أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكد الجبوري - بإيجاز؛ -الإنسان: جثة منتجة-/ إشبيليا الجبوري














المزيد.....

بإيجاز؛ -الإنسان: جثة منتجة-/ إشبيليا الجبوري


أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8266 - 2025 / 2 / 27 - 20:41
المحور: الادب والفن
    


يلخص فرناندو بيسوا (1888-1935) ()، بدقة فلسفية شعرية، في جملته المحددة، واحدة من أكثر الحقائق المزعجة والحتمية في الوجود الإنساني: النهاية. الإنسان "جثة مؤجلة"، أي كائن يسير بلا هوادة نحو الموت، ويواصل في الفترة الفاصلة بين الميلاد والموت تخليد نوعه، وكأنه يحاول تخفيف فناء الزمن من خلال التكاثر. ليس خذا فحسب. بل نحن فانون، وكل ما نفعله، بما في ذلك توليد الحياة، ليس سوى وسيلة للتفاوض مع الزمن قبل فناءنا الحتمي. إن شئتم..

هذا البيان ليس جديدا. منذ اليونان القديمة، ناقش الفلاسفة موضوع زوال الحياة وبحث الإنسان عن معنى يتجاوزها. على سبيل المثال، رأى أفلاطون (427 ق.م - 347 ق.م)() أن الإنجاب ليس مجرد ضرورة بيولوجية فحسب، بل كان أيضاً محاولة لتخليد شيء من ذاته في العالم. أما أرسطو فقد أدرك بدوره أن أجيال أبنائه تشكل انعكاساً للدافع الطبيعي لكل كائن حي نحو الخلود ـ ليس في فرديته، بل في استمرارية جوهره.

إن فكرة الشخص تتوافق أيضًا مع شوبنهور (1788-1860)()، الذي رأى الحياة كتكرار مأساوي للمعاناة والنضال، حيث كان الإنجاب وسيلة يستخدمها ويل لإدامة دورة الرغبة والألم. بالنسبة للفيلسوف الألماني، فإن الإنسان، من خلال إنتاج النسل، لا يضمن استمرارية النوع فحسب، بل يحكم أيضًا على الكائنات الجديدة بالمعاناة المتأصلة في الوجود.

أما نيتشه (1844-1900)()، من ناحية أخرى، في مواجهة نفس هذه المقولة، فيقترح ردا مختلفا: بدلا من الاستسلام، التأكيد على الحياة، وخلق القيم الذاتية، والتغلب على العدمية. بمعنى ما، يمكن محاربة فكرة كوننا "جثة مؤجلة" من خلال تحويل الوجود إلى شيء يستحق العيش.

تكمن المفارقة في عبارة "الشخص: الإنسان" في سخرية مريرة: الحياة، هذه الفترة بين سباحتين، مليئة بوهم الاستمرارية. الإنسان لا يعترف فقط بأنه محدود، بل يتصرف كما لو كان بإمكانه خداع حالته الفانية من خلال النسل. تكاثر حتى يبقى شيء منك على قيد الحياة، حتى وإن كنت تعلم في أعماقك أن فرديتك محكوم عليها بالنسيان.

ولكن هناك، في المفهوم الشخصي، أيضاً، إيحاءات بالعبث والميكانيكا، وكأن الوجود فعل تلقائي، ودافع بيولوجي خالٍ من المعنى الأعلى. هذه هي النظرة التي تتوافق مع وجودية كامو (1913-1960)()، والتي بموجبها يُحكم على الإنسان بالبحث عن المعنى في عالم غير مبال.

بمعنى. إذا كنا في الواقع جثثًا مؤجلة، فيتعين علينا أن نتساءل عما إذا كان تأجيل الموت مجرد انتظار أم أنه يمكن أن يكون بناء. إن الوعي بالدقة قد يكون عبئًا، لكنه قد يكون أيضًا محركًا لحياة أكثر أصالة. لا يمكن للإنجاب إلا أن يكون انعكاسًا للغريزة أو محاولة لنقل القيم والمعاني.

في نهاية المطاف، تجبرنا جملة الشخص على مواجهة الحقيقة الأساسية لحالتنا: نحن فانون، وكل ما نفعله، بما في ذلك توليد الحياة، ليس سوى وسيلة للتفاوض مع الزمن قبل فناءنا الحتمي. إن شئتم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2025
المكان والتاريخ: طوكيو ـ 02/27/25
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).



#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة -الرفاق-/ بقلم مكسيم غوركي - ت: من الإنكليزية أكد ...
- بإيجاز؛ -الإنسان: جثة منتجة-/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليابا ...
- إضاءة: العبث الوجودي في -مذكرات رجل فائض- لإيفان تورغينيف/ إ ...
- مراجعة كتاب: -التأويل بين التاريخ والفلسفة- لهانز جورج غادام ...
- أناقة الروح/ بقلم بابلو دي روخا
- بإيجاز: وجودية -عقل راسكولينكوف الاخلاقي-/ إشبيليا الجبوري - ...
- مراجعات: مراجعة كتاب: -التأويل بين التاريخ والفلسفة-
- بإيجاز: وجودية -عقل راسكولينكوف الاخلاقي
- بإيجاز: ميشيل فوكو بين سلطة العقل و سلطة الدولة/ إشبيليا الج ...
- صنعة الأنطباع عند إيرفينغ غوفمان / شعوب الجبوري - ت: من الأل ...
- قصة -ذاكرة شايكسبير- / بقلم خورخي لويس بورخيس - ت: من الإسبا ...
- بإيجاز: وليام شايكسبير وحفريات الروح البشرية/ إشبيليا الجبور ...
- الفكر والخلود/ بقلم حنة آرندت - ت: من الألمانية أكد الجبوري
- زيجمونت باومان والحرية غير المكتملة/ الغزالي الجبوري- ت: من ...
- إضاءة: -رسائل سكروتيب- للكاتب سي. إس. لويس/ إشبيليا الجبوري ...
- إضاءة: -حياة هنري برولارد- لستندال/ إشبيليا الجبوري - ت: من ...
- العمل بين الأغتراب والحرية وفقًا لزيجمونت باومان/ الغزالي ال ...
- إضاءة: رواية -كاميلا- لفرانسيس بورني/إشبيليا الجبوري -- ت: م ...
- إضاءة: قِصَر الحياة ووهم الخلود في تأملات سينيكا / إشبيليا ا ...
- إضاءة: البحث عن الزمن المفقود لمارسيل بروست/ إشبيليا الجبوري ...


المزيد.....




- رواية -الحرّاني- تعيد إحياء مدينة حرّان بجدلها الفلسفي والدي ...
- ضجة في إسرائيل بعد فوز فيلم عن طفل فلسطيني بجائزة كبيرة.. و ...
- كيت بلانشيت ضيفة شرف الدورة الـ8 من مهرجان الجونة السينمائي ...
- رائحة الزينكو.. شهادة إنسانية عن حياة المخيمات الفلسطينية
- لحظة انتصار على السردية الصهيونية في السينما: فيلم صوت هند ر ...
- -أتذوق، اسمع، أرى- كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الح ...
- “انثى فرس النبي- للسورية مناهل السهوي تفوز بجائزة “خالد خليف ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الشلوخ في مجتمعات جنوب السودان.. طقوس جمالية تواجه الاندثار ...
- سوريا.. فوز -أنثى فرس النبي- بجائزة خالد خليفة للرواية في دو ...


المزيد.....

- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكد الجبوري - بإيجاز؛ -الإنسان: جثة منتجة-/ إشبيليا الجبوري