أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أبوبكر المساوي - أجيال في الوحل














المزيد.....

أجيال في الوحل


أبوبكر المساوي
باحث

(Aboubakr El Moussaoui)


الحوار المتمدن-العدد: 7803 - 2023 / 11 / 22 - 22:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بحسن نية أو بسوء نية ، بقصد أو بدون قصد وفي إطار الوصاية والتفكير بالنيابة ، يتحالف الآباء في كثير من الأحيان مع الموروث الفكري الخرافي الآتي من بعيد ليدمروا أبناءهم ويدمروا الحاضر والمستقبل بأكمله، ظنا منهم أن هذه الوصفة هي الحل السحري لكل مشاكل الحياة، والمخلص الوحيد من ذلك العذاب الخرافي بعد الموت، فتكون النتيجة هي تنشئة أفراد "مفرملين" معاقين ومغلولين فكريا، تائهين بين خرافات تنزل بكل ثقلها فتخنق الأنفاس، و التي تجر بقوة وعنف شديدين إلى سجون الماضي الحالكة السواد، وبين العقل الذي يتوق لنور الحرية ورحابة الحياة وسعة أفق المستقبل.
يصاب الولد المسكين بتمزق في دواخله وبتشتت في الفكر بين الماضي والحاضر، وتصاب شخصيته بالانفصام ويصاب بشلل في كل الوظائف العقلية وفي كل مظاهر الحياة الطبيعية، إلا ما تعلق منها بالحاجة للأكل والشرب ودورة المياه والجنس، فيسعى جاهدا إلى التوفيق بين الخرافة والعقل، لكن غالبا ما تكون نتيجة الزواج بين الرغبة في تلبية إملاءات الخرافات -الآتية من الماضي البعيد- ومعايير التفكير العقلاني -الناتجة عن رغبة الإنسان في حاضر ومستقبل أفضل- تنشئة أفراد من كائنات بشرية لا تعبر عن أي انسجام بين الشكل والمحتوى، إذ نجد مظاهر حياة من القرن الحادي والعشرين نابعة من رغبة طبيعية في مواكبة الشعوب المتقدمة، وطرقا في التفكير من القرن السابع التي تنم عن رغبة دفينة في الفوز بالنعيم الخرافي بعد الموت -إنه التيه عينه- وبناء على نصوص مقدسة مازال الكثير من هؤلاء الآباء والأوصياء يصرون على أن طريقة التفكير التي كانت سائدة في منطقة جغرافية وفي زمن بعيدين عنا صالحة لزمننا ولمكاننا -رغم أنها لم تكن صالحة لأي زمن ولا لأي مكان إلا بحد السيف- مع أن الفرق في الزمن هو أربعة عشر قرنا والفرق في المكان حوالي عشرة آلاف كيلومترات، وبعد هذا كله يتساءل الكل مع الكل في استغراب، ما الذي أصابنا؟ لماذا لم نتقدم مع الذين تقدموا؟
طبعا لا أحد يملك جوابا عن هذا السؤال، ولا أحد يستطيع مدنا بوصفة جاهزة للخروج من هذا الوحل الذي يتخبط فيه أبناء هذه المنطقة من الأرض، وأنا أيضا كبقية الناس لا أملك جوابا محددا واضحا لكني أطرح أسئلة في المقابل، لماذا الغوص عميقا جدا في أعماق التاريخ لدفن عقولنا في تابوت الخرافات والتخلف عوض تحرير عقولنا على غرار ما يوجد عند جيراننا وأقاربنا في جهة الشمال؟ ولماذا نترك بلادنا وما أنتجت، ونقطع كل هذه المسافة سعيا وراء فكر صدئ متعفن منتهي الصلاحية؟ لماذا نهجر بلاد الألوان والأنهار والغابات والطيور والبحار والأسماك والأراضي الخصبة وجميع أنواع الحيوانات وأنواع المشروبات من لبن وخمر وعسل، وبلاد الظل الممدود والخيرات، ونعبر إلى بلاد القحط واللون الواحد في الأرض وفي السماء وفي الحيوان والبشر، واللون الواحد حتى في الأسطورة والخرافة؟
إن كان ما بأيدينا من فكر لا يكفي لسد حاجاتنا فليس عيبا أن نلجأ للاستعارة أو لتبني فكر آت من زمن ومكان بعيدين عنا، بل من الواجب ومن الضروري فعل ذلك، لكن ليس من الأفقر منا فكريا وفي كل شيء. حتى أساطيرنا وخرافاتنا كانت أكثر تنوعا وأغنى، وإنجازاتنا وتاريخنا ومساهماتنا في بناء تاريخ الإنسانية من علوم وفنون وآداب وفكر، كان كل شيء أفضل.



#أبوبكر_المساوي (هاشتاغ)       Aboubakr_El_Moussaoui#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جلد الذات
- عقدة الذنب عندنا
- -النحن- و -الأنا- و الفعل و رد الفعل
- الزوايا المظلمة من تاريخ الإنسانية
- التبن والشعير والحمير


المزيد.....




- تورطت بعدة حوادث مرورية ودهس قدم عامل.. شاهد مصير سائقة رفضت ...
- مؤثرة لياقة بدنية في دبي تكشف كيف يبدو يوم في حياتها
- مصر.. اكتشاف أطلال استراحة ملكية محصّنة تعود لعهد الملك تحتم ...
- شي جين بينغ يصل إلى صربيا في زيارة دولة تزامنا مع ذكرى قصف ا ...
- مقاتلة سوفيتية -خشبية- من زمن الحرب الوطنية العظمى تحلق في ع ...
- سلالة -كوفيد- جديدة -يصعب إيقافها- تثير المخاوف
- الناخبون في مقدونيا الشمالية يصوتون في الانتخابات البرلمانية ...
- قوات مشتركة في الفلبين تغرق سفينة خلال تدريبات عسكرية في بحر ...
- مسؤول: واشنطن تعلق إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل بسبب رفح
- وسائل إعلام: الاتحاد الأوروبي قد يفرض عقوبات على ممثل أمريكي ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أبوبكر المساوي - أجيال في الوحل