أبوبكر المساوي
...
(Aboubakr El Moussaoui)
الحوار المتمدن-العدد: 8247 - 2025 / 2 / 8 - 16:08
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الانتماء عبء ثقيل وقيد لا يحتمل، والنفس تعشق التحرر إلى حد الجنون، إلى حد الحلول في الرذيلة والذوبان في زمن الأخطاء بلا عودة، بلا توبة ولا استغفار، هذا ما حدث به نفسه ذلك الذي أدرك حجم القيد الذي يلتف حول عنقه، بعد أن قام بسلسلة من المحاولات الفاشلة -التي حولته إلى خارج عن الجماعة مغضوب عليه- لمشاركة مدركاته مع المحيطين به.
ثم واصل المغضوب عليه قائلا،
لقد حملتموني ما لا أحتمل، أثقلتم كاهلي وكسرتم ظهري، وأطفأتم نورا كان من المفروض أن يغذى أكثر، أو على الأقل، أن يترك كما هو،
بسبب خوفكم،
أم هو غباؤكم،
أم أنانية منكم،
أم هو الوهم،
وهم امتلاك الحقيقة كلها بسبب الشيب الذي في رؤوسكم، وبسبب أطنان التجارب الفاشلة التي نقشت تجاعيد على جلود أجسامكم.
...
اليوم أدفنكم جميعا،
بعدها أشرب أرخص أنواع النبيذ حتى أستحيل دابة تمشي على أربع أو إلى زاحف على بطني،
سأشرب كثيرا،
حتى إذا امتلأت مثانتي أبول على مقبرتكم الجماعية، بعدها أهوي في الفراغ ولا يهمني...
اليوم أبول على جدران فكركم المهترئة الآيلة للسقوط،
وأمضي...
رغم أني سأرش حذاءي وأسفل سروالي،
سأمضي،
اليوم أبول على خوفكم وغبائكم وأوهامكم وأناكم المتضخمة الموشكة على الانفجار وأبول على خوفي منكم، وعلى خوفي من عقاب شديد العقاب،
ولا أبالي إن كان هو نفسه الغفور الرحيم.
قد أكون خائفا من الفراغ، لكن الانتماء إليكم يرعبني ويهد أركاني.
...
وفي انتظار القادم الذي سيبول على قبري، سأخلي مسؤوليتي وأخبركم بما يلي:
إذا متت بينكم أحرقوا جثتي،
أو أطعموها للكلاب الضالة في حيي،
...
وبولوا على جثتي إن شئتم،
لكن رجاءً
لا تصلوا عليها،
لا تترحموا على ذكراي بتلك الكلمات البائسة،
ولا تبالغوا في ذكر محاسني
- دروشتي -
نقمتي.
لأني أغرقتها في بولي ولا أبالي.
مسودة حياة
لو كانت هناك جنة كما يدعون لكانت تذاكر الدخول إلى المسجد تباع في السوق السوداء، وتبيع عمرك ولن تلحق تذكرة صلاة واحدة داخل مسجد.
هي موت واحدة والحيوات كثيرة،
قد لا تستطيع اختيار طريقة موتك،
إلا في حالة الانتحار،
لكنك تستطيع اختيار طريقك في الحياة، إما أن تعيش كائنا حرا وتختم حياتك وأنت راض عن نفسك،
وذلك هو حسن الختام وجنة النعيم،
أو تكون عبدا لمخاوفك بسبب تعلقك بالأشياء نظرا لقيمتها المادية
أو بسبب تعلقك بأشخاص توهم نفسك أن حياتك بدونهم مستحيلة،
وتعيش مقيدا ومعاقا طوال حياتك بسبب الحرام والممنوع وغير الجائز والمكروه عند عامة الناس،
وختام حياتك جحيم لا محالة.
...
قد تكون غنيا لكن داخلك فقر مدقع،
وقد تبدو للناس حرا وأنت السجن نفسه، سجن لنفسك ولمن حولك من الضعفاء بمبرر وجوب الطاعة لك مثلا أو ضرورة احترام الكبير في السن، تلك الصورة المزيفة للاحترام التي علمونا.
