أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة المرورة .














المزيد.....

مقامة المرورة .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8296 - 2025 / 3 / 29 - 08:51
المحور: الادب والفن
    


يقول المرحوم سعد محمد الحسن (( اذا تشرب مروره ومن تنام بنار, محسوده عليمن عيشة الدلة ؟ الناس تلم عنب ويدورون سلال , المثلي يلم دمع شيسوي بالسله ؟ )) , هذه هي الحياة , شيء جدي أكثر مما يتصور الناس , ومن يريد أن يحيا عليه أن يغامر كثيراً , أن يكون شجاعاً , نحن من يليق بنا الصبر نزدان به وتبقى عزيمتنا مقيدة الى نهاية الرحلة , حتى يمل الصبر منا , ولأنه لا يقوى عليه , الا من كان صلب العزيمة , وقور كالجبل الشامخ , تمر علية الحالكات , لا يأبه بها , وضع أمام ناظريه الظفر بما يريد والرضى بما قسم له .

يقول جلال الدين الرومي : (( إنهم مشغولون بالدماء , بالفناء ,أما نحن فمشغولون بالبقاء , هم يدقون طبول الحرب , نحن لا ندق إلا طبول الحب )) , و(( بشر الصابرين )) , تأتيهم البشارة بعد الجهد والمشقة والمرارات , ذلك أن صبرهم لم يكن صبر السكون والموت والجثث الهامدة , بل كان صبر الفاعلين , صبر المصرِّين على انتزاع معنى جديد للحياة , معنى الحياة الحقيقية , وكلما حاولت الهروب من مرارة الواقع , تأتي الحياة بمواقف تؤذى قلوبنا , وتزيد اوجاعنا اكثر, واكثر , ونشعر كأن الحياة تعالج احزاننا بالوخز بالإبر, حتى اصبحت اكثر امانينا ان نقتل افكارنا , ونفقد ذاكرتنا , لنعيش فى هدوء , والبعد عن كل شىء يبكينا , فالذي لم يتذوق مرارة الفقر , لن يفهم كيف تعز على الفقير نفسه , حين يُظلم أو تحاصره أعباء الحياة , ويبدأ الأخرون بإذلاله , وستبدو دمعة ألمه , بالنسبة لهم , وكأنها دموع الفرح .

يقول ألأمام علي : (( بالعافية توجد لذة الحياة )) , لن تُبتلى بشيءٍ في هذه الحياة أشدُ مرارةً من معاشرةِ اللئام , وقد لُقب حجر بن عمرو بن معاوية بن الحارث الكندي بآكل المرار لأن ملكاً سبى ابنته فقالت : (( كأني بأبي قد أتاك هادراً كأنه جملٌ أكل المرار )) , لأن الإبل إذا رعته قلصت مشافرها , وقيل لأنه أكل وأصحابه في غزوة من شجر المرار , هذا هو المُرار , وهو نبات له زهرة شوكية , يقول واسيني الأعرج : (( العواطف شفافة مثل الزجاج , عندما تتشقق تنتهي , كل محاولة لرتقها لن تزيد الشقوق إلا اتساعا )) , ونحن نحتاج شيئًا لطيفًا , مُفاجئ غير مُخطط له , يأتي من دون توقع , شيء جميل مُفتقد , يكسر الروتين المُهلك , ويُبعد الغمة , نحتاج فقط شيئًا يُفرح القلب , ويخفف كل ما مر بنا من مرارات .

ما أصعب الشرق الأوسط , أرض فِخاخ ومشقّات ومفاجآت , فماذا نفعل والجرح المغلق عصيّ على التّطهير , ونيتشه يقول : ((القطيع ينبذ المفكر, لأنه يمثل تهديداً لوجوده , فالقطيع لا يفكر بل يتبع )) , وهذا البير كامو يكتب في روايته la chute )) :)) :
إن الرعب الحقيقي في الوجود ليس الخوف من الموت , بل الخوف من الحياة , إنه الخوف من الإستيقاظ كل يوم لمواجهة نفس الصراعات , نفس الخيبات , نفس الألم , إنه الخوف من أن لا يتغير أي شيء أبدا , وأن نكون عالقين في دائرة من المعاناة التي لا مفر منها , وداخل هذآ الخوف تنشأ رغبة , رغبة في شيء , أي شيء يكسر الرتابة , ليمنح معنى للتكرار , الذي لا نهاية له للأيام )) , فكيف تكون المرارة أذن ؟

