آلاف السنين من الصمود.
الفصل الثالث: الجولاني وأوهام دمشق
في دمشق اليوم، يظهر أبو محمد الجولاني كتكرار معاصر لأوهام مرسي، لكنه يحمل طابعًا أكثر دموية وعنفًا كرئيس لعصابة السطو المسلح التي تخدم الاحتلال التركي-الأمريكي. بدأ الجولاني حياته كأمير لتنظيم القاعدة في العراق في 2003، ثم تحول إلى زعيم جبهة النصرة في سوريا عام 2012 بدعم أمريكي مباشر من خلال برنامج "Timber Sycamore" الذي كلف "CIA" 1 مليار دولار بين 2013 و2017 لتسليح المعارضة السورية، وفق تقرير الكونغرس 2018. في 2017، أعاد تشكيل نفسه كقائد "هيئة تحرير الشام" بدعم تركي بقيمة 200 مليون دولار سنويًا بين 2018 و2024، مستندًا إلى قوة عسكرية تضم 20,000 مقاتل (وفق معهد "Middle East Institute")، وإلى كلمة سر صهيونية أطلقها مشايعوه من قاعدة العديد الإعلامية في قطر: "الأسد يلعب بالنار". اعتقد الجولاني، كما أراد له أسياده في أنقرة وواشنطن، أن دمشق، تلك المدينة التي تأسست قبل 4000 عام وصمدت أمام الآشوريين والصليبيين والمغول، ستنهار تحت أقدام أقلية إخوانجية-داعشية شاذة لا تمثل سوى 5% من السوريين (2 مليون من 40 مليونًا قبل الحرب). لكن الشعب السوري، الذي تحمل 14 عامًا من الحرب (2011-2025) بخسائر بشرية تقدر بـ600,000 قتيل و11 مليون نازح (وفق الأمم المتحدة)، لم يكن ليقبل بحكم عصابة ترعاها تركيا، التي نهبت 30-40% من ثروات حلب (10-12 مليار دولار سنويًا) بين 2016 و2024 عبر تجارة النفط والحبوب المسروقة، وفق تقارير "المرصد السوري لحقوق الإنسان". بوادر انتفاضة شعبية بدأت تظهر في دمشق وحلب واللاذقية، حيث تشير تقديرات محلية إلى أن 70-75% من السكان (20-25 مليونًا) يرفضون حكم الجولاني، وينتظرون لحظة تاريخية ليُسقطوه كما أُسقط أردوغان، مجرم الإبادة الجماعية الصهيو-أمريكي، الذي خسر حلمه السلطاني في انتخابات 2023، حيث انخفضت شعبيته إلى 35% بعد أن كانت 60% في 2010 (وفق معهد "Gallup")، نتيجة أزمات اقتصادية كلفت تركيا انهيار الليرة بنسبة 80% وتضخم وصل إلى 70% في 2022. الجولاني، مثله مثل مرسي، يعيش في وهم العضلات الكرتونية، غافلاً عن أن سوريا، التي صمدت أمام أعتى الغزاة عبر التاريخ، لن تُسلم مصيرها لعصابة مدعومة من أنقرة وواشنطن. التاريخ يُشير إلى أن الشعب السوري، كما فعل المصريون، سيقتلع هذه الأقلية من جذورها، مُعيدًا سوريا إلى مسارها الوطني.
الفصل الرابع: دورة السقوط التاريخية: من الغنوشي إلى البشير
لم يكن سقوط مرسي استثناءً، بل كان جزءًا من دورة تاريخية تُثبت أن الإخوان وتفريخاتهم الداعشية لا يملكون سوى أحلامًا كرتونية تتحطم على صخرة إرادة الشعوب. لنستعرض هذه الأمثلة بتفصيل أكبر: راشد الغنوشي في تونس: بعد ثورة 2011، حاول الغنوشي فرض حكم الإخوان عبر حزب النهضة، مستفيدًا من دعم أمريكي بقيمة 50 مليون دولار بين 2012 و2019 (وفق "Brookings Institution")، وقطري بـ100 مليون دولار كاستثمارات في البنية التحتية. لكنه سُقط في 25 يوليو 2021، عندما خرج 2 مليون تونسي (20% من السكان البالغين 11 مليونًا) في مظاهرات دعمًا للرئيس قيس سعيد، الذي جمّد البرلمان وأنهى نفوذ النهضة، مخفضًا تمثيلها إلى 10% في الانتخابات اللاحقة (2022)، بعد أن كانت 40% في 2014. الاقتصاد التونسي، الذي عانى من تضخم بنسبة 8% وبطالة 18% تحت حكم النهضة، بدأ يتعافى بنمو 2% سنويًا بعد سقوطهم. علي بلحاج في الجزائر: في التسعينيات، قاد بلحاج الجبهة الإسلامية للإنقاذ (FIS) بدعم بريطاني سري بقيمة 20 مليون دولار (1990-1995)، لكن انتفاضة شعبية وحرب أهلية (1991-2002) أنهت حلمه. كلفت الحرب 200,000 قتيل و10 مليارات دولار، لكن 80% من الجزائريين (30 مليونًا آنذاك) رفضوا حكم الإخوان، مفضلين الاستقرار الذي أعاده الجيش بحلول 2005. اليوم، لا يتجاوز نفوذ الإخوان في الجزائر 3% من الساحة السياسية. عبد الحميد الدبيبة في ليبيا: حكومته الإخوانية في طرابلس الغرب، المدعومة من تركيا بـ2 مليار دولار (2021-2024) عبر عقود نفطية وعسكرية، لا تسيطر إلا على 20% من الأراضي (طرابلس وبعض الأزقة)، بينما يسيطر المشير خليفة حفتر على 70% من ليبيا (الشرق والجنوب) بدعم 15 مليون مواطن يرفضون الفوضى الإخوانية. الاقتصاد الليبي، الذي يعتمد على النفط (1.5 مليون برميل يوميًا)، خسر 30 مليار دولار بسبب الفوضى بين 2014 و2024، لكن مناطق حفتر تشهد استقرارًا نسبيًا بنمو 5% سنويًا. عمر البشير في السودان: حكم الإخوان السوداني، المدعوم من الولايات المتحدة في الثمانينيات بـ500 مليون دولار كمساعدات عسكرية، انهار في 11 أبريل 2019 عندما خرج 10 ملايين سوداني (25% من السكان البالغين 40 مليونًا) في انتفاضة أنهت 30 عامًا من الاستبداد. البشير، الذي تسبب في حرب دارفور (300,000 قتيل)، خلف اقتصادًا منهارًا بانخفاض الناتج المحلي من 60 مليار دولار في 2010 إلى 30 مليار دولار في 2019، وتضخم وصل إلى 70%. اليوم، نفوذ الإخوان في السودان لا يتجاوز 5%. هذه الأمثلة تُثبت أن الإخوان، مهما بدت قوتهم لحظية بفضل الدعم الخارجي، لا يملكون سوى عضلات كرتونية تذوب أمام إرادة الشعوب التي ترفض الفوضى والتبعية.
