أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكد الجبوري - إضاءة: رواية -فترة ويعود أوغستو ماتراغا- لخواو غيماريش روزا /إشبيليا الجبوري - ت: من الإسبانية أكد الجبوري














المزيد.....

إضاءة: رواية -فترة ويعود أوغستو ماتراغا- لخواو غيماريش روزا /إشبيليا الجبوري - ت: من الإسبانية أكد الجبوري


أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8247 - 2025 / 2 / 8 - 06:30
المحور: الادب والفن
    


مقدمة عامة مبسطة؛
يُعد عمل الروائي البرازيلي خواو غماريش روزا (1908 - 1967)() رواية "فترة و يعود أوغستو ماتراغا"1946)()، التي تدمج ضمن مجموعة ("ساغارانا". 1946)()، هي واحدة من أكثر أعمال خواو غماريش روزا رمزية، حيث تكثف ببراعة جوهر أدبه: تحول المناطق النائية (الريف/القروية) إلى نموذج أولي عالمي، والصراع بين القدر والفداء، واللغة كقوة جمالية وفلسفية. إنها رواية مهمة. تعمل في وقت واحد على مستوى الإقليمية والميتافيزيقي، وتبني دراما أخلاقية ذات تعقيد رمزي مكثف خلاق. إن شئتم.

1. رحلة أوغستو ماتراغا: أسطورة الفداء؛
يتبع الهيكل السردي للعمل مسارًا يمكن قراءته ضمن التقليد الأسطوري لرحلة البطل، مع ميل صوفي ووجودي قوي. يجسد بطل الرواية، أوغستو استيفيس، المعروف باسم نو أوغستو، شخصية مالك الأرض والمتعجرف خاغونكو، الذي أدت غطرسته وقلة حيلته إلى الخراب.

بعد أن خانه رجاله وهجرته زوجته، تعرض للضرب المبرح وأعلنت وفاته. ومع ذلك، نجا وبدأ عملية مؤلمة من التجديد، وهي رحلة روحية تتسم بالزهد والسعي إلى الخلاص.

وبالتالي فإن مسار أوغستو ماتراغا هو مسار الخلاص والتحول، وهو منظم في ثلاث مراحل مميزة:
1. السقوط - يؤدي كبرياؤك وغطرستك إلى هزيمتك، وهي لحظة من الإذلال الشديد ترمز إلى نوع من "الموت" المجازي.
2. التطهير والسجن - في العمق، يتبنى حياة دينية بسيطة، ويسلم نفسه للمعاناة كوسيلة لتطهير خطاياه.
3. العودة والسقوط العنيف - لكن خلاصه يأتي في الصدام النهائي، حيث يعود العنف إلى الظهور كمحفز لـ "خلاصه" ومصيره.

يعود هذا المسار إلى التقليد المسيحي للخاطئ التائب، ولكن أيضًا إلى النموذج الأصلي الكلاسيكي للبطل المأساوي الذي يجد مصيره من خلال تحدي حالته.

2. القدر والإرادة الحرة: الإنسان بين القدر والإرادة؛
العلاقة بين القدر والإرادة الحرة هي محور الرواية. يتوقع عنوان العمل هذه الثنائية: "الزمن والإعادة" يوحي بكل من القدر واللحظة من الاختيار النشط.

عندما يتراجع نو أوغوستو إلى المنحدر، يتبنى موقفًا صوفيًا من الانتظار، مستسلمًا للمصير الذي يعتقد أنه سيفرضه الله عليه. ولكن عندما تواجه عصابة خواوزينيو بيم وتتاح "لك" الفرصة للتصرف، تدرك أن خلاصك لن يأتي من الجمود، بل من فعل حاسم. فمن خلال القتال والموت في مواجهة الفكين، يتولى السيطرة على مصيره، ويحقق "دوره".

هذا التوتر بين الفعل والقضاء والقدر هو أحد المعضلات الأساسية للفلسفة الوجودية. يُدرج غيماريش روزا في سردها مفارقة أساسية: لا يمكن للإنسان ببساطة أن ينتظر مصيره؛ بل يحتاج إلى المطالبة به من خلال عمله. الخلاص الحقيقي ليس سلبيًا، بل غزو.

3. اللغة والأسلوب: قوة الريف المتسامي؛
كتابة غيماريش روزا هي ظاهرة أدبية فريدة من نوعها. في زمن وزمان أوغستو ماتراغا، لا تعد لغة الريف "القروية" مجرد أداة للإقليمية، بل موردًا جماليًا وفلسفيًا. يقلب المؤلف بنية اللغة، فيمزج بين الشفهية والسعة، والألفاظ القديمة والمصطلحات الجديدة، في لعبة صوتية ودلالية تقترب من نص نثري شعري.

إن الموسيقى السردية، إلى جانب بناء الجمل المليئة بالتكرارات الاصطناعية والأمثال والانعكاسات، تضفي إيقاعًا شبه طقسي على النص، مما يعزز طابعه الأسطوري والمتعالي. ويتجلى هذا التأثير بشكل خاص في لحظات ظهور البطل، عندما يتخذ حديثه نغمات النبوة أو الجملة.

