أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة وقار العشق .














المزيد.....

مقامة وقار العشق .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8291 - 2025 / 3 / 24 - 10:16
المحور: الادب والفن
    


مقامة وقار العشق :

في تجسيد شعور البدايات , يقول رفعان العرجاني : ((كرامة الشخص ثروة والسوالف بلاش , أخلّي القلب يروى عشق ولا أمنعه ؟ أخاف لا أفقد وقاري لو بديت النقاش , وأشعر برغبة ملحّة للسوالف معه )) , ترويض الآهات والتنهدات , بكم تسكنُ الآهات , وتستريحُ العبَرات وتُجبَرُ العثرات , وتنزلُ السّكينةُ , ويطمئنُّ الفؤاد ,فكم من شفاهٍ ضحِكت بكم , وكم من محب ابتهج بلقائكم , وكم من محسوب دعا وشكر.

هي حكاية الأزمان في كل مكان , ولكل زمن إيقاع , كان الشجن يملأ العروق , الأجيال الجديدة لا تعرف شيئاً عن عشق الوقار , فلكل زمن إيقاع , ليس فقط زمن الحب قد ذوى , بل ذوى معه زمن المبتكرين الذين صنعوه ورصّعوه , كم نحن , أهل الماضي , مدينون لأغاني زمان , كم فرحاً , وكم طرباً , وكم شجناً ملأت عروقنا , لكنها بعدت في غياهب اليوتيوب , ونحن بعدنا في السنين , ودارت الأيام , على جري عادتها.

كم طوّعنا غناء القصيدة , وروّضنا الآهات والتنهدات , تغيّر زمنها , وتغيّرت أجيالها , وغادر الشعراء من متردم , لم يعد مألوفاً أن تغنّي سيدة طوال الليل , والناس تهتف , لم يعد مؤنساً أن يكون أعضاء الفرقة الموسيقية قد تجاوزوا السبعين , كل شيء لم يعد كما كان , وأصبحت الأغاني من كنوز (( ماسبيرو)) القديمة , قلة تعرف رياض السنباطي اليوم , وقلة تملك الوقت للاستماع إلى الأغاني الطويلة , والمسرح الملتهب حماساً.

يقول أنطون تشيخوف في رواية (السيدة صاحبة الكلب ) : (( هناك حب لا يُنسى , يبقى متجذرًا في القلب حتى بعد أن يمضي كل شيء , تظن أنك تجاوزته , أنك تحررت منه , ثم فجأة , في لحظة عابرة , تسمع صوتًا يشبه صوته , أو تلمح شخصًا يحمل ملامحه , فترتجف روحك وكأنك التقيته من جديد , لكنك تعلم , في أعماقك , أن ما ضاع لا يعود , وأن بعض المشاعر تبقى حبيسة القلب , لا تبوح بها , ولا تموت أبدًا , إنها تظل هناك , تنبض في صمت , كجمر تحت الرماد , تنتظر نسمة واحدة لتشتعل من جديد , فهل الحب الحقيقي هو الذي ينتهي , أم ذاك الذي يبقى , حتى لو لم يعد له وجود؟ ))

فى مجتمعاتنا , لا يتكلمون بالسوء عن الخيانة , والكذب , والغش , وقهر النساء , مثلما يتكلمون بالسوء عن الحب , ولولا الحـب , ووقار العشق , لما عرفنا أجمل الأغنيات والموسيقى , وأروع حكايات التضحية والوفاء , ولما قامت , أعظم الثورات ,ولما اكتشفت مواطن الداء , والشِفاء , وحينما تموت قصة حب , تبكي السماء , وحينما يفترق حبيبان , تتجهم الأشجار , وحينما يتخاصم عاشقان , يختفي الوجه المضي للقمر , ليس عندى أدنى شك , أننا حين نمشي في جنازة حكاية عشق , تمشي معنا الزهور, والبلابل , وأمواج البحر, وقبور العشاق ليست قبوراً , هي حدائـق تغني بالذكريات , حولها الورود , وتغريد الطيور ينشد فوقها : هنا يرقد رجل , ذاق الحب حتى الموت , وهنا بقايا امرأة , عشقت دون أمل .