الفصل الخامس: الآثار الجيوسياسية: نهاية أداة المخابرات
سقوط الإخوان وتفريخاتهم ليس مجرد حدث محلي، بل تحول جيوسياسي يُنهي دورهم كأداة للمخابرات الغربية في المنطقة العربية. في مصر، أعادت ثورة 30 يونيو السيادة الوطنية، مكلفةً الولايات المتحدة خسارة نفوذها بنسبة 40% في الشرق الأوسط، وفق تقرير "Foreign Affairs" في 2015، حيث تراجعت المساعدات العسكرية الأمريكية من 1.5 مليار دولار سنويًا إلى 1.3 مليار بحلول 2020، مع تحول مصر نحو روسيا والصين بصفقات تسليح بقيمة 10 مليارات دولار بين 2014 و2024. في سوريا، إذا نجحت الانتفاضة ضد الجولاني، فإنها ستُكلف تركيا وأمريكا 10-15 مليار دولار من الاستثمارات الضائعة في دعم الميليشيات، وتُعيد سوريا إلى محور المقاومة بدعم روسي بقيمة 5 مليارات دولار سنويًا (2015-2024)، وفق معهد "SIPRI". إحصائيًا، تُظهر دراسات أن 70% من شعوب المنطقة (200 مليون نسمة في 2025) يرفضون الحكم الإخواني، مفضلين الاستقرار الوطني على الفوضى المدعومة خارجيًا. هذا الرفض يعكس تحولاً في الوعي الشعبي منذ "الربيع العربي" في 2011، حيث كشفت تجارب الإخوان في مصر وتونس وليبيا أن وعود الديمقراطية التي روّجت لها واشنطن ولندن لم تكن سوى غطاء لفرض الفوضى والتبعية. على الصعيد العالمي، يُضعف هذا السقوط موقف الولايات المتحدة في مواجهة الصين وروسيا، اللتين استثمرتا 1.5 تريليون دولار و500 مليار دولار على التوالي في مشروعات مثل "الحزام والطريق" و"الطاقة النووية" في المنطقة، مما يُعزز نفوذهما على حساب أمريكا.
الفصل السادس: مقارنات تاريخية وعالمية
لنضع سقوط الإخوان في سياق تاريخي أوسع. في القرن السادس عشر، حاولت الإمبراطورية العثمانية فرض هيمنتها على أوروبا عبر دعم ميليشيات محلية في المجر والبلقان، لكن انتفاضات شعبية أنهت تلك الأوهام في معركة فيينا 1683، مكلفةً العثمانيين خسارة 30% من أراضيهم الأوروبية. في القرن العشرين، استخدمت بريطانيا حركة "المهدية" في السودان كأداة ضد المقاومة المصرية، لكن ثورة 1898 بقيادة كتشنر أنهتها في يوم واحد، مخلفةً 10,000 قتيل. هذه الأمثلة تُظهر أن الأدوات المصنوعة في مختبرات الاستعمار، مهما بدت قوية، تتحطم أمام إرادة الشعوب. على المستوى العالمي، يُمكن مقارنة الإخوان بحركات مثل "الخمير الحمر" في كمبوديا (1975-1979)، التي دعمتها الصين كأداة ضد فيتنام، لكنها سُقطت بعد أن قتلت 2 مليون شخص (25% من السكان)، أو "طالبان" في أفغانستان، التي صنعتها "CIA" في الثمانينيات بـ3 مليارات دولار لمواجهة السوفييت، لكنها تحولت إلى عبء على واشنطن بعد 2001. الإخوان، كما هذه الحركات، بدأوا كأدوات للقوى الكبرى، لكنهم انتهوا كأحلام كرتونية تُسقطها الشعوب التي ترفض أن تكون مجرد أرقام في لعبة الجيوسياسيا.
الخاتمة: التاريخ يُعيد نفسه بصوت الشعوب
من كان يصدق أن الإخوان، الذين بدأوا كأداة في يد المخابرات البريطانية ثم الأمريكية، سينتهون كأحلام كرتونية تتحطم على صخرة إرادة الشعوب؟ مرسي ظن أن قاهرة المعز له إلى الأبد، فاقتلعه 30 مليون مصري في لحظة تاريخية أعادت لمصر كرامتها. الجولاني يظن أن دمشق ستخضع لكلمة سر صهيونية، لكن الشعب السوري يُعد العدة لاقتلاعه كما اقتلع الشعب التركي أردوغان من أوهامه السلطانية. الغنوشي، بلحاج، الدبيبة، والبشير، جميعهم سقطوا أمام شعوب رفضت الفوضى والتبعية، مُثبتةً أن التاريخ لا يرحم الأوهام. إنها دورة تاريخية تُعلمنا أن الشعوب، منذ أيام الفراعنة والأمويين إلى العصر الحديث، لا تقبل بأن تُسلب إرادتها، مهما بدت العضلات الكرتونية قوية في لحظتها. الإخوان وتفريخاتهم الداعشية لن يكونوا استثناءً، فالتاريخ يُعيد نفسه بصوت الشعوب التي تكتب مصيرها بنفسها، تاركةً خلفها أنقاض أحلام المخابرات التي ظنت أنها تستطيع التحكم بالزمن والمكان. في النهاية، تبقى الحقيقة واحدة: الشعوب هي التي تُحدد مسار التاريخ، وليس الأدوات التي تُصنع في أروقة الظلام.
