عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8300 - 2025 / 4 / 2 - 11:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يقول هنري كيسنجر، أحد أهم سياسيي أميركا في العصر الحديث، في مذكراته على لسان رئيسه آنذاك ريتشارد نيكسون، ردا على تصلب عبدالناصر والعرب خلال الحراك السياسي ل"ايجاد حل" بعد هزيمة 1967:" الذي خسر الحرب وبعضاً من أراضيه، ليس له أن يفرض طلبات". هنا، هنا بالذات، يكمن أهم مفاتيح فهم السياسة الأميركية تجاه العرب وقضاياهم. أميركا والعالم كله، منذ فجر التاريخ الإنساني وحتى اللحظة، يحترمون القوي الذي يفرض شروطه دائما في السلم وفي الحرب. وعندما نقرأ في مذكرات كيسينجر ما قال بخصوص حرب واشنطن ضد الفيتناميين، نجد هؤلاء الأخيرين يفرضون نفسهم لجهة الاعتراف بصمودهم بل وهزيمتهم لأميركا عسكريا وسياسيا، وصولا الى ارغامها على مغادرة وطنهم صاغرة.
انها القوة يا سادة، لكن امتلاكها له شروط تسبقها جميعا الإرادة الواعية. ولعل من القواعد الثابتة في الصراعات بين الأمم، أن من يُرِد السلام، عليه الاستعداد للحرب. هذا يعني أن السلام الحقيقي العادل المنصف القابل للإستمرار، يحققه الأقوياء وتفرضه القوة. قاعدة ثانية وضعها الاستراتيجي الصيني صن تزو، تتعلق بالتفاوض بين المتصارعين، مفادها انك لن تحصل على طاولة المفاوضات أبعد من مرمى مدفعيتك على الأرض. أما الدليل الأقطع على هاتين القاعدتين، فنجده في ما يُعرف باتفاقيات السلام والتطبيع بين عدد من الدول العربية والكيان الصهيوني اللقيط. فهي أشبه ما تكون باتفاقيات اذعان واستسلام، لأنها جرت في ظل موازين قوى لصالح العدو، حيث فاوض العرب من دون مدفعية أصلًا. وكان هدف النظم الموقعة لهذه الاتفاقيات انقاذ عروشها وكراسي حكمها، باسترضاء أميركا والكيان والانبطاح لهما.
هل قرأ راسمو السياسات في بلداننا مذكرات كيسينجر بجزأيها؟! أظن أن من قرأها منهم، فعل ذلك من قبيل التسلية. أما من فهمها منهم فقد غطى رأسه بالرمال وسار مع مستمرئي وضع البيض كله في السلة الأميركية.
بالمناسبة، عالمنا يتغير والمؤشرات واضحة نحو التحول الى التعددية القطبية. أميركا تعلم أنها تخسر السباق مع الصين في ميدان الاقتصاد. القوى الاقتصادية والعسكرية الكبرى، مثل روسيا والصين والهند، بدأت خطوات عملية لتكريس نظام دولي متعدد الأقطاب ونظام مالي لا يتسيده الدولار.
وفي مجمل الحوال تبقى القوة، هي المقرر الرئيس للتحولات في عالمنا، كما كان عليه الحال منذ فجر التاريخ وسيظل.
#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