يقول ابن الفارض : (( ما بالُ وقاري فيكِ قدْ أصبحَ طيشْ , واللّهِ لقد هَزمْتِ مِنْ صَبْرِيَ جَيشْ , باللّهِ , متى يكونُ ذا الوَصْلُ متى , يا عَيشَ مُحبٍّ تَصِليهِ , يا عَيْشْ )) , والوهم عندما يتغلب على وعي البشر يمتلكه ويسخره لغاياته الوردية الأنتشاء , والأوهام بأنواعها لذيذة وتستلب الألباب وتسخر المبتلين بها للعمل بموجبها , كانت القصائد , الوعود , التراتيل , مجرد أضرحة لأحلامنا الخائبة , حزن أحمق , يكفر بوحدانيتك بين أضلعي والجنبات , وحين كبرنا , وعانينا من انسداد في الشرايين , كان ذلك سببه شريان الاحساس , حيث كانت الشهقة عندنا , نصف التفاتة لاتنتهي , حين يلتصق الرمش على الرمش , لتنزل دمعة حارة , فهل يعقل؟ بعد كل هذا الحب أن نهزم؟

عندما كنت اكتب عنك بكل ذلك الوقار , كانوا يقرؤنك بين حروفي وكلماتي , فيحسدونك , فماذا لو سمعوا نبضات قلبي حين تناديك ؟ وأرواحنا تتعافى بِقرب من نحب , وصباح خيرك , آه من صباحات خيرك , تكتبني يمامة بوح على صفحة القلب , فأغمض عيني على طيفك الندي , وأكتب مستترا (( الى احدهم , انت جميعهم )) , واليوم يقول جماعة الحب الفيسبوكي : (( كلنا أصبحنا بيانات , تتذكرنا الأشياءُ أكثر مما نتذكرها , حتى الحنينُ صار مجرد إشعار , ينبثقُ في زاويةِ شاشةٍ باردة , وفي رقاقات السيليكون المضيئة ,أكتب لك رسائلَ لا تقرأها العيون , لكنها تسكن في خوارزميات الحنين , حيث تتحول الكلمات إلى أرقام , والأشواق إلى كوداتٍ غير مرئية )) .

صباح الزهيري .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الفطنة .
- مقامة النخالة .
- مقامة البروكرستيَّةُ .
- مقامة يوم تهكسسوا .
- مقامة غبش الوطن .
- مقامة الفضفضة .
- مقامة الدونكيشوتية .
- مقامة الكلاوجي .
- مقامة الزلك .
- مقامة تهويمات سوريالية .
- مقامة المجرشة .
- مقامة الذين يشبهوننا .
- مقامة قهر العهود .
- مقامة زمام ألأزمة .
- مقامة شعر الديجيتال .
- مقامة العقم والحبل .
- مقامة العقم و الحبل .
- مقامة لتبق َهامْتُكَ سامقة .
- مقامة البقاء للأفسد .
- مقامة الشارب والشنب .


المزيد.....




- مهرجان كان السينمائي .. احتفال فني ضخم هل يعكر ترامب صفوه؟
- أحمد أبو الغيط: الأمة والثقافة العربية موجودة.. والسيف الإسر ...
- فنانون عالميون يستنكرون -الصمت- أمام -إبادة غزة- عشية افتتاح ...
- -الدفاع- في البرلمان الألماني: إما أن تستعدوا للدفاع أو تتعل ...
- بأقلام قطرية.. كاتبات صغيرات يرسمن أحلامهن بالكلمات
- اختتام مؤتمر الاتّجاه النفسي في النقد باتحاد الأدباء
- قبل 24 ساعة على انطلاقه.. مهرجان كان السينمائي يحظر العُري ع ...
- مغني الراب شون -ديدي- كومز أمام القضاء بتهم الاتجار بالبشر و ...
- الصين بعيون مغربية: هكذا عرفتُ الصين.. مُشاهدات أول طالب مغر ...
- -عليهم البدء بتعلم اللغة الروسية-.. برلمانية أوروبية توجه ند ...


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة وقار العشق .