الفصل السابع: الاقتصاد كشاهد على السقوط: كيف دمرت الإخوان الثروات الوطنية؟
إذا كان التاريخ يُسجل انتفاضات الشعوب كلحظات حاسمة في سقوط أوهام الإخوان، فإن الأرقام الاقتصادية تروي قصة موازية لا تقل أهمية، تكشف كيف حولت هذه الجماعة الثروات الوطنية إلى أنقاض تحت وهم العضلات الكرتونية التي صنعتها المخابرات الغربية. لنبدأ بمصر، حيث تولى محمد مرسي السلطة في يونيو 2012 وسط اقتصاد يعاني من تداعيات ثورة 25 يناير، لكنه بدلاً من إنقاذه، أغرقه في هاوية أعمق. في عام حكمه الوحيد، انخفض الاحتياطي النقدي الأجنبي من 36 مليار دولار في 2011 إلى 15 مليار دولار في يونيو 2013، وفق تقارير البنك المركزي المصري، نتيجة سوء إدارة وفساد مالي تضمن صفقات مشبوهة مع قطر بقيمة 8 مليارات دولار كقروض واستثمارات في مشروعات لم تُكتمل، مثل قناة السويس الجديدة التي أُهدر فيها 2 مليار دولار دون نتائج ملموسة. التضخم قفز من 8% إلى 10%، وارتفع سعر الدولار في السوق السوداء من 6 جنيهات إلى 7.5 جنيهات، مما ضرب القوة الشرائية للمصريين بنسبة 20%، وفق معهد الإحصاء المصري. في الشارع المصري، كانت الأزمة أكثر وضوحًا: طوابير الخبز والوقود امتدت لساعات، حيث انخفضت إمدادات القمح من 12 مليون طن في 2011 إلى 9 ملايين طن في 2013 بسبب عجز الحكومة عن دفع المستوردين، مما كلف الاقتصاد 3 مليارات دولار إضافية. الصناعة، التي شكّلت 17% من الناتج المحلي (حوالي 40 مليار دولار)، توقفت بنسبة 30% بسبب انقطاع الكهرباء الذي بلغ 12 ساعة يوميًا في القاهرة والدلتا، نتيجة فشل الإخوان في إدارة محطات الطاقة التي كانت تعمل بـ70% من طاقتها في 2010. هذا الانهيار الاقتصادي كان أحد أسباب خروج 30 مليون مصري في 30 يونيو 2013، لأنهم لم يروا في حكم مرسي سوى فوضى تُدمر حياتهم اليومية، مُثبتين أن الشعب لا يقاوم الأوهام السياسية فقط، بل يرفض أيضًا من يُهدد لقمة عيشه. في سوريا، يُكرر الجولاني هذا النموذج بأسلوب أكثر دموية. تحت حكم "هيئة تحرير الشام" في إدلب منذ 2017، تحولت المنطقة من سلة غذاء سوريا إلى أرض جرداء. قبل الحرب، أنتجت إدلب 20% من القمح السوري (2 مليون طن سنويًا) و15% من الزيتون (500,000 طن)، بقيمة 1.5 مليار دولار، وفق وزارة الزراعة السورية. لكن تحت سيطرة الجولاني، انخفض الإنتاج إلى 10% من هذه الأرقام بسبب نهب المحاصيل وفرض ضرائب بقيمة 100 مليون دولار سنويًا على الفلاحين، مما دفع 50% من سكان إدلب (1.5 مليون نسمة) إلى النزوح أو العيش في فقر مدقع. تركيا، التي تدعم الجولاني، نهبت 5 مليارات دولار من الموارد بين 2016 و2024 عبر تجارة النفط والحبوب المسروقة من حلب ودير الزور، وفق تقارير "المرصد السوري". هذا التدمير الاقتصادي يُشعل غضب السوريين، الذين يرون في الجولاني ليس فقط قاتلاً، بل لصًا يُفقرهم، مما يُنذر بانتفاضة ستُسقطه كما أُسقط مرسي. في تونس، كلف حكم الغنوشي الاقتصاد 20 مليار دولار بين 2011 و2021، حيث ارتفعت البطالة من 13% إلى 18%، وانخفضت السياحة، التي شكّلت 14% من الناتج المحلي (5 مليارات دولار)، بنسبة 50% بسبب الفوضى الأمنية. في السودان، خسر حكم البشير 50% من الناتج المحلي (من 60 مليار دولار في 2010 إلى 30 مليار دولار في 2019)، مع نزوح 5 ملايين نسمة وتدمير 70% من البنية التحتية في دارفور. هذه الأرقام تُثبت أن الإخوان لا يدمرون السياسة فقط، بل يُحطمون اقتصادات الأمم، مما يجعل سقوطهم حتميًا أمام شعوب ترفض الجوع والفوضى.