4. العنف والفداء: مفارقة الخلاص بالدم؛
يتميز العمل بتناقض أساسي: العنف كأداة للفداء. يبدأ أوغستو ماتراغا بحثه عن الفداء من خلال التواضع والمعاناة، لكن وجهته النهائية كانت في عمل وحشي. إن هذه المفارقة راسخة في تقليد أدبي يربط الموت العنيف بالمطهر النهائي للبطل ــ وهو مفهوم يعود إلى المأساة اليونانية والرمزية المسيحية للاستشهاد.

إن موت نو أوغستو غامض: ففي الوقت الذي يبدو فيه وكأنه حقق خلاصه، فإنه يعود إلى عالم العنف، ويضع حداً لتحولاته. وتذكرنا هذه المعضلة بمفهوم دوستويفسكي القائل "بأن الطبيعة البشرية متضاربة بشكل لا يمكن إصلاحه ــ فالإنسان يستطيع أن يسعى إلى الخلاص، ولكنه لن يتحرر أبداً من جوهره بالكامل" ().

5. الريف/القرية كفضاء أسطوري وميتافيزيقي؛
لا يشكل الريف مجرد مكان جغرافي، بل إنه فضاء رمزي للتحول والاختبار. وفي رواية "فترة و يعود أوغستو ماتراغا"، يعمل التل كصحراء روحية، حيث يعزل البطل نفسه لتطهير خطاياه والعثور على نفسه مرة أخرى. ويعكس هذا التكوين النماذج الأصلية للمناسك المسيحية والمحاربين في العصور الوسطى، الذين تدور تجاربهم دائمًا في أماكن غير مضيافة بعيدة عن الحضارة.

وبالتالي، يصبح التل مكان الحقيقة، حيث تسقط الأقنعة ويجد الإنسان نفسه. يتكرر هذا المفهوم في عمل غيمارايش روزا، الذي يحول الفضاء الصحراوي إلى عالم مصغر للكون، حيث يتكشف مصير الإنسان في شكله الأكثر جوهرية وخامة.
الخاتمة: الإنسان بين الإيمان والمصيرية.

الخلاصة؛
إن رواية "فترة و يعود أوغستو ماتراغا" هي، قبل كل شيء، وشائج فلسفية حول الحالة الإنسانية. يجسد البطل في رحلته نحو السقوط والخلاص المعضلة العالمية التي يواجهها الإنسان في مواجهة القدر والشعور بالذنب وإمكانية التغيير. يبني جيماريش روزا قصة تتشابك فيها الدين والعنف واللغة، مما يخلق تجربة أدبية ذات كثافة نادرة. وحاضرة فضاءات أخلاقية. قائمة. إن شئتم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2025
المكان والتاريخ: طوكيو ـ 02/08/25
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).



#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة: -مرآة الموت-/ بقلم ميغيل دي أونامونو - ت: من الإس ...
- -السونتات 1-20- لشايكسبير - ت: من الإنكليزية أكد الجبوري
- إضاءة: -تأملات دون كيخوته- لخوسيه أورتيغا إي غوست / إشبيليا ...
- الرأسمالية لا تفسر بمنطق -رأس المال- فحسب (3- 7)/ الغزالي ال ...
- إضاءة: رواية -لمن تقرع الأجراس- لإرنست همنغواي/إشبيليا الجبو ...
- الرأسمالية لا تُفسر بمنطق -رأس المال- فحسب (2- 7)/ الغزالي ا ...
- إضاءة: رواية -حكاية الجزيرة المجهولة- لجوزيه ساراماغو/إشبيلي ...
- صراع التكنولوجيا والديمقراطية/ لموروزوف - ت: من الإنكليزية أ ...
- الرأسمالية لا تُفسر بمنطق -رأس المال- فحسب ... (1- 7)/ الغزا ...
- إضاءة: الرسم: فلسفة الشغف لدى رينوار/إشبيليا الجبوري - ت: من ...
- الرأسمالية لا تفسر بمنطق -رأس المال- فحسب (1- 7)/ الغزالي ال ...
- ما هي النظرية النقدية؟ عند تيودور أدورنو/ شعوب الجبوري
- إضاءة: رواية -زورباس اليوناني- لنيكوس كازانتزاكيس /إشبيليا ا ...
- إضاءة: حضارة المشهد/ لماريو فارغاس يوسا/ إشبيليا الجبوري - ت ...
- إضاءة: أهمية رواية -مذكرات منزل الأموات- لفيدور دوستويفسكي/إ ...
- قصيدة: المكان/ لشاعر بنما الثائر ديماس ليديو بيتي* - ت: من ا ...
- إضاءة: ملحمة -الأوديسة- لهوميروس/ إشبيليا الجبوري - ت: من ال ...
- إنجلز ودوستويفسكي: الإدمان على الكحول والفقر/الغزالي الجبوري ...
- العمى الأخلاقي و الحداثة السائلة/ شعوب الجبوري - ت: من الألم ...
- إلى الغائب أوزوالدو إسكوبار/بقلم روبرتو ارميخو


المزيد.....




- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكد الجبوري - إضاءة: رواية -فترة ويعود أوغستو ماتراغا- لخواو غيماريش روزا /إشبيليا الجبوري - ت: من الإسبانية أكد الجبوري