قال حسّان بن ثابت الخزرجي الأنصاري , في قصيدة قالها رداً على شاعر الأوس قيس بن الحطيم : (( وَإِنِّي لَحُلْوٌ تَعْتَرِينِي مَرَارَةٌ * وَإِنِّي لَتَرَّاكٌ لِمَا لَمْ أُعَوَّدِ )) , والمرارة : ضد الحلاوة , وقوله: (وَإِنِّي لَحُلْوٌ تَعْتَرِينِي مَرَارَةٌ ) : كما يبدو مني لطف المعشر إلا أني إذا اضطررت بدا مني صلف وجفاء , فكما أنفع فإني أضر , إذا استفزني أحد وأخرجني عن طبيعتي , كان العباس يتكلم مع ابن أخيه بصوت تملأه المرارة : (( لم أرفعك في شيء الا رجعت الي مستأخرا بما أكره, أشرت عليك عند وفاة رسول الله ان تسأله فيمن هذا الأمر , فأبيت, وأشرت عليك بعد وفاته ان تعاجل الأمر فأبيت , وأشرت عليك حين سماك عمر في الشورى ألا تدخل معهم , فأبيت , أحفظ عني واحدة , كلما عرض عليك القوم فقل لا , الا ان يولوك , وأحذر هؤلاء الرهط فأنهم لا يبرحون يدفعوننا عن هذا الأمر , حتى يقوم لنا به غيرها , وأيم الله لا يناله الا بشر لا ينفع معه خير )) .

يقول المتصوفة : (( مَن يَدخُل الطَريِق بِلا مُرشد , سَيستغرق مِائة عَام فيِ رِحلة لا تَحتاج سوى يَومين )) , مملة تلك الحياة الباذخة , فهي بلا طعم , لأن حلاوتها لاتعرف المر , والشعور بقيمة الأشياء يكون في تذوقك ما هو ضدها , فلولا معرفتك طعم المر سوف لاتعرف قيمة طعم السكر ¸ولولا الضيق الذي نمر به أحيانا سوف لاتعرف قيمة السعة والمال , تقول أحلام مستغانمي : (( وكم ذُقنا المرارة مِن ظروفٍ برغمِ قساوةِ الأيامِ لانتْ , هي الدنيا لنا فيها شؤونٌ فإن زينتها بالصبرِ زانتْ )) , يتداول العراقيون مثلا شائعا بينهم وهو ((يفت المرارة )) , أو (( گاعد بالحارة ويفت المرارة )) , وما وجد الصبر واللين في شيء الا زانه , يحل اغلب الخلافات , ويجمل معظم العلاقات , ويبان معدن الإنسان وحقيقته في وقت الضغط والأزمات , وقدرته على الصبر والعفو واللين , أما في غيرها من أوقات الرخاء , فالناس غالباً كلها حلوة , و‏مهما كان الصبر مُراً فإن عاقبته جميله.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الصلع .
- مقامة أحلام .
- مقامة الدبلوماسية .
- مقامة وقار العشق .
- مقامة الفطنة .
- مقامة النخالة .
- مقامة البروكرستيَّةُ .
- مقامة يوم تهكسسوا .
- مقامة غبش الوطن .
- مقامة الفضفضة .
- مقامة الدونكيشوتية .
- مقامة الكلاوجي .
- مقامة الزلك .
- مقامة تهويمات سوريالية .
- مقامة المجرشة .
- مقامة الذين يشبهوننا .
- مقامة قهر العهود .
- مقامة زمام ألأزمة .
- مقامة شعر الديجيتال .
- مقامة العقم والحبل .


المزيد.....




- “برقم الجلوس والاسم فقط” الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية ...
- بعد أغنيته عن أطفال غزة.. الممثل البريطاني المصري خالد عبدال ...
- ريتا حايك تفند -مزاعم- مخرج مسرحية -فينوس- بعد جدل استبدالها ...
- الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية بالجزائر.. آفاق واعدة ...
- احتفاء بالثقافة العربية و-تضامن مع الشعب الفلسطيني-... انطلا ...
- طلبة -التوجيهي- يؤدون امتحانات -الرياضيات- 2- و-الثقافة العل ...
- هنا رابط مباشر نتائج السادس الإعدادي 2025 الدور الأول العلمي ...
- سوريا الحاضرة من نوتردام إلى اللوفر
- كيف استخدم ملوك مصر القديمة الفن -أداة حكم- سياسية ودينية؟
- موعد ظهور نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. استعلم عن نتيجتك


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة المرورة .