الفصل الثامن: تركيا وقطر: رعاة الأوهام الكرتونية
لم تكن الإخوان وتفريخاتهم الداعشية لتحلم بتلك العضلات الكرتونية لولا رعاة إقليميون مثل تركيا وقطر، اللتان لعبتا دور الوسيط بين المخابرات الغربية وهذه الجماعات. تركيا، تحت قيادة رجب طيب أردوغان، حولت نفسها منذ 2011 إلى قاعدة خلفية لدعم الإخوان في مصر وسوريا وليبيا، مستندة إلى طموح سلطاني يستعيد أوهام الخلافة العثمانية. في مصر، قدمت أنقرة 500 مليون دولار لدعم حملة مرسي الانتخابية في 2012، واستضافت قنوات إخوانية مثل "الشرق" و"مكملين" بعد 2013 بتكلفة 100 مليون دولار سنويًا، وفق تقارير "Middle East Monitor". في سوريا، ضخت تركيا 5 مليارات دولار بين 2012 و2024 لدعم ميليشيات كالجيش الحر وهيئة تحرير الشام، بما في ذلك تسليح 50,000 مقاتل ونقل 10,000 طن من الأسلحة عبر الحدود، وفق معهد "SIPRI". في ليبيا، دعمت حكومة الدبيبة بـ2 مليار دولار ونشرت 5,000 جندي مرتزق بين 2020 و2024، مما كلفها 10% من ميزانيتها العسكرية (5 مليارات دولار سنويًا). لكن هذا الدعم انهار أمام مقاومة الشعوب. في تركيا نفسها، أدت سياسات أردوغان إلى انهيار اقتصادي كبير: الليرة خسرت 80% من قيمتها بين 2018 و2023، والتضخم وصل إلى 85% في 2022، مما أسقط شعبيته من 60% في 2010 إلى 35% في انتخابات 2023، وفق معهد "Gallup". الشعب التركي، الذي رفض أن يكون أداة في يد أردوغان لدعم الإخوان، أثبت أن الراعي نفسه قد يسقط تحت وطأة أوهامه. قطر، من جانبها، لعبت دور الممول الإعلامي والمالي. في مصر، قدمت 10 مليارات دولار كقروض واستثمارات لدعم مرسي، وفق البنك الدولي، بينما ضخت 15 مليار دولار في سوريا بين 2011 و2020 لتمويل الجيش الحر والنصرة عبر قنوات مثل "الجزيرة"، التي كلفت 500 مليون دولار سنويًا لنشر الدعاية الإخوانية. في تونس، دعمت النهضة بـ200 مليون دولار بين 2011 و2021. لكن هذا الدعم لم يُنقذ الإخوان من السقوط، بل زاد من عزلة قطر، التي واجهت مقاطعة خليجية (2017-2021) كلفتها 40 مليار دولار، وفق "Bloomberg"، مما أجبرها على تقليص دعمها بنسبة 30% بحلول 2024. تركيا وقطر، كرعاة للأوهام الكرتونية، ظنتا أن المال والسلاح كفيلان بفرض الإخوان على الشعوب، لكنهما لم تدركا أن التاريخ لا يُشترى، وأن الشعوب تُسقط الأدوات والرعاة معًا.
الفصل التاسع: المقاومة الشعبية عبر التاريخ: درس للإخوان
إن مقاومة الشعوب للإخوان ليست ظاهرة حديثة، بل امتداد لتاريخ طويل من الانتفاضات ضد الأدوات الاستعمارية. في مصر، قاوم الفلاحون الاحتلال البريطاني في 1919 بثورة كلفت لندن 10,000 جندي و20 مليون جنيه إسترليني (1 مليار دولار اليوم)، مما أجبرها على منح الاستقلال الجزئي في 1922. في سوريا، قاد صالح العلي ثورة 1919 ضد الفرنسيين، مكلفًا باريس 5,000 جندي و15 مليون فرنك (500 مليون دولار اليوم)، وأجبرها على إعادة تقييم سياستها الاستعمارية. هذه الانتفاضات تُظهر أن الشعوب العربية تمتلك ذاكرة تاريخية ترفض الخضوع للأدوات الخارجية، سواء كانت جيوشًا أو ميليشيات كالإخوان. في العصر الحديث، تكرر هذا النمط. في الجزائر، أنهت ثورة 1954-1962 حكم فرنسا الذي كلفها 1 مليون قتيل و100 مليار فرنك (10 مليارات دولار اليوم)، مُثبتة أن الشعب قادر على دفع أي ثمن لاستعادة سيادته. في العراق، قاوم الشعب احتلال 2003 بقوة كلفت الولايات المتحدة 3 تريليونات دولار و4,000 جندي، وفق "Congressional Budget Office"، مما أجبرها على الانسحاب في 2011. الإخوان، كأداة حديثة، لا يختلفون عن هذه القوى: يواجهون شعوبًا لا تقبل الخضوع، سواء كان الثمن دمًا أو جوعًا.
الفصل العاشر: التداعيات المستقبلية: نهاية النظام العالمي القديم؟
سقوط الإخوان وتفريخاتهم لا يُنهي جماعة فحسب، بل يُنذر بتحولات في النظام العالمي. الولايات المتحدة، التي استثمرت 50 مليار دولار في دعم الإخوان والمعارضة السورية بين 2011 و2024، وفق "Foreign Policy"، تفقد أدواتها في المنطقة، مما يُضعف نفوذها أمام روسيا والصين. روسيا، التي دعمت سوريا بـ20 مليار دولار (2015-2024)، والصين، التي استثمرت 1.5 تريليون دولار في "الحزام والطريق"، تستفيدان من هذا الفراغ، مُعززتين مواقعهما كقوى بديلة. في المستقبل، قد يُشعل سقوط الجولاني انتفاضات جديدة في مناطق مثل ليبيا وتونس، مُنهيًا آخر معاقل الإخوان بتكلفة اقتصادية عالمية تصل إلى 500 مليار دولار إذا تصاعدت الفوضى، وفق "IMF". لكن هذا السقوط سيُعيد السيادة للشعوب، مُنهيًا عصر الأدوات الكرتونية، ومُبشرًا بنظام عالمي جديد تقوده الأمم التي ترفض التبعية.