كل هذا هراء،
أيها الصنم، إن لم تجتهد وتعمل على استحقاق الاحترام فلتذهب إلى الجحيم، ولو كان عمرك ألف عام ... وإن كنت تمن على من حولك جيئة وذهابا بنعمك وأفضالك فلتمنعها إن استطعت، سواء كنت الوالد أو الولي أو الإله نفسه، أتعلم لماذا؟ لأنك في حاجة لتعطي، أنت أيها المعطي أكثر غبنا وإثارة للشفقة ممن ينتظرون العطاء، محتاج أكثر ممن هم أضعف منك أو تحت إمرتك، لأن العطاء شرط وجودك وبقائك.
...
دائما نسمع أن طاعة الوالدين من طاعة الله،
لا تشغل نفسك بهما الإثنين إن كان كل ما قدماه لك عبارة عن سجن،
الوالد الذي وضعك في سجنه لا يرجى منه خير، كل همه التسلط عليك وتذكيرك بالنقص والصغار في مقابل كماله وعلو شأنه ما دام قويا وقادرا على القيام ببعض الحركات وإصدار بعض الأصوات، أما ما يختم به حياته فهو المسكنة والدروشة والتماس الأعذار لما قدم لنفسه ولغيره أيام الشباب،
يا له من تعيس،
أما الإله الذي لا يقدم أي شيء لأي كائن في حياته -رغم أن التوسل والدعاء والبكاء وكل أنواع التذلل لم تتوقف منذ زمن بعيد- فحتما لن يقدم أي شيء لأي كائن فيما بعد.
وإن كان صاحب عمل أو مشغل أو ولي نعمة فليذهب إلى الجحيم،
أتعرف لماذا؟
لأنك إنسان عاقل تستطيع تحقيق ما لا يخطر على بالك إن تحررت وآمنت بنفسك وعملت بجد.
...
مع الأسف ابتلعنا خليطا غير متجانس من العقد والهواجس والأمراض النفسية التي تكبح الحياة وتوهم ذلك الدرويش منا والمريض بأنه (مَرْضِيُ) والديه ومرضي الإله وهو المرشح للفوز بالنعيم الأبدي.
هي شبه حياة، أو يمكن تسميتها مسودة حياة، غارقة في الأوهام والمخاوف، كلما قرر الواحد منا القيام بعمل ما يجد نفسه أمام سد منيع مشيد من الممنوع والحرام وغير الجائز...
حياة كلها فرامل.
...
عش حياتك أيها الكائن العاقل وبدون فرامل، عشها بطولها وعرضها وبكل أبعادها كي تختم حياتك وأنت سعيد، لا الحياة ابتلاء ولا امتحان ولا مخاوف وقيود، هي مجرد حياة لا شيء آخر، وكل ما يحدث فيها هو السير الطبيعي للأشياء، أما الموت فلا هو بالكارثة ولا بالمصيبة وإنما هو النهاية الطبيعية التي يجب أن يختم بها كل كائن حي مسيرته على هذا الكوكب الجميل.
لا الحب ممنوع ولا الخمر حرام
اشرب النبيذ واستمتع بالحياة
وأحب الجمال وأحب الحياة
وأحب شريك حياتك حبا غير مشروط، واحترم من تحب،
واستمتع بجسدك وجسد من تحب، فمتعة الجسد ليست خطيئة، وارقص على نغمات أغنية صاخبة وفك أسرك وانطلق،
وافعل كل المحرمات المعروفة في جميع الشرائع والأديان القديمة وكل الموبقات، وتجاوز كل الخطوط الحمراء المسطرة فيها كي تدرك مدى سخافتها وهشاشة أركانها، ولكي تكتشف حدود طاقاتك وذاتك.
واشرب الكثير من النبيذ مرة أخرى،
ولا تشعر بالذنب ولا تستغفر أي إله من الآلهة بل استغفر نفسك والتمس عفوها إن أنت بالغت في الخطأ في حقها أو تجاهلتها ودفنتها لإعلاء كلمة صنم ما.
حبي وسلامي لكل المرضى النفسيين والمَرْضِيين، ولكل المعقدين والمُفَرْمَلين، والخائفين والمُخَوَّفين، والكارهين والمكروهين والمنبوذين، والراحلين والمُرَحَّلين والباقين طوعا وكرها، وسلامي للآملين في تغيير الوضع والساخطين...
#أبوبكر_المساوي (هاشتاغ)
Aboubakr_El_Moussaoui#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