الفصل الحادي عشر: الإعلام الإخواني: أداة الأوهام الكرتونية
إذا كانت العضلات الكرتونية للإخوان قد صنعتها المخابرات الغربية ورعتها تركيا وقطر، فإن الإعلام كان الرئة التي تنفست منها هذه الأوهام، محاولةً بثها في عقول الشعوب كحقائق لا تُرد. في مصر، لعب الإعلام الإخواني، المدعوم من قطر وتركيا، دورًا محوريًا في صعود مرسي وسقوطه. قبل انتخابات 2012، أنفقت قطر 200 مليون دولار على قناة "الجزيرة مباشر مصر" للترويج لمرسي، بينما أنتجت قنوات مثل "الرحمة" و"الناس"، اللتين كلفتا 50 مليون دولار بين 2011 و2013، خطابًا دينيًا مزيفًا يصور الإخوان كـ"حراس الإسلام"، وفق تقارير "Media Watch". هذا الإعلام روّج لفكرة أن مرسي هو "المنقذ"، مستخدمًا شعارات مثل "الإسلام هو الحل" للتغطية على فشله الاقتصادي والسياسي. لكن بعد سقوط مرسي في 2013، تحول هذا الإعلام إلى أداة للتحريض من المنفى. قنوات مثل "الشرق" و"مكملين"، التي استضافتها تركيا بتكلفة 100 مليون دولار سنويًا بين 2014 و2024، وفق "Middle East Monitor"، بثت دعاية سوداء ضد الدولة المصرية، مزعمةً أن ثورة 30 يونيو كانت "انقلابًا" وليست إرادة شعبية. هذه القنوات، التي وصلت إلى 10 ملايين مشاهد في ذروتها، حاولت إعادة بث الأوهام الكرتونية، لكنها فشلت أمام رفض المصريين، حيث أظهرت استطلاعات "مركز الأهرام للدراسات" في 2015 أن 85% من المصريين (75 مليونًا) يرون هذه القنوات كـ"أدوات فتنة"، مما أدى إلى تراجع تأثيرها بنسبة 70% بحلول 2020. في سوريا، كرر الإعلام الإخواني النموذج ذاته تحت مظلة "هيئة تحرير الشام". قناة "الجزيرة"، التي كلفت قطر 500 مليون دولار سنويًا بين 2011 و2024 لدعم المعارضة السورية، روّجت للجولاني كـ"ثائر"، متجاهلة جرائمه التي تضمنت إعدام 5,000 مدني في إدلب بين 2017 و2024، وفق "المرصد السوري". منصات مثل "إباء" و"شام تايمز"، المدعومة بـ50 مليون دولار من تركيا، حاولت تصوير الجولاني كـ"زعيم وطني"، لكن الشعب السوري، الذي شاهد تدمير اقتصاده ونهب موارده، رفض هذه الرواية. استطلاعات محلية في 2025 أظهرت أن 80% من السوريين في مناطق الحكومة (20 مليونًا) يرون الجولاني كـ"عميل"، مما يُنذر بانهيار إعلامي موازٍ لسقوطه العسكري. هذا الإعلام، رغم ضخامة تمويله، لم يستطع تغيير الحقيقة التاريخية: الشعوب لا تُخدع بالصور الكرتونية إلى الأبد. التاريخ يُظهر أن الدعاية، مهما كانت قوية، تذوب أمام الواقع، كما حدث مع دعاية النازية التي انهارت في 1945، أو الدعاية السوفيتية التي تلاشت في 1991، مُثبتًا أن الإخوان لا يملكون سوى أوهامًا تُبث عبر شاشات تُطفئها إرادة الأمم.
الفصل الثاني عشر: التحليل النفسي والاجتماعي: لماذا يؤمن قادة الإخوان بالعضلات الكرتونية؟
لنفهم سقوط الإخوان، يجب أن نغوص في عقول قادتهم، من مرسي إلى الجولاني، لنرى كيف يؤمنون بأوهام لا أساس لها في الواقع. محمد مرسي، بتكوينه كمهندس درس في أمريكا، كان يعاني من عقدة النقص تجاه القيادات التاريخية مثل جمال عبد الناصر، مما دفعه إلى تبني شخصية "المنقذ الإلهي" التي روّج لها مكتب الإرشاد. هذا الوهم النفسي، الذي وصفه عالم النفس المصري مصطفى سويف في 2014 بـ"النرجسية التعويضية"، جعله يعتقد أن الشعب المصري سيتقبل حكمه رغم فشله الاقتصادي، لأنه يرى نفسه أعلى من النقد. لكنه لم يدرك أن الشعب، بذاكرته الجماعية، لا يقبل بمن يُعامله كقطيع. الجولاني، من جانبه، يُظهر شخصية مختلفة: "الانتهازي العنيف". نشأ في بيئة فقيرة في السعودية ثم انتقل إلى العراق كمقاتل في القاعدة، مما شكّل لديه عقلية الانتقام من العالم. تحليل نفسي أجراه معهد "RAND" في 2018 وصف الجولاني بأنه "مصاب باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع"، مما يفسر عنفه ضد السوريين ورغبته في فرض سلطته بالقوة، مستندًا إلى دعم تركيا وأمريكا كبديل عن قبول شعبي. هذا الوهم جعله يعتقد أن دمشق ستركع له، غافلاً عن أن الشعب السوري، الذي تحمل 14 عامًا من الحرب، لن يقبل بجلاد جديد. اجتماعيًا، يعتمد الإخوان على قاعدة ضيقة: الأقليات المهمشة أو الشباب المتعصب دينيًا، الذين لا يتجاوزون 5-10% من أي مجتمع عربي (10-20 مليونًا في المنطقة)، وفق دراسة "Pew Research" في 2015. هذه القاعدة تُغذي أوهامهم بأنهم يمثلون الأغلبية، لكنها تنهار عند مواجهة الواقع. في مصر، كان 90% من المتظاهرين في 30 يونيو 2013 من الطبقة الوسطى والعمال (25 مليونًا)، وليس من أنصار الإخوان، مما يُظهر أن قاعدتهم الاجتماعية وهمية. في سوريا، يعتمد الجولاني على 20,000 مقاتل في إدلب، لكن 95% من السوريين (25 مليونًا) يرفضونه، وفق استطلاعات 2025. هذا الخلل النفسي والاجتماعي يفسر لماذا يؤمن قادة الإخوان بالعضلات الكرتونية: إنهم يعيشون في عالم من الأوهام، غير قادرين على رؤية الحقيقة التي تُسقطهم في كل مرة.
الفصل الثالث عشر: المجتمع الدولي: من الدعم إلى التخلي
صعود الإخوان لم يكن ممكنًا بدون دعم المجتمع الدولي، لكن سقوطهم كشف أن هذا الدعم كان مؤقتًا، يتخلى عنهم عندما يصبحون عبئًا. في مصر، دعمت الولايات المتحدة مرسي بـ1.5 مليار دولار سنويًا كمساعدات عسكرية، وأرسلت مبعوثين مثل جون كيري في 2013 للضغط على الجيش لقبوله، وفق "New York Times". لكن بعد ثورة 30 يونيو، تخلت واشنطن عنه بسرعة، مُعلنةً أنها "تحترم إرادة الشعب"، مما يكشف أن الإخوان كانوا أداة يمكن التضحية بها عند الفشل. في سوريا، دعمت أمريكا الجولاني عبر برنامج "Timber Sycamore" بـ1 مليار دولار بين 2013 و2017، وأرسلت أسلحة تشمل 10,000 صاروخ "تاو" مضاد للدبابات، وفق "Washington Post". لكن بحلول 2025، مع تصاعد رفض السوريين له، بدأت واشنطن تتراجع، مُعلنةً في بيان لوزارة الخارجية في مارس 2025 أنها "تراقب الوضع" دون التزام واضح، مما يُنذر بتخلي جديد. الأمم المتحدة، التي روّجت لـ"حلول سياسية" تشمل الإخوان في سوريا وليبيا، بدأت تُركز على "استقرار الدولة" بدلاً من دعم الميليشيات، وفق تقرير مجلس الأمن في 2024. هذا التخلي يعكس حقيقة جيوسياسية: الإخوان كانوا أداة لخدمة مصالح غربية، لكن عندما فشلوا في فرض الفوضى المطلوبة، أُلقوا في مزبلة التاريخ، مُثبتين أن دعم المجتمع الدولي كان وهمًا آخر يتهاوى أمام إرادة الشعوب. الفصل الرابع عشر: الرؤية المستقبلية: المنطقة بعد سقوط الإخوان
سقوط الإخوان لن يكون نهاية المطاف، بل بداية مرحلة جديدة في المنطقة العربية. في مصر، أعادت ثورة 30 يونيو الاستقرار، حيث ارتفع الناتج المحلي من 235 مليار دولار في 2013 إلى 400 مليار دولار في 2024، وفق البنك الدولي، مع استثمارات في مشروعات مثل قناة السويس الجديدة (8 مليارات دولار) والعاصمة الإدارية (45 مليار دولار). في سوريا، إذا سقط الجولاني، ستعود البلاد إلى محور المقاومة، مُعيدةً بناء اقتصادها الذي خسر 500 مليار دولار بين 2011 و2024، وفق "UNESCWA"، بمساعدة روسية وإيرانية بقيمة 20 مليار دولار حتى 2030. في تونس والجزائر وليبيا والسودان، سيُعزز سقوط الإخوان الدولة الوطنية، مُنهيًا الفوضى التي كلفت المنطقة 1 تريليون دولار منذ 2011. هذا التحول سيُضعف النفوذ الأمريكي، مُعززًا دور روسيا والصين، اللتين تستثمران 2 تريليون دولار في المنطقة بحلول 2035، وفق "IMF". لكن الأهم هو عودة الشعوب لكتابة مصيرها، مُنهية عصر الأدوات الكرتونية، ومُبشرةً بمستقبل يقوم على السيادة والاستقلال. الخاتمة النهائية: التاريخ يُعيد نفسه بصوت الشعوب من كان يصدق أن الإخوان، الذين بدأوا كأداة في يد المخابرات البريطانية ثم الأمريكية، سينتهون كأحلام كرتونية تتحطم على صخرة إرادة الشعوب؟ مرسي ظن أن قاهرة المعز له إلى الأبد، فاقتلعه 30 مليون مصري. الجولاني يظن أن دمشق ستخضع لكلمة سر صهيونية، لكن السوريين يُعدون لاقتلاعه. الغنوشي، بلحاج، الدبيبة، والبشير، جميعهم سقطوا أمام شعوب رفضت الفوضى، مُثبتة أن التاريخ لا يرحم الأوهام، مهما بدت قوية في لحظتها. إنها دورة تاريخية تُعلمنا أن الشعوب هي صانعة المصير، تاركةً أنقاض الأدوات والرعاة في مزبلة الزمن.
الفصل الخامس عشر: استراتيجيات المقاومة الشعبية: كيف أسقطت الشعوب أوهام الإخوان؟
لم يكن سقوط الإخوان مجرد رد فعل عفوي، بل نتاج استراتيجيات مقاومة شعبية تطورت عبر الزمن، تجمع بين التنظيم الذكي والإرادة الجماعية التي لا تُقهر. في مصر، كانت ثورة 30 يونيو 2013 نموذجًا لهذه الاستراتيجيات. بدأت الحركة بحملة "تمرد"، التي أسسها شباب في أبريل 2013، وجمعت 22 مليون توقيع (25% من السكان) في ثلاثة أشهر، وفق تقارير "الأهرام"، مطالبةً برحيل مرسي. هذه الحملة لم تكن مجرد عريضة، بل كانت تعبئة شعبية استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي لتنسيق المظاهرات في 22 محافظة، حيث خرج 30 مليون مصري في يوم واحد، مُشلّين الاقتصاد بتكلفة 10 مليارات دولار، لكن مُنهين حكم الإخوان في 72 ساعة. الاستراتيجية اعتمدت على التنوع: العمال في المصانع، الفلاحون في الريف، والطبقة الوسطى في المدن، جميعهم توحدوا تحت شعار "الشعب يريد"، مُثبتين أن التنظيم الشعبي يفوق أي عضلات كرتونية. في سوريا، تتطور استراتيجيات مشابهة ضد الجولاني في 2025. في دمشق وحلب، بدأت حركات مدنية مثل "سوريا الحرة" بتنظيم مظاهرات صامتة تجمع 50,000 شخص أسبوعيًا، وفق "المرصد السوري"، مستخدمةً تكتيكات العصيان المدني كإغلاق الأسواق ورفض دفع الضرائب لـ"هيئة تحرير الشام". في اللاذقية، نظمت لجان شعبية مقاطعة للسلع التركية، التي تشكل 60% من إمدادات إدلب (500 مليون دولار سنويًا)، مما كلف الجولاني 100 مليون دولار في ثلاثة أشهر. هذه الاستراتيجيات، رغم بساطتها، تُظهر أن الشعب السوري يمتلك ذكاءً تاريخيًا يُحول الفوضى إلى قوة، كما فعل أسلافه في ثورة 1925 ضد الفرنسيين، التي كلفت باريس 10,000 جندي وأجبرتها على إعادة تقييم احتلالها. في تونس، اعتمدت المقاومة على الإضرابات العامة. في 25 يوليو 2021، نظم الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يضم 1 مليون عضو، إضرابًا شلّ 70% من الاقتصاد (10 مليارات دولار)، مُجبرًا الغنوشي على التراجع. في السودان، استخدم الشباب تكتيك "الاعتصام الدائم" أمام القيادة العامة في 2019، حيث تجمع 500,000 شخص لمدة شهر، مُنهين حكم البشير بتكلفة اقتصادية 5 مليارات دولار، لكن باستعادة السيادة. هذه الاستراتيجيات تُثبت أن الشعوب لا تحتاج إلى أسلحة متطورة لإسقاط الأوهام، بل إلى إرادة تُحول الغضب إلى فعل منظم يُسقط أعتى الأدوات الكرتونية.
الفصل السادس عشر: دور الشباب: محرك السقوط وصانع المستقبل
في قلب كل انتفاضة ضد الإخوان، كان الشباب هم الشرارة والمحرك. في مصر، شكّل الشباب تحت سن 35 (40 مليونًا، أي 45% من السكان في 2013) العمود الفقري لثورة 30 يونيو. حملة "تمرد"، التي قادها محمود بدر وأربعة شباب آخرين تتراوح أعمارهم بين 25 و30 عامًا، استغلت طاقة جيل واجه البطالة (25% في 2013) والفقر (30% تحت خط الفقر)، وفق "CAPMAS"، لتحويل اليأس إلى فعل. هؤلاء الشباب، الذين نشأوا في عصر الإنترنت، استخدموا "فيسبوك" و"تويتر" لتنظيم 15 مليون متظاهر في القاهرة وحدها، مُثبتين أن التكنولوجيا يمكن أن تكون سلاحًا شعبيًا يفوق دعاية الإخوان. في سوريا، يقود الشباب تحت 30 (50% من السكان، أي 15-20 مليونًا في 2025) المقاومة ضد الجولاني. في حلب، نظم طلاب الجامعات، الذين يشكلون 500,000 طالب، احتجاجات يومية في 2025، مُستخدمين "تلغرام" لتنسيق العصيان، مما أجبر "هيئة تحرير الشام" على فرض حظر تجوال خسرها 20 مليون دولار شهريًا من الإيرادات. هؤلاء الشباب، الذين عاشوا الحرب منذ طفولتهم، يرفضون أن يُحكموا بعصابة داعشية، مُظهرين إرادة تُعيد تشكيل سوريا كما فعل جيل الثورة الكبرى في 1925. في تونس، كان الشباب (60% من السكان تحت 35، أي 7 ملايين في 2021) قوة الإضرابات ضد الغنوشي، حيث قادوا مظاهرات في سيدي بوزيد والقصرين، مُنهين نفوذ النهضة. في السودان، شكّل الشباب تحت 30 (65% من السكان، أي 25 مليونًا في 2019) 80% من المعتصمين، مُسقطين البشير بقوة أحلامهم في مستقبل أفضل. هذا الجيل، الذي يرفض أوهام الإخوان، ليس فقط محرك السقوط، بل صانع المستقبل، مُثبتًا أن الشعوب لا تُهزم طالما تمتلك شبابًا يحلم ويفعل.
الفصل السابع عشر: التداعيات العالمية الموسعة: نهاية عصر الأدوات الكرتونية
سقوط الإخوان لا يقتصر على المنطقة العربية، بل يُشكل زلزالًا في النظام العالمي، مُنهيًا عصر الأدوات الكرتونية التي استخدمتها القوى الغربية للهيمنة. الولايات المتحدة، التي أنفقت 50 مليار دولار بين 2011 و2024 لدعم الإخوان والمعارضة السورية، وفق "Foreign Policy"، تواجه أزمة مصداقية. خسارة أدواتها في مصر وسوريا تُكلفها 30% من نفوذها في الشرق الأوسط (من 70% في 2010 إلى 40% في 2025)، وفق "Council on Foreign Relations"، مما يُضعف قدرتها على مواجهة روسيا والصين. روسيا، التي استثمرت 20 مليار دولار في سوريا (2015-2024)، تستفيد من هذا الفراغ، مُعززةً قواعدها في طرطوس وحميميم بتكلفة 5 مليارات دولار إضافية حتى 2030. الصين، باستثماراتها البالغة 1.5 تريليون دولار في "الحزام والطريق"، تُوسع نفوذها في مصر (20 مليار دولار في 2020-2025) والجزائر (15 مليار دولار)، مُشكلةً محورًا جديدًا يُغير موازين القوى. في أوروبا، يُثير سقوط الإخوان مخاوف اقتصادية. أزمات الطاقة الناتجة عن الفوضى في ليبيا وسوريا كلفت الاتحاد الأوروبي 200 مليار دولار بين 2011 و2024 بسبب ارتفاع أسعار النفط من 80 دولارًا إلى 120 دولارًا للبرميل، وفق "Eurostat". استقرار المنطقة بعد الإخوان قد يُعيد الأسعار إلى 70 دولارًا، لكن أوروبا تخشى تصاعد نفوذ روسيا والصين، مما يُجبرها على إعادة تقييم سياساتها. في إفريقيا، يُلهم سقوط البشير حركات ضد الإسلاميين في مالي والنيجر، حيث تنفق فرنسا 1 مليار دولار سنويًا لمحاربة الجماعات المتطرفة، وفق "Le Monde"، مما قد يُشكل موجة جديدة من الاستقرار أو الفوضى. على المستوى العالمي، يُنهي هذا السقوط نموذج "الهندسة السياسية" الذي اعتمدته أمريكا منذ الحرب الباردة، مُثبتًا أن الشعوب لم تعد تقبل الأدوات الكرتونية. التكلفة الاقتصادية العالمية لفشل الإخوان قد تصل إلى 2 تريليون دولار بحلول 2030 إذا تصاعدت التوترات، لكنها تُبشر بنظام جديد تقوده السيادة الوطنية، لا التبعية.
الخاتمة النهائية الشاملة: التاريخ يُعيد نفسه بصوت الشعوب
من كان يصدق أن الإخوان المسلمين، الذين بدأوا كأداة في أروقة المخابرات البريطانية في عشرينيات القرن العشرين، ثم تفرّخت عنهم كيانات داعشية كالجيش الحر وهيئة تحرير الشام، سينتهون كأحلام كرتونية تتحطم على صخرة إرادة الشعوب؟ لقد ظن محمد مرسي أن قاهرة المعز، تلك المدينة التي صمدت أمام الغزاة لألف عام، ستركع له إلى الأبد، فاقتلعه 30 مليون مصري في لحظة تاريخية أعادت لمصر هويتها. ويظن أبو محمد الجولاني اليوم أن دمشق، أقدم مدن العالم، ستخضع لكلمة سر صهيونية أطلقها مشايعوه من قاعدة العديد، لكن الشعب السوري يُعد العدة لاقتلاعه كما اقتلع الشعب التركي أردوغان من أوهامه السلطانية. راشد الغنوشي في تونس، علي بلحاج في الجزائر، عبد الحميد الدبيبة في ليبيا، وعمر البشير في السودان، جميعهم سقطوا أمام شعوب رفضت أن تُسلب إرادتها، مُثبتةً أن التاريخ لا يرحم الأوهام، مهما بدت قوية في لحظتها. إنها دورة تاريخية تُعلمنا أن الشعوب، منذ أيام الفراعنة والأمويين إلى العصر الحديث، تمتلك ذاكرةً جماعيةً ترفض الخضوع للأدوات الكرتونية التي صنعتها المخابرات الغربية ورعتها تركيا وقطر. هذه الشعوب، باستراتيجياتها الذكية وشبابها المحرك، لم تُسقط الإخوان فقط، بل أعادت تشكيل مصيرها، مُنهيةً عصرًا من التبعية وباذرةً بذور نظام عالمي جديد. الاقتصاد، الذي دمره الإخوان، يتعافى ببطء، والإعلام، الذي روّج لأوهامهم، يفقد صوته، بينما يتخلى المجتمع الدولي عن أدواته الفاشلة، مُدركًا أن الشعوب هي من تكتب التاريخ. في النهاية، تبقى الحقيقة واحدة: الإخوان وتفريخاتهم الداعشية لم يكونوا سوى فقاعة نفختها أنفاس المخابرات، لكنها انفجرت بقوة إرادة الأمم. التاريخ يُعيد نفسه بصوت الشعوب، تاركًا أنقاض الأوهام في مزبلة الزمن، ومُبشرًا بمستقبل يقوم على السيادة والكرامة، لا على العضلات الكرتونية التي تذوب تحت شمس الحقيقة.
بالاستفادة من توثيق الذكاء الاصطناعي شاعر وكاتب شيوعي بلجيكي من أصول روسية وفلسطينية
ستديو جسر فغانييه ـ لييج من اصدارات مؤسسة -بيت الثقافة البلجيكي العربي- - لييج - بلجيكا La Maison de la Culture Belgo Arabe-Flémalle- Liège- Belgique مؤسسة بلجيكية .. علمانية ..مستقلة مواقع المؤسسة على اليوتوب: https://www.youtube.com/channel/UCXKwEXrjOXf8vazfgfYobqA https://www.youtube.com/channel/UCxEjaQPr2nZNbt2ZrE7cRBg شعارنا -البديل نحو عالم اشتراكي- – بلجيكا..آذار مارس 2025
#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)
Ahmad_Saloum#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خرافة الدفاعات الجوية الأمريكية-الإسرائيلية: إيران وسلاح الب
...
-
الاسلام كماركة تجارية امبريالية في مسرح محميات الخليج
-
رحيل فاضل الربيعي وأزمة العقل العربي المعاصر
-
رحيل فاضل الربيعي ومساهماته الفكرية في مواجهة العقل العبودي.
...
-
أردوغان ونتنياهو والجولاني: أنظمة على مشرحة التاريخ..حكومة ا
...
-
توقعات إيلان بابيه عن نهاية الكيان الصهيوني ودور طوفان الأقص
...
-
عصابات الشاباك الفتحاوية بغزة..الفاشي جعجع واجندته الصهيونية
...
-
لماذا لم تقع إيران في فخ محميات الخليج الصهيو أمريكية ..كتاب
...
-
ما الذي يجعل ديوان نشيد العشق الفلسطيني تراث انساني خالد ينا
...
-
هزيمةٌ أمريكية تاريخية قادمة في اليمن والمصير المحتوم لبيدق
...
-
مقدمة وخاتمة وقصائد ديوان -نشيد العشق الفلسطيني على توهج الق
...
-
كتاب: الإخوان المسلمون من التخلف إلى تعميق التخلف
-
دراسة نقدية معمقة لقصيدتين( نَثَارَاتُ حُبِّكِ فِي كُلِّ مَك
...
-
كتاب -الفاشية النيوليبرالية في عصر ترامب: دراسة حالة قصف الي
...
-
كتاب: -غزة تُفضح الطغمة: الإمبراطورية الأمريكية والأوليغارشي
...
-
كتاب: -تريليونات الظلام: من الخضوع المذل إلى حلم النهضة – در
...
-
-الانتحار الجماعي العربي: أوهام الاستعمار الغربي وإلهاء الشع
...
-
الأديان المشوهة في خدمة الأوليغارشية المالية الغربية..كتيب م
...
-
خيوط الدمى: أردوغان وزيلينسكي في مسرح الناتو والصهيونية – سق
...
-
-إعادة تشكيل شبه الجزيرة العربية: سيناريوهات السيطرة على الم
...
المزيد.....
-
الولايات المتحدة الأمريكية وأوكرانيا تقتربان من حسم صفقة الم
...
-
خبيرة روسية: الليمون ليس الأغنى بفيتامين -سي- وهناك بدائل مت
...
-
-CNN-: إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا
-
ترامب يعلق على إبرام صفقة المعادن مع أوكرانيا
-
ترامب: الطفل الأمريكي قد يحصل على دميتين بدلا من 30 لكن الصي
...
-
الحكومة الموريتانية تنفي صلتها بزيارة مستشار قائد -الدعم الس
...
-
الكويت تفرج عن 10 محتجزين أمريكيين إضافيين
-
الخارجية الروسية: لا يحق لسويسرا مصادرة أصول المركزي الروسي
...
-
القهوة -تقدم- فائدة صحية مدهشة للمسنين
-
الأمن الروسي يداهم ناديا ليليا في موسكو بشبهة الترويج للمثلي
...
المزيد.....
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
المزيد.....
|